"فرض" سقف أسعار النفط الروسي مرفوض من الصين والهند (مقال)
فاندانا هاري - ترجمة: نوار صبح
- • فكرة السقف السعري تُعَد مناورة غير مسبوقة في أسواق النفط العالمية.
- • لن يشتري الحلفاء الغربيون أي خام روسي منقول بحرًا بعد 5 ديسمبر.
- • الحلفاء الغربيون أرادوا أن تستمر البراميل في التدفق إلى الأسواق العالمية.
- • الصين والهند وتركيا رفضت الالتزام بالانضمام إلى تحالف السقف السعري.
- • أشار أوبك+ إلى أنه ما يزال جاهزًا لتعديل المسار بسرعة إذا لزم الأمر.
بعد جدل طويل، وافق الاتحاد الأوروبي على تحديد سقف سعري بمقدار 60 دولارًا للبرميل على صادرات النفط الروسي إلى دول ثالثة بدءًا من 5 ديسمبر/كانون الأول (2022).
وقد بدأ سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد، البالغ عددها 27 دولة، مناقشات بشأن نطاق يتراوح بين 65 و70 دولارًا، الأسبوع الماضي، وتوصلوا إلى إجماع على الحد الأدنى بعد 11 ساعة.
بدورها، استقرت العقود الآجلة لخام برنت عند 85.57 دولارًا للبرميل، يوم الجمعة 2 ديسمبر/كانون الأول؛ ما يعني أن سقف الاتحاد الأوروبي يفرض خصمًا بنحو 25 دولارًا على النفط الروسي؛ ما يجعله أعلى بكثير من مستويات التداول الحالية.
يوم الخميس 1 ديسمبر/كانون الأول، قيّمت منصة "بلاتس" خام الأورال الروسي عند 55.79 دولارًا للبرميل، بسعر "فوب" في ميناء بريمورسك الروسي، أي أقل بنحو 31 دولارًا من خام برنت.
وقد صاغت الولايات المتحدة والدول الأعضاء الأخرى في مجموعة الـ4 والاتحاد الأوروبي فكرة السقف السعري، وهي مناورة غير مسبوقة في أسواق النفط العالمية، بهدف الاستمرار في توفير خدمات الشحن والخدمات البحرية لمشتري النفط الروسي بعد 5 ديسمبر/ كانون الأول.
تدفق النفط الروسي للأسواق
على الرغم من أن الحلفاء الغربيين، أنفسهم، لن يشتروا أي خام روسي منقول بحرًا بعد ذلك التاريخ؛ فإنهم أرادوا أن تستمر البراميل في التدفق إلى الأسواق العالمية، مع خدمات الشحن والبحرية اللازمة، وذلك لتفادي أزمة الإمدادات وتصاعد الأسعار.
في الوقت نفسه، أراد الحلفاء الغربيون الضغط على عائدات موسكو النفطية لإعاقة قدرتها على مواصلة شن الحرب في أوكرانيا.
ويبدو أن الخطة فشلت على كل المستويات تقريبًا؛ حيث تجاوز السقف السعري بكثير مستويات التداول الحالية للخام الروسي، ومن المرجح أن يظل هذا هو الحال في المراجعات المستقبلية، التي يخطط الاتحاد الأوروبي لإجرائها من أجل مواكبة تحركات الأسعار في الأسواق الدولية.
من ناحيتها، رفضت الصين والهند وتركيا، التي برزت بصفتها أكبر مشتري النفط الروسي، الذي انتقل إلى خارج الاتحاد الأوروبي في الأشهر الأخيرة، الالتزام بالانضمام إلى تحالف السقف السعري. ومن المتوقع أن تستمر هذه الدول الـ3 في الابتعاد عن التحالف.
هذا يعني أن خدمات الشحن الموجودة في دول الاتحاد الأوروبي، مثل اليونان وقبرص ومالطا وأكبر شركات التأمين البحري في العالم ونوادي الحماية والتعويض الموجودة في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ستخسر تجارة النفط الروسي.
عدم الالتزام بسقف السعر
من المتوقع أن تتمكن شركات التكرير في الصين أو الهند، أو دول أخرى تسعى إلى الحصول على الخام الروسي في الأسابيع والأشهر المقبلة، من الوصول إلى خدمات الشحن والتأمين من الشركات في روسيا أو بلدانها أو الوسطاء التجاريين أو المؤسسات في دول ثالثة.
