التنقيب عن النفط والغاز في حوض الكونغو يواجه تحذيرات بيئية
بعد إعلان طرح 30 مربعًا في مزاد
أمل نبيل
تصطدم طموحات جمهورية الكونغو الديمقراطية باستغلال كنوزها من النفط والغاز لتحسين المستوى الاقتصادي لشعبها شديد الفقر، بالتحذيرات البيئية عنيفة اللهجة التي تؤكد أن المُضي قدمًا في هذه المشروعات سيتسبّب في كوارث بيئية لا يمكن تفاديها.
وتمتلك الدولة الواقعة في القارّة السمراء ثاني أكبر احتياطي من النفط الخام في وسط وجنوب أفريقيا بعد أنغولا، بحسب ما رصدته منصّة الطاقة المتخصصة.
وتعتزم جمهورية الكونغو طرح حقوق ترخيص 30 مربعًا للنفط والغاز في مزاد اليوم الخميس 28 يوليو/تموز (2022).
ومن المُرجّح أن تسهم عملية التنقيب عن النفط والغاز في ثاني أكبر غابة مطيرة في العالم، بإطلاق كميات كبيرة من الكربون داخل الغلاف الجوي، بحسب رويترز.
ويعدّ حوض الكونغو، الذي تبلغ مساحته 500 مليون فدان، بؤرة كربونية ضخمة، تحتوي على مليارات الأطنان من غازات الاحتباس الحراري.
تتداخل العديد من المربعات النفطية المطروحة مع أراضي الخث، وهي مناطق مستنقعات تمنع المواد النباتية من التحلل الكامل.
قنبلة كربونية
قدّر الباحث البارز في أراضي الخث الكونغولية، سيمون لويس، أن الحفر في هذه المناطق يمكن أن يُطلق ما يصل إلى 5.8 مليون طن من الكربون، أي أكثر من 14% من إجمالي انبعاثات غاز الاحتباس الحراري في العالم، خلال عام 2021.
وقالت الناشطة في مؤسسة غرينبيس والمسؤولة عن منطقة حوض الكونغو، إيرين وابيوا بيتوكو: "في المناطق التي توجد بها أراضي الخث، أيّ عمليات صناعية، تعني انفجار قنبلة كربونية".
وأضافت: "ستكون لدينا كوارث بيئية لن يستطيع أحد إصلاحها".
ويتداخل اثنان من مربعات النفط المطروحة مع متنزه فيرونغا الوطني، وهو ملاذ للغوريلا الجبلية المهددة بالانقراض على الحدود مع رواندا وأوغندا.
وتقول حكومة الكونغو، إنها ستُلزم مطوري النفط بمعايير بيئية صارمة للحدّ من الآثار المناخية، لكنها تؤكد أن أولويتها تحقيق الإيرادات التي يمكن استخدامها لتحسين مستوى المعيشة في واحدة من أفقر دول العالم.
وانتقدت الحكومة الكونغولية ما أسمته نفاق الحكومات والمنظمات في الدول الغنية، والتي حققت تنميتها من مصادر الوقود الأحفوري، في الوقت الذي تحثّ فيه دول العالم النامي على التخلي عن المسار نفسه.
غاز الميثان
قال وزير النفط ديدييه بوديمبو، في تصريحات صحفية يوم الثلاثاء 26 يوليو/تموز 2022: "لن نتبع إملاءات منظمة غير حكومية"، في إشارة إلى غرينبيس التي تعارض بشدة مشروعات التنقيب عن النفط والغاز في حوض الكونغو.
وردًا على سؤال حول ما إذا كانت الكونغو قد تتراجع في مقابل تعويضات من الدول الغنية، أبدى المستشار الرئاسي توسي مبانو مبانو شكوكه.
واستشهد بمثال الإكوادور، التي طلبت 3.6 مليار دولار في عام 2007، لتعويض الإيرادات التي فقدتها بسبب عدم التنقيب عن النفط في حديقة ياسوني الوطنية، وأُلغِيَت المبادرة في عام 2013، بعد أن جلبت أقلّ من 4% من المبلغ المطلوب، ليبدأ الحفر بعد ذلك بنحو 3 سنوات.
وبالإضافة إلى 27 مربعًا نفطيًا، ستُطرح حقوق استخراج غاز الميثان من 3 مربعات في بحيرة كيفو للبيع بالمزاد.
ورفض مسؤولون حكوميون الإفصاح عن هوية الشركات التي أبدت اهتمامها بمربعات النفط والغاز.
وقال مدير أفريقيا في شركة كونترول ريسكس الاستشارية، التي تتخذ من لندن مقرًا لها، فينسينت روغيت، إن حكومة الكونغو تأمل في الاستفادة من أسعار النفط المرتفعة، والشغف الغربي الجديد بالبحث عن بدائل للوقود الروسي.
وأضاف: "لكن مزيج المخاطر البيئية، وعدم اليقين التنظيمي في القطاع، بالإضافة إلى التحديات اللوجستية للتنقيب عن بعد، وعلاوة على كل ذلك، المخاطر السياسية المرتفعة في الكونغو، من المُرجّح أن تتسبب في عزوف العديد من الشركات الكبرى على الإسهام في مشروعات التنقيب".
زيادة الإنتاج النفطي
واجهت الجهود السابقة التي بذلتها الحكومة الكونغولية لتعزيز الإنتاج، ليتجاوز 25 ألف برميل تُنتَج يوميًا منذ أوقات طويلة، التحديات نفسها.
وتعهدت إدارة الرئيس فيليكس تشيسكيدي بأن تكون هذه المرة مختلفة، وتستهدف الكونغو من عملية الطرح المُزمعة زيادة إنتاجها إلى 200 ألف برميل يوميًا.
ويقتصر إنتاج النفط في الكونغو الديمقراطية -حاليًا- على 25 ألف برميل يوميًا، وتصدّره الدولة بالكامل، وتسعى الدولة الأفريقية لزيادته إلى ما بين 500 ألف ومليون برميل يوميًا.
حتى لو تدفقت الاستثمارات، يقول النقاد، إنه لا يوجد ما يضمن أنها ستفيد الشعب الكونغولي.
تعدّ الكونغو قوة تعدينية، إذ تنتج كميات كبيرة من النحاس والكوبالت والذهب والماس، ومع ذلك فهي لا تزال فقيرة للغاية، ويرجع ذلك إلى حدّ كبير للفساد وسوء الإدارة.
وجُرد المستثمر الإسرائيلي دان غيرتلير، العام الماضي، من اثنين من المربعات المطروحة في المزاد بالقرب من بحيرة ألبرت، شرق الكونغو.
ويخضغ غيرتلير لعقوبات أميركية بسب مزاعم عن ارتكاب فساد في قطاع التعدين الكونغولي، في حين ينفي هذه المخالفات.
موضوعات متعلقة..
- نزاع على منجم للكوبالت بين شركة صينية وحكومة الكونغو الديمقراطية.. من يتولى الإدارة؟
- مشروعات الطاقة المتجددة في الكونغو تتلقى دعمًا بـ16 مليون دولار
- الكونغو تعرض 16 مربعًا نفطيًا للتنقيب وسط تحذيرات مناخية
اقرأ أيضا..
- أرامكو السعودية قد ترفع أسعار بيع النفط إلى آسيا لمستويات قياسية (مسح)
- سولار 1000.. الطاقة الشمسية في الجزائر تدعم برنامج الطاقة المتجددة 2035
- صادرات الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح الصينية تنتشر عالميًا (تقرير)