أعين أوروبا على النفط السعودي بديلًا لروسيا.. و5 دول في قائمة الأكثر استيرادًا
مي مجدي
- تتطلّع أوروبا إلى تنويع الإمدادات قبل حظر النفط الروسي في ديسمبر (2022)
- منتجو الشرق الأوسط يضعون السوق الأوروبية نصب أعينهم بجانب نظيرتها الآسيوية
- شحنات النفط السعودي إلى أوروبا تقفز إلى أعلى مستوياتها في عامين
- هولندا وبولندا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا أهم 5 وجهات للنفط السعودي في عام 2022
- دول الخليج ستصدّر المزيد من النفط والمشتقات إلى أوروبا والولايات المتحدة
مع زيادة المنافسة في أسواق النفط العالمية، بات النفط السعودي يحتل مكانة بارزة ومهمة في القارة العجوز، التي تخطط لفطم نفسها عن الخام الروسي.
وتستعد المملكة العربية السعودية لتغذية أوروبا بالنفط، وسط تطلع المشترين إلى تنويع الإمدادات قبل حظر البراميل الروسية في مطلع شهر ديسمبر/كانون الأول (2022)، التي شكّلت خُمس احتياجات أوروبا من النفط، حسب تقرير لموقع إس آند بي غلوبال بلاتس (S&P Global Platts).
ومنذ أن بدأ الاتحاد الأوروبي اتخاذ إجراءات لفرض عقوبات على نفط موسكو، يسعى كبار المستهلكين إلى الابتعاد عن خام الأورال الروسي متوسط الحموضة، والبحث عن درجات مماثلة من الشرق الأوسط، ودرجات الخام الخفيف الحلو من الولايات المتحدة وغرب أفريقيا.
ورغم أن منتجي الشرق الأوسط، وتحديدًا السعودية، يولون تركيزًا أكبر للأسواق الآسيوية، فإنهم يتطلعون إلى الغرب، وسط تهافت المشترين الرئيسين -الصين والهند- على الصادرات الروسية الرخيصة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
النفط السعودي إلى أوروبا
قال المحلل في وكالة إس آند بي غلوبال كوميدتي إنسايتس، توني ستاركي، إن الافتراضات تشير إلى أن براميل الشرق الأوسط وغرب أفريقيا وأميركا سوف تسد الفجوة في أوروبا الناجمة عن نقص الإمدادات الروسية، ويتوقف حجم نقص هذه الإمدادات على السياسات أو أي استثناءات أخرى.
في المقابل، زادت صادرات النفط السعودي إلى أوروبا في عام 2022 بوتيرة سريعة، مع ارتفاع التدفقات إلى أعلى مستوياتها -مؤخرًا- وفقًا لبيانات إس آند بي غلوبال بلاتس لتتبع السفن وبيانات الشحن من شركة كبلر المتخصصة.
وقفزت شحنات النفط السعودي إلى أوروبا لأعلى مستوياتها في عامين عند 777 ألف برميل يوميًا خلال شهر أغسطس/آب (2022)، وفقًا لكبلر.
وبلغ متوسط تدفق الإمدادات السعودية نحو 600 ألف برميل يوميًا منذ مطلع 2022 وحتى الآن، وهو أعلى مستوى منذ عام 2019.
ويُنقل النفط السعودي إلى أوروبا عادة عبر طريقين، إما مباشرة على ناقلة من محطات التصدير الرئيسة في المملكة، مثل رأس تنورة وينبع، وإما من سيدي كرير في مصر عبر خط أنابيب سوميد.
وتُعَد هولندا وبولندا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا أهم 5 وجهات للنفط السعودي إلى أوروبا خلال العام الجاري (2022).
كما اشترت كرواتيا وألمانيا واليونان وليتوانيا وتركيا والمملكة المتحدة النفط السعودي خلال الأشهر الماضية.
وما تزال أوروبا تمثّل قرابة عُشر المعروض من الخام السعودي فقط، لكن من المرجح أن تكون سوقًا أكبر للمملكة في عام 2023.
وأشار وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان إلى أن المملكة -أكبر مصدر للنفط الخام في العالم- تتطلّع إلى تزويد أوروبا بمزيد من الإمدادات.
وقال إن بلاده تعمل مع العديد من الحكومات، مثل ألمانيا وبولندا وجمهورية التشيك وكرواتيا ورومانيا وغيرها، موضحًا أن هذه البلدان تشهد انفراجة في سلاسل وأنظمة التوريد يضمن تقدمها.
أسعار تنافسية
من جهتها، ترفع المملكة العربية السعودية الأسعار لتعكس الطلبات الجديدة من أوروبا، وتخفّض الأسعار في آسيا لتصبح قادرة على منافسة الإمدادات الروسية.
وفي يوم 4 من نوفمبر/تشرين الثاني (2022)، أعلنت عملاقة الطاقة أرامكو أسعار البراميل السعودية لشهر ديسمبر/كانون الأول (2022) مع خفض لمعظم درجات الخام في الأسواق الآسيوية، لكن سعر البيع الرسمي في شمال غرب أوروبا ارتفع.
وقفز سعر الخام العربي الخفيف بمقدار 80 سنتًا للبرميل، ليبلغ علاوة 1.70 دولارًا للبرميل مقارنة بمؤشر برنت القياسي.
