تقارير السياراتأخبار السياراتتقارير منوعةرئيسيةسياراتمنوعات

الكوبالت.. هل يحوّل الكونغو الديمقراطية إلى مركز عالمي لصناعة بطاريات السيارات الكهربائية؟

نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • الطلب على إنتاج الكوبالت سيرتفع بنسبة 585% بحلول عام 2050
  • المواد الأولية التي تنتجها المصانع في الكونغو الديمقراطية منافِسة من حيث التكلفة
  • الكونغو الديمقراطية ستبذل قصارى جهدها لتطوير قدرة تصنيع البطاريات المحلية
  • تصدِّر الكونغو الديمقراطية معادنها مقابل جزء بسيط من التكلفة النهائية للبطاريات
  • يتعين على الدولة استثمار مليار دولار سنويًا في سبيل حلّ مشكلة الكهرباء لديها

في العام الماضي، أنتجت المناجم الصناعية الضخمة في جمهورية الكونغو الديمقراطية نحو 70% من الكوبالت في العالم، وتراوح إنتاجها بين 93 ألفًا و100 ألف طن، وفقًا لتقرير مؤسسة "بنشمارك مينرال إنتيليجنس" (بي إم آي).

وتوقعت مؤسسة "بنشمارك مينرال إنتيليجنس" أن يرتفع حجم مبيعات الكوبالت في قطاع بطاريات السيارات الكهربائية بين 4 أو 5 أضعاف خلال العقد المقبل، بينما يقدّر البنك الدولي أن الطلب على إنتاج الكوبالت سيرتفع بنسبة 585% بحلول عام 2050.

وهكذا يمكن للكونغو الاستفادة من مواردها الوفيرة من الكوبالت والطاقة الكهرومائية، لتصبح منتجًا منخفض التكلفة ومنخفض الانبعاثات للمواد الأولية لبطاريات أيونات الليثيوم، حسبما نشره موقع مجلة "إي إس آي أفريكا".

وقدّرت دراسة أجرتها خدمة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس حول سلسلة التوريد الأفريقية الموحدة، أن بناء مصنع المواد الأولية للكاثود بقدرة 10 آلاف طن متري في الكونغو سيكلف 39 مليون دولار، وسيكون أرخص بـ3 مرات من تكلفة مصنع مماثل في الولايات المتحدة.

في المقابل، سيكلّف النوع نفسه من المصانع في الصين وبولندا نحو 112 مليون دولار و65 مليون دولار، على التوالي.

القدرات الكامنة لدى الكونغو

يمكن أن تكون المواد الأولية التي تنتجها المصانع في الكونغو منافسة من حيث التكلفة مع المواد المنتجة في الصين وبولندا، ويكمن الاختلاف المهم في انخفاض الأثر البيئي.

الكوبالت

ويرى مراقبون ومحللون أن إنتاج المواد الأولية للكاثود (وهي المادة الوسيطة بين مادة الكاثود الخام والمكتملة الصنع)، في الكونغو يمكنه خفض الانبعاثات المرتبطة بإنتاج البطاريات بنسبة 30% مقارنة بسلسلة التوريد الحالية التي تمرّ عبر الصين.

ويُعزى ذلك إلى قرب الدولة من المواد الخام للكاثود والاعتماد الكبير على محطات الطاقة الكهرومائية.

تجدر الإشارة إلى أن بولندا تتعامل مع إنتاج مواد وخلايا الكاثود، وتتولى ألمانيا تجميع العبوات النهائية.

وفي ظل التوجهات الداعية إلى التحول والانتقال من البنزين إلى المركبات الكهربائية في خطوة رئيسة للحدّ من انبعاثات الكربون، من المتوقع أن ترتفع المبيعات العالمية للسيارات الكهربائية للركّاب -باستثناء السيارات الهجينة- من 3.3 مليون سيارة في عام 2021، إلى 66 مليونًا في عام 2040.

وسيعزز هذه التوقعات حظر حكومة المملكة المتحدة بيع سيارات البنزين والديزل، بدءًا من عام 2030.

حشد طاقات الكونغو لتصنيع البطاريات

أعلنت حكومة الكونغو قبل أيام، أنها ستبذل قصارى جهدها لتطوير قدرة تصنيع البطاريات المحلية لإضافة قيمة لصادراتها من المعادن مثل الكوبالت والنحاس، حسبما أوردته وكالة رويترز.

