التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيتقارير دوريةتقارير منوعةسلايدر الرئيسيةعاجلمنوعاتوحدة أبحاث الطاقة

إزالة الكربون من قطاع الطيران.. 4 تساؤلات عن الفرص والتحديات (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي

اقرأ في هذا المقال

  • صناعة الطيران تمثل 3% من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالميًا.
  • الهيدروجين والوقود المستدام أبرز التقنيات الواعدة لخفض انبعاثات الطيران.
  • وقود الطيران المستدام قد يخفض انبعاثات قطاع الطيران بنسبة 65%.
  • صناعة الطيران تبدأ الرحلات التجريبية لوقود نظيف ضمن خطط إزالة الكربون.
  • التكلفة ومتطلبات السلامة أبرز العقبات أمام إزالة الكربون من الطيران.

لا شك في أن إزالة الكربون من قطاع الطيران تُعَد تحديًا فريدًا، مقارنة بوسائل النقل الأخرى؛ كون غالبية التقنيات الممكنة ما زالت بعيدة عن التطبيق التجاري، وسط تحديات التكلفة ومتطلبات السلامة.

وفي الوقت الحالي، تمثل صناعة الطيران نحو 3% تقريبًا من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية، لكن يتوقع ارتفاع هذه الحصة جراء نمو الطلب على السفر بمرور الوقت.

وتحتاج رحلة إزالة الكربون من قطاع الطيران إلى تفعيل وتعزيز أدوار مجموعة من التقنيات النظيفة، القادرة على تحقيق هذا الهدف، مثل الهيدروجين ووقود الطيران المستدام (SAFs) والبطاريات وغيرها.

وفي هذا الإطار، ترصد وحدة أبحاث الطاقة حجم التحديات أمام خفض انبعاثات صناعة الطيران ومدى إحراز تقدم في هذا الصدد.

ما حجم انبعاثات صناعة الطيران؟

حسب وكالة الطاقة الدولية، بلغت انبعاثات الكربون من قطاع الطيران مليار طن بنهاية 2019، وهو أعلى مستوى على الإطلاق، بعد زيادة سنوية 2.3% بين عامي 1990 و2019، وفق التقرير الذي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

وانخفضت انبعاثات صناعة الطيران إلى 600 مليون طن في عام 2020، بفعل تداعيات وباء كورونا، قبل أن تستعيد ثلث الانخفاض وتصل إلى 720 مليون طن، خلال العام الماضي (2021)، مع تخفيف قيود السفر المتعلقة بالجائحة، ويمثل الطيران الدولي 384.5 مليون طن من انبعاثات الكربون لعام 2021، بينما يشكل الطيران المحلي 327.9 مليون طن.

ويرصد الرسم البياني التالي، الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة، انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في صناعة الطيران:

انبعاثات الكربون المباشرة من قطاع الطيران

ويرى الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) أن انبعاثات الكربون المتوقعة بين عامي 2021 و2050، وفقًا للظروف الحالية، قد تتجاوز 21 مليار طن؛ ما يتطلب تحركًا سريعًا حتى يتمكن العالم من تحقيق أهدافه المناخية.

وبين عامي 2000 و2010، تحسّنت كفاءة استهلاك الوقود في الطائرات بنسبة 2.4% سنويًا، كما كان هناك تحسن آخر بنسبة 1.9% من 2010 إلى 2019، في المقابل، نما طلب الركاب بأكثر من 5% سنويًا خلال الأعوام الـ20 المنتهية في 2019؛ ما يعني أن التحسينات السنوية أقل بكثير مما هو مطلوب للتوافق مع سيناريو الحياد الكربوني لوكالة الطاقة الدولية.

وأمام ذلك، أعلن إياتا -في أكتوبر/تشرين الأول 2021- تعهده بتحقيق الحياد الكربوني للصناعة بحلول عام 2050، عبر إستراتيجية تعتمد على وقود الطيران المستدام بنسبة 65% في إزالة الكربون من قطاع الطيران، ونحو 19% من تعويضات الكربون واحتجازه و13% من التقنيات الجديدة والكهربة والهيدروجين، بينما تأتي نسبة الـ3% المتبقية من خلال تحسين كفاءة العمليات والبنية التحتية.

