لأول مرة.. استخدام ميكروبات آكلة للنفط لإنتاج الهيدروجين من الآبار المستنفدة (تجربة ميدانية)
"سمفيتا" الأمريكية تنجح في أولى تجاربها الميدانية بنتائج غير متوقعة
محمد خلف
أجرت شركة سمفيتا الأمريكية تجربة ميدانية بإلقاء عينة اختبار من ميكروبات آكلة للنفط في أحد الحقول المستنفدة التابعة لشركة تعمل في حوض برميان لإنتاج النفط الواقع غرب تكساس.
وتستهدف سمفيتا بقايا النفط في الآبار المستنفدة، كي تحولها إلى مزارع هيدروجين بيولوجية من خلال الميكروبات الآكلة للنفط.
ويأتي الإنجاز الجديد امتدادًا لتجربة إنسانية قديمة، إذ نجح الإنسان منذ القِدم في تسخير الكائنات الحية الدقيقة بنوعيها -وحيدة الخلية ومتعددة الخلايا-، ومن ذلك تخمير أقدم أنواع الجِعَة منذ ما يقرب من 13 ألف عام.
واستُخدمَ ميكروب الخميرة في إعداد السكريات والنشويات منذ 7 آلاف عام قبل الميلاد، بالإضافة إلى قدرته على إفراز ثاني أكسيد الكربون والإيثانول، بحسب ما جاء في موقع نيو أطلس.
ووصف عالم الكيمياء الفرنسي لويس باستير، تأثير الخميرة في سكر الجلوكوز، برجل يزن 200 باوند يقطع مليوني باوند من الخشب على مدار يومين.
آبار النفط المستنفدة
في ظل تطوُّر علم الهندسة الوراثية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح من السهل على العلماء تحديد أجزاء الكود الجيني المسؤول عن تشكيل سلوك الميكروب، والعمل على مضاعفته في سبيل تحفيز الكائنات الحية الدقيقة؛ للحصول على أفضل أداء ممكن في العمليات المنشودة.
وفي هذا الإطار، تهتم شركة سمفيتا بعمل الميكروبات، التي تتغذّى على الهيدروكربونات وبالتحديد النفط الخام، إذ تفرز الميكروبات الآكلة للنفط ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين عبر جدران خلاياها.
وتشبه آبار النفط دورة حياة الإنسان، إذ تقدِّم في بداية اكتشافها أعلى معدلات للإنتاج، ومع الوقت يتضاءل تدريجيًا حتى يصل لمرحلة عدم تغطيته لتكلفة استخراج المتبقي منه، وبذلك تصبح البئر مستنفدة.
استخراج الهيدروجين
تقوم عملية استخراج الهيدروجين من آبار النفط المستنفدة عن طريق ضخ الميكروبات -المطورة جينيًا لهذ الغرض- إلى الأعماق عبر مياه مُعاد تدويرها.
وتبدأ الميكروبات في التغذي على بقايا النفط الموجودة بالبئر والتكاثر، ومن ثم تفرز الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون.
ويأتي دور سمفيتا في التقاط الغازات المنبعثة، والعمل على فصلها إلى هيدروجين لمعالجته وبيعه، وثاني أكسيد الكربون لتخزينه، كما تعمل الشركة على ضخ العناصر الغذائية والمثبطات إلى أعماق البئر، لتوفير الظروف الملائمة للعملية.
مضاعفة جينات الميكروب
صرّحت الشركة -عبر موقعها الرسمي- بأنها تشارك نشاطها مع هيئات ومنظمات أخرى، مثل منظمات حماية البيئة، فيما يتعلق بتطبيق الأبحاث والتعديلات الجينية على الميكروبات.
وتعمل سمفيتا على تعزيز قدرات الكائنات الحية الدقيقة، من خلال مضاعفة جيناتها الموجودة، ورفضت الشركة الأمريكية وصف الميكروبات بالمعدلة وراثيًا.
ووضعت الشركة الهدف الاقتصادي نصب أعينها، إذ تستهدف إنتاج الهيدروجين بتكلفة أقل من دولار أميركي واحد.