يأتي ذلك في حين تُعدّ الكونغو الديمقراطية من بين أقلّ البلدان نموًا في العالم، وتصدِّر معادنها مقابل جزء بسيط من التكلفة النهائية للبطاريات، التي تُصنَع غالبًا في آسيا.

وأعلن رئيس وزراء الكونغو، ساما لوكوندي، في منتدى أعمال استمر يومين بالعاصمة كينشاسا، سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى تسريع تطوير صناعة البطاريات.

كما أعلن إنشاء مجلس البطاريات بهدف قيادة سياسة الحكومة لتطوير سلسلة قيمة إقليمية حول صناعة البطاريات الكهربائية.

إنتاج الكوبالت في الكونغو

الكوبالت
رئيس الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي

من جهته، قال رئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية، فيليكس تشيسكيدي، إن بلاده التي تتمتع بـ70% من إنتاج الكوبالت العالمي، ومعادن البطاريات الأخرى، يجب أن تؤدي دورًا لدعم تحوّل الطاقة في الاقتصاد العالمي، بحسب ما نشره موقع "أُوْل أفريكا"

جاء ذلك في منتدى الأعمال الأفريقي لجمهورية الكونغو، الذي انعقد في المدة من 24 إلى 25 نوفمبر/تشرين الثاني في العاصمة كينشاسا، تحت شعار "التكامل الاقتصادي للكونغوليين في سلسلة القيمة لصناعة البطاريات الكهربائية من خلال الحلول المالية المبتكرة".

وشهد المنتدى توقيع الأطراف المعنية مجموعة من الالتزامات الثابتة لتحقيق تطوير صناعة البطاريات المعدنية في الكونغو بعد عامين من الآن.

ووضع خبراء في قطاع التعدين والطاقة الكهربائية وشركات التعدين والجهات المالية والحكومة ومناجم جيكا، من بين آخرين، بعد أكثر من ساعتين من المداولات، الخطوط العريضة لأهداف قابلة للتحقيق، ولكنها تنطوي على رهانات كبيرة.

وقال خبير الطاقة، الأمين العامّ لشركة الكوبالت العامة (إي جي سي)، فينسينت نويل فيكا رايسا كيكوندا، إن الكونغو لن تتمكن من دمج نفسها في سلسلة قيمة البطارية الكهربائية إلّا عندما تتمكن من تسوية العجز الهائل في الكهرباء لديها.

وأضاف أنه يتعين على الدولة استثمار مليار دولار سنويًا في سبيل حلّ مشكلة الكهرباء لديها، مشيرًا إلى أن الكونغو الديمقراطية التي كانت في الماضي تزوّد جيرانها المباشرين بالكهرباء، تشتري الآن فائض الإنتاج من رواندا أو الكونغو برازافيل.

سوق صناعة البطاريات الكهربائية

قالت السكرتيرة التنفيذية للّجنة الاقتصادية لأفريقيا، التي دعمت انعقاد المنتدى، فيرا سونغوي، إن هنالك حاجة ملحّة لتغيير نموذج الاستثمار للاستفادة من سوق صناعة البطاريات الكهربائية المقدّرة بـ9 تريليونات دولار أميركي.

ودعت إلى التفكير في موضوع تطوير سلسلة قيمة إقليمية بشأن صناعة البطاريات وسوق بطاريات السيارات الكهربائية والطاقات النظيفة.

وقال الخبير الاقتصادي في اللجنة الاقتصادية لأفريقيا، جان لوك ماستاكي، إنه من الضروري تطوير مفهوم الكتلة والمنطقة الاقتصادية، حيث يؤدي المستثمرون دورًا في تحوّل الطاقة.

ودعا الشركات إلى تبنّي نهج مسؤول من خلال ضمان أن يكون لأنشطتها تأثير إيجابي في النسيج الاجتماعي للسكان المحيطين بمناطق التصنيع.

وقال عضو لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، أنطونيو بيدرو، إن الأمر يتعلق بترجمة الفرص التي توفرها الكونغو الديمقراطية إلى ثروة مشتركة وقيمة مضافة للبلاد وسكانها.

وأوضح أن مليون مواطن كونغولي يمكنهم دخول سلسلة القيمة لصناعة البطاريات الكهربائية، داعيًا السلطات إلى العمل على تحقيق تأثير اجتماعي دائم.

جذب الاستثمارات

من جهته، قال رئيس غرفة المناجم في الكونغو الديمقراطية، لويس واتوم، إن على بلاده أن تعمل على جذب المزيد من الاستثمار من القطاع الخاص إلى قطاع التصنيع.

