كيف دعّمت سياسة بايدن أسعار النفط أكثر من قرارات أوبك+؟ (تقرير)
نوار صبح
- مساعدو بايدن عرضوا على تحالف أوبك+ سعر 80 دولارًا للبرميل الشهر الماضي
- سياسات الرئيس بايدن هي السبب الرئيس لنقص العرض وارتفاع أسعار النفط والبنزين
- بايدن ألغى إعادة افتتاح مصفاة نفط مهمة في جزر فيرجن الأميركية
- بايدن وحزبه كانا يعرقلان زيادة طاقة تكرير النفط الأميركية منذ نحو عقدين
في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس الأميركي إلى إلقاء اللوم على تحالف أوبك+، بأنه وراء ارتفاع أسعار النفط، أكد عدد من الخبراء والمختصين أن سياسات جو بايدن دعّمت بصفة كبيرة الزيادات المتتالية في الأسعار، وتراجع الإنتاج.
يوم الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، عرض الرئيس الأميركي على منتجي النفط الأميركيين سعر 70 دولارًا للبرميل لإعادة ملء احتياطي النفط الإستراتيجي.
وفي الشهر الماضي، وردت أنباء عن أن مساعدي بايدن عرضوا على تحالف أوبك+ سعر 80 دولارًا للبرميل، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأعلن الرئيس بايدن -بعد ظهر الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول- بيع 15 مليون برميل إضافي من احتياطي النفط الإستراتيجي الأميركي، وعزمه سحب المزيد من النفط هذا الشتاء.
سياسة بايدن بشأن أسعار النفط
قال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه كان يبذل قصارى جهده لخفض أسعار البنزين منذ الغزو الروسي لأوكرانيا الذي تسبّب في ارتفاع أسعار النفط، حسبما نشر الكاتب الصحفي الأميركي المهتم بقضايا البيئة وتغير المناخ، مايكل شلنبرغر، في مدونته الشخصية، في 19 أكتوبر/تشرين الأول.
وقال مايكل شلنبرغر إن ما قاله بايدن غير صحيح، لأن الرئيس الأميركي أجَّر أراضي عامة ومياهًا بحرية أقل من أي رئيس منذ الحرب العالمية الثانية.
وأوضح أن بايدن ألغى إعادة افتتاح مصفاة نفط مهمة في جزر فيرجن الأميركية، مشيرًا إلى أن بايدن منع استثمارات القطاع الخاص في إنتاج النفط والغاز، من خلال سحب كميات من احتياطي النفط الإستراتيجي أكثر من أي رئيس في التاريخ الأميركي.
ويتساءل شلنبرغر عن الفائدة من إنتاج كميات إضافية من النفط والغاز إذا كان رئيس الولايات المتحدة -الذي وعد مرارًا وتكرارًا "بالتخلص من الوقود الأحفوري"- يُضعِف موقف شركات النفط والغاز في السوق.
أسعار البنزين في أميركا
لا تُعَدّ سياسات بايدن السبب الوحيد لارتفاع أسعار البنزين، لأن سعة التكرير في الولايات المتحدة كانت تتراجع منذ عقود، بحسب الكاتب الصحفي والمؤلف الأميركي المهتم بقضايا البيئة وتغير المناخ، مايكل شلنبرغر.
وأشار شلنبرغر إلى أن الغزو الروسي لأوكرانيا دفع الرئيس بايدن في مارس/آذار إلى حظر واردات النفط والغاز الطبيعي الروسية إلى الولايات المتحدة.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، وعلى الرغم من الجهود المضنية التي بذلتها إدارة بايدن، قررت الدول المنتجة للنفط في تحالف أوبك+ خفض إنتاج النفط.
أزمة نقص المعروض
قال الكاتب الصحفي الأميركي المهتم بقضايا البيئة وتغير المناخ، مايكل شلنبرغر، إن سياسات الرئيس بايدن هي السبب الرئيس لنقص المعروض وما ينتج عنه من ارتفاع أسعار النفط والبنزين.