ومن المتوقع أن تحدد منظمة الطيران المدني الدولي، التابعة للأمم المتحدة، هدفًا طموحًا طويل الأجل لإزالة الكربون من قطاع الطيران؛ بما يتماشى مع أهداف المناخ العالمية، التي تهدف لخفض درجة الحرارة 1.5 درجة مئوية.

ما التقنيات القادرة على إزالة الكربون من قطاع الطيران؟

يُنظر إلى الهيدروجين على أنه عنصر رئيس في جهود إزالة الكربون من قطاع الطيران، لكن لم يصل هذا الوقود النظيف لمرحلة التطبيق التجاري على نطاق واسع حتى الآن.

وتُقدر شركة إيرباص الأوروبية أن يُسهم الهيدروجين المتجدد في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من صناعة الطيران بنسبة تصل إلى 50%، مشيرةً إلى إمكان استخدامه عبر احتراقه بصفته وقودًا في التوربينات الغازية المعدلة أو تحويله إلى طاقة كهربائية تكمل عمل التوربينات الغازية من خلال خلايا الوقود.

بل يمكن استخدام الهيدروجين في إنتاج الوقود الاصطناعي عن طريق الجمع بينه وبين ثاني أكسيد الكربون المستخرج من الغازات الأخرى، لتكوين جزيئات الهيدروكربون السائلة مثل الإيثانول.

والوقود الاصطناعي، المعروف باسم الوقود الكهربائي، أحد نوعي الوقود المستدام، الذي قد يؤدي إلى إزالة الكربون من قطاع الطيران بنسبة 65%، حسب الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا)، ويمكن أن تصل هذه النسبة إلى 80%، كما يرى منتدى الطاقة الدولي.

أما النوع الثاني من وقود الطيران المستدام؛ فهو الوقود الحيوي، الذي يُصنع من الكتلة الحيوية وزيوت الطهي المستعملة ومخلفات الحيوانات والنباتات، ويتوافق مع مواصفات الطائرات الحالية، ويمكن مزجه مع الكيروسين بنسبة تصل إلى 50% في المحركات الحالية وسلاسل إمداد الوقود.

كما تُعَد الكهربة خيارًا لإزالة الكربون من قطاع الطيران عبر الاعتماد على البطاريات ولكن في الرحلات الصغيرة؛ حيث لم تتطرق الصناعة بعد إلى إمكان زيادة سعة البطارية لتتناسب مع الطائرات.

بينما تأتي تقنية التقاط الكربون من الهواء مباشرة ضمن خيارات خفض الانبعاثات صناعة الطيران؛ مثلها مثل الصناعات الأخرى، التي يصعب تقليل انبعاثاتها، مع تقديرات بأن هذه التقنية قد تُجنّب العالم أكثر من 85 مليون طن سنويًا من انبعاثات الكربون بحلول 2030 وقرابة 980 مليون طن سنويًا بحلول 2050، مقابل 7.7 ألف طن فقط حاليًا، حسب تقرير وكالة الطاقة الدولية.

ووجدت دراسة أجراها المجلس الدولي للنقل النظيف أن الهيدروجين يمكن أن يلبي خمس إجمالي الطلب على الوقود في قطاع الطيران بحلول عام 2050، على أن يأتي معظم الطلب المتبقي من الوقود المستدام، كما قد تسهم البطاريات في تلبية جزء ضئيل.

ويوضح الإنفوغرافيك التالي، الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة، الطلب العالمي على الهيدروجين في القطاعات المختلفة بين عامي 2020 و2050:

الهيدروجين - الحياد الكربوني

وبلغ الطلب على الوقود من قِبل شركات الطيران التجارية مستوى قياسيًا عند 95 مليار غالون في عام 2019، ثم تراجع إلى 52 مليار غالون عام الوباء (2020)، قبل أن يرتفع قليلًا إلى 57 مليار غالون في 2021، بحسب أرقام شركة تحليل البيانات ستاتيستا.

وبحسب الدراسة؛ فإن استخدام هذه الأنواع من الوقود، إلى جانب تحسين طريقة تصنيع الطائرات وتشغيلها، يمكن أن يقلل انبعاثات قطاع الطيران إلى مستويات قريبة من الصفر بحلول عام 2050؛ ما يجعل الصناعة متماشية مع هدف الاحترار العالمي البالغ 1.75 درجة مئوية.

