أنس الحجي: إنتاج النفط بعد 2008 أنقذ العالم من أزمة طاقة.. يتجه إليها الآن
أحمد بدر
قال خبير اقتصاديات الطاقة، مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، الدكتور أنس الحجي، إن إنتاج النفط هو ما أنقذ العالم في الماضي من أزمة طاقة عالمية، موضحًا أن ارتفاع أسعار النفط في 2022 كانت له العديد من المقدمات، التي قد تتشابه مع ما حدث في المدة بين 1998 و2008.
وأضاف -خلال حلقة برنامج "أنسيات الطاقة"، على موقع تويتر الثلاثاء 26 يوليو/تموز، تحت عنوان "أسواق النفط.. لا.. إنها ليست 2008"- أن التشابه بين المدتين يكمن بشكل أكبر في انهيار الأسعار الذي يؤدي إلى زيادة الكمية المطلوبة من النفط، وانخفاض الاستثمارات الذي يؤدي إلى نقص المعروض.
في الوقت نفسه، شدّد الدكتور أنس الحجي على أن الاختلافات بين المدتين كبيرة جدًا ومهمة بالنسبة إلى المستقبل، إذ إنه عندما انخفضت الأسعار في عام 2015، حاولت أوبك أن تخفّض إنتاج النفط لرفع الأسعار ولم تستطع، ثم تحالفت مع دول أخرى وشكّلت "أوبك+" في 2016، ولم يؤتِ هذه التحالف ثماره إلا في عام 2017.
- أنس الحجي: تحالف أوبك+ لا يمكنه تعويض الخفض المقترح بإنتاج النفط الروسي
- إنتاج النفط الأميركي يهبط 60 ألف برميل يوميًا خلال أبريل
أبرز التطورات في أسواق النفط
أوضح مستشار تحرير منصة الطاقة أن هناك تطورات كبيرة تجعل ما يحدث الآن مختلفًا عن الماضي، إذ إن الاستثمارات انخفضت، ولكن كانت هناك حرب شديدة على النفط، وبعدها جاءت فترة تفشي وباء فيروس كورونا، التي أدت بدورها إلى انخفاض الطلب بصفة كبيرة على النفط، وكان هناك فائض ضخم.
وتابع: "في فترة كورونا انخفضت الاستثمارات بصورة مريعة، ولكن عندما توقفت الإغلاقات وبدأت الاقتصادات تنتعش، كان الانتعاش سريعًا بصفة لا يستطيع المعروض مواكبتها، ما أدى إلى ارتفاع أسعار النفط وتحسّنها بصورة كبيرة".
وقال الدكتور أنس الحجي، إنه عندما قرر تحالف أوبك+ أن يرفع إنتاج النفط -ولكن بصفة محدودة بسبب وجود ضبابية شديدة في المستقبل التي ما زالت موجودة حتى الآن- لم يكن أمامه سوى أن تكون الخطوات محسوبة ومحدودة بهذه الصورة.
ولفت إلى أن الأسعار بعد قرار أوبك+ زيادة إنتاج النفط، زادت بدورها حتى وصلت إلى حدود 85 دولارًا للبرميل، ولكن فجأة جاء الغزو الروسي لأوكرانيا، الذي أدى إلى ارتفاع الأسعار إلى حدود 130 دولارًا للبرميل.
غزو أوكرانيا وإنتاج النفط الروسي
أشار الدكتور أنس الحجي إلى أنه رغم وضوح أن أسباب هذا الارتفاع سياسية، فإنه يُعد الأكبر في تاريخ النفط نتيجة عامل سياسي.
وأوضح أن السبب أن إنتاج النفط في روسيا -تاريخيًا قبل كورونا- كان نحو 11 مليون برميل من النفط الخام يوميًا، والتوقعات كانت أن العالم سيخسر جزءًا كبيرًا من النفط الروسي، خاصة بسبب العقوبات المفروضة على موسكو.
وأكد أن ما دعّم استمرار أسعار النفط مرتفعة لمدة أطول، هو أن العقوبات المفروضة على موسكو لم تؤدِ إلى خفض كبير في صادرات النفط الروسي، ولكنها غيّرت اتجاهات التجارة العالمية، الذي أدى بدوره إلى زيادة التكاليف من جهة، وانخفاض الكفاءة في الأسواق من جهة أخرى.
