التقاريرالتغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

خفض البصمة الكربونية الفردية.. مسار مناخي أم فرصة للشركات للتهرب من التزاماتها؟

الجهود الفردية تتوارى مع خطط شركات الوقود الأحفوري

هبة مصطفى

لا يمكن لخطط مكافحة تغير المناخ أن تعتمد على مسار واحد، وبالطبع لا تخلو من دور البصمة الكربونية الفردية التي غفل عنها الكثيرون، واتجهت أنظارهم إلى دور الحكومات والسياسات والشركات فقط.

ويعدّ الإسهام الفردي الكربوني "نواة" يؤدي تراكمها إلى زيادة حجم الانبعاثات بصورة قياسية، وهو جانب سعت بعض شركات الوقود الأحفوري لإطلاق حملات دعائية تهدف لجذب الأنظار إليه؛ كي لا تصبح الأبرز داخل "قفص الاتهام".

وحدّد باحثون 5 مقترحات يمكن العمل عليها لتتضمن مشاركة الأفراد في مكافحة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، بحسب ما ورد في تقرير نشرته بلومبرغ.

ويُنظر إلى البصمة الكربونية الفردية على أنها إجمالي غازات الدفيئة والانبعاثات، أمّا الفردية منها، فتركّز على حجم الإسهام الشخصي من سلوكات وإجراءات ومعاملات يومية، قد تعزز مستويات تلك الانبعاثات، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

مقترحات فردية

طرح معنيون بالشأن المناخي مقترحات من شأنها تعزيز دور مكافحة البصمة الكربونية الفردية لأزمات المناخ، بالاستفادة من تجربة انتقال الطاقة في أميركا منذ تداعيات إعصار كاترينا، خلال العقد الأول من القرن الجاري.

ولفت أستاذ البيئة والمناخ في جامعة لانكستر بالمملكة المتحدة، مايك بيرنرز لي، إلى دور الأفراد في مواجهة التغيرات المناخية، وأجاب عن التساؤل الذي دار في أذهان الكثيرين: "ماذا أفعل، بصفتي فردًا، للإسهام في منظومة تغيير عالمية؟".

البصمة الكربونية الفردية
أدخنة انبعاثات تملأ سماء إحدى المدن - الصورة من (Somag News)

ورأي بيرنرز لي أن الانحياز التشريعي والانتخابي بالتصويت لصالح المهتمين مكافحة تغير المناخ، أحد أبرز سبل خفض البصمة الكربونية الفردية، وقال، إنه إذا سعى كل فرد لخفض انبعاثاته الشخصية، فإن ذلك سيصبّ للصالح العامّ في نهاية الأمر.

وتضمنت مقترحات أستاذ البيئة والمناخ تخصيص حجم إنفاق شخصي للمنتجات والخدمات "الخضراء"، بما يجعله توجهًا معتادًا للمجتمعات، لا سيما أن حالة الإقبال على شراء تلك المنتجات تحمل رسالة دعم للشركات التي تعزز استثماراتها المناخية.

واتفق معه مدير مدير برنامج "ييل" الذي يشكّل قناة تواصل بين المهتمين بشؤون تغير المناخ، أنتنوني ليسيرويتز، مشيرًا إلى أن ضبط عمليات الشراء (سواء من الشركات صديقة البيئة أو المعادية لها)، وتحديد سلوك الشركات، يمنح خطط مكافحة التغير المناخي المزيد من القوة والسلطة.

جزء من كل

هل تدري أن سلوكك الشخصي تجاه البيئة له تداعيات عالمية؟

كان هذا هو التساؤل الذي طرحه الباحث بمركز أبحاث الاتصال المناخي التابع لجامعة موناش الأسترالية، جون كوك.

ورأى كوك أن خفض البصمة الكربونية الفردية جزء لا ينفصل عن خطط أكبر وأشمل تهتم بالأهداف البيئية والمناخية، ووصف الدور الفردي بأنه "شريحة" واحدة ضمن "كعكة" العمل المناخي.

في الوقت ذاته، أكد أن العمل على خفض البصمة الكربونية الفردية هو المسار الأكثر تحكمًا، بعيدًا عن قدرة الأفراد على مواجهة السياسات والحكومات والشركات.

كما أكد أنه لا يمكن لطرف حلّ أزمة المناخ وحده دون تعاون بقية الأطراف، إذ يرى أن خطط كبرى شركات الوقود الأحفوري لن تؤتي ثمارها دون تعاون الأفراد أو الحكومات، والعكس صحيح.

وقال، إن أفرادًا كُثُرًا يتّسم نمط حياتهم بالاستهلاك العالي والإنتاج الكبير للانبعاثات أيضًا، مؤكدًا أن بدء المنادين بخفض الانبعاثات الكربونية بأنفسهم يوصف بنوع من الاتّساق مع الذات.

تغير المناخ - تغيّر المناخ - التأثير البشري

شركات الوقود الأحفوري

أكد مدير حملة "كلين كريتيفز"، دنكان ميزل، أن خيارات المستهلكين أسهمت في تصدير شركات الوقود الأحفوري بوصفها جزءًا من حلول الأزمة المناخية، وليس المتسبب بها.

واستشهد بسلوك كبرى شركات صناعة النفط (وشركة النفط البريطانية بي بي نموذجًا) بالاستفادة من حالة الزخم حول الجهود المناخية دون التأثير في الأرباح النهائية لتلك الشركات، بإشارة لمشروعات الطاقة النظيفة التي عكفت شركات عدّة على تنفيذها والاستفادة من المنح التحفيزية المخصصة لذلك.

وأضاف ميزل أن ما تسعى إليه الشركات التي يُطلق عليها "بيج أويل" (في إشارة لكبرى شركات النفط العالمية: إكسون موبيل، شل، شركة النفط البريطانية بي بي، شيفرون، كونوكو فيليبس، توتال إنرجي، إيني) بالترويج إلى أن مكافحة تغير المناخ تنجح -فقط- عبر خفض البصمة الكربونية الفردية هو أمر خاطئ.

وانحاز إلى الفريق المؤيد لدور الإجراءات ذات النطاق الواسع والسياسات المناخية الحكومية بخطط تخلّص الشركات من الوقود الأحفوري، إذ يرى أن هذه العناصر هي الأكثر تأثيرًا في مكافحة التغير المناخي.

حاسبة الانبعاثات

رغم أن خفض البصمة الكربونية الفردية يعدّ المسار الوحيد الذي يمكن للأشخاص التحكم به دون التعويل على دور الحكومات والشركات، فإن التركيز عليه وحده يعد -أيضًا- مسارًا خاطئًا.

البصمة الكربونية الفردية
سيارة شخصية تطلق انبعاثات - الصورة من (European Parliament)

فقبل عقدين من الزمان، أطلقت شركة النفط البريطانية "حاسبة الانبعاثات" التي تساعد الأفراد على تقدير حجم إسهام روتين حياتهم اليومي (بما يشمل الانتقالات والطعام وغيرها) في زيادة معدل الانبعاثات، ونجحت في توجيه اهتمام الفرد العادي إلى دوره، دون الالتفات لتوسعاتها في حقول النفط والغاز.

وواصلت -حتى الآونة الحالية- حاسبة الانبعاثات الفردية انتشارها، وفي المقابل، زادت معها وتيرة التركيز على الإسهام الشخصي، وإذا كانت الفكرة من أساسها مفيدة، فإنها في الوقت ذاته تُلقي تدريجيًا بعبء حلّ أزمات التغير المناخي على عاتق الأفراد.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق