انتكاسة بيئية بإنتاج الكهرباء في ألمانيا.. عودة الاعتماد على الفحم بنسبة 36.3%
استعادة 16 محطة خارج الخدمة
عمرو عز الدين
يتجه قطاع إنتاج الكهرباء في ألمانيا إلى زيادة الاعتماد على الفحم بصورة متصاعدة خلال الأشهر المقبلة، بسبب أزمة الطاقة الحادة التي تضرب القارة العجوز منذ اندلاع الحرب الروسية-الأوكرانية أوائل العام الجاري.
وأظهرت بيانات محلية ارتفاع نسبة اعتماد ألمانيا على أسوأ مصادر الطاقة الملوثة للبيئة خلال الربع الثالث من العام الجاري، وفقًا لما نقلته وكالة رويترز.
وكشفت البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الألماني (ديستاتيس)، عن ارتفاع نسبة إسهام محطات الكهرباء التي تعمل بالفحم إلى 36.3% من إجمالي حجم الكهرباء الذي تمت تغذية الشبكة الوطنية به خلال المدة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول (2022).
ارتفاع بنسبة 4.4%
ترتفع هذه النسبة بمعدل 4.4% عن المدة نفسها خلال العام الماضي 2021، التي بلغت فيها نسبة إسهام محطات الفحم قرابة 31.9%، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
كما كشفت البيانات عن ارتفاع معدل توليد الكهرباء من الفحم بنسبة 13.3% على أساس سنوي، لتسجل 42.9 تيراوط/ساعة خلال الأشهر الـ3 المنتهية سبتمبر/أيلول 2022.
وشهدت هذه الأشهر انخفاض إجمالي إنتاج الكهرباء في ألمانيا بنسبة 0.5% إلى 118.1 تيراواط/ساعة، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي.
انخفاض إنتاج الطاقة المتجددة
شهد الربع الثالث -أيضًا- تراجع إنتاج الكهرباء من مصادر الرياح والطاقة الكهرومائية، في حين شهدت معدلات التوليد من الغاز الطبيعي المسال ارتفاعًا طفيفًا.
كما شهد التوليد المعتمد على المفاعلات النووية المحلية تراجعًا ملحوظًا هو الآخر، بسبب خروج أغلب المفاعلات من برامج الاتصال بالإنترنت باستثناء 3 مفاعلات منذ كارثة انفجار مفاعل فوكوشيما في اليابان عام 2011.
وأسهمت هذه العوامل مجتمعة في عودة ألمانيا وبعض البلدان الأوروبية إلى الاعتماد على الفحم، عبر إحياء المحطات المغلقة واستدعاء الأخرى المدرجة على قائمة الاحتياطي رغم محدودية هذه المحطات وقلة أحجامها، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتقول وكالة الطاقة الدولية، إن معدلات استهلاك الفحم في توليد الكهرباء سجلت مستوى قياسيًا بلغ أكثر من 8 مليارات طن خلال هذا العام.
ألمانيا تستهلك 26 مليون طن فحم
أشارت الوكالة، في تقرير حديث، إلى أن ألمانيا كانت واحدة من أكبر البلدان المتسارعة في زيادة استهلاك الفحم بمعدل 26 مليون طن خلال العام الحالي بزيادة 19% عن عام 2021، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وتمثّل هذه النسب المرتفعة في عودة الاعتماد على محطات الفحم انتكاسة ضخمة للاقتصاد الألماني الأكبر على مستوى أوروبا والرائد في التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة عالميًا.
واعتمدت الحكومة الألمانية في يوليو/تموز 2022 خطة استثنائية طارئة تسمح باستمرار إنتاج محطات الفحم حتى مارس/آذار 2022.
وتمثَل هذه الخطة انتكاسة كبيرة بالنسبة إلى خطط سابقة استهدفت إغلاق محطات فحم بطاقة 1.6 غيغاواط بحلول نهاية عام 2022.
شولتس: الحرب الروسية هي السبب
صرّح المستشار الألماني أولاف شولتس في يوليو/تموز 2022، باضطرار بلاده إلى تمديد عمل 11 محطة فحم، وإعادة تشغيل 16 محطة أخرى من المحطات المغلقة.
وقال شولتس، إن الاعتماد على هذه المحطات سيكون بصورة مؤقتة ولمدة قصيرة، ولن يؤثر في تمسك بلاده بخطط التغير المناخي وتحقيق الحياد الكربوني.
وعزا المستشار الألماني هذه القرارات إلى ما سماه "الهجوم الروسي الوحشي على أوكرانيا"، الذي اضطر بلاده إلى استعادة محطات فحم خرجت من الخدمة منذ سنوات.
وتركّز الخطة الطارئة على استبدال مصادر أخرى بمكون الغاز في سياسة الطاقة الألمانية، ذات درجة ثقة أكبر في توليد الكهرباء، في ظل الاضطرابات العالمية الحالية والتوقعات المتشائمة للمستقبل.
خطة لتعويض 11.6 غيغاوط
تشمل الخطة تعويض 11.6 غيغاواط معتمدة على الغاز بمصادر طاقة أخرى، من بينها محطات الفحم الصلب بقدرة 4.3 غيغاواط، ومحطات الفحم البني المعروف باسم "ليجانيت" بطاقة 1.9 غيغاواط حتى عام 2024.
وتعني هذه الخطة تأجيل خطط إغلاق محطات فحم صلب بقدرة 2.6 غيغاواط، ومحطات فحم بني بقدرة 1.2 غيغاواط؛ ما قد يضطر ألمانيا فيما بعد إلى إجراء تعديلات على الإطار الزمني لخطط التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
وتتوقع وكالة الطاقة الدولية أن تؤثر الخطط الألمانية في دول الاتحاد الأوروبي الأخرى التي لن تألو جهدًا في توفير الطاقة لشعوبها من أي مصدر، كما فعلت أكبر دولة قائدة في الاتحاد، ما سيؤثر في خطط الاتحاد الرائدة في التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة عالميًا.
كما تتوقع الوكالة أن تتحول أدوار تصدير الكهرباء بين ألمانيا وفرنسا بداية من العام المقبل 2023؛ ما قد يجعل ألمانيا مصدرًا صافيًا لفرنسا خلافًا للمعتاد منذ سنوات طويلة.
وأشارت الوكالة إلى أن عملية تبديل الأدوار بين ألمانيا وفرنسا لن تستمر طويلًا، بسبب تعافي إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة في فرنسا، ما قد يُسهم في عودة ألمانيا إلى أن تكون مستوردًا صافيًا للكهرباء في غضون سنوات قليلة مقبلة.
يُشار إلى أن ألمانيا قد قطعت شوطًا كبيرًا في التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة لا سيما من الرياح والطاقة الكهرومائية، بالإضافة إلى الهيدروجين الذي استخدمته في إطلاق أول قطار من نوعه العالم منذ أغسطس/آب 2022.
موضوعات متعلقة..
- ألمانيا تعيد تشغيل 16 محطة توليد كهرباء تعمل بالفحم والنفط
- هل تطيل ألمانيا عمر المحطات النووية لتعويض إمدادات الغاز الروسي؟
- ألمانيا تطلق أول مناقصة لاستيراد الهيدروجين الأخضر ومشتقاته في أوروبا
اقرأ أيضًا..
- الطلب العالمي على الفحم يتجه إلى مستوى قياسي في 2022 (تقرير)
- أميركا تستبعد التخلص من الوقود الأحفوري وتدعو لزيادة الاستثمار في النفط
- مخزونات الغاز في ألمانيا.. هل تكفي لتغطية احتياجاتها في فصل الشتاء؟ (تقرير)