واقترح أن تتعلم الكونغو الديمقراطية من تجارب دول مثل اليابان وكوريا الجنوبية، التي موَّلت البحث والتطوير، وشجعت الشراكات الإستراتيجية بين القطاعين العامّ والخاص والابتكار.

وأشار رئيس وحدة تخزين الطاقة في خدمة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس، جيمس فريث، إلى أنه لكي تجتذب مناطق تصنيع مكونات البطاريات أو الخلايا الاستثمارات، فإنها تحتاج إمّا إلى إمدادات من المواد الخام الرئيسة، أو الطلب المحلي على البطاريات.

وبيّن أنه إذا كان لمناطق التصنيع إمكان الوصول إلى المواد الخام، فيمكنها جذب الشركات المصنّعة للتكرير والتصدير، وإذا كان لديها طلب محلّي على البطاريات، فسوف ينتقل مصنّعو الخلايا إلى المنطقة ليكونوا قريبين من عملائهم، لا سيما في صناعة السيارات.

وأكد أن قارّة أفريقيا تمتلك ثروة من المواد الخام الأساسية للبطاريات، وهي في وضع يمكنها من استخدامها لجذب المزيد من القيمة المضافة في المعالجة النهائية والتصنيع.

وقال الرئيس العالمي للسلع في خدمة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس، أشيش سيثيا، إنه يمكن للاقتصادات الناشئة في أفريقيا أن تكتسب قيمة اقتصادية كبيرة على المدى الطويل من خلال إنشاء مشروعات سريعة تدعم التحول منخفض الكربون مع أطر حوكمة شفافة.

وبحسب تقرير تكلفة إنتاج المواد الأولية للبطارية في الكونغو، الذي أصدره منتدى الأعمال لجمهورية الكونغو الديمقراطية وأفريقيا 2021، تمثّل السيارات الكهربائية فرصة سوقية تبلغ 7 تريليونات دولار بين اليوم و2030، و46 تريليون دولار بين اليوم و2050.

ظروف العمل في المناجم

يشكو العمال الكونغوليون في مناجم التعدين من الإساءات والتوظيف غير المستقر والأجور الزهيدة، في ظل الجهود العالمية لتعزيز قطاع السيارات الكهربائية.

وقال أحد عمال التنقيب عن الكوبالت، يدعى "بيير"، إن أجره الأساس يعادل 2.60 جنيهًا إسترلينيًا (3.50 دولارًا) يوميًا، وبيّن أنه إذا كان يعمل خلال مدة الغداء، وباحتساب ساعات العمل الإضافي، يمكنه جني نحو 3.70 جنيهًا إسترلينيًا، وفقًا لتحقيق نشرته صحيفة الغارديان البريطانية.

الكوبالت
قطعتا خبز هما وجبة غداء عامل مناجم الكوبالت في الكونغو الديمقراطية

وأضاف أن وجبة الغداء التي تُقدَّم له لا تستحق الانتظار؛ لأنها تقتصر على لفائف خبز صغيرة وعلبة عصير.

ويمثّل العامل "بيير" الذي يتوجه إلى العمل كل صباح في مدينة فونغوروم الصاخبة والمليئة بالغبار، في حزام التعدين الجنوبي لجمهورية الكونغو، الحلقة الأولى في سلسلة التوريد التي تغذي ثورة السيارات الكهربائية ووعْدها بمستقبل حيادي الكربون.

وأشار العامل "بيير" إلى أن يوم الإجازة يُقتطَع من أجره، وكذلك الأمر إذا مرض وتغيّب أكثر من يومين في الشهر، موضحًا أن الاعتراض قد يتسبّب في طرده من العمل.

وقد أثارت ظروف العمل القاسية والخطيرة التي عانى منها عمال المناجم في مناجم الكوبالت غير الرسمية أو الحرفية في الكونغو الديمقراطية، وكذلك عمالة الأطفال وعمال المناجم الذين يُدفَنون أحياءً في الأنفاق، غضبًا دوليًا في السنوات الأخيرة.

وهذا ما أجبر قطاع التكنولوجيا الغربية والعلامات التجارية للسيارات التي تعتمد على المعدن للبحث عن طرق للحصول على كوبالت "نظيف"، ولا ينتهك حقوق الإنسان.

ووعدت بعض الشركات في سلسلة توريد الكوبالت بالتوقف عن الاستعانة بمصادر من المناجم الحرفية والحصول على المعدن من المناجم الصناعية واسعة النطاق، التي تُعدّ خيارًا سليمًا للعمال وسمعة الشركات.