وقال مستشار تحرير منصة الطاقة، إن هذا التغيير أدى -أيضًا- إلى زيادة كميات النفط الموجودة في البحار بصفة كبيرة، إذ إن ما وصل إلى المواني كان كميات أقل، ما أسهم بدوره في ارتفاع أسعار النفط في هذه الحالة.
الاختلافات بين 2008 و2022
قال الدكتور أنس الحجي، إن ما بعد عام 2008، وفي ظل ارتفاع أسعار النفط الشديد، جاءت ثورة "الصخري" في الولايات المتحدة، التي أضافت نحو 8 ملايين برميل من النفط يوميًا خلال 10 سنوات، أي أكبر من إنتاج النفط في الإمارات والكويت معًا، وكلتاهما عضوتان في أوبك.
وأضاف: "إذن فإن أول اختلاف بين 2008 و2022، أنه كانت هناك زيادة ضخمة جدًا في الإنتاج في الماضي لا نراها الآن، وقد لا نراها، وبالتالي فإنه من الواضح ستكون هناك أزمة طاقة كبيرة جدًا في المستقبل، وهذه الأزمة لم تحدث قبل 10 سنوات بسبب ثورة النفط الصخري".
وأوضح أنه عندما انهارت أسعار النفط في 2015، حصلت تطورات جديدة لم تحدث من قبل، وكلها تحجّم استثمارات النفط، على عكس ما جرى في 2007 و2008 وما بعدهما، إذ كانت هناك زيادة ضخمة في استثمارات النفط، ولكن هذه الزيادة لم تحدث الآن.
وعن أسباب عدم حدوث هذه الزيادة الآن، قال خبير اقتصاديات الطاقة، إن ثورة الصخري، ثم مجيء الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى السلطة، جعلا وكالة الطاقة الدولية تروّج بصورة كبيرة للنفط الصخري.
وتابع: "رغم أن مهمة الوكالة الأساسية هي أمن الطاقة، فإنها لم تركّز على هذه المهمة، وفضّلت التركيز على (حلب) الحكومة الأميركية ماديًا، لأن ترمب قطع في تلك المدة علاقة بلاده مع المنظمات الدولية ووقف تمويلها، ومن المنظمات القليلة التي لم يقطع ترمب معها العلاقات كانت وكالة الطاقة الدولية".
وكالة الطاقة الدولية والأزمة الحالية
لفت مستشار تحرير منصة الطاقة إلى أن الوكالة عملت على إرضاء ترمب من خلال الحديث عن أمن الطاقة في الولايات المتحدة واستقلالها، على الرغم من أن أميركا أبعد ما تكون عن الاستقلال الطاقي، ولكن الوكالة بدأت بـ"تغذية نفسية ترمب".
توقعات بارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي 143 ألف برميل يوميًا
وأكد الدكتور أنس الحجي أن الوكالة حاولت إقناع ترمب أن الانفجار في إنتاج النفط الصخري سيكفي لكل النمو في الطلب العالمي على النفط لعدة سنوات مقبلة، وتكلمت عن أعوام 2030 و2035.
وأضاف: "إذا كنت أنا مستثمرًا في الشرق الأوسط أو أميركا اللاتينية، فعندما تخبرني بأن إنتاج النفط الصخري الأميركي سيغطي كل الطلب العالمي، إذن فلماذا أستثمر؟ إذن الوكالة الدولية للطاقة كانت سببًا فيما نواجهه الآن، ولم يُطرد منها موظف واحد".
عندما حدثت أزمة كورونا -وفق الدكتور أنس الحجي- كان الفرق بين إنتاج النفط الصخري والكميات المتوقعة قبل الأزمة، نحو 3 ملايين برميل يوميًا، فلو كانت هذه الكميات موجودة الآن، كان من المستحيل أن تكون أسعار النفط أعلى من 70 دولارًا للبرميل الآن.
اقرأ أيضًا..
- منصات النفط في أفريقيا.. قائمة الـ 5 الكبار تتضمن دولة عربية فقط (تقرير)
- أسعار الغاز تشتعل عالميًا.. والعقود الأميركية إلى أعلى مستوى منذ 14 عامًا
- مختص عالمي للطاقة: هذه الدول العربية مرشحة للريادة في الهيدروجين.. والطلب على النفط والغاز سيظل ثابتًا (حوار)
- أوروبا تقر خطة لخفض استخدام الغاز في الشتاء.. والاستثناءات تهدد الصفقة