وأوضح شلنبرغر أن الولايات المتحدة تنتج نفطًا في يوم واحد أكثر مما استوردته من روسيا في فبراير/شباط.
وبيّن أن سحوبات بايدن المستمرة من احتياطي النفط الإستراتيجي تقف جزئيًا وراء خفض أوبك+ للإنتاج.
وأضاف أن بايدن وحزبه كانوا يعرقلون زيادة طاقة تكرير النفط منذ ما يقرب من عقدين.
وقال بايدن إنه سيشتري النفط من المنتجين الأميركيين لإعادة ملء احتياطي النفط الإستراتيجي فقط عندما ينخفض السعر إلى 70 دولارًا للبرميل أو أقل، وفق المعلومات التي رصدتها منصةالطاقة المتخصصة.
في العام الماضي، ناشدت إدارة بايدن المملكة العربية السعودية إنتاج المزيد من النفط، ورفعت بعض العقوبات عن فنزويلا.
وفي سياق متصل، وعند سؤالها عما إذا كان بايدن قد التقى أو يفكر في الاجتماع بمسؤولين تنفيذيين في قطاع النفط والغاز، أكدت السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، أنه لم يفعل ذلك.
وقالت جان بيير: إن وزارة الطاقة عقدت عدة اجتماعات مع شركات النفط بشأن ما يمكننا القيام به لخفض الأسعار، مشيرة إلى أن بعض مسؤولي البيت الأبيض حضروا تلك الاجتماعات أيضًا.
وبيّن مايكل شلنبرغر أن بايدن هاجم مجددًا شركات النفط الأميركية، يوم الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول، وتساءل عن سبب تركُّز غضب بايدن، غير المبرر، على شركات النفط الأميركية.
محاولة ضبط أسعار النفط
بعد ما يقرب من عام من بيع مخزونات النفط الخام الإستراتيجية في محاولة لضبط أسعار النفط، تمهّد إدارة بايدن الطريق لوضع حد أدنى لأسعار النفط.
وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، يوم الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، إن وزارة الطاقة الأميركية ستعيد شراء النفط بنحو 70 دولارًا للبرميل.
ويُعَدّ هذا السعر أكثر رواجًا من سعر خام غرب تكساس الوسيط (دبليو تي آي)، الذي يتراوح بين 67 و72 دولارًا كما حدده كبار المسؤولين، يوم الثلاثاء 18 أكتوبر/تشرين الأول، وفقًا لما نشر موقع شركة معلومات الطاقة إنرجي إنتليجنس (energyintel) في 19 أكتوبر/تشرين الأول.
في المقابل، يأمل المسؤولون في أن "تأكيدات الشراء بسعر 70 دولارًا للبرميل تمكّن شركات النفط من الاستثمار لزيادة الإنتاج الآن"، كما قال بايدن يوم الأربعاء.
في سعيها لدعم أسلوب الشراء الجديد، أنجزت وزارة الطاقة إجراء جديدًا هذا الأسبوع سيسمح لها بإجراء عمليات شراء بسعر ثابت.
منتجو النفط الصخري
يُحدّد نطاق السعر حيث يربح منتجو النفط الصخري المال، وترى شركة معلومات وأبحاث الطاقة إنرجي إنتليجنس أن تكاليف تعادل التدفق النقدي الحر لكل برميل من النفط الصخري في نطاق 60 دولارًا.
من ناحيتهم، كان الشركات والمستثمرون مترددين في تسريع نمو الإنتاج العام الماضي على الرغم من ارتفاع الأسعار.
ولم تعدّل الشركات المتداولة -علنًا- خططها عندما تخطى سعر خام غرب تكساس الوسيط 80 دولارًا للبرميل في أواخر عام 2021، ولا حتى بعد أن أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى تجاوز 120 دولارًا للبرميل.
ومن غير الواضح ما إذا كانت إدارة بايدن تبحث عن زيادة الإنتاج بما يتجاوز ما هو متوقع بالفعل، أو إذا كان المسؤولون يحاولون فقط تجنّب المخاطرة بأن سحب كميات إضافية من الاحتياطي النفطي الإستراتيجي، في غياب الوعد بالتجديد، من شأنه أن يدفع المنتجين إلى زيادة الإنتاج.
دوافع التحوط
يرى المحللون أن نطاق السعر المقترح يتناسب مع أنماط التحوط لمنتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة.
وعندما يرتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط أكثر من 70 دولارًا للبرميل، يصبح المنتجون أقل احتمالًا لبيع إنتاجهم المستقبلي عبر السوق المالية ويفضّلون التعرض للأسعار في السوق الفورية. من ناحية ثانية، تنخفض الرغبة في التحوط أكثر عندما يزيد خام غرب تكساس الوسيط على 100 دولار/برميل.
وفي يونيو/حزيران 2021، عندما ارتفع خام غرب تكساس الوسيط بأكثر من 70 دولارًا للبرميل، باع المنتجون 760 مليون برميل من الإنتاج المستقبلي مقدمًا لتأمين التدفق النقدي، وفقًا لما نشر موقع شركة معلومات الطاقة إنرجي إنتليجنس (energyintel) في 19 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي بداية يوليو/تموز 2022، مع زيادة خام غرب تكساس الوسيط على 100 دولار/برميل، انخفض هذا الحجم إلى 399 مليون برميل.
في الوقت الحالي، باع المنتجون 425 مليون برميل من الإنتاج الآجل باستخدام العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط وعقود الخيارات.
وعلى غير العادة، باع المنتجون 32 مليون برميل إضافية من الإنتاج المستقبلي بعد اجتماع أوبك+ في 5 أكتوبر/تشرين الأول، مع ارتفاع خام غرب تكساس الوسيط -لمدة وجيزة- فوق 90 دولارًا للبرميل، اعتقادًا منهم بأن هذه الأسعار قد لا تعود في أي وقت قريب.
وجرى تداول خام غرب تكساس الوسيط عند نحو 83 دولارًا للبرميل يوم الأربعاء 19 أكتوبر/تشرين الأول.
بدورهم، يتحوّط المنتجون أقل مما فعلوا في المرة الأخيرة، التي بلغ فيها سعر خام غرب تكساس الوسيط 80 دولارًا للبرميل قبل عام، عندما كانت أسعار النفط في طريقها إلى الارتفاع.
حينذاك، أدى سعر برميل النفط بقيمة 80 دولارًا إلى زيادة بمقدار 580 مليون برميل في المبيعات الآجلة.
وعندما استمرت أسعار خام غرب تكساس الوسيط في الارتفاع وتجاوزت 100 دولار/برميل، قرر المنتجون زيادة تعرضهم للسوق الفورية.
عمليات إعادة الشراء
يرى المحللون أن الحد الأدنى للأسعار البالغ 70 دولارًا للبرميل، الذي اقترحته إدارة بايدن، يعني أن عمليات إعادة شراء احتياطي النفط الإستراتيجي ما تزال على الأرجح بعيدة.
وعلى الرغم من أن العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط ليست مؤشرًا دقيقًا للأسعار، فإنها لا تنخفض إلى نطاق إعادة الشراء المستهدف من 67 دولارًا إلى 72 دولارًا للبرميل حتى يوليو/تموز 2024.
ويُعَدّ هذا النطاق أعلى من أسعار العقود الآجلة التي تُتداول حاليًا بدءًا من منتصف عام 2026 تقريبًا فصاعدًا.
ومع أن الحد الأدنى للأسعار يوفّر -من الناحية النظرية- الدعم على المدى المتوسط، فقد لا يؤثر في سلوك شركات الحفر والتنقيب في المدى القريب.
اقرأ أيضًا..
- 3 دول تسبق المغرب والجزائر في مشروع نقل الهيدروجين عبر خطوط الغاز
- العلاقات السعودية الأميركية.. أبرز 5 ملامح بعد قرار أوبك+ (تقرير)