تجدر الإشارة إلى أن "أسطول الظل" المكوّن من ناقلات النفط، الذي سمي على هذا النحو لأنه من الصعب تحديده وتعقبه، نشأ تحت ملكية شركات منتشرة في جميع أنحاء آسيا والشرق الأوسط في الأشهر الأخيرة لخدمة صادرات النفط الروسي الروسية بعد العقوبات.
ويقال إن مزوّدي التأمين العام على استعداد لتوفير غطاء للشحنات، وقد لا تكون الترتيبات مثالية؛ حيث يُقال إن الناقلات أقدم من السفن المملوكة عادةً للشركات الأوروبية، وقد تكون تغطية التأمين أقلّ بكثير مما توفره نوادي الحماية والتعويض الكبرى.
على الرغم من ذلك، سيخدم "أسطول الظل" الغرض ويسمح للصين والهند بعدم الالتزام بسقف السعر.
بصفتها دول ذات سيادة، لم تكن الصين والهند تريدان أن يُمْلَى الالتزام عليهما، وربما انتهى الأمر بقبولهما سقف سعر النفط الروسي، الذي حدده تحالف الغرب، إلى سابقة خطيرة في المستقبل.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي -من إعداد منصة الطاقة المتخصصة- حجم مشتريات المصافي من النفط الروسي قبل أشهر من تطبيق الحظر الأوروبي:
إلى جانب ذلك، يمكن للمشترين الروس، بعد 5 ديسمبر/كانون الأول، أن يتطلعوا إلى تأمين الخصومات السائدة على الأقل إن لم تكن أكبر في المستقبل؛ حيث ستلاحق موسكو سوقًا متقلصة بمجرد توقفها عن شحن نحو مليون برميل يوميًا من النفط الخام إلى الاتحاد الأوروبي.
يوجد عامل رادع آخر بالنسبة للصين والهند للانضمام إلى مبادرة سقف سعر النفط الروسي؛ حيث قالت روسيا إنها لن تبيع الخام إلى دولة ترغب في فرض ذلك السقف.
ختامًا، يبدو أن خطر حدوث اضطراب كبير في العرض وارتفاع الأسعار بسبب الحظر في 5 ديسمبر/كانون الأول قد تضاءل بشكل كبير، ولكن هذا ليس بسبب سقف السعر.
لقد توصّلت السوق إلى حلول بديلة لخدمات الشحن البحري والخدمات البحرية في الاتحاد الأوروبي والتراجع عن الطلب العالمي على النفط وسط الظروف الاقتصادية الصعبة، وأثرت سياسة مكافحة جائحة كورونا الصينية في أسعار النفط الخام.
تحالف أوبك+ يضفي الاستقرار
في سوق مزقتها الشكوك، أظهَرَ وزراء تحالف أوبك+، يوم الأحد 4 ديسمبر/كانون الأول، عنصرًا من القدرة على التنبؤ من خلال تمديد سقف إنتاجهم الحالي، ليس فقط لشهر يناير/كانون الثاني، وإنّما للأشهر الـ6 المقبلة.
ومن المقرر عقد الاجتماع الوزاري المقبل في 4 يونيو/حزيران 2023. مع ذلك، فقد قرر الوزراء أن تجتمع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة كل شهرين وتطلب اجتماعًا وزاريًا لتحالف أوبك+ في أي وقت؛ لمعالجة تطورات السوق إذا لزم الأمر.
وأشار التحالف إلى أنه ما يزال جاهزًا لتعديل المسار بسرعة وبشكل استباقي إذا لزم الأمر.
* فاندانا هاري، مؤسِّسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة.
*هذا المقال يمثّل رأي الكاتبة، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية تخفض أسعار بيع النفط لعملائها في آسيا خلال يناير
- 10 تساؤلات حول سقف أسعار النفط الروسي.. تجيبها المفوضية الأوروبية
- الطاقة الشمسية في دول أفريقيا جنوب الصحراء تترقب استثمارات بـ10 ملايين دولار
- ألمانيا تعتزم السماح لمزودي الطاقة برفع أسعار الغاز.. مقابل شرط واحد