أسعار الوقود في الأردن تدفع سائقي النقل إلى تأجيج الاحتجاجات الشعبية
يواصل سائقو الشاحنات احتجاجاتهم ضد ارتفاع أسعار الوقود في الأردن، لليوم العاشر على التوالي، في العديد من مدن المملكة ومحافظاتها، وسط تحركات حكومية وبرلمانية لاحتواء الموقف.
وشهدت أسعار البنزين والديزل في الأردن عدة ارتفاعات خلال العام الجاري (2022)، بالتزامن مع ارتفاع أسعار النفط عالميًا، ومحاولات الحكومة خفض فاتورة الطاقة التي تحمِّل الموازنة العامة للدول أعباءً كثيرة.
بينما يبحث البرلمان الأردني مع عدد من مسؤولي الحكومة -ومن بينهم وزير الطاقة صالح الخرابشة- ملف أزمة أسعار الوقود في الأردن، التي دفعت سائقي النقل إلى الإضراب، وسط معاناة وخسائر للعديد من القطاعات.
خسائر ضخمة
تسبّّب إضراب سائقي الشاحنات والنقل في خسائر ضخمة للعديد من القطاعات، وفي مقدمتها القطاع الصناعي.
وأكد رئيس غرفتي صناعة عمّان والأردن، فتحي الجغبير، أن استمرار توقف حركة النقل بالشاحنات سيؤثر سلبًا في الصادرات الصناعية الأردنية التي حققت نموًا كبيرًا منذ بداية العام الحالي.
وقال الجغبير، إن مسحًا أجرته غرفة صناعة عمان أظهر وجود 160 شركة صناعية لديها 1200 حاوية مدخلات إنتاج عالقة في العقبة حتى اليوم، وما يقارب من 750 حاوية تنتظر النقل لغايات التصدير، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الأردنية "بترا".
وطالب الجغبير بتأمين عمليات النقل، ووضع آلية التحميل وتوزيعها بين الصادر والمستورد وفق أولويات عادلة، تضمن إعادة انسيابية نشاط سلاسل الإمداد المحلية، وضمان عدم تكرار مثل هذه الأمور مستقبلًا.
وأشار إلى أن حجم صادرات الأردن، التي معظمها يتم من خلال مواني العقبة، يبلغ 22 مليون دينار (31.02 مليون دولار) يوميًا، أي ما يقارب 600 مليون دينار (845.91 مليون دولار) شهريًا، أما الواردات فتبلغ قيمتها 50 مليون دينار (70.49 مليون دولار) يوميًا، أي ما يقرب من 1.3 مليار دينار (1.83 مليار دولار) شهريًا.
وأوضح الجغبير أن القطاع الأكثر تضررًا هو قطاع الصناعات الغذائية الذي يستورد مواد أولية معرضة للتلف في حال تخزينها، أو تركها لمدد طويلة دون إيصالها للمصانع واستخدامها في تلك الصناعات.
تدخلات نيابية
اقترح مجموعة من نواب البرلمان على الحكومة تخفيض الوقود في الأردن وتأجيل القروض البنكية بجميع أنواعها، في محاولة لامتصاص الغضب الشعبي.
وكشف رئيس لجنة السياحة والآثار والخدمات العامة، عبيد ياسين، في مؤتمر صحفي أمس الثلاثاء، عن أن لجنته تطالب بتخفيض أسعار الوقود في الأردن، وفصل عملية تخفيض سعر مادة الديزل عن التخفيض الشهري.
وأوضحت النائبة عائشة الحسنات، حول توقيع 63 نائبًا على مذكرة طرح الثقة في الحكومة، قائلة: "إنه يجب على الحكومة الابتعاد عن جيب المواطن، من أجل حل أزمة أسعار الوقود في الأردن"، حسبما ذكرت صحيفة رؤية.
ودعا مجلس الأعيان الأردني (الغرفة الثانية للبرلمان)، أمس الثلاثاء، إلى ضرورة حوار بين جميع الأطراف ذات العلاقة بإضراب قطاع النقل، بهدف الوصول إلى تفاهمات مشتركة.
وقال بيان للمجلس "إنه يدرك حجم الضغوطات الاقتصادية والمعيشية التي يعانيها المواطن، ويثمّن عدم التعرض للممتلكات الخاصة والعامة، واحترام سيادة القانون وأمن الوطن واستقراره".
وأضاف أنه يدرك أن ارتفاع الأسعار ظاهرة طالت الدول كافة، إلا أنه يذكّر بأهمية مراعاة ظروف الفئات الأكثر تضررًا في ظروف تشهد ارتفاعات كبيرة طالت أسعار السلع الأساسية، وفي مقدمتها النفط والغذاء.
