البنية التحتية لمحطات الفحم الأميركية أساس لمرافق الطاقة النظيفة (تقرير)
بدعم قانوني بالاستفادة من قانون خفض التضخم والمزايا الضريبية
هبة مصطفى
شغل التساؤل حول مصير محطات الفحم الأميركية أذهان الكثيرين، لا سيما مع إعلان موعد إغلاق عدد منها بين الحين والآخر، بينما تسير خطوات انتقال الطاقة على قدم وساق.
ومع إزاحة الستار عن مصير بعض المحطات بتحويلها إلى مرافق ترسخ بصورة أكبر للطاقة النظيفة، شكّلت تلك البنية التحتية مصدر طمأنينة حول توفير تكلفة بناء محطات شمسية أو مزارع رياح من الصفر، إذ إنها تتطلب -فقط- إجراء تعديلات بسيطة، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وتتلقى عملية إحلال واستبدال محطات الوقود الملوث بمرافق ومنشآت للطاقة النظيفة دعمًا بغطاء قانوني من قانون خفض التضخم، بحسب ما ورد في مقال للكاتبة أديل بيترز نُشر في فاست كومباني (Fast Company).
بنية تحتية بديلة
قال مدير حملة "بيوند كول" المناهضة لاستخدام الوقود الملوث في توليد الكهرباء، والتي يتبناها "سييرا كلوب"، آندي نوت، إن الحملة رصدت قرارات بخروج ما يزيد عن 350 محطة ضمن محطات الفحم الأميركية من الخدمة خلال السنوات الـ10 الماضية.
وأوضح أن جانبًا كبيرًا من تلك الخطط نُفِّذ بالفعل، مشيرًا إلى أن البنية التحتية المتعلقة بتلك المحطات (بما يشكّل خطوط النقل والمحولات ومعدّات الربط بالشبكة) متوفرة، رغم الإغلاق، وتفتح المجال أمام الاستفادة منها.
ورغم الخطوات الجادة لبعض الولايات، فإن 172 من محطات الفحم الأميركية ما زالت قيد التشغيل، بحسب بيانات منظمة سييرا كلوب.
وبحسب المقال الذي طالعته منصة الطاقة المتخصصة، فإن الاعتماد على مواقع محطات الفحم المخطط لتقاعدها، أو المتقاعدة، يتجاوز عقبة متطلبات بناء بنية تحتية جديدة لمشروعات الطاقة المتجددة.
وداعًا محطات الفحم
يستعد عدد لا بأس به من محطات الفحم الأميركية إلى التخارج وغلق أبوابه خلال السنوات القليلة المقبلة، في الوقت الذي تتطلب فيه خطط التحول التوسع بمنشآت الطاقة النظيفة، وبينما ظلت محطات توليد الكهرباء المعتمدة على الفحم تُطلق أدخنة الانبعاثات لسنوات طويلة في سماء الولايات الأميركية مسببةً اضطرابًا في جودة الهواء.
وتفصيليًا، عززت محطة الفحم بولاية إلينوي من تأثير التغيرات المناخية، غير أنها بصدد الإغلاق نهاية العام الجاري (2022)، مع وجود خطط لتحويلها إلى مرفق لبطاريات تخزين الطاقة المتجددة في غضون 3 أعوام بحلول (2025).
وعلى مدار تلك المدة وحتى عام (2025)، تُخطط ولاية إلينوي وحدها إلى إغلاق 11 محطة، وإحلال المزارع الشمسية وبطاريات التخزين محلها.
الأمر ذاته تسعى إليه ولاية لويزيانا التي شهدت إغلاق إحدى محطات الفحم الأميركية العام الماضي (2021)، بينما تترقب الولاية استبدال مزرعة شمسية ضخمة بها، توفر الكهرباء النظيفة لما يقرب من 45 ألف منزل.
ويرسم المخطط أدناه ملامح الخطة الأميركية لتعزيز الطاقة المتجددة بحلول عام 2050، مع تحديد مستهدفات المدة بين عام 2021 ومنتصف القرن طبقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وما رصدته منصة الطاقة المتخصصة:
الربط بالطاقة النظيفة
دفعت اعتبارات اقتصادية ومناخية نحو إغلاق عدد كبير من محطات الفحم الأميركية على مدار العقدين الماضيين (بصورة تدريجية طوال 20 عامًا).
ورغم ذلك، ما زال هناك ولايات عدّة تنظر إلى الاعتماد على الفحم في توليد الكهرباء بصفته وسيلة آمنة وتقنياتها متوافرة؛ ما سبَّب تباطؤًا في وتيرة الإغلاق وفق الخطط المستهدفة، وخضعت منشآت عدّة لضغوط مناخية وقانونية، ما اضطرها للاستجابة.
