السيارات ذاتية القيادة تواجه تحديات متصاعدة.. 100 مليار دولار في مهب الريح
أمل نبيل
على مدار أكثر من عقد من الزمان، وعدت عروض براقة من شركات مثل غوغل و"جي إم" و"فورد" و"تيسلا" و"زوكس"، بقدرة السيارات ذاتية القيادة على قيادة نفسها عبر المناظر الطبيعية والطرق السريعة، وفي الطقس القاسي، دون أيّ تدخّل بشري أو إشراف.
وزعمت الشركات أنها اقتربت من القضاء على حوادث وفيات الطرق، والزحام المروري، وإحداث تغيير في صناعة السيارات العالمية البالغة تريليوني دولار، وعلى الرغم من ذلك، من النادر -حاليًا- أن تصادف سيارة ذاتية القيادة في الطريق، وفقًا لبلومبرغ.
وبعد مرور 6 سنوات من إعلان الشركات إمكان تسيير السيارات ذاتية القيادة وحدها، وما يقرب من 20 عامًا بعد العروض التجريبية الأولى للقيادة الذاتية، هناك عدد قليل جدًا من هذه المركبات على الطرق، وفق ما رصدته منصّة الطاقة المتخصصة.
وتميل السيارات ذاتية القيادة إلى أن تكون محصورة في عدد قليل من الأماكن في (صن بيلت) -حزام الشمس الأميركي-، لأنها ما زالت غير قادرة على التعامل مع أجواء الطقس الأكثر تعقيدًا.
تحديات تواجه السيارات ذاتية القيادة
تقوم تقنية عمل السيارات ذاتية القيادة على الاستغناء عن القيادة البشرية وأدواتها، مثل عجلة القيادة والمكابح، بهدف الحدّ من حوادث الطرق البشرية ودعم الفئات غير القادرة على القيادة الآمنة مثل كبار السن وفاقدي البصر.
وتضم هذه السيارات مقعدين متواجهين يتّسمان بالطول؛ ما يجعلها مؤهلة لركوب 4 أشخاص.
وتكافح السيارات الألية، الأبنية والحيوانات والمخاريط المرورية ورجال المرور، وما يسمى بالمنعطفات اليسرى.
في وقت سابق من هذا العام (2022)، استدعت شركة "كروز"، المملوكة لجنرال موتورز، جميع مركباتها ذاتية القيادة بعد أن تسبَّب عدم قدرة إحدى السيارات على الانعطاف يسارًا بوقوع حادث في سان فرانسيسكو، أدى إلى إصابة شخصين.
وقال المتحدث باسم الشركة آرون ماكلير: "إن استدعاء سياراتها ذاتية القيادة لا يؤثّر أو يغير مخططاتنا الحالية"، وتخطط الشركة للتوسع في مدينتي "أوستن" و"فينيكس" الأميركيتين خلال العام الجاري (2022).
وفي مارس/آذار من العام الجاري، قررت شركة جنرال موتورز الأميركية لتصنيع السيارات شراء حصة صندوق "فيجن" التابع لمجموعة سوفت بانك اليابانية في وحدة "كروز" لتصنيع السيارات ذاتية القيادة بنحو 2.1 مليار دولار؛ ما رفع حصتها في أسهم الشركة إلى 80%.
ويَعرِض العديد من مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو للسيارات ذاتية القيادة التي تواجه مواقف مربكة لا يمكنها السيطرة عليها.
في أحد المقاطع، تصاب سيارة "وايمو" بالارتباك الشديد بسبب مخروط مروري، لدرجة أنها تبتعد عن الفني المرسل لإنقاذها، بينما يُظهر مقطع آخر أسطولًا كاملًا من سيارات "شيفروليه بولتس" المعدلة، متوقفًا في تقاطع طرق؛ ما يعوق حركة المرور.
وفي مقطع ثالث، تصطدم سيارة تيسلا ذاتية القيادة بذيل طائرة خاصة.
عملية احتيال
على الرغم من ضخ 100 مليار دولار استثمارات في السيارات ذاتية القيادة، فإن الخبراء يرون أن هذه المركبات تحتاج إلى عقود أطول للسير على الطرق، أو ربما لن تكون قادرة على ذلك إلى الأبد.
وتعترض شركة وايمو على مزاعم فشل هذه التقنية، مؤكدةً أن سيارتها ذاتية القيادة "تلتزم بقواعد الطريق نفسها التي يتعين على أيّ سيارة اتّباعها".
وقال رئيس شركة "كوما" جورج هرتز، الذي تصنع شركته نظامًا لمساعدة السائق مشابهًا لنظام الطيار الآلي لشركة تيسلا: "هذه عملية احتيال، لقد بددت هذه الشركات عشرات المليارات من الدولارات".