ضريبة الوقود في الأردن
أكد الخبير النفطي الأردني هاشم عقل أن أسعار الديزل في الأردن تفوق قدرة المواطن، بالإضافة إلى قطاع النقل الذي يشكّل النسبة الأكبر في استخدام تلك المادة.
وقال إن أسعار الوقود في الأردن تأثرت بشدة بارتفاع أسعار النفط عالميًا، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار سلاسل الإمداد والتأمين والتخزين، التي أصبحت تضيف كلفة إضافية على المشتق نفسه، حسبما ذكرت صحيفة رؤية.
وشدد على أن ما يزيد من أزمة أسعار المحروقات في الأردن هو الضريبة المفروضة على أنواع المشتقات النفطية.
ودعا الخبير النفطي الحكومة إلى تخفيض أو إعادة النظر في الضرائب بصورة عامة على المحروقات، وكذلك العمل على وضع سقف لأسعار الوقود في الأردن، بعد معالجة التشوهات في اختلاف التكلفة بين شركة وأخرى.
وأكد أن الحل المثالي للأزمة الحالية هو خروج إعلان الحكومة تخفيض الضريبة أو تجميدها خلال مدة زمنية، إلى أن تنخفض أسعار المشتقات النفطية على مستوى العالم.
وتبلغ الضريبة الخاصة التي تفرضها الحكومة على مادتي الديزل والكاز -الكيروسين- نحو 16.5 قرشًا لكل لتر من هاتين المادتين.
بينما تفرض الحكومة ضريبة خاصة على مادة البنزين أوكتان 90 بمقدار 37 قرشًا لكل لتر، و57.5 قرشًا على كل لتر من مادة البنزين أوكتان 95.
انفراجة جزئية
قالت مديرية الأمن العام الأردني، إن حركة الشحن البري اُستؤنفت على الطرق الواصلة من العقبة إلى مختلف المحافظات في البلاد.
وبيّنت المديرية أن عددًا كبيرًا من الشاحنات عادت إلى العمل بدءًا من صباح الأربعاء 14 ديسمبر/كانون الأول بين محافظات المملكة ومن وإلى العقبة.
وتأتي العودة الجزئية بعد إضراب دام 11 يومًا، على أمل أن يعود القطاع إلى العمل بكامل طاقته، حسبما ذكرت قناة سكاي نيوز.
وكان اجتماع حكومي نيابي يوم الإثنين الماضي خلُص إلى تشكيل لجنة مشتركة، لبحث حلول ملف النقل في ظل الإضراب.
إضراب عمال النقل
تشهد المملكة إضرابًا واسعًا لسائقي الشاحنات على خلفية رفع أسعار الوقود في الأردن، وتوسع الإضراب إلى مجمعات رئيسة لحافلات النقل العام وأصحاب سيارات التاكسي الصفراء في العاصمة عمان.
ويتواصل الإضراب، الذي بدأ في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري، دون أن تقدم الحكومة حلولًا جذرية للأزمة، خاصة مع تزايد ملحوظ لمظاهر الإضراب في العديد من محافظات الأردن.
ووفق إحصاءات هيئة تنظيم النقل البري الحكومية، فإن عدد الشاحنات في الأردن يبلغ نحو 21 ألف شاحنة بجميع الأنماط (نقل بضائع وحاويات).
وانضم إلى إضراب الشاحنات سيارات الأجرة وسيارات النقل عبر التطبيقات الذكية، وحافلات نقل الركاب وحافلات المدارس، للمطالبة بخفض أسعار الوقود في السوق المحلية.
واشتكى أصحاب الشاحنات عدم استطاعتهم العمل جراء ارتفاع التكلفة التشغيلية، وارتفاع أسعار المحروقات، وكذلك أسعار قطع الغيار والزيوت والإطارات.
وطالب أصحاب الشاحنات بضرورة تخفيض الضريبة الخاصة على الوقود، وتحسين البيئة التحتية للطرق المؤدية إلى مناجم الرشيدية والشارع الخلفي المُخصص للشاحنات في العقبة.
كما طالبوا بتأجيل القروض المُستحقة على أصحاب الشاحنات، كي يتمكنوا من تسديد الالتزامات المالية المُترتبة عليهم في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمرون بها.
أسعار المحروقات في الأردن
تُعد أسعار الوقود في الأردن في المرتبة الرابعة عربيًا بوصفها أعلى سعر لمشتقات الوقود، بعد كل من لبنان وسوريا وفلسطين.
وقررت لجنة المشتقات النفطية نهاية نوفمبر/تشرين الثاني رفع أسعار البنزين والديزل في الأردن، وخفض سعر الكيروسين، خلال ديسمبر/كانون الأول الجاري، وهي الزيادة التي جاءت بعد 3 قرارات لتخفيضات الأسعار لمدة 3 أشهر متتالية.
