مفاجأة.. صفقة بيع 60% من حصص نقل الغاز في بريطانيا تخضع للتحقيق
قانون الأمن القومي والاستثمار يحسمها خلال شهر
هبة مصطفى
تُجري بريطانيا تحقيقًا في صفقة استحواذ ائتلاف شركات أجنبية على غالبية حصص نقل الغاز، والتي كانت قد أُعلنت تفاصيلها في نهاية مارس/آذار الماضي، في خطوة مفاجئة، ولا سيما أن عملية البيع تمت من قبل شبكة الكهرباء الوطنية.
ويأتي التحقيق تحت مظلة قانون الأمن القومي والاستثمار المعني بحماية المصلحة الوطنية والذي بدأ تطبيقه بداية العام الجاري، بحسب ما نشرته صحيفة التليغراف (The Telegraph) اليوم الأحد 7 أغسطس/آب.
كانت شبكة الكهرباء الوطنية في بريطانيا "ناشيونال غريد" قد تخلت -قبل ما يقارب 5 أشهر- عن 60% من حصص نقل الغاز لصالح ائتلاف ضم شركة ماكواري لإدارة الأصول والاستثمارات الأسترالية وشركة بريتيش كولومبيا إنفستمنتس الكندية، وفق ما اطلعت عليه ونشرته منصة الطاقة المتخصصة حينها.
لماذا التحقيق؟
اشترط قانون الأمن القومي والاستثمار في بريطانيا "إن إس آي إيه" إبلاغ الحكومة بتطورات الصفقات المتعلقة بنحو 17 مجالًا قريب الصلة من اقتصاد البلاد، ومن ضمنها الطاقة والنقل وغيرهما، لتخضع للمزيد من التدقيق والمراجعة قبل إقرارها.
وتوصف صفقة استحواذ الائتلاف الأسترالي-الكندي على 60% من حصص نقل الغاز في شبكة الكهرباء الوطنية "ناشيونال غريد"، التي تبلغ قيمتها 4.2 مليار جنيه إسترليني، إحدى أكبر الصفقات البريطانية التي تخضع للتحقيق بموجب القانون الجديد.
(1 جنيه إسترليني = 1.21 دولارًا أميركيًا)
وتثير الصفقة مخاوف جهات بريطانية من سيطرة مستثمرين أجانب على شركات رئيسة، ولا سيما إن كانت تلك الشركات تملك بنية تحتية مهمة.
ومن المقرر أن تستغرق أعمال التحقيق الذي يشرف عليه عدد من الوزراء البريطانيين شهرًا قابلًا للتمديد حتى شهر ونصف الشهر.
بدوره، أكد متحدث حكومي -لم تذكر صحيفة التليغراف اسمه- أن العلاقات التجارية تتعلق بأطرافها المتعاونة فقط، غير أن صلاحيات قانون الأمن القومي والاستثمار تسمح للحكومة بتتبع صفقات الاستحواذ وإجراء مراجعة لها.
وأضاف أن التحقيق يحمل زاوية أخرى تتعلق بشعور الأسر البريطانية والشركات والقطاعات الصناعية في قدرة الحكومة على توفير إمدادات الكهرباء والغاز بصورة آمنة وتراعي التنوع، مشيرًا إلى أنه بالنظر لهذه الأسباب؛ فإن الصفقة تخضع للمراجعة.
تفاصيل الصفقة
هدفت شبكة الكهرباء الوطنية في بريطانيا "ناشيونال غريد" من التخلي عن أكثر من نصف حصصها في مشروعات نقل الغاز (60%) إلى إتاحة المجال أمام استثمارات جديدة في إطار تنويع مصادر الإمدادات بالاستعانة بدمج المصادر المتجددة والهيدروجين في مزيج الكهرباء.
وبموجب الصفقة، يحق لـ"ناشيونال غريد" الحصول على 2.2 مليار جنيه إسترليني بصورة نقدية مقابل الحصص، على أن تتسلم دفعة إضافية مقدرة بنحو 2 مليار جنيه إسترليني عقب إتمام الصفقة.
وتسمح صفقة الاستحواذ بانطلاق شبكة الكهرباء البريطانية بعيدًا عن استثمارات الغاز والوقود الأحفوري؛ إذ أعلنت تعديل خطتها، خلال الآونة المقبلة، والتركيز على مشروعات الكهرباء بنسبة 50%، و30% فقط لصالح تطوير مشروعات الغاز.
وكانت ناشيونال غريد تخطط للتركيز على أعمال الكهرباء في ظل التوجه نحو السيارات الكهربائية، مع الإبقاء على حصة قدرها 40% ضمن شبكات الغاز قد تتجه إلى بيعها مستقبلًا، وكان من المتوقع إتمام الصفقة بحلول نهاية العام الجاري (2022) عقب تلقي الموافقات، غير أن فتح باب التحقيق بها قد يغير تلك الخطط.
وتملك شركة نقل الغاز التابعة لشبكة الكهرباء "ناشيونال غريد" خطوط أنابيب لنقل الغاز تزيد على 7 آلاف كيلومتر، ووافق مؤشر الأسهم "إف تي إس إي 100" على بيع حصص الصفقة للتحالف بقيادة ماكواري الأسترالية في مارس/آذار الماضي.
توقيت الصفقة والتحقيق
تزامن الإعلان عن صفقة استحواذ التحالف الأسترالي-الكندي على 60% من حصص نقل الغاز في الشبكة الوطنية البريطانية؛ مع مرحلة حرجة تمر بها أسواق الطاقة الأوروبية؛ إذ إن غالبية دول القارة العجوز تعاني نقصًا في مسارات تعويض غياب الغاز الروسي.
في الوقت ذاته، تسعى شبكة الكهرباء البريطانية لتخطي تحديات اضطراب إمدادات الغاز عقب الغزو الروسي لأوكرانيا قبل 5 أشهر؛ إذ كانت بريطانيا تسهم في عمليات إعادة تغويز الغاز (إحالته من صورة الغاز المسال إلى غاز) في محطات عدة، من ضمنها "ميلفورد هافن"، قبل ضخها للدول الأوروبية عبر خطوط الأنابيب.
وتأتي صفقة تخلي الشبكة عن غالبية أصول نقل الغاز وخضوع الأمر للتحقيق في وقت تسابق دول أوروبا فيه الزمن لملء مخزونات الغاز خلال فصل الصيف، استعدادًا لتلبية الطلب القوي في الشتاء.
ويُنظر إلى قانون الأمن القومي والاستثمار بعين الريبة، ولا سيما أن نطاقه اتسع ليشمل صفقات عدة، ما اعتبره محللون "تهديدًا" للاستثمارات البريطانية.
اقرأ أيضًا..
- محطة أكويو النووية.. تركيا وروسيا تحددان موعد تشغيل المفاعل الأول
- صادرات الغاز والنفط الروسية إلى الهند والصين.. هل تعوض قيمة إمدادات موسكو لآسيا؟ (تقرير)
- مشروعات الغاز المسال في الفلبين تواجه خطر الإلغاء مع أزمة الطاقة العالمية
- %70 من السيارات الكهربائية في أميركا مهددة بخسارة الإعفاءات الضريبية (تقرير)