هل تستطيع أوروبا التخلي عن الغاز الروسي؟.. 4 تحديات تواجه القارة في الشتاء
نوار صبح
- أسعار الغاز الطبيعي تراجعت عن مستوياتها القياسية وما تزال عند مستويات مرتفعة
- روسيا خفّضت صادرات الغاز إلى أوروبا إلى الحد الأدنى ردًا على العقوبات الدولية
- الطقس البارد وتراجع طاقة الرياح قد يؤديان إلى تقنين الكهرباء وانقطاع التيار
- انقطاعات محطات الطاقة النووية الفرنسية أدت إلى كبح توليد الكهرباء في أوروبا
تعمل الحكومات الأوروبية على صياغة إجراءات جذرية لخفض الطلب على الطاقة واستمرار الأنشطة والأعمال في فصل الشتاء لمواجهة تحدي غياب الغاز الروسي.
وهدف اجتماع وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة 9 سبتمبر/أيلول الجاري، إلى تخفيف تأثير أسوأ أزمة طاقة منذ عقود، حسب تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وكلّف وزراء الطاقة المفوضية الأوروبية بصياغة مقترحات في غضون أيام قليلة، للحد من إيرادات منتجي الطاقة غير الغازية ومساعدة شركات الطاقة على البقاء واقفة على قدميها.
ولكن في الوقت الذي سعوا فيه لحماية المواطنين من ارتفاع أسعار الطاقة الذي دفع التضخم في جميع أنحاء القارة إلى مستويات قياسية، تراجع الوزراء عن مقترحات أكثر إثارة للانقسام للحد من أسعار الغاز الروسي.
وعلى الرغم من تراجع أسعار الغاز عن مستوياتها القياسية، فإنها لا تزال عند مستويات مرتفعة، بالإضافة إلى تزايد خسائر إغلاق القطاعات الصناعية.
وقد خفّضت روسيا سابقًا صادرات الغاز إلى أوروبا إلى الحد الأدنى، ردًا على العقوبات الدولية بسبب غزوها لأوكرانيا.
وقف تدفقات الغاز الروسي
في المقابل، زاد التحرك الأخير لوقف تدفقات خط أنابيب نورد ستريم إلى ألمانيا من الضغط على دول التكتل، حسبما نشرته مؤخرًا وكالة بلومبرغ.
وعلى افتراض نجاح دول الاتحاد الأوروبي في الحد من استهلاك الغاز بنسبة مستهدفة تبلغ 15%، لا تزال التساؤلات تُطرَح بشأن ما إذا كانت مصادر الطاقة البديلة، بما في ذلك الطاقة الكهرومائية والطاقة النووية، يمكن أن تملأ الفجوة التي خلّفتها تخفيضات الغاز الروسي.
ويرى المحللون أنه من غير الواضح ما إذا كانت شحنات الغاز الطبيعي المسال -وهي بديل رئيس للإمدادات الروسية- ستظل وفيرة.
وقالت كبيرة محللي التسعير في مجموعة "دي بي غروب أوروبا"، كاتريونا ليندسي: إن الأسعار المرتفعة، وما ينتج عنها من تدمير للطلب، قد يعني في النهاية أن أوروبا ستتجنّب نفاد الغاز الطبيعي، مشيرة إلى أن التكلفة ستكون باهظة.
تحديات تواجه أوروبا في الشتاء
في التقرير التالي نستعرض عددًا من التحديات التي تواجه أوروبا خلال الشتاء المقبل، في ظل تدهور إمدادات الغاز الروسي، وهل تستطيع دول القارة العجوز العيش دون واردات الطاقة القادمة من موسكو.
خفض استهلاك الغاز
إذا حُقّق خفض استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 15%، وكان الطقس مناسبًا، فهناك احتمال أن تتمكّن القارة من التأقلم خلال موسم التدفئة هذا، حتى في حالة قطع كامل للغاز الروسي، وفقًا لتصنيفات وكالة فيتش.
