أوروبا تقترب من فرض سقف لأسعار الغاز الروسي.. وبوتين يهدد بقطع الإمدادات
اتفاق روسيا والصين على الدفع بـ"الروبل واليوان".. والتغيير يمتد إلى تركيا
هبة مصطفى
يبدو أن الصراع بين موسكو والغرب باستخدام الغاز الروسي سلاحًا يزداد اشتعالًا، إذ جاء ردّ الكرملين على التصعيدات الغربية الأخيرة ضدّه حادًا، بعد أن هدد الرئيس فلاديمير بوتين الغرب بـ"التجمُد" خلال الشتاء، وفق تصريحات نقلتها عنه رويترز قبل قليل.
يأتي ذلك في حين أعلنت شركة غازبروم الروسية تغيير عملة التدفقات لكل من الصين وتركيا إلى الروبل.
وجاءت تصريحات بوتين شديدة اللهجة، اليوم الأربعاء 7 سبتمبر/أيلول، ردًا على مقترح المفوضية الأوروبية بتحديد سقف لسعر تدفقات الغاز من موسكو (تسعير الغاز الروسي)، أسوة بقرار مجموعة الدول الـ7 قبل أيام حول النفط الروسي.
كما هدد بوتين الغربَ وأوروبا بقطع إمدادات الطاقة، في حالة إصدار قرار رسمي بوضع سقف لأسعار صادرات روسيا من النفط والغاز.
ووقّعت شركتا "غازبروم" عملاق الغاز الروسي و"مؤسسة النفط الوطنية الصينية"، أمس الثلاثاء 6 سبتمبر/أيلول، اتفاقًا يقضي بتغيير بكين عملة الدفع مقابل إمدادات الغاز وزيادة حصة صادرات موسكو إلى الدولة الواقعة شرق آسيا، في حين امتدّ تطبيق الدفع بالروبل إلى تركيا أيضًا.
وتشكّل تلك الخطوة ردًا روسيًا على قرار مجموعة الـ7 قبل أيام، بتحديد سقف لسعر إمدادات النفط من موسكو وخطوات التصعيد التي تحاول أميركا وأوروبا ضمّها لحزمة العقوبات المفروضة عليها عقب حرب أوكرانيا، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن الغرب سيواجه "التجمد"، بعد أن تقطع موسكو عنه إمدادات الطاقة كافة، بما يشمل النفط والغاز والفحم ووقود التدفئة، حال استمرار التصعيد ضدها، وفرض قيود على الصادرات وأسعارها.
ووصف المقترح الأوروبي بفرض سقف لأسعار الغاز الروسي بأنه "غبي"، محذرًا في كلمته أمام المنتدى الاقتصادي في المحيط الهادي، من مواجهة القارة العجوز مشكلات اقتصادية جمة تنعكس على الأسعار العالمية، مسببةً ارتفاعها.
وارتفعت نبرة التهديد في حديث بوتين، قائلًا، إن موسكو ستلغي عقود التوريد إلى الغرب، وستتخذ قرارات سياسية من شأنها قطع كل إمدادات الطاقة عنه.
وأضاف أن أميركا وحلفاءها يخوضون حربًا اقتصادية ضد موسكو بفرض عقوبات قد تنتهي بمواجهة تلك الدول أزمة طاقة وشيكة.
وتزوّد موسكو أوروبا بحصّة قدرها 40% من الغاز الروسي، بالإضافة إلى 30% من النفط.
كان بوتين قد حمّل أيضًا الدول الغربية وألمانيا مسؤولية توقّف خط أنابيب نورد ستريم 1 المصدّر الرئيس للتدفقات الروسية إلى برلين، مشيرًا إلى أن بلاده تستند إلى وجود عيوب فنية تعوق إمدادات الغاز والنفط إلى تلك الدول.
تسعير الغاز الروسي
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية (الذراع التنفيذي للاتحاد الأوروبي) أورسولا فون دير لاين، طرح مقترح لفرض سقف لسعر الغاز الروسي بغرض تقليص مكاسب موسكو التي تُستخدم في تمويل الحرب على أوكرانيا.
وبالإضافة إلى ذلك، قالت فون دير لاين، إن هناك إجراءات ترمي إلى خفض استهلاك الكهرباء خلال ساعات الذروة، بالإضافة إلى وضع سقف لعائدات مولدات الكهرباء غير العاملة بالغاز، حسب تصريحاتها خلال مؤتمر صحفي اليوم الأربعاء، التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
3) Solidarity contribution for fossil fuel companies
Oil and gas companies have also made massive profits.
We will therefore propose a solidarity contribution for fossil fuel companies. pic.twitter.com/pek9eUFpxa
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen) September 7, 2022
واتهمت فون دير لاين روسيا بالتلاعب بأسواق الطاقة الأوروبية، وتعرّضها لمستويات أسعار مرتفعة، ما يدفع دول الاتحاد الأوروبي لاتخاذ تدابير من شأنها حماية المستهلك الأوروبي والشركات وضمان استمرار السيطرة على الموقف.