في عام 2018، قدّر المحللون القيمة السوقية لشركة وايمو، التي كانت آنذاك تابعة لشركة ألفابت، بنحو 175 مليار دولار، وحصلت الشركة في أحدث جولاتها التمويلية على نحو 30 مليار دولار، وهو التمويل نفسه -تقريبًا- الذي تلقّته شركة كروز.
وخسرت شركة أرورا -وهي شركة ناشئة شارك في تأسيسها كريس أورمسون، الرئيس السابق للمركبات ذاتية القيادة في غوغل- أكثر من 85% منذ العام الماضي، وتبلغ قيمتها السوقية الآن أقلّ من 3 مليارات دولار.
وفي سبتمبر/أيلول (2022)، كشفت مذكرة مسرّبة، معاناة شركة (أرورا) في توفير التدفقات النقدية، مشيرةً إلى احتمال بيعها إلى شركة أكبر.
ولاقت العديد من الجهود الواعدة في الصناعة المصير نفسه، السنوات الأخيرة، بما في ذلك "درايف"، و"فوياغ" و"زوكس"، وقسم القيادة الذاتية في شركة أوبر.
ويقول المحلل في شركة أبحاث السوق "غارتنر إنك"، مايك رامزي: "على المدى الطويل، أعتقد أنه سيكون لدينا مركبات ذاتية القيادة يمكننا شراؤها، لكننا سنكون كبار السن".
وخسرت الشركات الناشئة في مجال السيارات والشاحنات ذاتية القيادة 40 مليار دولار في تقييم سوق الأسهم على مدار العامين الماضيين، وفقًا لتحليل أجراه موقع كرونشباس الذي يراقب تقييمات الشركات الناشئة.
وتراجعت القيمة السوقية للشركات الناشئة في مجال السيارات المستقلة التي تتبّعها الموقع بنسبة 81% من قيمتها، من 51 مليار دولار عند دخولها سوق الأسهم إلى القيمة الدفترية الحالية البالغة 9.16 مليار دولار فقط، بحسب فوربس.
حوادث المرور
تعدّ وفيات المرور نادرة الحدوث في الولايات المتحدة، إذ تصل إلى شخص واحد لكل 100 مليون ميل، وفقًا للإدارة الوطنية لسلامة المرور على الطرق السريعة.
وعلى الرغم من أن معظم الحوادث التي أبلغت عنها السيارات ذاتية القيادة كانت طفيفة، فإن البيانات تشير إلى تورُّط هذه المركبات في الحوادث بشكل متكرر أكثر من العنصر البشري، مع انتشار الاصطدامات الخلفية بشكل خاص.
ويقول محلل شركة أبحاث السوق غارتنر، مايك رامزي: "المشكلة هي أنه لا يوجد أيّ اختبار لمعرفة ما إذا كانت السيارة ذاتية القيادة آمنة للعمل؛ إنها في الغالب مجرد قصص".
وقالت "إيمو" الشركة الرائدة في السوق، العام الماضي (2021)، إنها قطعت أكثر من 20 مليون ميل على مدى عقد من الزمان،
هذا يعني أن سياراتها ستضطر إلى قيادة 25 ضعفًا إضافيًا لها، قبل التمكّن من الحكم على درجة أمانها.
وتعتزم بريطانيا دعم انتشار السيارات ذاتية القيادة عبر حزمة تشريعات ومخصصات تمويلية، تمهيدًا لبدء انتشارها على الطرق العامة والكبيرة العام المقبل (2023)، وتوسعة نطاقها بحلول عام 2025.
وقُدّر تمويل خطة الانتشار المستهدفة خلال السنوات الـ3 المقبلة بنحو 100 مليون جنيه إسترليني (118.300 مليون دولار أميركي)، خُصص جانب كبير منها لأبحاث السلامة، وفق ما نشرته رويترز.
وفي مطلع العام الجاري، أعلنت الصين أنها على وشك إنتاج سيارات كهربائية دون سائق بحلول عام 2024، في حين إن المنافسة قد تشتد بأسواق تلك السيارات خلال الأعوام القليلة المقبلة.
موضوعات متعلقة..
- بريطانيا تدعم السيارات ذاتية القيادة بحزمة تشريعية وتمويلية
- السيارات ذاتية القيادة.. تقرير يكشف استعدادات السعودية لأحدث تقنيات المركبات
- أميركا تواجه اعتراضات واسعة بشأن استخدام السيارات ذاتية القيادة
اقرأ أيضًا..
- خطوة للعالمية.. المغرب يطوّر بطاريات السيارات الكهربائية القائمة على الفوسفات
- بايدن يستعين باحتياطي النفط الإستراتيجي لتهدئة الأسعار قبل انتخابات الكونغرس
- محطة فريبورت للغاز المسال تستعد لإطلاق خط تسييل رابع