تمييز وعنصرية

توصّل تحقيق أجرته صحيفة الغارديان إلى أن بعض العمال، الذين يُوَظَّفون غالبًا من خلال مقاولين من الباطن، يزعمون أنهم ضحايا لاستغلال شديد، بما في ذلك أجور منخفضة تصل إلى 30 بنسًا في الساعة، وعمل غير مستقر دون عقود، وحصص غذائية زهيدة.

وقدّم العمال ادّعاءات بالتمييز والعنصرية التي تذكِّر بالحقبة الاستعمارية في عدد من المناجم التي تديرها الشركات الصينية.

وقد تتبّعت صحيفة الغارديان سلسلة توريد الكوبالت من منجم تينكي فنغوروم والمناجم الصناعية الأخرى من خلال عدد من المصافي وصانعي البطاريات إلى بعض الشركات المصنّعة للسيارات الكهربائية الرائدة في العالم، بما في ذلك تيسلا وفولفو وفولكس فاغن ورينو ومرسيدس بنز.

الكونغو
إحدى القرى الكونغولية المجاورة لمنجم شركة تشاينا موليبدينوم

وأشار تحقيق الصحيفة إلى أن الشركات الصينية بدأت، في السنوات الـ15 الماضية، بدخول مجال التعدين، وشراء شركات من أميركا الشمالية وأوروبا حتى تسيطر على غالبية مناجم الكوبالت والنحاس في جنوب الكونغو الديمقراطية.

وقالت مديرة مؤسسة مراقبة الشركات في المملكة المتحدة "رايد"، أنيكا فان وودنبرغ: "إن الكوبالت يُعدّ من المعادن الأساسية للانتقال الأخضر، لكن يجب عدم تجاهل ظروف العمل المسيئة التي تلوّث بطاريات أيونات الليثيوم اللازمة لملايين السيارات الكهربائية".

وقال المتحدث باسم شركة تشاينا موليبدينوم (سي إم أو سي)، التي تمتلك غالبية أسهم منجم تينكي فنغوروم، إن الشركة تلتزم بعدد من اتفاقيات العمل الدولية وقوانين العمل المحلية، منذ أن استحوذت على المنجم في عام 2016.

وأضاف أن الشركة أسهمت بمتوسط ​​296 مليون جنيه إسترليني (394.94 مليون دولار) سنويًا في إيرادات البلاد، وأكد التزام الشركة بتوفير بيئة عمل آمنة وصحية ولائقة لجميع الموظفين، وتولي أهمية كبيرة لحماية حقوق الموظفين، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.

وأوضح أن تعدين الكوبالت والنحاس يمثّل مصدرًا حيويًا للدخل لحكومة الكونغو الديمقراطية، ويوفر عشرات الآلاف من الوظائف -بأجور جيدة للكثيرين- في منطقة تقلّ فيها فرص عمل أخرى.

المقاولون من الباطن

بيّن المتحدث باسم شركة تشاينا موليبدينوم أنه في بعض المناجم، يجري توظيف غالبية العمال -ما يقرب من 70% في منجم تينكي فنغوروم، على سبيل المثال- من خلال مقاولين من الباطن.

 

جلينكور
أحد مقار شركة التعدين السويسرية جلينكور - أرشيفية

وقال المحامي لدى مركز المساعدة القضائية، المنظمة المحلية التي تمثّل عمال المناجم، جوسيه كاشال، إن استخدام مقاولين من الباطن يمكن أن يمنح المناجم قدرة كبيرة على تجنّب المساءلة.

وأشار إلى أن أكثر من 50 مقاولًا من الباطن استخدمهم منجم شركة كاموتو كوبر (كي سي سي)، المملوك لشركة السلع والتعدين السويسرية العملاقة جلينكور.

وأوضح أن شركة جلينكور تستخدم العديد من العمال المتعاقدين من الباطن؛ لذلك يعتمد الموظفون على المقاول من الباطن، وليس على جلينكور، ولا يتحمل مقاولو الباطن بهذه الطريقة المسؤولية، ويمكنهم إنهاء العقد في أيّ وقت.

وقال بعض العمال، إنهم يأملون في أن توظفهم شركة كاموتو كوبر، مشيرين إلى أنها تقدّم أجورًا أفضل من المناجم الأخرى، علمًا أن 44% من عمال شركة كاموتو كوبر يجري توظيفهم من خلال مقاولين من الباطن.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق