سلايدر الرئيسيةتقارير الهيدروجينهيدروجين

مختص عالمي لـ"الطاقة": هذه الدول العربية مرشحة للريادة في الهيدروجين.. والطلب على النفط والغاز سيظل ثابتًا (حوار)

أجرى الحوار: داليا الهمشري

اقرأ في هذا المقال

  • الغزو الروسي لأوكرانيا منح الهيدروجين بعدًا سياسيًا وإستراتيجيًا
  • الهيدروجين أداة فعالة لمحاربة التغيرات المناخية وتحقيق استقلال الطاقة
  • الكثير من البلدان أصدرت إستراتيجيات خاصة بالهيدروجين خلال السنوات القليلة الماضية
  • شركات النفط الضخمة بدأت التحول من سوق النفط والغاز إلى الهيدروجين
  • مصر مهيأة لتأدية دور محوري في سوق الهيدروجين

قال المدير التنفيذي الدولي للصناعات الهيدروجينية لمجموعة شركات هاودن الدولية (مقرّها غلاسكو في المملكة المتحدة، وهي عضو مجلس الهيدروجين العالمي)، المهندس صلاح مهدي، إن الغزو الروسي لأوكرانيا قد منح الهيدروجين بعدًا سياسيًا وإستراتيجيًا عظيمًا.

وتابع مهدي أن العالم أصبح لا يرى في الهيدروجين أداة فاعلة لمحاربة التغيرات المناخية فقط، وإنما لتحقيق استقلال الطاقة أيضًا.

ويحظى المهندس صلاح مهدي بعضوية العديد من مجالس الهيدروجين في عدد من الدول، أهمها الولايات المتحدة الأميركية، وإسكتلندا، وأستراليا، وكوريا الجنوبية، وتشيلي، كما أنه رئيس المجموعة الصناعية في منظمة هيدروجين أوروبا (مقرّها بروكسل).

ويُعد مهدي أحد خبراء الطاقة الدوليين المعروفين المختصين في مجال الهيدروجين والأمونيا الخضراء والطاقة المستدامة، ونفّذ العديد من المشروعات والدراسات في هذا المجال في أوروبا وحول العالم، بما في ذلك أول مشروع أمونيا خضراء في العالم، الذي هو قيد التنفيذ حاليًا.

وبحكم منصبه رئيسًا للمجموعة الصناعية في منظمة هيدروجين أوروبا، فهو أيضًا أحد الخبراء القلائل في مجال وضع السياسات والإستراتيجيات الدولية والإقليمية الخاصة بالهيدروجين والطاقة المستدامة ومراجعتها.

وأشار عضو مجلس الهيدروجين العالمي إلى أن الكثير من البلدان التي أصدرت إستراتيجيات خاصة بالهيدروجين خلال السنوات القليلة الماضية، تُسارع الآن لإصدار بيانات أخرى، وضخّ الأموال والاستثمارات الضخمة في هذا المجال.

وعبّر عن تفاؤله حول مستقبل الهيدروجين في ظل الأموال والاستثمارات الضخمة التي تُضخ في هذه السوق للمساعدة على تثبيت أركان هذه الصناعة في العالم.

جاء هذا في حوار أجرته منصة الطاقة المتخصصة، مع المهندس صلاح مهدي، تحدّث فيه عن واقع صناعة الهيدروجين وأهم التحديات التي تواجهه على المستويين العالمي والإقليمي، بالإضافة إلى نقاط عديدة ذات علاقة.. وإلى نصّ الحوار:

الهيدروجين
خزان لتخزين الهيدروجين - الصورة من موقع وكالة الطاقة النووية

لماذا يتصدّر الهيدروجين -حاليًا- المشهد في أسواق الطاقة بمثابة فرس الرهان الرابح في مستقبل الطاقة المتجددة؟

طفت قضية الهيدروجين فوق سقف أحداث أسواق الطاقة العالمية، خاصة خلال الأعوام القليلة الماضية، ولكن ما أحب أن أُذكر به أن القضية في الأساس ليست قضية الهيدروجين في حد ذاته، ولا قضية ما نسميه الأمونيا الخضراء، ولا عملية تحول الطاقة التي يتحدث عنها الجميع.

ولكنها في الأساس قضية التغير المناخي، وضرورة محاربة هذه الظاهرة، لا سيما بعد التسارع الكبير في هذا الاتجاه الذي شهده العالم خلال السنوات الـ10 الأخيرة؛ إذ يرى العالم في الهيدروجين مصدرًا للوقود النظيف وأداة مهمة وفاعلة لقيادة الحرب ضد التغيرات المناخية.

كما لا يمكن إغفال أن أزمات الطاقة المتلاحقة التي شهدتها الأشهر الأخيرة الماضية -خاصة أزمة الغاز ولا سيما بعد الغزو الروسي لأوكرانيا- قد أعطت الهيدروجين بعدًا سياسيًا وإستراتيجيًا عظيمًا؛ ما أسهم في إحداث زخم حقيقي وكبير حوله.

وأصبح العالم لا يرى في الهيدروجين -فقط- أداة فاعلة لمحاربة التغيرات المناخية، وإنما وسيلة مهمة لتحقيق ما يمكن أن نسميه "استقلال الطاقة"، التي أصبحت قضية ملحة لكثير من الدول هذه الأيام.

إلى أي مدى يُتوقع أن يسهم الهيدروجين الأخضر في خفض الانبعاثات الكربونية، ومواجهة التغيرات المناخية؟

الهيدروجين يُعدّ الوقود الوحيد -حتى الآن- الذي لا يصدر عن استخدامه أي نوع من الانبعاثات المُلوثة للبيئة، سواء الكربونية أو غير الكربونية.

ولذا، فإن التوسع في استخدام الهيدروجين وقودًا ومصدرًا للطاقة -لسد احتياجات البشرية اليوم على النطاق الصناعي أو نطاق التدفئة في العديد من البلدان- سيكون له أثر كبير للغاية في تقليل حجم الانبعاثات الكربونية المُتسببة في التغيرات المناخية.

وهذا ما حدا بالكثير من الدول لإعلان اعتمادها على الهيدروجين وقودًا للمستقبل؛ إيمانًا منها بأن هذا الوقود النظيف سيساعدها في الوصول إلى الحياد الكربوني خلال الأعوام الـ20 أو الـ30 المقبلة.

ما الدور الذي يؤديه الهيدروجين في عملية تحول الطاقة؟

الهيدروجين مهيأ جيدًا لأداء أدوار عدة في عملية تحول الطاقة، ويمكن حصر هذه الأدوار في 3 وظائف رئيسة، أولًا: استخدام الهيدروجين بصورة مباشرة وقودًا ومصدرًا للطاقة في احتياجات البشرية اليومية، سواء على نطاق الصناعة أو النقل أو على نطاق التدفئة؛ ما سيؤدي -بالضرورة- إلى تقليل كبير جدًا في حجم الانبعاثات الكربونية الضارة للبيئة والمُتسببة في التغيرات المناخية.

ثانيًا: استخدام الهيدروجين مخزنًا للكهرباء المتولدة من الطاقات المتجددة الأخرى كطاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وهناك العديد من الأبحاث التي بدأت منذ سنوات، والمستمرة حتى الآن؛ لتعظيم الدور الذي من الممكن أن يؤديه الهيدروجين في هذا المجال، إيمانًا منا بأنه إن حدث فسيؤدي إلى تسارع كبير جدًا في عملية تحول الطاقة، التي نتطلع لأن تجرى بأسرع ما يمكن.

وأما الدور الأخير فيتمثل في الدور الذي كان يؤديه الهيدروجين لسنوات طويلة في تغذية الصناعات الأخرى، مثل صناعة الأمونيا والأسمدة وصناعة البتروكيماويات، وهو دور سيؤديه الهيدروجين -أيضًا- في المستقبل.

نقطة الاختلاف ستكون -فقط- في التحول من استخدام الهيدروجين الضار للبيئة في هذه الصناعات، والانتقال إلى هيدروجين مُنتج بطرق صديقة للبيئة.

الهيدروجين

هل أسهمت أزمة الطاقة العالمية في التعجيل بالتوسع في إنتاج الهيدروجين الأخضر؟

أدت أزمة الطاقة العالمية الأخيرة وأزمات أخرى إلى إعطاء الهيدروجين أبعادًا أخرى في عملية تحول الطاقة التي نتطلع إليها، إذ اكتسب الهيدروجين بعدًا سياسيًا وإستراتيجيًا، حيث رأته الكثير من الدول أداة مهمة للغاية لتحقيق استقلال الطاقة.

ورأينا الكثير من البلدان، التي قد أصدرت إستراتيجيات خاصة بالهيدروجين خلال السنوات القليلة الماضية، تسارع -الآن- لإصدار بيانات أخرى، وضخ الأموال والاستثمارات الضخمة في هذا المجال.

وكان آخر هذه البيانات من جانب المفوضية الأوروبية والاتحاد الأوروبي بالموافقة على ضخ أكثر من 200 مليار دولار لتسريع عملية الانتقال إلى الهيدروجين في أوروبا وخارجها.

ومن المتوقع أن تحتذي دول أخرى بما يحدث في الاتحاد الأوروبي؛ ما سيقوّي ركائز سوق الهيدروجين، وسيوفر احتياجًا أكبر للهيدروجين في سوق الطاقة العالمية.

ما أهم التحديات التي تواجه هذه الصناعة الناشئة؟

هناك العديد من التحديات التي تواجهها، فهناك أبعاد واتجاهات مختلفة، سواء في اتجاه إنتاج الهيدروجين بطريقة اقتصادية أكثر فاعلية، أو في قطاع نقل الهيدروجين بين أسواق الإنتاج وأسواق الاستهلاك، و-أيضًا- على مستوى الاستخدامات الممكنة للهيدروجين في القطاعات المختلفة.

ولكن ما يبقينا -بصفتنا خبراء في هذا المجال- متفائلين حول مستقبل هذه الصناعة هو التسارع الكبير الذي حدث خلال السنوات الماضية، لا سيما السنوات الـ5 الأخيرة، والذي فاق كل التوقعات.

فقد رأينا أموالًا واستثمارات ضخمة تُضخ في هذه السوق للمساعدة على تثبيت أركان هذه الصناعة في العالم، ودخلت الكثير من الشركات التي تعمل في نطاق النفط والغاز -الآن- إلى صناعة الهيدروجين، وهو ما يُعد دعمًا كبيرًا لهذه الصناعة سنرى أثره في القريب العاجل جدًا.

كما رأينا الكثير من الدول والحكومات تُصدر إستراتيجيات وسياسات لفرض القيود على مصادر الطاقة المُلوثة للبيئة، وعلى الجانب الآخر، تدعم الأبحاث العلمية في مجال إنتاج الهيدروجين على مستوى أكبر للوفاء باحتياجات الأسواق الرئيسة في العالم.

أعتقد أن كل هذه الأمور تجعلنا متفائلين حول حجم التسارع الذي سنراه في هذه الصناعة خلال السنوات القليلة المقبلة.

ما رأيك في توجه بعض شركات النفط العالمية -خلال المدة الأخيرة- إلى الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة، لا سيما الهيدروجين الأخضر؟

هناك شقّان رئيسان في هذه القضية، الشق الأول هو أن هذه الشركات تعلم علم اليقين أنه سيكون هناك انخفاض، وإن كان بمعدلات محدودة في استهلاك النفط والغاز خلال السنوات القليلة المقبلة.