في الوقت نفسه، يتمتع خام الأورال الروسي بخصم قدره 23.6 دولارًا للبرميل مقارنة بخام برنت القياسي، نظرًا إلى تجاهل السوق للبراميل الروسية، بحسب منصة الطاقة المتخصصة.
وقال محللو ستاندرد آند بورز غلوبال، في مذكرة بحثية، إن زيادة الأسعار إلى السوق في شمال غرب أوروبا تستهدف الاستفادة من الاتجاه الصعودي للأسعار مع الحظر الأوروبي على الواردات الروسية المنقولة بحرًا، بدءًا من 5 ديسمبر/كانون الأول (2022)، وهو ما قد يعزّز الطلب على الدرجات السعودية في أوروبا.
ويتضح من ذلك أن أرامكو خفّضت الأسعار إلى آسيا للدفاع عن وضعها ضد البراميل الروسية الرخيصة التي تدفقت إلى المستهلكين الرئيسين، مثل الهند والصين، في حين انتهزت الفرصة في سوق من المرجح أن تهجرها موسكو في الأشهر الأخيرة.
زيادة إمدادات النفط السعودي
قال مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة، الدكتور أنس الحجي إن دول الخليج ستصدّر المزيد من النفط والمشتقات إلى أوروبا والولايات المتحدة، مشيرًا إلى تغير تدفقات الخام العالمية وأهمية جودة الخام.
وأشار الحجي -في إحدى مساحات برنامج "أنسيّات الطاقة" بموقع تويتر- إلى أنه في حالة زيادة الطلب على النفط بالأسواق العالمية خلال الربع الرابع من عام 2022 يمكن لبعض دول منظمة أوبك -ويشمل ذلك دول الخليج- زيادة الإمدادات، وليس الإنتاج.
وأضاف الحجي أن السعودية ودول الخليج العربي تستطيع زيادة الإمدادات دون زيادة في الإنتاج.
ويُصنّف خام الأورال الروسي على أنه درجة متوسطة الحموضة، بمقياس كثافة نوعية حسب معهد النفط الأميركي يصل إلى 31.7، ونسبة كبريت عند 1.7%.
وهذا يجعله متشابهًا من حيث الجودة مع الخامات متوسطة الحموضة الأخرى، مثل خام البصرة العراقي، والعربي الخفيف والمتوسط والثقيل، والخام الإيراني الثقيل، وخام ميرو البرازيلي، ومزيج النفط الخام العماني.
ويتميّز الخام العربي الخفيف السعودي بكثافة نوعية حسب معهد النفط الأميركي عند 33.3 درجة، والعربي المتوسط عند 30.9 درجة، والثقيل عند 27.8 درجة، في حين تحتوي الدرجات الـ3 على كميات أكبر من الكبريت مقارنة بالأورال الروسي.
بينما أوضح محلل النفط الخام في رفينيتيف إحسان الحق، أنه يمكن مزج الخامات الثقيلة، مثل نفط البصرة الثقيل والدرجات الرئيسة من أميركا اللاتينية وخام حقل يوهان سفيردروب النرويجي، مع خامات خفيفة حلوة لإنتاج درجة مشابهة للأورال الروسي.
وقال إن أوروبا تعاملت مع الوضع بصورة جيدة حتى الآن، لكن في حالة زيادة الطلب بدرجة كبيرة، خاصة مع انخفاض درجات الحرارة أقل من المعتاد، فلن تكون الإمدادات كافية.
ومع تضرر الطلب الأوروبي من ضعف الاقتصاد وارتفاع أسعار الفائدة، قد لا يمثّل العجز في الإمدادات تحديًا في المدى القريب، لكن إذا تعافى بسرعة، فإن المملكة العربية السعودية في وضع جيد يسمح لها باغتنام الفرصة في ظل تعرّض منافسيها لوقف في الإنتاج وضوابط على رأس المال.
وسبق أن قالت السعودية إن لديها قدرة إنتاجية لضخ قرابة 12 مليون برميل يوميًا، لكن الإنتاج أقل بنحو مليون برميل يوميًا، ومن المتوقع أن يشهد تراجعًا مع تعهد تحالف أوبك+ بخفض الإنتاج خلال الشهر الجاري (نوفمبر/تشرين الثاني 2022).
وضخّت السعودية 10.90 مليون برميل يوميًا في أكتوبر/تشرين الأول (2022)، مقابل 11.02 مليون برميل يوميًا في سبتمبر/أيلول (2022)، وفقًا لمسح شهري أجراه موقع إس آند بي غلوبال بلاتس.
وقد تحتاج مصافي التكرير في أوروبا إلى تعديل قوائمها، لكن إمدادات النفط السعودي إلى أوروبا ستشكل بديلاً مستقرًا طويل الأجل عن الأورال الروسي.
موضوعات متعلقة..
- أرامكو السعودية توقع صفقة جديدة لتوريد النفط إلى شمال غرب أوروبا
- أرامكو السعودية تطمئن مصافي آسيا بتأمين حصص كاملة من عقود النفط
اقرأ أيضًا..
- مسؤولة أوروبية: الغاز الروسي ما يزال مهمًا لنا.. ولن نجد بدائل بسهولة
- إنتاج الغاز من حقل بارس الإيراني القطري المرحلة 11 يتأخر 20 عامًا (مقال)
- الفحم يثير احتجاجات سكان قرية جنوب أفريقية خوفًا من تدمير آخر مراعي الماشية (تقرير)