تسعى إسكتلندا إلى تعزيز مكانتها في السوق العالمية لإنتاج وتصدير الهيدروجين، وعَدِّه عنصرًا رئيسًا في مزيج الطاقة في البلاد، لكن نشطاء البيئة أثاروا مخاوف بشأن مدى "واقعية" خطط الحكومة.
وتمتلك إسكتلندا، وهي بلد أوروبية صغيرة تسعى للاستقلال عن المملكة المتحدة، موارد نفطية هائلة، وفق المعلومات التي رصدتها منصّة الطاقة المتخصصة.
في الأسبوع الماضي، نشرت الحكومة الإسكتلندية خطة عمل الهيدروجين المؤلفة من 52 صفحة، التي تستهدف إنشاء سوق تصدير، ومراكز إنتاج إقليمية في جميع أنحاء البلاد، وخلق آلاف الوظائف الخضراء، بحسب صحيفة ذا ناشيونال سكوت (thenational.scot).
انتقادات بيئية لطموحات إسكتلندا الهيدروجينية
قال سكرتير مجلس الوزراء للحياد الكربوني والطاقة والنقل مايكل ماثيسون، إن الهيدروجين هو "أعظم فرصة صناعية لإسكتلندا منذ اكتشاف النفط والغاز في بحر الشمال".
ومع ذلك، فقد تساءلت منظمة أصدقاء الأرض الإسكتلندية عن الادّعاء بأن اقتصاد الهيدروجين يمكن أن يخلق أكثر من 300 ألف وظيفة في إسكتلندا، ومدى قابلية سوق التصدير للاستمرار، وقالوا، إنه من غير المُرجّح أن يساعد في تقليل الانبعاثات الكربونية.
كما أثارت منظمة السلام الأخضر مخاوف بشأن استعمال الهيدروجين الأزرق، إذ يُحَوَّل الوقود الأحفوري إلى هيدروجين.
وتخطّط الحكومة الإسكتلندية لاتخاذ إجراءات عاجلة لتقليل الانبعاثات الكربونية وخفض غازات الاحتباس الحراري.
وتصف خطة عمل الحكومة الإسكتلندية كيف يمكن أن يكون الهيدروجين "أداة مهمة للمساعدة في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وتقليل آثارها بالمناخ".
ويُستعمَل كل من الهيدروجين الأزرق، الذي وصفته الحكومة بأنه منخفض الكربون، والهيدروجين الأخضر، الذي يأتي من مصادر الطاقة المتجددة، جزءًا من الخطة الحكومية.
مشروعات الهيدروجين في إسكتلندا
تحدد الوثيقة الشاملة 60 مشروع هيدروجين حاليًا ومخطّطًا لها، و13 منطقة من المحتمل أن تصبح مراكز هيدروجين إقليمية، بما في ذلك مدن "أبردين"، و"كرومارتي"، و"دومفريز وجالواي"، ومجتمعات جزر أوركني، وشتلاند والجزر الغربية.
وتعتزم الحكومة الإسكتلندية تكثيف إنتاج الهيدروجين في محاولة لتكون منتجًا ومُصدرًا رائدًا إلى أوروبا بحلول منتصف العقد الحالي.
وقال ناشط المناخ في منظمة أصدقاء الأرض في إسكتلندا، أليكس لي: "إن لديهم مخاوف بشأن حجم البنية التحتية المطلوب إنشاؤها في الإطار الزمني المحدد بخطّة العمل".
وأضاف: "نشكّ بشدة بأن ذلك يمكن أن يحدث في الإطار الزمني المقترح".
وتابع أليكس لي: "كمية مصادر الطاقة المتجددة التي يجب أن نبنيها ثم نضعها على الشبكة هائلة، البنية التحتية التي سيتعين علينا تطويرها ضخمة، إذا أضفنا الهيدروجين الأزرق إلى ذلك، فهذا يعتمد على التقاط وتخزين الكربون".
ويعدّ مشروع "إيه كورن" المشروع الوحيد الذي يحاول احتجاز وتخزين الكربون في إسكتلندا، لكنه يفتقر إلى التمويل.