ولكن على المستوى البعيد، أي على مدار الأعوام الـ20 أو الـ30 المقبلة، سيكون هناك انخفاض كبير للغاية في هذه الأسواق، ولذا فمن المهم جدًا لهذه الشركات أن تبدأ إعداد أدوار لها في سوق الطاقة المتجددة، والهيدروجين على وجه الخصوص.

الشق الثاني يتمثّل في السياسات التي خرجت بها الكثير من الدول التي تضع القيود على استخدام النفط والغاز ومصادر الوقود الأخرى المُلوثة للبيئة، وهذا في حد ذاته وضع ضغوطًا كبيرة للغاية على هذه الشركات، ليس فقط على مستوى تحول الطاقة والتوجه نحو الطاقات النظيفة في مشروعاتها المستقبلية، ولكن -أيضًا- في محاولة معالجة أسواقها الحالية لتكون أكثر صداقة للبيئة مما كانت عليه.

أعتقد أن هذين هما الشقان الرئيسان وراء ما نراه، وما سوف نراه في المستقبل القريب من شركات ضخمة بدأت في الانتقال من سوق النفط والغاز العالمية إلى أسواق الطاقة المتجددة، لا سيما سوق الهيدروجين.

هل تعتقد أن التوسع في إنتاج الهيدروجين سيقلل من الطلب العالمي على النفط والغاز؟

مما لا شك فيه أنه على المدى البعيد سيكون للهيدروجين تأثير كبير جدًا وضخم في صناعة النفط والغاز العالمية، وأعني هنا خلال الأعوام الـ20 أو الـ30 المقبلة، ولكن حتى نبلغ هذه المرحلة، سيظل الطلب على النفط والغاز ثابتًا بمثابة مصدرين رئيسين للطاقة في هذا العالم.

وأعتقد -أيضًا- أن ما أثرى هذه السوق -خاصة سوق الغاز- هو ما اتفقت عليه بعض الحكومات في بعض البلدان بضرورة الاعتماد على ما يُسمى "الهيدروجين الأزرق" على المدى القريب لتسريع عملية انتقال الطاقة.

ويجب -أيضًا- ألا ننسى أن الاحتياج إلى النفط والغاز سيستمر في بعض الصناعات، خاصة الصناعات البتروكيماوية وإنتاج البلاستيك والصناعات الأخرى التي تحتاج إلى النفط والغاز، ربما ليس بمثابة وقود أو مصدر للطاقة، ولكن بصفتها مواد مغذية لإنتاج هذه المنتجات التي يحتاجها العالم الآن وفي المستقبل.

الهيدروجين
المهندس صلاح مهدي

في حوار سابق أجرته منصة "الطاقة" المتخصصة مع المديرة التنفيذية للاتحاد الدولي لمنتجي النفط والغاز، إيمان هيل، أكدت استمرار مشاركة الهيدروكربونات في مزيج الطاقة لسنوات عديدة مقبلة، رغم زيادة الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة.. هل تتفق معها في ذلك؟

أتفق مع ما قالته إيمان هيل من جانب، ويمكن أن أختلف من جانب آخر، فيجب أن نأخذ في الحسبان المدى الزمني في الإجابة، فكما قلت نعم على المستوى القريب سوف تظل هناك سوق للنفط والغاز.

ولكن بما نراه من اتجاه عالمي لمحاربة التغيرات المناخية، فمن المتوقع أن يحدث انخفاض شديد جدًا في احتياجات العالم من النفط والغاز خلال الأعوام الـ30 المقبلة.

ولذا فأنا أتفق مع إيمان هيل على استمرار أسواق النفط والغاز، ولكن ليس لاستخدامهما وقودًا، ولكن لتغذية صناعات أخرى عديدة مثل صناعة السيارات والبلاستيك والبتروكيماويات، فهذه الصناعات تُعد ركيزة مهمة للإنسانية؛ لأننا نحتاج إلى المُنتجات المُصنعة منها، وسوف تظل هناك أسواق لهذه المنتجات، وبالتالي سوف تكون هناك حاجة دائمة للنفط والغاز.

ما أبرز الدول العربية المرشحة للريادة في مجال إنتاج الهيدروجين وتصديره إلى جانب السعودية والجزائر والمغرب؟

أعتقد أن هذه المنطقة من الشرق الأوسط مهيأة لأن تؤدي دورًا مهمًا في هذه الصناعة الناشئة كما أدّت لسنوات عديدة دورًا مهمًا في أسواق الطاقة التقليدية من النفط والغاز؛ وذلك لعدة أسباب من أبرزها توافر الموارد الطبيعية الرخيصة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.

ولكن في رأيي فإن أهم ما يميز هذه المنطقة هو قربها من السوق المتوقعة لصناعة الهيدروجين وهي السوق الأوروبية، فإذا علمنا أن العائق الأكبر الآن لصناعة الهيدروجين هو عملية النقل بين الأسواق المُنتجة والمُستهلكة، فإن هذا يعني أن هذه المنطقة هي الأقرب لسوق الاستهلاك الأوروبية؛ لذا فهي مهيأة جدًا لتؤدي دورًا محوريًا مهمًا جدًا في صناعة الهيدروجين العالمي.

وقد رأينا، خلال الأسابيع القليلة الماضية، إصدارات جديدة من المفوضية الأوروبية تتضمن خططًا لاستيراد ما لا يقل عن 10 ملايين طن من الهيدروجين بحلول عام 2030.

وهذا يعني أن الباب سيكون مفتوحًا أمام الدول التي تريد أن تُصدر الهيدروجين إلى الاتحاد الأوروبي، وهذه المنطقة بحكم قربها ستكون مهيأة بصورة أكبر من مناطق أخرى في العالم لأن تأخذ السبق في هذا الاتجاه.

الهيدروجين

كانت الجزائر أول من أعلنت عالميًا عن تصدير الهيدروجين في أنابيب الغاز، ثم تلاها المغرب في دراسة هذا المقترح.. ما الجدوى الاقتصادية لهذه العملية؟

إذا كان السؤال متعلقًا باستخدام خطوط الأنابيب الموجودة -حاليًا- في عدد كبير من الدول لنقل الغاز الطبيعي، فبالطبع استخدام هذه الخطوط لنقل الهيدروجين يواجه معوقات كبيرة جدًا دون الدخول في تفاصيل التقنية؛ لأن هذه الأنابيب ليست مُصممة لتحمل غازًا مثل الهيدروجين؛ ما يجعل هناك حدودًا ومعوقات لاستخدامها في نقله.

وهناك أبحاث تجري -حاليًا- في العديد من الدول -مثل الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وعدة دول أوروبية- لبحث كيفية الاستخدام الأفضل لهذه الأنابيب.

ولكن معظم هذه الأبحاث قد أفضت إلى أنه لا يمكن استخدام خليط أكثر من 20% بين الغاز الطبيعي والهيدروجين في هذه الأنابيب، وإن كان يمكن استخدامها على المدى القريب للمساعدة في عملية تحول الطاقة، ولكن لا يمكن الاعتماد عليها حلًا طويل الأمد.

النقطة الثانية أنه يجب أن نتذكر أنه توجد خطوط للهيدروجين في عدة دول، من بينها الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا والمملكة المتحدة، وفي عدة دول أوروبية أخرى؛ لذا فعمليات نقل الهيدروجين عبر الأنابيب لا تواجه أي مشكلات على المستوى التقني.

وأعتقد أن المشكلة الأكبر تتمثل في التكلفة الباهظة لبناء خطوط الأنابيب، ولكن بما رأيناه من تشجيع للاستثمارات في نطاق الهيدروجين بصفة عامة، لا سيما من قبل دول مهمة -مثل الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية- فإن ذلك سوف يؤدي إلى إيجاد سوق لخطوط أنابيب الهيدروجين -في القريب العاجل-؛ كونها الحل الأمثل لتسريع عملية استخدام الهيدروجين في الاحتياجات اليومية المختلفة الصناعية والحياتية.

كونك عضوًا بمجالس الهيدروجين في عدد من الدول.. ما أهم التجارب العالمية التي اطّلعت عليها بمجال تمكين الهيدروجين في القطاعات الاقتصادية المختلفة؟

أعتقد أن النقطة الأهم في هذا الموضوع هي العدد الكبير جدًا من مشروعات الهيدروجين التي رأيناها حول العالم من اليابان والصين شرقًا إلى الولايات المتحدة الأميركية وتشيلي غربًا، وبالطبع في أوروبا، كما يُخطط -الآن- لمشروعات ضخمة في الشرق الأوسط ومنطقة الخليج وشمال أفريقيا.

وأفضل ما يميز هذه المشروعات أنها لم تركز على قطاع واحد، ولكن امتدت إلى قطاعات مختلفة، فقد رأينا مشروعات للهيدروجين في قطاعات الأسمدة والحديد والصلب والنقل البحري والنقل البري والجوي.

وأعتقد أن هذا سوف يُحدث فرقًا كبيرًا جدًا في صناعة الهيدروجين خلال الشهور القليلة المقبلة؛ لأن هذه المشروعات قد أثبتت تقنيًا إمكان استخدام الهيدروجين.

والخطوة المقبلة -الآن- التي يتحدث عنها الجميع هي كيف يمكننا أن نحسّن اقتصادات هذه المشروعات.

النقطة الثانية هي التعاون الدولي الحادث بين العديد من المنظمات والشركات والدول، وأعتقد أن هذا في حد ذاته وسيلة مهمة جدًا سوف تثري صناعة الهيدروجين، وقد بدأنا في رؤية ثمار هذه المحادثات والمعاهدات التي تدعم هذه الصناعة بصورة أكبر وتسارعها للانتقال إلى المرحلة التالية.

ما الدور الذي تؤديه منظمة هيدروجين أوروبا في هذا القطاع؟

تُعد منظمة هيدروجين أوروبا من أهم المنظمات المعنية بالهيدروجين على مستوى أوروبا ومقرها بروكسل في بلجيكا، وقد شرفت بانتخابي رئيسًا للمجموعة الصناعية فيها، وهناك 350 عضوًا في هذه المنظمة يمثلون كامل أعضاء الاتحاد الأوروبي.

ونحن نعمل مع صانعي القرار كافّة -سواء في الاتحاد الأوروبي أو البرلمان الأوروبي والمفوضية الأوروبية- لتثبيت ركائز صناعة الهيدروجين في الاتحاد الأوروبي.

ونهدف إلى تسريع عملية انتقال الطاقة ليس فقط على مستوى قارة أوروبا، وإنما في العالم أجمع بالعمل مع شركائنا داخل أوروبا وخارجها.

كما نتابع السياسات بصفة دورية ونتناقش بصفة أسبوعية، وهناك اجتماعات لمتابعة السياسات والإستراتيجيات المختلفة التي تصدر سواء عن المفوضية الأوروبية أو عن الدول الأوروبية أو الدول الأخرى، إيمانًا منا بالدور الذي تؤديه السياسات في وضع ضغوط أكبر على الأسواق لتشجيع الجميع على الانتقال إلى سوق الهيدروجين النظيف للمساعدة في محاربة التغيرات المناخية.

ومنذ نحو 3 أو 4 أشهر، عقدنا شراكة مع المفوضية الأوروبية فيما يُسمى "إنشاء شراكة الهيدروجين النظيف"، وهناك خطوات بدأت في هذا الاتجاه، أبرزها ضخ ما يقرب من ملياري يورو (ملياران و320 ألف دولار أميركي) في مجال البحث العلمي لتشجيع الجميع على خلق التقنيات الأكثر حداثة التي تحتاجها هذه الصناعة لتتسارع إلى المستوى الذي ننشده.

الهيدروجين
المهندس صلاح مهدي

شاركتَ مؤخرًا في قمتين عالميتين حول الهيدروجين إحداهما في هولندا والأخرى في فرنسا.. ما أهم التوصيات التي خرجت بها هاتان القمتان؟

أكدت القمتان مرة أخرى أهمية الدور الذي سيؤديه الهيدروجين في محاربة التغير المناخي وعملية تحول الطاقة.

كما سلطتا الضوء على ضرورة التعاون الدولي بين جميع الأطياف وجميع اللاعبين في هذا المجال من هيئات وشركات وحتى على مستوى الحكومات، وأعتقد أن هذه الخطوة يمكن أن تساعد في إحداث تسريع كبير في تطور هذة السوق الناشئة الواعدة.

ما رؤيتكم لمستقبل مصر في إنتاج الهيدروجين الأخضر؟

في ظل توافر الطاقات المتجددة -مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية- فإن مصر مهيأة لأداء دور محوري في هذه السوق الناشئة، فضلًا عن وجود البنية التحتية التي تميز مصر عن الدول الأخرى التي تستعد وترغب في إيجاد قدم لها في هذه السوق؛ لذا لا بد أن تُستغل بشكل جيد.

كما أن مصر تحظى بميزة مهمة وهي: القرب من أهم أسواق الهيدروجين في العالم -حتى الآن- وهي السوق الأوروبية؛ ما يجعلها مستعدة لأداء دور محوري في هذه السوق.

وأعتقد أنه لا بد من التركيز -الآن وصاعدًا- على كيفية تسريع دخول مصر إلى هذه السوق الكبيرة، وكيف يمكن للحكومة المصرية استخدام الزخم الكبير حول الهيدروجين في العالم للمضي قدمًا وإيجاد دور لها في هذا المجال.

وهناك -بالطبع- عدة معوقات في صناعة الهيدروجين، ولكنها ليست خاصة بمصر وحدها، وإنما بالعديد من الدول، وأعتقد أن التركيز على حل هذه المعوقات بالعمل مع الشركاء الدوليين، سوف يؤدي إلى تسارع عملية إدخال مصر في سوق الهيدروجين العالمية، وأتمنى أن أرى هذا قريبًا.

ما تعليقك على استضافة مصر قمة المناخ كوب 27 هذا العام؟

سعدت للغاية باستضافة مصر قمة المناخ المقبلة كوب 27 التي ستُعقد هذا العام بمدينة شرم الشيخ، وأعتقد أنها خطوة محمودة تتماشى للغاية مع توجهات الدولة المصرية في محاولة إيجاد دور مهم في سوق الهيدروجين الناشئة الواعدة.

وسوف يكون المؤتمر فرصة كبيرة لإرسال رسالة مهمة إلى شركاء مصر وحلفائها بأن مصر تستطيع أن تساعدهم في توفير الاحتياجات التي يريدونها من الهيدروجين خلال السنوات المقبلة بما تمتلكه من موارد طبيعية كبيرة ورخيصة وموقع فريد قريب من هذه الأسواق العالمية.

كما سعدت للغاية بإعلان الحكومة المصرية مشروعين، أحدهما -على الأقل- سيُنفذ قبل انعقاد المؤتمر.

وأعتقد أن هذه رسالة أخرى مهمة جدًا أن العمل قد بدأ في هذا الاتجاه، ولا يقتصر على التخطيط فقط، وأتمنى كل التوفيق لمصر في الاستفادة من هذا المؤتمر بصفته خطوة أولى في رحلة البحث، وإيجاد دور لها في هذه السوق المهمة جدًا التي تمثّل مستقبل الطاقة.

موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. ا جو ان تتمكن مصر من تبؤء مكانه مناسبه لامكانياتها من موقع استراتيجي وقدرات لإنتاج الأكسجين الأخضر من طاقه شمسيه وايضا طاقه الرياح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق