تصدير النفط الروسي "ممنوع" إلى هذه الدول.. بأمر البنك المركزي
وتحذير من ارتفاع جديد لأسعار الخام بالسوق العالمية
هبة مصطفى
يثير النفط الروسي الجدل من جديد بإعلان البنك المركزي في موسكو قرارًا من شأنه تهديد الإمدادات إلى دول عدة أبرزها دول مجموعة الـ7.
وفي تصعيد جديد، قرر البنك المركزي الروسي، أمس الجمعة 22 يوليو/تموز، وقف إمدادات النفط للدول التي تُبدي استجابة لاقتراح دول مجموعة الـ7 نهاية شهر يونيو/حزيران الماضي بتحديد سقف لأسعار خام موسكو، وفق ما نشرته "رويترز".
وأطلقت موسكو -عقب طرح اقتراح مجموعة الـ7- تحذيرًا من ارتفاع أسعار الخام بالأسواق العالمية لمستويات قياسية، ولا سيما في حالة تنفيذ التهديدات بقطع إمدادات النفط الروسي بالكامل عن الدول المستجيبة.
وتفصيليًا، كانت وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، قد اقترحت، الشهر الماضي، وضع حد أقصى لسعر شراء الخام الروسي، في محاولة لتحجيم قدرات موسكو وعائدات الطاقة المستخدمة في الإنفاق على حربها ضد أوكرانيا، بحسب ما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
قطع إمدادات النفط الروسي
أعلنت محافظة البنك المركزي الروسي، إلفيرا نابيولينا، امتناع بلادها عن توريد الخام للدول المستجيبة لمقترح دول مجموعة الـ7 ومن بينها أميركا، مشيرة إلى أن المقترح استهدف تقويض عائدات موسكو من صادرات الطاقة لوضع قيود على تمويل حربها ضد أوكرانيا.
وقال نابيولينا: "لن نُصدّر النفط الروسي للدول التي ستقرر فرض حد أقصى لسعر خام موسكو"، كاشفة عن أن بلادها ستعيد توجيه إمدادات النفط الخام وكذا المنتجات النفطية إلى الدول المستعدة للتعاون مع الكرملين.
ومن جانب آخر، أكدت محافظة البنك المركزي في موسكو أن التداعيات التي ستتخذها بلادها لمواجهة تنفيذ المقترح الرامي لتحديد سقف لسعر الخام الروسي من شأنها رفع أسعار الخام بالأسواق العالمية.
وتهدف دول مجموعة الـ7 من مقترحها إلى السيطرة على وتيرة زيادة أسعار الطاقة بما يضع حلًا لأزمة الطاقة التي طالت دولًا كبرى خلال الآونة الأخيرة وبصورة خاصة دول القارة الأوروبية التي تعتمد على الإمدادات الروسية بصورة كبيرة.
- وضع سقف لسعر النفط الروسي لن يحل مشكلات الطاقة العالمية (مقال)
- تدفقات النفط الروسي إلى آسيا تتراجع.. هل تنجح أميركا في حصار موسكو؟
جدوى تحديد سقف للأسعار
أكدت مؤسسة مركز "فاندا إنسايتس" المعني بأسواق الطاقة، فاندانا هاري، أن الأبعاد التجارية لن تكون المحرك الوحيد أمام استجابة الدول لمقترح مجموعة الـ7 بتحديد سقف لأسعار النفط الروسي، بحسب مقال لها نُشر بمنصة الطاقة المتخصصة في 18 يوليو/تموز الجاري.
وأوضحت أن محاولة الحشد الأميركي لصالح المقترح خلال رحلة وزيرة الخزانة إلى آسيا مطلع الشهر الجاري لم تؤدِّ إلى التزامات محددة، ولا سيما أن الصين والهند التزمتا الحياد منذ بداية الحرب على أوكرانيا ولم تنضما للعقوبات على موسكو.
وأضافت هاري أنه على الصعيد النظري، يؤدي وضع سقف لأسعار صادرات الخام الروسي دورًا لصالح البلدان المستوردة له وخفض الأسعار، غير أنه واقعيًا يمكن أن يعود تنفيذ المقترح على الأسواق بأضرار تتمثل في خفض موسكو إنتاجها النفطي ورفع الأسعار المرتفعة بالفعل.
واستندت فاندانا هاري في رؤيتها إلى أن الصين اعتبرت تلك الخطوة "معقّدة"، حسبما أشارت تصريحات المتحدثة باسم وزارة التجارة في بكين؛ إذ فضّلت الدولة الواقعة شرق آسيا العمل على التأسيس لحوار جاد بدلًا من الحديث عن عقوبات إضافية من شأنها إشعال حرب أوكرانيا من جديد.
وفي الوقت الذي لم تحدد خلاله الهند موقفها، اعتبرت إندونيسيا أن تحديد سقف لسعر الخام الروسي لن يشكل حلًا جذريًا لمشكلات الطاقة العالمية.
رفع الأسعار.. أم خفض التضخم؟
يتضمن المقترح الأميركي الذي لقي تأييدًا من مجموعة الدول الـ7 تشكيل تحالف لشراء الخام الروسي بأسعار مخفضة تحقق لموسكو قدرًا من الأرباح لكنه يحد من قدرتها على تمويل حربها على أوكرانيا في الوقت ذاته.
ويقف مقترح تحديد سقف أسعار صادرات الخام الروسي في منتصف الطريق؛ بين دفعه باتجاه رفع أسعار الخام بحسب تحذيرات موسكو وبين تعويل أميركا عليه في خفض التضخم ووضع حد للأسعار.
وحذر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من قفزة كارثية لأسعار الطاقة حال استمرار العقوبات ضد بلاده، حسبما صرّح في وقت سابق من الشهر الجاري.
وفي السياق ذاته، أكدت وزيرة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن ارتفاع أسعار الطاقة في الآونة الحالية لا علاقة له بأسعار صادرات بلادها من النفط، وإنما كان تقويض المنتجين الرئيسين (في إشارة إلى إيران وفنزويلا) السبب وراء ذلك.
وعلى الصعيد الآخر؛ تنظر أميركا إلى المقترح باعتباره أبرز أدوات مواجهة التضخم العالمي وارتفاع أسعار الطاقة وانعدام الأمن الغذائي، بحسب تصريحات وزيرة الخزانة الأميركية، جانيت يلين، منتصف الشهر الجاري.
حصار لن ينجح
أكد مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، الدكتور أنس الحجي، أن محاولات حصار النفط الروسي غير متوقع نجاحها، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأوروبي يسعى جاهدًا للاتفاق حول إقرار عقوبات نفطية على موسكو دون نتائج تُذكر.
وقال، خلال إحدى حلقات برنامج "أنسيات الطاقة" حول مستجدات الأسواق، مطلع شهر يونيو/حزيران، إن أسعار النفط ستواصل ارتفاعها ولا سيما أن محاولات الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات على واردات الطاقة الروسية تتزامن مع إعلان دوله الاستغناء عن تلك الواردات نهاية العام الجاري (2022).
ولفت الحجي إلى أن الصين والهند تزيدان من واردات النفط الروسي لمعالجته محليًا ثم تعيد تصديره إلى أوروبا، ما اعتبره مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة أمرًا مضحكًا؛ إذ تتكلف أوروبا حينها تكلفة الواردات بالإضافة إلى تكلفة المعالجة؛ ما يزيد من مستويات أسعار الطاقة على المستهلك.
اقرأ أيضًا..
- لا تمديد للسحب من احتياطي النفط الإستراتيجي الأميركي
- رئيس وزراء المجر: أسعار الطاقة تثبت فشل العقوبات على روسيا
- مواني الشحن في الهند تكتفي ذاتيًا من الكهرباء بحلول 2030