وأثار ناشط المناخ بمنظمة أصدقاء الأرض في إسكتلندا، أليكس لي، المخاوف بشأن جدوى تقنية احتجاز ثاني أكسيد الكربون وتخزينه، والتي من المفترض أن تلتقط 90% من انبعاثات الكربون، ولكنها تتجه بدلًا من ذلك إلى التقاط نحو 60%، وعدم وجود أيّ مشروعات مموّلة في إسكتلندا.
بينما قالت منظمة أصدقاء الأرض، إنها ترحّب بالوظائف الخضراء لدعم الانتقال العادل إلى مصادر الطاقة المتجددة، إلّا أنها غير مقتنعة بالأرقام المعلنة من قبل الحكومة.
انتقادات بيئية
قال ناشط المناخ بمنظمة أصدقاء الأرض في إسكتلندا، أليكس لي: "شعوري العام أنه يجب إضفاء جرعة كبيرة من الواقعية على هذا النوع من الخطط، لأن بعض الإحصائيات تشير إلى احتمال توفير 300 ألف وظيفة".
وتدعم صناعة النفط والغاز الحالية في إسكتلندا نحو 71 ألفًا و500 وظيفة، بينما توظّف هيئة الخدمات الصحية الوطنية أكثر من 155 ألف وظيفة.
وتابع لي: "بحسب الخطة، فإن واحدًا من بين كل 20 شخصًا في إسكتلندا سيعمل في الهيدروجين، هذا لا يبدو واقعيًا بالنسبة لي".
وأشار إلى أن العديد من الدول الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا وهولندا، وضعَت خطط الهيدروجين الخاصة بها، وأن سوق التصدير قد لا يكون بالحجم الذي تتوقعه الحكومة.
وأضاف لي: "إذا أوضحت إسكتلندا أنها لا ترى دورًا للهيدروجين في مجالات مثل التدفئة المنزلية، وإذا أدركت ا أنه لا يمكن استعمال الهيدروجين الأخضر بكفاءة في أشياء مثل الحافلات أو النقل، فمن المؤكد أن الدول الأوروبية الأخرى قد أدركت ذلك أيضًا".
تقليل الانبعاثات الكربونية
جادل الناشط المناخي أليكس لي بأن إسكتلندا لديها حلول فعلية لتقليل الانبعاثات، من خلال التركيز على مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء وإزالة الكربون وعزل المنازل والمباني.
وقالت المنظمات البيئية في إسكتلندا، إن بعض مجالات الصناعة الثقيلة، مثل إنتاج الصلب، قد تكون الخيار الوحيد لإزالة الكربون.
وأضاف متحدث باسم الحكومة الإسكتلندية: "يؤدي الهيدروجين واحتجاز والكربون وتخزينه دورًا مهمًا في تحقيق الحياد الكربوني لقطاع الطاقة لدينا".
وتابع: "يقدّم الهيدروجين لنا أعظم فرصنا الصناعية منذ اكتشاف النفط والغاز في بحر الشمال، تجعل مواردنا الطبيعية الوفيرة في وضع مثالي لإنتاج الهيدروجين الأخضر لاستعماله في إزالة الكربون من اقتصادنا وللتصدير، لقد اتخذنا خطوات مهمة فعلية في إنشاء طرق للتسويق مع جيران أوروبيين أساسيّين".
وأردف: "يعدّ التقاط الكربون واستعماله وتخزينه أمرًا ضروريًا لالتقاط الانبعاثات المتبقية في نظام الطاقة لدينا، وتقليل الانبعاثات في القطاعات الصناعية التي يصعب إزالة الكربون منها".
موضوعات متعلقة..
- هل يدعم الهيدروجين الأخضر إسكتلندا في معركة الاستقلال عن بريطانيا؟ (تقرير)
- اتفاقية لشحن الهيدروجين الأخضر عبر ميناء خدمات النفط في إسكتلندا
- النفايات توفر أرخص مصادر التدفئة منخفضة الكربون في إسكتلندا
اقرأ أيضًا..
- سباق إنتاج الهيدروجين الأخضر في آسيا يجذب كبرى الشركات الغربية
- الغاز التركمانستاني يعزز دور تركيا في تجارة الطاقة عالميًا (مقال)
- صفقة غاز روسية مشبوهة تثير الشكوك حول علاقة توتال إنرجي بـ"بوتين"