كما جاءت زيادة أسعار الوقود في الأردن، خلال الشهر الجاري، على الرغم من انخفاض متوسط أسعار النفط في نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، مقارنة بالشهر السابق له، أكتوبر/تشرين الأول.
وقررت لجنة تسعير المشتقات النفطية -بعد تطبيق المعادلة السعرية- رفع سعر البنزين أوكتان 90 نحو 10 فلوس، كما زادت سعر البنزين أوكتان 95 بمقدار 15 فلسًا، ورفع أسعار الديزل بمقدار 35 فلسًا، في حين قررت تثبيت سعر الكيروسين.
ووفقًا لبيان اطلعت عليه منصة الطاقة جاءت أسعار الوقود في الأردن كالآتي:
- زيادة سعر لتر بنزين أوكتان 90 إلى 920 بدلًا من 910 فلوس.
- زيادة سعر لتر بنزين أوكتان 95 إلى 1170 بدلًا من 1155 فلسًا.
- زيادة سعر لتر الديزل إلى 895 بدلًا من 860 فلسًا.
- تثبيت سعر الكاز "الكيروسين" عند 860 فلسًا للّتر.
- تثبيت سعر أسطوانة الغاز المنزلي (غاز النفط المسال) عند سعر 7 دنانير.
* 1000 فلس تعادل 100 قرش = دينارًا أردنيًا (1.41 دولارًا أميركيًا)
ومنذ عام 2020، ارتفعت أسعار المشتقات النفطية في الأردن بنسب تراوحت ما بين 29 و36%، باستثناء أسطوانات الغاز المنزلي التي حافظت على سعرها عند 7 دنانير.
فاتورة المشتقات النفطية
يعتمد الأردن على الاستيراد بصفة أساسية لتغطية احتياجاته من الوقود في ظل تراجع الإنتاج المحلي، إذ يعتمد على حقلي حمزة النفطي، والريشة الغازي، اللذين يعدّان الحقلين المنتجين في البلاد.
وكشفت بيانات التجارة الخارجية عن أن قيمة واردات الأردن من النفط ومشتقاته بلغت نحو 2.404 مليار دينار (3.39 مليار دولار) بنهاية أغسطس/آب من العام الجاري، مقابل 1.440 مليار دينار (2.03 مليار دولار) للمدة نفسها من العام الماضي.
وطبقت الحكومة، منذ مطلع مايو/أيار الماضي، عدة زيادات شهرية بأسعار الوقود في الأردن، في محاولة لخفض فاتورة الطاقة التي تضاعفت خلال العام الجاري، مع زيادة أسعار النفط وتسجيلها مستويات قياسية.
وكان وزير الطاقة الأردني صالح الخرابشة قد أكد في تصريحات سابقة أمام البرلمان، أن آلية وضع أسعار البنزين في الأردن تسير بنظام صدر في عام 2019، ضمن معايير محددة، مشيرًا إلى أنه لم تطرأ أيّ زيادة على الكاز (الكيروسين) والديزل منذ شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021 وحتى شهر أبريل/نيسان 2022، وكان الديزل يُباع بأقلّ من تكلفته.
وأضاف وزير الطاقة الأردني: "الضريبة الثابتة كالآتي: 37 قرشًا لكل لتر بنزين (أوكتان 90)، و57.5 قرشًا لكل لتر بنزين (أوكتان 95)، و16.5 قرشًا لكل لتر كاز وديزل"، بحسب تصريحاته التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
وأوضح الوزير أن عوائد المحروقات موجودة ضمن بنود الموازنة العامة للدولة، وتُنفَق على بنود التعليم والصحة وصندوق المعونة الوطنية، لافتًا إلى أن كلفة تكرير النفط تضاعفت، منذ عام 2012 وحتى الآن، 4 مرات، ومع ذلك فإن رفع أسعار البنزين في الأردن لا يعوّض عجز الموازنة.
موضوعات متعلقة..
- الخرابشة: زيادة أسعار الوقود في الأردن تمثل 20% مما هو مفترض (فيديو)
- أسعار الوقود في الأردن لشهر يونيو 2022.. قرار صادم للمواطنين
- أسعار البنزين في الأردن تثير جدلًا برلمانيًا.. والخرابشة: لا نستطيع استيراد النفط
اقرأ أيضًا..
- وكالة الطاقة الدولية تتوقع انكماش الطلب على النفط خلال الربع الأخير من 2022
- كيف تستفيد مصر من ترسيم الحدود البحرية مع اليونان وليبيا؟.. مصادر تجيب
- أبرز مشروعات الغاز المرتقبة في أفريقيا.. المغرب وموريتانيا والجزائر في المقدمة