مصدر جديد لإنتاج الهيدروجين
تجاوزت الميكروبات الآكلة للنفط كل التوقعات، إذ شهد أداؤها تحسنًا بمعدل ست مرات ونصف المرة أعلى عما كان مُستهدفًا، بحسب ما جاء في تصريحات سمفيتا عبر موقعها الرسمي.
من جانبه، قال مدير "جولد إتش 2"، زاك بروسارد، إن الشركة استطاعت في إطار زمني قصير نقل الميكروبات الآكلة للنفط من المختبر إلى أعماق الآبار، وإنها تجاوزت كل التوقعات على مستوى إنتاج الهيدروجين.
ويُنتج "جولد إتش 2" بيولوجيًا في باطن الأرض، وهو مصدر جديد لإنتاج الهيدروجين المحايد كربونيًا المستخرج من آبار النفط المستنفدة.
وأشارت سمفيتا إلى أن أهداف اتفاقيات باريس للمناخ ستتحقق من خلال إبقاء نحو 60% من احتياطيات النفط المعروفة في العالم تحت الأرض، للتخفيف من آثار الانبعاثات الكربونية، والأضرار البيئية.
مخاوف الإضرار بالبيئة
تواجه الشركة الأمريكية سمفيتا بعض التحديات التنظيمية، إذ ستحتاج إلى إقناع المنظمات البيئية بأن الميكروبات الآكلة للنفط آمنة للاستخدام، ولن تخلف أي أضرار بيئية.
وكذلك السيطرة على ثاني أكسيد الكربون المصاحب للهيدروجين، وهذا ما يجعل الشركة الأميركية لا تسمي منتجها النهائي الهيدروجين الأخضر، في حين تطلق عليه اسم "جولد إتش 2".
وتقوم العملية على التقاط الكربون واحتجازه للتأكد من أن الهيدروجين الناتج محايد كربونيًا، وهذا ما قد يقلل المبيعات على المدى الطويل.
وتوجد بعض التحديات الاقتصادية المتعلقة بشراء آبار النفط المستنفدة، وفي حالة عدم القدرة على الشراء ستلجأ سمفيتا إلى التعاون مع شركات النفط لتتمكن من ضخ ميكروباتها، للحصول على الهيدروجين.
اكتشافات وأبحاث سابقة
لم تكن الأبحاث والاكتشافات الأولى من نوعها على الكائنات الدقيقة الآكلة للنفط، إذ كان الأستاذ بمعهد ماكس بلانك لعلم الأحياء الدقيقة، رافائيل لاسو بيريز، قد اكتشف من خلال عينة أخذت من حقل شينغلي للنفط في الصين، أن هناك نوعًا من البكتيريا لديها القدرة على أكل النفط وإفراز غاز الميثان وغيره من مكونات الغاز الطبيعي.
ووجد العلماء بكتيريا يمكنها أن تحلل النفط، وتحول في الوقت نفسه مشتقاته المتحللة إلى غاز الميثان وهيدروكربونات غازية أخرى عند درجات حرارة تزيد على 50 درجة مئوية فوق الصفر.
كما لاحظ العلماء ميزات إضافية للميكروبات، إذ استخرجت الطاقة من سلاسل طويلة للهيدروكربونات المشبعة، التي لا قيمة لها في تكرير النفط، كما تحلل الهيدروكربونات العطريّة والحلقيّة، وهو أمر غير ممكن عند كل الميكروبات الأخرى "الآكلة للنفط".
موضوعات متعلقة..
- هل تكون آبار النفط والغاز الناضبة حلًا لتخزين الطاقة المتجددة؟
- لأول مرة.. أستراليا تستعد لتخزين الهيدروجين في حقول النفط والغاز القديمة
- الأول من نوعه.. الإعلان عن مشروع ضخم لتخزين الكربون بحريًا
اقرأ أيضًا..
- أكبر شركة منتجة للكهرباء في ألمانيا تتخلى عن الفحم بحلول 2030
- 4 دول تقود مشروعات خطوط أنابيب نقل النفط عالميًا (تقرير)
- وظائف الطاقة المتجددة عالميًا تنمو لمستوى قياسي (إنفوغرافيك)