علاوة على ذلك، يمثّل التوازن بين العرض والطلب تحديًا لألمانيا صاحبة القوة الاقتصادية، إذ من المتوقع أن تتقلص مخزونات الغاز لديها، ما يعني أنه لن يكون هناك ما يحول دون وقوع المفاجآت بما في ذلك البرد غير الطبيعي.
وقالت رئيسة الموارد الطبيعية والسلع في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى وكالة فيتش، أنجلينا فالافينا: "إن هامش الخطأ سيتقلّص".
وعلى الرغم من أن مواقع التخزين في ألمانيا تمتلئ بنسبة 87% تقريبًا، فإن قطع الغاز الروسي يهدد بصفة خطيرة هدفها المتمثل في الحصول على 95% بحلول بداية نوفمبر/تشرين الثاني.
وحذّر رئيس هيئة تنظيم الطاقة في وكالة الشبكة الفيدرالية الألمانية، كلاوس مولر، الشهر الماضي، من أن هذا المستوى سيغطي فقط شهرين ونصف الشهر من الطلب جرّاء توقف التدفقات الروسية.
تحدي الكهرباء
على الرغم من أن الصناعات قد خفّضت استهلاك الغاز، فإن الطلب على الوقود في توليد الكهرباء كان أعلى من المتوقع.
وعطّلت موجات الحر والجفاف الطاقات الكهرومائية هذا الصيف، في حين أدت مياه الأنهار الأكثر دفئًا وانقطاعات محطات الطاقة النووية الفرنسية إلى كبح التوليد، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال المحللون في شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي إن "توازن توليد الكهرباء في أوروبا يواجه تحديات شديدة"، نظرًا إلى غياب المرونة لتكثيف التوليد بصورة كبيرة من مصادر أخرى.
وأشاروا إلى أن الطقس شديد البرودة والرياح المنخفضة قد يؤديان إلى تقنين الكهرباء وانقطاع التيار.
الانقطاعات المفاجئة في الإمدادات
يوجد خطر كبير يتمثّل في الانقطاعات المفاجئة في الإمدادات، لا سيما حادثة محطة فريبورت للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، التي تضررت بسبب حريق في يونيو/حزيران، وفق ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وأدى الحادث إلى انخفاض ملحوظ في إجمالي الصادرات من البلاد؛ التي كانت في متناول أوروبا هذا الصيف وسط طلب ضعيف من الصين، لكن انخفاض الصادرات قد يكون ضارًا جدًا في الشتاء.
وعلى الرغم من أن المحطة تعتزم إعادة التشغيل بين أوائل إلى منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، فإن التجار يخشون احتمال تمديد انقطاع الإمدادات.
عامل الطقس
يُعدّ الطقس أكثر العوامل التي لا يمكن التنبؤ بها، إذ كان الشتاء الماضي معتدلاً نسبيًا، تاركًا أوروبا مع مخزونات وقود أعلى من المتوقع.
وتظهر توقعات شهر أكتوبر/تشرين الأول، عندما يبدأ موسم التدفئة، أن درجات حرارة ستكون أعلى من المعدل الطبيعي، حسبما نشرت وكالة بلومبرغ في 9 سبتمبر/أيلول الجاري.
وفي حال واجهت أوروبا بردًا قارسًا مشابهًا لعام 2012، الذي كان أبرد شتاء في السنوات الـ10 الماضية، فإن الطلب على الغاز في المنطقة سيكون نحو 20 مليار متر مكعب، أو 5% من الاستهلاك السنوي المعتاد، أعلى من الافتراضات الحالية، وفقًا لوكالة فيتش.
وقالت رئيسة الموارد الطبيعية والسلع في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا لدى وكالة فيتش، أنجلينا فالافينا: إن هذا يعني توازنًا أكثر صعوبة بين العرض والطلب في عام 2023.
اقرأ أيضًا..
- أنس الحجي: النفط الروسي الرخيص أصبح هدفًا لدول مجموعة الـ7 (تقرير)
- بالأرقام والخرائط.. خطوط أنابيب نقل الغاز الروسي إلى أوروبا بعد إغلاق نورد ستريم 1 (تقرير)
- غاز حقل أنشوا المغربي سيتدفق إلى أوروبا في "الأنبوب السابق للجزائر"