وتسلّمت ولاية هاواي آخر شحناتها من الفحم في يوليو/تموز الماضي، ولتوديع الوقود الملوث تجري في الآونة الحالية أعمال بناء مرفق ضخم لتخزين البطاريات اعتمادًا على بطاريات شركة تيسلا "تيسلا ميغاباك" قرب موقع سابق لمحطة الفحم.
أمّا ولاية فيرجينيا، فاستقبلت محطة للهيدروجين في موقع إحدى محطات الفحم الأميركية السابقة، جنبًا إلى جنب مع وجود خطط تضمن ربط محطات الفحم بمواقع لطاقة الرياح البحرية في ولاية ماساتشوستس.
ومن المقرر أن تُبنى مزرعة شمسية تمتد لمسافة 3 آلاف و500 فدان قرب محطة فحم تخضع للإغلاق المرحلي بولاية مينيسوتا.
غطاء قانوني
تقترن حالة النشاط والإقبال على إغلاق محطات الوقود الملوث توازيًا مع توسعات مشروعات الطاقة النظيفة بإقرار الرئيس الأميركي جو بايدن حزمة تشريعية من شأنها طرح المزيد من المزايا الضريبة وخفض التضخم.
وقالت محللة سياسات الكهرباء بمركز "إنرجي إننوفيشن" لأبحاث الطاقة والمناخ ميشيل سولومون، إن الولايات الأميركية التي ما زالت تحتفظ بمحطات عاملة بالفحم حتى الآن، لديها فرصة سانحة للتمتع بميزات أقرّها قانون خفض التضخم، تصل إلى خفض بمعدل 10% حال بدئها مشروعات جديدة للطاقة المتجددة.
وأوضحت سولومون أن الإعفاءات التي تمنحها القوانين الجديدة تفتح المجال أمام التوسع بمشروعات الطاقة الشمسية والاستفادة منها نهارًا، مع تخزين الفائض في البطاريات للاستفادة الليلية.
ويسمح القانون بمدّ غطاء الإعفاءات، ليشمل مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وكذلك بطاريات التخزين، ما يعزز موقف الطاقة المتجددة خلال رحلتها التنافسية مع مشروعات الوقود الأحفوري.
وإلى جانب ذلك، يتيح القانون الجديد الحصول على قروض ميسرة بغرض سداد مستحقات تمويل إعادة تأهيل محطات الفحم الأميركية، والاستفادة منها بصفتها مرافق للطاقة المتجددة.
دمج الطاقات
يتيح إغلاق محطات الفحم الأميركية ظهور الابتكارات ومشروعات دمج الطاقات على الساحة، ومن بينها مشروع تبنّته ولاية أوريغون بصفة منشأة للطاقة المتجددة، حملت اسم "ويت ريدج"، وتقوم فكرتها على أساس الدمج بين الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وبطاريات التخزين.
ويستعمل المشروع الألواح الشمسية وتوربينات الرياح لتوليد الكهرباء النظيفة في خطوات مدعومة بنشر بطاريات تخزين الكهرباء الفائضة لضمان تحقيق أقصى استفادة بتكلفة ملائمة.
وتُقدَّر تكلفة تشغيل مشروعات ومحطات الطاقة المتجددة بأنها أقلّ من تكلفة تشغيل محطات الفحم الأميركية، رغم ارتفاع أسعار المواد الخام وانخفاض تكلفة الوقود الملوث لسنوات طويلة.
ولم يقتصر تركيز الولايات على تحويل محطات الفحم إلى مشروعات متجددة فقط، إذ إن المساحات الشاسعة لبعض المرافق التي يُخطط لإغلاقها تسمح بالاستفادة منها في بدء مشروعات صغيرة، والتوسع بصناعات ووظائف إضافية خارج نطاق قطاع الطاقة، فضلًا عن إنشاء مراكز بحثية.
وتعدّ مواقع محطات الفحم في أميركا أيضًا، إذ أعلنت شركة "قويس إنرجي" أنها بصدد الحفر أسفل مواقع المحطات المغلقة لتوليد الطاقة الحرارية الأرضية.
وذهب فريق آخر إلى إمكان بناء مفاعلات للطاقة النووية محل مواقع محطات الفحم المتهالكة، ودعمت تلك المقترحات شراكات تهدف إلى دراسة سبل التحول، أحدثها التعاون بين "تيرابراكسيز" مع "ميكروسوفت".
اقرأ أيضًا..
- من هو بدر الملا وزير النفط الكويتي الجديد؟
- 6 دول في أوبك+ تكشف حقيقة ضغوط السعودية للموافقة على خفض الإنتاج
- أول فيديو من داخل منشأة تخزين النفط في الفجيرة.. جولة للطاقة
- أنس الحجي: هذه حقيقة علاقة أوبك والخليج بأزمة البنزين في كاليفورنيا