المقالاترئيسيةسلايدر الرئيسيةمقالات النفطنفط

إيران ستواصل إرسال الوقود إلى لبنان.. وأميركا تغضّ الطَّرْف (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • يستخدم العديد من اللبنانيين مولدات الديزل لتزويدهم بالكهرباء المطلوبة
  • • لا ينبغي أخذ ادّعاء تصدير البنزين المجاني إلى لبنان على محمل الجد
  • • العراق وأفغانستان والإمارات العربية المتحدة أصبحت مؤخرًا وجهات تصدير البنزين الإيرانية
  • • سوق لبنان وسوريا أصبح منصة مناسبة جدًا لصادرات إيران من البنزين والغاز المسال
  • • لبنان لا يستطيع تحمّل تكاليف الوقود المستورد، حتى لو أراد ذلك

منذ عدّة عقود، وقبل التفكير في الاستيراد من إيران، يعاني لبنان أزمة نقص الكهرباء، تفاقمت منذ عام 2019 في أعقاب الأزمة الاقتصادية المحلية وتلاشي احتياطات البلاد من النقد الأجنبي وتراجع قيمة العملة الوطنية، إذ عجزت الحكومة عن شراء الوقود وتوفير الدعم اللازم له.

على ضوء ذلك، واجه استيراد الوقود لمحطات الكهرباء الحكومية مشكلات عديدة، وأصبحت معظم مناطق لبنان تحصل على الكهرباء التي تُوَفَّر محليًا لمدة ساعة أو ساعتين يوميًا فقط، ويستخدم العديد من اللبنانيين مولدات الديزل لتزويدهم بالكهرباء المطلوبة.

في منتصف سبتمبر/أيلول من العام الجاري (2022)، قال مصدران بالحكومة اللبنانية، لوكالة رويترز، إن لبنان سيرسل وفدًا إلى طهران للتفاوض بشأن الوقود المجاني.

وبحسب هذا التقرير، عرض السفير الإيراني في بيروت، مجتبى أماني، الوقود على حكومة رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي.

وبحسب صحيفة "الأخبار" اللبنانية، يبدو أن رئيس الوزراء نجيب ميقاتي يرفض استخدام موازنة لبنان الخاصة من صندوق النقد الدولي لتشغيل محطات الكهرباء، على الرغم من حاجة لبنان الماسّة للوقود.

في المقابل، حصل نجيب ميقاتي على "عدم اعتراض" الولايات المتحدة في قبول "الوقود الممنوح" من طهران، وهذا بالطبع مشروط بغياب التواصل السياسي في هذا الصدد.

ودفع ذلك رئيس مجلس الوزراء إلى مطالبة وزير الطاقة اللبناني وليد فياض بإرسال وفد فني من الوزارة وشركة كهرباء لبنان إلى طهران، دون أن يترأس الوزير الوفد.

على صعيد آخر، أعرب زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله، في محادثة مع شبكة "الميادين"، نشرت في 3 آب / أغسطس، عن استعداده لإيصال "وقود مجاني" إلى محطات الكهرباء اللبنانية.

الصادرات الإيرانية لمساعدة الحلفاء

الوقود الإيراني إلى لبنان
ناقلة نفط تابعة لشركة الناقلات الوطنية الإيرانية – المصدر: موقع محطة برس التلفزيونية الإيرانية

استخدمت طهران صادرات الطاقة لمساعدة حلفائها، إذ أرسلت الوقود إلى فنزويلا ولبنان، في السنوات الأخيرة.

أعلن سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في لبنان، الشهر الماضي، استعداد بلاده لإرسال الوقود عند موافقة الحكومة اللبنانية.

لكن السؤال المطروح هو: كيف يمكن لطهران تصدير البنزين إلى دول أخرى في ظل نقص 9 ملايين لتر من البنزين؟

وقال رئيس اتحاد مصدري النفط والغاز والبتروكيماويات في إيران، حميد حسيني، إنه لا ينبغي أخذ ادّعاء تصدير البنزين المجاني إلى لبنان على محمل الجد، ويبدو أن هذه الصفقة تهدف في الغالب إلى الالتفاف على العقوبات.

تجدر الإشارة إلى أن طهران زوّدت حزب الله اللبناني، سابقًا، بالوقود عبر سوريا، بما في ذلك في سبتمبر/أيلول من العام الماضي (2021)، عندما نقلت 5 ناقلات وقودًا من إيران إلى ميناء بانياس السوري (شمل 29 مليون لتر من الديزل) على مدار شهر.

بعد ذلك، نُقِلت حمولة الناقلات برًّا إلى لبنان لتجنّب العقوبات الأميركية.

وقد واجهت إيران ولبنان في السابق عقبات من الولايات المتحدة في هذا المسار لتبادل الوقود والبنزين.

وأعلن رئيس وزراء لبنان نجيب ميقاتي موافقة الولايات المتحدة بشرط عدم وجود علاقة سياسية، وبحسب جريدة "الأخبار" اللبنانية، فإن الضوء الأخضر الأميركي دفع رئيس الوزراء إلى مطالبة وزير الطاقة وليد فياض بإرسال وفد فني من هذه الوزارة وشركة الكهرباء اللبنانية إلى طهران، دون حضور الوزير على رأس الوفد.

وأصبحت دول مثل: العراق وأفغانستان والإمارات العربية المتحدة، في السنوات الأخيرة، وجهات تصدير البنزين من طهران.

وعلى الرغم من أن سوق لبنان وسوريا تُعدّ منصة مناسبة جدًا لصادرات البنزين والغاز المسال من طهران، فإن المشكلة تكمن في الوصول إلى أسواق هذين البلدين.

نقل الوقود الإيراني

بالنظر إلى عدم وجود مبرر اقتصادي لنقل الوقود عبر الحدود البرية، فمن المؤكد أن يجري ذلك عن طريق البحر، وهو ما ينطوي على عقبات.

ويتطلب تصدير الوقود بالطرق المائية عبور قناة السويس بالقرب من المياه الساحلية، وهو أمر صعب على السفن.

وتتمثل الطريقة الوحيدة لنقل البنزين برّا إلى لبنان، التي لها مبرر اقتصادي، في إعادة فتح الطريق من بغداد إلى طهران.

وتشمل هذه القضايا الـ3 مساعدة لبنان في مجال الوقود وإصلاح شبكات الكهرباء وبناء محطات توليد الكهرباء في البلاد.

علاوة على ذلك، تحاول إيران الآن توفير الكهرباء والوقود للبنان الذي يتعامل مع مشكلات كثيرة في هذه المجالات، ويسعى إلى حلّها.

مزاعم الوقود المجاني الإيراني

الوقود الإيراني إلى لبنان
شاحنات محملة بالوقود في لبنان - الصورة من موقع "تايمز أوف إسرائيل"

على هامش أعمال الدورة الـ 77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، التقى وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان بوزير الخارجية اللبناني عبد الله بو حبيب.

فيما يتعلق بشحنات الوقود التي وصلت إلى لبنان، العام الماضي، قيل، إن تجّارًا لبنانيين مقرّبين من حزب الله اللبناني اشتروها، وترددت أنباء عن أن تلك الشحنات كانت مجانية، أو على أنها "هدايا" من مسؤولين إيرانيين.

بعد أيام قليلة من وجود الوفد اللبناني في إيران، أعلنت قناة "المنار" اللبنانية موافقة إيران على تزويد لبنان بـ 600 ألف طن من الوقود.

ويرى بعض الخبراء أن الدعاية بشأن التبرع بالوقود المجاني للبنان تميل لأن تكون سياسية؛ لأن البلدين ينويان تجاوز العقوبات الأميركية بهذه الحيلة.

من ناحية ثانية، يثير الوضع الاقتصادي في لبنان تساؤلات بشأن تصريح قناة "المنار"، إذ إن خزينة الحكومة اللبنانية تراجعت إلى الحدّ الأدنى منذ العام الماضي، في أعقاب الأزمة الاقتصادية.

لذلك، لا تستطيع الدولة تحمّل تكاليف الوقود المستورد، حتى لو أرادت ذلك.

انخفاض إنتاج البنزين في إيران

صرّح رئيس اتحاد مصدّري النفط والغاز والبتروكيماويات في إيران حميد حسيني أن الإنتاج اليومي للبنزين انخفض من 105 ملايين لتر إلى 101 مليون لتر.

وأشار إلى احتمال أن تصبح إيران مستوردة للبنزين والديزل والمنتجات الكيماوية مرة أخرى، وأضاف أن إنتاج مصفاة "نجمة الخليج الفارسي" انخفض بنسبة 11%، ويتطلب تعويض عجز الإنتاج، إمّا بناء مصفاة، الأمر الذي سيستغرق 3-4 سنوات، أو استيراد البنزين، أو التحول لإنتاج البنزين من البتروكيماويات، أو التحكم في الاستهلاك والطلب.

في عام 2017، أصبحت إيران مكتفية ذاتيًا في إنتاج البنزين، مع إطلاق مصفاة "نجمة الخليج الفارسي".

وفي عام 2019، صدّرت إيران 3 مليارات دولار من البنزين، بسبب انخفاض استهلاك الوقود المحلي خلال كوفيد-19.

خلال الأسابيع الماضية، زاد استهلاك البلاد من البنزين، وأظهرت إحصاءات وزارة البترول أن إنتاج البلاد من البنزين انخفض من 107 ملايين لتر يوميًا في 2018، إلى نحو 98 مليون لتر في الأشهر الأولى من هذا العام.

ويقول حميد حسيني، الآن، إن الإنتاج انخفض إلى نحو 101 مليون لتر.

ونتيجة لتوقّف المحادثات النووية واستمرار العقوبات، لم تتمكن طهران من حلّ مشكلات صناعة الطاقة.

وإن لم يكن إرسال الوقود إلى لبنان مجانيًا، في الوضع الحالي، فلن يكون مفيدًا اقتصاديًا لطهران، إذ تفضّل طهران استخدام صادرات الطاقة لدعم حزب الله.

وإذا وُقِّعَ الاتفاق النووي قريبًا، ستواجه طهران أزمة طاقة.

علاوة على ذلك، تواجه إيران نقصًا في إنتاج الغاز الطبيعي، ومع اقتراب فصل الشتاء، يبدو أن على طهران أولًا حلّ مشكلات إنتاج البنزين، ثم التفكير في تصدير البنزين أو إرسال وقود مجاني إلى لبنان أو دول أخرى.

الدكتور أومود شوكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية والجغرافيا السياسية للطاقة، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

*هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق