تحركات الغرب لتقييد صادرات النفط الروسي مهددة بالفشل.. وهذه هي الأسباب
مي مجدي
مع اقتراب دخول قرار الحظر الأوروبي لصادرات النفط الروسي حيز التنفيذ في 5 ديسمبر/كانون الأول (2022)؛ من المتوقع أن تبحث موسكو عن طرق للتحايل على العقوبات وسقف الأسعار الذي أقرته مجموعة دول الـ7.
ومن وجهة نظر اللاعبين في الصناعة وأحد المسؤولين الأميركيين؛ بإمكان روسيا الحصول على عدد كافٍ من الناقلات لشحن النفط الروسي متخطية نطاق سقف الأسعار الجديد لمجموعة الـ7، ويسلط ذلك الضوء على عدم جدوى الخطة الطموحة لكبح إيرادات موسكو في زمن الحرب، حسب وكالة رويترز.
فقد اتفقت مجموعة الـ7، في شهر سبتمبر/أيلول (2022)، على الحد من صادرات النفط الروسي بسعر منخفض بحلول 5 ديسمبر/كانون الأول المقبل؛ ما أثار حالة من القلق بين اللاعبين الرئيسين في صناعة النفط، والخوف من أن تؤدي هذه الخطوة إلى شل حركة التجارة العالمية.
وأدت أشهر من المباحثات بين الولايات المتحدة وشركات التأمين والتجارة والشحن إلى تهدئة المخاوف المتعلقة بتعرضها للعقوبات، إلا أن أغلب الأطراف تدرك -حاليًا- أن روسيا قادرة على التحايل على هذه الخطة باستخدام سفنها وخدماتها.
تفاؤل أميركي
قال مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية إنه ليس من غير المعقول استمرار تدفق 80-90% من النفط الروسي خارج آلية الحد الأقصى، ومن ثم يمكن حصر صادرات النفط الروسي والمشتقات المكررة بين مليون أو مليوني برميل يوميًا في حالة رفض الدولة الموافقة على سقف الأسعار.
وأضاف المسؤول أن الولايات المتحدة تدرك أن بعض السفن غيّرت بلدان المنشأ والكيانات التجارية؛ للتحايل على الخطة.
وأشار إلى أن روسيا ستتكبد تكاليف ضخمة؛ حيث ستضطر للقيام برحلات أطول، وتركها دون المستوى المطلوب من التأمين والتمويل، وهو ما يجعل الولايات المتحدة متفائلة بأن روسيا ستضطر إلى البيع ضمن سقف السعر مع الوقت.
وصدّرت روسيا أكثر من 7 ملايين برميل يوميًا، في سبتمبر/أيلول (2022)، وقد تترك الخطة روسيا في مواجهة صعوبات مالية وفنية، لكنه قد يحرم العالم من 1-2% من الإمدادات العالمية في وقت يزداد فيه التضخم وخطر الركود يلوح في الأفق.
أسطول الظل
قال الرئيس العالمي لقسم الشحن الرطب في شركة ترافيغورا، أندريا أوليفي، إنه من الناحية النظرية يوجد أسطول ظل ضخمًا يكفي لمواصلة تدفقات صادرات النفط الروسي بعد 5 ديسمبر/كانون الأول (2022).
وأضاف أن الكثير من سفن الظل ستتمكن من التأمين الذاتي أو سيكون لديها تأمين حماية وتعويض من روسيا.
ويرى بنك جي بي مورغان أن تأثير سقف الأسعار ضئيل؛ حيث تتجنب روسيا الحظر من خلال حشد السفن الصينية والهندية وسفنها، مضيفًا أن صادرات النفط الروسي قد تنخفض في ديسمبر/كانون الأول (2022) بنحو 600 ألف برميل فقط مقارنة بشهر سبتمبر/أيلول الماضي.
واتفق رئيس قسم الاقتصاد في بنك جوليوس باير، نوربرت روكر، مع هذا الرأي، مضيفًا أنه إلى جانب السفن هناك حالة حراك لتوفير الخدمات اللازمة للحفاظ على تدفق صادرات النفط الروسي.
وقال روكر إنه لم يعد التجار الذين يتداولون النفط الروسي موجودين في سويسرا أو جنيف أو لندن، بل أكثرهم من الشرق الأوسط.
واستطرد موضحًا: "إذا نظرت إلى المشترين الآسيويين للنفط، بالإضافة إلى السفن والتأمين، يبدو أنها تأتي بشكل متزايد من آسيا".
موقف صناعة التأمين
في غضون ذلك، سوّقت الولايات المتحدة اتفاق مجموعة الـ7 لفرض سقف سعر للنفط الروسي في سبتمبر/أيلول (2022) للاعبين في الصناعة على أنه بمثابة صمام أمان لقرار حظر الإمدادات الروسية الذي أقره الاتحاد الأوروبي في يونيو/حزيران الماضي.
وتغطي نوادي الحماية والتعويض التي تلتزم بقانون الاتحاد الأوروبي، تأمين نحو 95% من أسطول ناقلات النفط في العالم؛ ما يعني أن خطة الاتحاد الأوروبي كان بإمكانها وقف معظم صادرات النفط الروسي.
وربما يكون ذلك قد انعكس على البلدان التي فرضت العقوبات؛ حيث دفع القرار إلى ارتفاع أسعار الطاقة وخلق أزمة معيشية غير مسبوقة، مع اقتراب ركود عالمي محتمل.
وما زال المسؤولون في صناعة التأمين والشحن معرضين لخطر العقوبات التي يمكن أن تقلب التجارة رأسًا على عقب حتى مع تحديد سقف للأسعار بصفته حلًا بديلًا.
ووافق الاتحاد الأوروبي على سقف الأسعار، خلال الشهر الجاري، لكن التفاصيل حول تنفيذه ستصدر قريبًا.
وفي هذا الصدد، قال مسؤول أميركي إن السياسة مصممة خصيصًا للتسهيل على الشركات للتحقق أو التأكد من أن البيع جاء بسعر أقل من الحد الأقصى.
وأضاف أن الحد الأقصى لا يهدف إلى معاقبة الصناعة، وسيسمح لهم بالاحتفاظ بالشهادات وعدم إجبارهم على تقديمها إلى سجل مركزي.
وسيكون ذلك كافيًا لشركات التأمين بمطالبة مشتري النفط الروسي بالتعهد كتابيًا بأن عمليات البيع ستكون وفقًا لسقف السعر المتفق عليه أو أقل طوال مدة سريان بوليصة التأمين.
وأوضح كبير الاقتصاديين السابق في وزارة الخارجية الأميركية، دانييل آهن، أن الدول التي فرضت عقوبات على روسيا بالغت في تقدير سيطرتها على تجارة النفط العالمية، والتغييرات في سياستها تهدف إلى الحد من إلحاق الضرر بأنفسها.
اقرأ أيضًا..
- زيادة توليد الكهرباء من الشمس والرياح في أوروبا تخفّض حدة التضخم (دراسة)
- الأوروبيون يحرقون القمامة للتدفئة.. ونشطاء المناخ يحاربون الغاز (مقال)
- ألواح الطاقة الشمسية في السعودية.. أفضل الأنواع والأسعار (تقرير)