ومع ذلك، لتحقيق هدف 1.5 درجة مئوية وإزالة الكربون من قطاع الطيران، ستحتاج الشركات إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة، بما في ذلك نشر تقنية التقاط الكربون من الهواء مباشرة، وتقليل الطلب على السفر الجوي، خاصة أنها الأكثر إطلاقًا للانبعاثات على أساس الفرد، كما يوضح الرسم التالي:

البصمة الكربونية للفرد

إلى أين وصلت صناعة الطيران؟

هناك العديد من النماذج الطموحة لإزالة الكربون من قطاع الطيران؛ إذ تهدف شركة زيرو أفيا (ZeroAvia)، وهي شركة ناشئة لتطوير طائرات تعمل بالهيدروجين، إلى إنتاج طائرات تحمل من 9 إلى 19 مقعدًا في البداية، على أن تصل إلى العمليات التجارية بحلول نهاية عام 2024؛ حيث أجرت عدة رحلات تجريبية في الأشهر الماضية.

وفي صيف 2022، اشتملت اختبارات الشركة الناشئة على طائرات تَسَع 19 مقعدًا، وتتضمن أنظمة خلايا الوقود العاملة بالهيدروجين، إلى جانب خزانات لتخزين هذا الوقود، وسبقت ذلك رحلات تجريبية، استخدمت الشركة الناشئة فيها نموذجًا أوليًا لطائرة مروحية من 6 مقاعد ومزود بنظام خلايا وقود الهيدروجين والبطاريات.

وتأتي هذه الرحلات التجريبية وسط موجة من التطورات الأخيرة المتعلقة بتعزيز دور الهيدروجين في إزالة الكربون من قطاع الطيران؛ إذ تشارك شركة دلتا إيرلاينز الأميركية مع نظيرتها إيرباص الأوروبية -أكبر شركة لتصنيع الطائرات في العالم- لتطوير طائرة ركاب تعمل بالهيدروجين واستكشاف كيفية تخزين الهيدروجين وتوريده في المطارات.

وفضلًا عن ذلك، تعمل شركة إيرباص نفسها على بناء محرك تجريبي لاختبار دفع الهيدروجين في إحدى طائراتها العملاقة (إيرباص إيه 380) على أن تُطلق تجاريًا بحلول 2035.

وأبرمت مؤخرًا شركة كونكت آيرلاينز الأميركية اتفاقية مع شركة يونيفرسال هيدروجين لشراء 75 طائرة تستخدم الهيدروجين الأخضر وقودًا بدلًا من الكيروسين، ضمن خطط إزالة الكربون من قطاع الطيران.

وبالنسبة إلى الوقود المستدام، تعمل شركة لانزا جيت (LanzaJet) على بناء أول مصنع لطائرات تعمل بوقود الطيران المستدام بنفس أسعار النسخة العاملة بالوقود الأحفوري، بفضل منحة بقيمة 50 مليون دولار من صندوق "بريك ثرو إنرجي" التابع للملياردير الأميركي بيل غيتس، إلى جانب القروض منخفضة الفائدة والإعانات المالية الأخرى، وفق وكالة بلومبرغ.

وتتوقع الشركة الأميركية بدء إنتاج 9 ملايين غالون من وقود الطيران المستدام ومليون غالون من الديزل المتجدد سنويًا من مصنعها في ولاية جورجيا بحلول عام 2023، ويُقارن ذلك بنحو 14 مليار غالون من وقود الطائرات تستهلكها الولايات المتحدة سنويًا، مشيرة إلى أن انبعاثات هذا الوقود يمكن أن تكون أقل بنسبة 85% من الوقود التقليدي، اعتمادًا على مصادر إنتاجه.

وسبق ذلك التزام بعض شركات الطيران، على رأسها بوينغ، التي تعهدت باعتماد الوقود المستدام بنسبة 100% في طائراتها بحلول عام 2030، من أجل تحقيق إزالة الكربون من قطاع الطيران بحلول عام 2050.

وقبل سنوات قليلة، وتحديدًا في 2018، أثبتت شركة فيرغن أتلانتيك الاستعداد التكنولوجي للطائرات للعمل بالوقود الاصطناعي من خلال تحليق طائرة (بوينغ 747) من أورلاندو بولاية فلوريدا إلى لندن.

وفيما يتعلق بالبطاريات؛ فقد أجرت شركة رولزرويس رحلة تجريبية لمدة 15 دقيقة لطائرة كهربائية صغيرة في سبتمبر/أيلول 2012، ووصفتها بأنها "علامة فارقة في رحلة صناعة الطيران نحو إزالة الكربون"، متوقعةً بناء سوق للطائرات الكهربائية لمسافات قصيرة في غضون بضع سنوات، على أن تحتاج الرحلات الطويلة إلى تقنيات أخرى، على حد قولها.

أما شركة الطيران الأميركية يونايتد إيرلاينز؛ فإنها تراهن على التقاط الكربون من الهواء مباشرة، حيث تمتلك حصة بمشروع بونيت فايف (1PointFive Inc) في تكساس، وتأمل في أن تصبح أول منشأة تجارية لالتقاط الكربون من الهواء، وتكون قادرة على إزالة مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا.

ما التحديات أمام إزالة الكربون من قطاع الطيران؟

تواجه جميع التقنيات الجديدة المحتمل أن تعزز إزالة الكربون من قطاع الطيران عقبة رئيسة تتعلق بمتطلبات السلامة والإجراءات التنظيمية مقارنة بوسائل النقل الأخرى؛ كونها تنقل ملايين الأشخاص في الهواء يوميًا.

كما تُعَد التكلفة من أبرز التحديات أمام خفض الانبعاثات في صناعة الطيران؛ إذ يرى بنك آي إن جي الهولندي أن تكلفة إزالة الكربون من قطاع الطيران من المحتمل أن تكون الأعلى، مقارنة بأيّ قطاع آخر.

وعلى سبيل المثال، وجدت وكالة سلامة الطيران في الاتحاد الأوروبي (EASA) أن تكاليف إنتاج الوقود الاصطناعي تزيد عدة مرات على تكلفة الكيروسين، مع خسائر التحويل العالية وتكاليف النقل والتوزيع.

وبحسب شركة الأبحاث ماكنزي، تحتاج صناعة الطيران إلى ما بين 40 مليارًا و50 مليار دولار سنويًا بحلول عام 2030، وقرابة 175 مليار دولار حتى عام 2050، من أجل تحقيق الحياد الكربوني، على أن يذهب ما يتراوح بين 80% و90% من هذه الاستثمارات لإنتاج وقود الطيران المستدام، ويكون الباقي من نصيب تطوير الطائرات العاملة بالهيدروجين أو البطاريات.

وفضلًا عن التكلفة؛ فإن وقود الطيران المستدام يواجه تحديًا من نوع آخر يتعلق بالمنافسة مع المحاصيل الغذائية على استخدام الأراضي والزراعة.

وعلى الرغم من الإيمان بالدور الذي قد يؤديه الهيدروجين في إزالة الكربون من قطاع الطيران؛ فإن تعزيز هذا الدور على نطاق واسع يواجه تحديين رئيسين:

أولًا: أكثر من 95% من إنتاج الهيدروجين الحالي يعتمد على الوقود الأحفوري؛ إذ يوجه 7% من إنتاج الغاز عالميًا و2% من إمدادات الفحم لإنتاج الهيدروجين -وفق تقديرات البنك الدولي- ومن أجل تقليل الانبعاثات الناتجة عن قطاع الطيران فعليًا، يجب أن يصنع الهيدروجين من الطاقة المتجددة خلال التحليل الكهربائي.

ثانيًا: تخصيص مشروعات جديدة من طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية لإنتاج الهيدروجين فقط حتى لا يخاطر وقود الطائرات الجديد بإحداث نقص في الكهرباء المستخدمة لتزويد المنازل أو لشحن السيارات الكهربائية، كما يرى تقرير لصحيفة "كناري ميديا".

ومن جهة أخرى، يرى تقرير لبنك آي إن جي الهولندي أن الطائرات الكهربائية لا تلوح في الأفق، كون الجيل الحالي والجيل القادم من تكنولوجيا البطاريات غير مناسب إلى حد كبير للطيران من الناحية التجارية.

وتمثل الرحلات الطويلة عقبة رئيسة -أيضًا- أمام إزالة الكربون من قطاع الطيران، خاصة أن 80% من انبعاثات القطاع ناتجة عن الرحلات الجوية التي يبلغ طولها 1000 ميل أو أكثر، التي لا يوجد لها بديل قابل للتطبيق حتى الآن، بحسب شبكة سي إن بي سي الأميركية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق