خطة لتعزيز استعمال الفحم في فيتنام تضرب بعرض الحائط الجهود الأوروبية
مي مجدي
وضعت وزارة الصناعة الفيتنامية مسودة محدّثة لخطّة تعزّز استعمال الفحم في توليد الكهرباء لعام 2030، ويمثّل ذلك ضربة محتملة للجهود الأوروبية التي تسعى إلى تحويل اقتصاد هانوي بعيدًا عن أكثر أنواع الوقود تلويثًا للبيئة.
في المقابل، تقلّصت أهداف الطاقة المتجددة، إذ فشل مفاوضو المناخ من مجموعة الـ7 في إبرام شراكة من أجل انتقال عادل للطاقة مع فيتنام خلال قمة كوب 27، التي عُقدت بمدينة شرم الشيخ المصرية، وانتهت فعالياتها يوم الأحد 20 نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، حسب وكالة رويترز.
وتُبيّن الخطة الأخيرة التغير الصارخ في موقف فيتنام التي أصدرت مسودة خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول كان من شأنها أن تسفر عن بطء استعمال الفحم بحلول نهاية هذا العقد، وبذلك لن تشهد البلاد أيّ تراجع ملحوظ في قدرة الفحم إلّا في عام 2045.
وكان من المتوقع أن تحذو فيتنام حذو إندونيسيا وجنوب أفريقيا للحصول على حزمة تمويل لا تقلّ عن 11 مليار دولار لتسريع انتقال الطاقة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
الفحم في فيتنام
تعدّ فيتنام واحدة من أكبر 20 دولة في العالم استعمالًا للفحم، وشهدت خلافات مطولة بين المصالح الحكومية المتنافسة حول خطط تطوير قطاع الكهرباء خلال هذا العقد، ومن المتوقع أن تشهد تطورات جديدة في الأسابيع والأشهر المقبلة.
وأدى ذلك إلى تعقيد مهمة مفاوضي المناخ، بقيادة دبلوماسيين من الاتحاد الأوروبي، الذين يأملون التوصل إلى اتفاق مع فيتنام في قمة جديدة ببروكسل ستعقد الشهر المقبل (ديسمبر/كانون الأول 2022).
وبموجب المسودة الأخيرة الصادرة يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، سيبقى الفحم أهم مصدر للطاقة في فيتنام حتى عام 2030 لتوفير أكثر من 36 غيغاواط من السعة المركبة، بالإضافة إلى تطوير نحو 11 محطة كهرباء تعمل بالفحم في السنوات المقبلة، ارتفاعًا من 21 غيغاواط في 2020 و30 غيغاواط في 2025.
ومع ذلك، ستنخفض حصة الفحم في قدرة توليد الكهرباء إلى أقلّ من 28% بحلول نهاية العقد من 34% في عام 2020.
فقد استهدفت الحكومة في مسودة أكتوبر/تشرين الأول (2022) خفض قدرة الفحم إلى قرابة 30 غيغاواط بحلول نهاية العقد.
وزاد استعمال الفحم على الصعيد العالمي منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في أواخر فبراير/شباط (2022)، ما أدى إلى قفزة هائلة في أسعار الوقود الأحفوري.
الطاقة المتجددة في فيتنام
وفقًا للمسودة الأخيرة، سيرتفع إنتاج الطاقة المتجددة إلى 21 غيغاواط فقط بحلول 2030، مقارنة بـ26 إلى 39 غيغاواط المتوقعة في مسودة أكتوبر/تشرين الأول (2022)، على الرغم من توقّع زيادة هائلة بحلول منتصف القرن مع قدرة مركبة تتجاوز 200 غيغاواط بوساطة محطات الرياح والطاقة الشمسية والهيدروجين.
ويستثنى من هذه الأرقام الطاقة الكهرومائية التي تعدّ مصدرًا رئيسًا للكهرباء في فيتنام.
وأشارت المسودة -أيضًا- إلى التطور السريع للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في فيتنام، ما تسبَّب في حدوث مشكلات بسبب شبكة الكهرباء المحدودة في البلاد.
وبحلول عام 2050، لن يكون الفحم جزءًا من مزيج الطاقة في فيتنام، بينما سيرتفع استعمال الغاز والغاز المسال إلى 44 غيغاواط مقابل كميات ضئيلة -حاليًا-.
الفشل في إقناع المفاوضين
على صعيد متصل، من المتوقع أن تزداد انبعاثات الكربون في فيتنام بدرجة كبيرة في ظل التنامي السريع بالبلاد، ما لم تتحول سريعًا نحو مصادر الطاقة المتجددة، والمصادر الأقلّ تلويثًا.
وكان مسؤولون في الاتحاد الأوروبي يتطلّعون لأن تصبح فيتنام من بين الدول الموافقة على خطة تمويل للحدّ من استعمال الفحم بعد التوصل لاتفاق مماثل مع جنوب أفريقيا خلال العام الماضي (2021).
وكان الاتحاد الأوروبي -الذي قاد المحادثات نيابة عن مجموعة الـ7 مع بريطانيا- يدرس مدى إمكان التوصل إلى اتفاق في قمة كوب 27، لكنهم فشلوا في إقناع المفاوضين الفيتناميين.
ووضع العديد من مسؤولي الاتحاد الأوروبي هدفًا جديدًا للتوصل إلى اتفاق مع فيتنام في قمة مع رابطة دول جنوب شرق آسيا ببروكسل خلال منتصف ديسمبر/كانون الأول (2022).
ويشكك العديد من المستثمرين والدبلوماسيين بفيتنام في إمكان التوصل إلى اتفاق إلّا في حالة تيسير الصفقة بقدر كبير، في حين إن الخلافات داخل الحكومة الفيتنامية حول السلطة ستظل عقبة هائلة.
وكانت المشكلة الأولى في اتفاق فيتنام تتمثل في نقص الأموال.
ففي مطلع عام 2022، اقترح دبلوماسيون من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي التفاوض مع فيتنام على حزمة بقيمة 5 مليارات دولار، وهي أصغر بكثير من صفقة جنوب أفريقيا.
وتتمثل العقبة الأخرى في شكل التمويل، فقد اتضح أن 3% فقط من صفقة جنوب أفريقيا ستكون في شكل منح، والباقي عبارة عن قروض، لذا، تتردد فيتنام في قبول اتفاق يطالبها بقدر كبير من الدين العام.
تسريع انتقال الطاقة
من المقرر أن تكون حزمة فيتنام الثالثة في سلسلة من الصفقات الضخمة لمساعدة البلدان متوسطة الدخل، المعتمدة على الفحم في تسريع انتقالها للطاقة منخفضة الكربون.
وكان الاتفاق مع جنوب أفريقيا البالغ 8.5 مليار دولار هو الأول من نوعه، بعد إعلانها في قمة المناخ كوب 26، وتوقيع خطة استثمارية خلال العام الجاري (2022) في مصر.
وسيساعد الاتفاق على إغلاق جزء من محطات توليد الكهرباء العاملة بالفحم في جنوب أفريقيا، وتحسين شبكتها الكهربائية، وتعزيز استعمال مصادر الطاقة المتجددة، إلى جانب دعم التدريب على الوظائف والخدمات الأخرى لنحو 80 ألف شخص يعملون في قطاع الفحم.
وفي اجتماع مجموعة الـ20 بمدينة بالي، كشفت إندونيسيا عن اتفاق بقيمة 20 مليار دولار.
كما يعمل المفاوضون الغربيون مع حكومة الهند للتوصل إلى اتفاق خلال عام 2023، في أثناء رئاسة الهند مجموعة الـ20.
وتدرس المجموعة -أيضًا- إبرام شراكة مماثلة مع حكومة السنغال، وستعلن تفاصيلها في الوقت المناسب.
موضوعات متعلقة..
- فيتنام تخفض رهانها على الطاقة الشمسية وتواصل الاعتماد على الفحم
- فيتنام تعتمد الفحم مصدرًا رئيسًا لتوليد الكهرباء في خطة تطوير الطاقة
- إدمان استخدام الفحم عالميًا يحقق أرباحًا غير مسبوقة للمنتجين (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- الأمونيا منخفضة الكربون تسهم في خفض الانبعاثات عبر 3 قطاعات (تقرير)
- دعم النفط والغاز في أفريقيا يهدد الاستقرار الاقتصادي للقارة (تقرير)
- الحرب في أوكرانيا تسرّع تحول الطاقة (مسح)