وحددت 5 خطوات لتحقيق ذلك، تتضمن: (الحفاظ على الكهرباء بصورة ذكية، وخفض الاستخدام خلال أوقات الذروة، وضع سقف لأرباح الشركات، والاستفادة من العوائد غير المتوقعة في الدعم "فرض ضريبة مفاجئة"، والاستفادة بمساهمات تضامنية من عوائد شركات الوقود الأحفوري، دعم مرافق الطاقة)، بحسب رويترز.
وركّزت في الخطوة الخامسة على تسعير الغاز الروسي من خلال وضع حدّ أقصى، بهدف تقليص إمداداته، مشيرة إلى أن دول الاتحاد كانت تعتمد عليه بنسبة 40% قبل أشهر قليلة، وحتى بدء الحرب على أوكرانيا، غير أن إمداداته لا تشكّل سوى 9% فقط، حسبما أوضحت بسلسلة تغريدات في موقع "تويتر".
ويتطرق الإنفوغرافيك أدناه، من منصة الطاقة، إلى عناصر الخطة الأوروبية لخفض اعتمادها على الغاز الروسي.
الروبل واليوان مقابل الغاز الروسي
اتفقت كل من غازبروم ومؤسسة النفط الوطنية الصينية "سي إن بي سي" على استخدام الروبل "العملة الروسية" واليوان "العملة الصينية" بدلًا من اليورو، خلال سداد بكين مدفوعاتها المستحقة مقابل إمدادات الغاز الروسي.
وأعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء 7 سبتمبر/أيلول، أن مستحقات الدفع ستُقسم مناصفة بين الروبل واليوان بنسبة 50%.
وذكرت غازبروم أنها تعتزم تعديل عقود تصدير الغاز الروسي إلى الصين، وتحويل عملة الدفع بها من اليورو إلى الروبل واليوان، مشيرة إلى أن تطبيق اتفاق تغيير عملة الدفع يبدأ سريانه بصورة فورية، وفق بلومبرغ.
وأوضح الرئيس التنفيذي للشركة الروسية أليكسي ميلر أن تغيير عملة الدفع يشكّل منفعة متبادلة للشركتين في موسكو وبكين.
كان بوتين قد أكد، في مارس/آذار الماضي، أن ما وصفها بـ"الدول غير الصديقة" يتعين عليها الدفع بالروبل بدلًا من الدولار الأميركي أو اليورو الأوروبي، مقابل الحفاظ على إمدادات الغاز الروسي، وطُبِّق القرار على عدد من دول القارة العجوز، وقُطعت الإمدادات عنها لرفضها الامتثال لقرار موسكو.
وشملت الخطط الروسية تغيير عملة الدفع مقابل صادرات غازها إلى تركيا أيضًا، لأن أنقرة اتخذت موقفًا محايدًا من العقوبات على موسكو، ولم تنحَز إلى أميركا وأوروبا.
وتتضمن تلك التغييرات حيال تركيا دفع الأخيرة ربع الإمدادات فقط بالروبل، وزيادة تلك الحصة تدريجيًا.
زيادة الإمدادات
يسعى الكرملين إلى تقليص تأثير العقوبات الغربية على مؤسساته المالية، وأبدى مسؤولون روس رفضهم لقرار تحديد سقف لسعر الخام والمشتقات النفطية، وهددوا بقطع الإمدادات عن الدول التي تستجيب للقرار.
وبخلاف تغيير عملة الدفع مقابل إمدادات الغاز الروسي، تضمَّن اتفاق أمس بين روسيا والصين زيادة صادرات الغاز من موسكو إلى بكين عبر الطريق الشرقي لخطّ الأنابيب الرابط بين الدولتين، العام المقبل (2023)، وفق رويترز.
وأوضحت غازبروم -التي تسيطر على صادرات الغاز عبر الخط المشترك مع الصين- أن خطوات مهمة في مراحل الانتهاء من الخط قد أُنجزت، إذ اكتمل الجانب الطولي من خط نقل الغاز الممتد من حقل "كوفيكتي نسكوي" إلى حقل "تشاياند نسكوي".
وتتوقع الشركة بدء انتظام تدفقات الغاز الروسي عبر خط "باور سيبريا" -الرابط بين موسكو وبكين- عقب التعديلات والتوسعة اللازمة لاستقبال المزيد من الإمدادات، قبل نهاية العام الجاري (2022).
وبلغ حجم صادرات موسكو إلى بكين من الغاز العام الماضي (2021) ما يُقدَّر بنحو 16.5 مليار متر مكعب، ويعمل الاتفاق الموقّع أمس على زيادة التحالف بين البلدين في قطاع الطاقة، بينما تشهد علاقات روسيا بأميركا وأوروبا توترًا عقب غزوها أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي.
اقرأ أيضًا..
- إيطاليا تهيمن على قطاع الطاقة الجزائري بصفقة استحواذ ضخمة
- التقاط الكربون من عوادم السيارات.. سلاح أرامكو السعودية لمواجهة انبعاثات النقل
- الطاقة المتجددة في الفلبين تستعد لطرح أكبر اكتتاب بالبلاد
- 3 مشروعات جديدة تدعم قدرة تصدير الغاز المسال في أميركا (تقرير)
1