التقاريرتقارير منوعةرئيسيةروسيا وأوكرانيامنوعات

الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع أسعار الطاقة يزيدان من معاناة الدول النامية (تقرير)

مع ابتعاد أهداف التنمية المستدامة عن مسارها

دينا قدري

اقرأ في هذا المقال

  • الدول النامية كانت تعاني جراء جائحة كورونا قبل اندلاع الحرب
  • العالم بحاجة إلى الإرادة السياسية لإعادة أهداف التنمية المستدامة إلى مسارها
  • 107 اقتصادات نامية معرّضة لخطر اضطراب قنوات النقل
  • ضرورة الحدّ من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة مع ضمان وصول الإمدادات لمستحقّيها
  • التعهد بمواصلة حركة التجارة وتجنّب حظر الصادرات على السلع الأساسية

تعاني الاقتصادات النامية من تداعيات "عاصفة كاملة" من الأزمات المتتالية، تتمثل في الحرب الروسية الأوكرانية وتغير المناخ وجائحة كورونا، ما أخرج أهداف التنمية المستدامة عن مسارها الصحيح.

وأدت ضربة مزدوجة من الصدمات الخارجية -في غضون عامين فقط- إلى خروج التنمية العالمية عن مسارها، وغرق طموحات خطة عام 2030 في عدم اليقين.

وفي هذا السياق، أكدت الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، ريبيكا غرينسبان، أن العالم بحاجة إلى الإرادة السياسية للوصول إلى سبل مواجهة الوضع ومنع المعاناة الإنسانية وتحقيق العدالة الاجتماعية.

تداعيات جائحة كورونا

أوضحت غرينسبان -في مقال نشرته منصة مبادرة "إس دي جي أكشن"- أن جائحة كورونا تركت ندوبًا عميقة في جميع أنحاء العالم النامي، قبل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

منذ عام 2019، زاد عدد الأشخاص الذين يعانون من الجوع بمقدار 46 مليونًا في أفريقيا، ونحو 57 مليونًا في آسيا، ونحو 14 مليونًا في أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وهناك 77 مليون شخص يعيشون الآن في فقر مدقع.

وأدى إغلاق المدارس إلى خسائر تصل إلى 17 تريليون دولار أميركي في أرباح مدى الحياة لهذا الجيل من الطلاب، وفي الوقت نفسه، تُوفّي أكثر من 6 ملايين شخص بسبب جائحة كورونا.

بعد الانتعاش الاقتصادي القوي -على الرغم من كونه غير متكافئ- في عام 2021، فاجأت الحرب الروسية الأوكرانية الاقتصاد العالمي؛ ما أدى إلى اضطراب الأسواق العالمية للأغذية والأسمدة والوقود التي تؤدي روسيا وأوكرانيا دورًا كبيرًا فيها.

وقد أدى ذلك إلى ارتفاعات تاريخية في أسعار السلع الأساسية، وتشديد عامّ للأوضاع المالية العالمية.

وبينما كان الانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي على مستوى العالم خلال جائحة كورونا أكثر من ضعف ما حدث في الركود العظيم في أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، فإن آثار الجائحة على الاقتصادات الرئيسة تبددت بسرعة بفضل جهود التحفيز غير المسبوقة من قبل الدول الأكثر ثراءً.

وعلى العكس من ذلك، تضخّمت أعباء الديون في الاقتصادات النامية، مع مخاوف من دفعها إلى حافّة الهاوية بسبب الحرب الأوكرانية، إذ يرى صندوق النقد الدولي أن أكثر من 60% من الدول النامية منخفضة الدخل إمّا تعاني حاليًا من ضائقة ديون، أو معرّضة لخطرها.

تداعيات الحرب

أكدت غرينسبان أن شدة "الضربة المزدوجة" التي ألحقتها الحرب الروسية الأوكرانية بالاقتصادات النامية في أعقاب أزمة جائحة كورونا تتضاءل فقط بسبب تعقيد قنوات النقل، التي تنتشر من خلالها الصدمة عبر أسواق السلع والأسواق المالية.

وأشارت إلى أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية في الطاقة والغذاء والأسمدة أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم؛ ما يضغط على ميزانيات الأسرة، لا سيما في أفقر الأسر التي تنفق أجزاء أكبر من دخلها على الغذاء والطاقة.

وتتعطل سلاسل التوريد المزدحمة بسبب عمليات النقل التجارية المفاجئة نتيجة العقوبات الناجمة عن الحرب الروسية الأوكرانية، والاندفاع العامّ على السلع الأساسية؛ ما يؤدي إلى زيادة تكاليف التجارة.

كما يؤدي ارتفاع التضخم إلى رفع أسعار الفائدة، ومن ثم زيادة تكلفة الدين.

ويؤثر كل هذا في الأشخاص الأكثر ضعفًا: النساء اللائي يعانين من انعدام الأمن الاقتصادي، والأطفال الذين أُجبروا على ترك المدرسة للعمل، والفقراء الذين كانوا جائعين قبل بدء الحرب الروسية الأوكرانية.

وتُقدِّر مجموعة الأمم المتحدة للاستجابة للأزمات العالمية أن 107 اقتصادات نامية معرّضة بشدة لبُعد واحد على الأقلّ من قنوات النقل الثلاث: ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وارتفاع أسعار الطاقة، وتشديد الأوضاع المالية.

ويعيش نحو 1.7 مليار شخص في هذه الدول، 553 مليون منهم فقراء، و215 مليون منهم يعانون من سوء التغذية.

وفي الواقع، من بين هذه الدول البالغ عددها 107 دول، هناك 69 دولة معرّضة بقوّة لجميع قنوات النقل الثلاث في وقت واحد، ما يمثّل تحديات هائلة لـ1.2 مليار من سكان تلك الدول.

أزمة روسيا وأوكرانيا

حلول لتحقيق أهداف التنمية المستدامة

أوضحت غرينسبان أن التحدي الذي يواجه هيكل التمويل الدولي اليوم هو أنه بُني في المقام الأول لحماية الاقتصاد العالمي من الأزمات على مستوى كل دولة على حدة.

إلّا أنه في مواجهة "العاصفة الكاملة" المتمثلة في الأزمات المتتالية -بما في ذلك تغير المناخ والأوبئة والحرب- التي تضرب العديد من الدول النامية في آنٍ واحد، فإن النظام محدود في كيفية تقديم استجابة منهجية وعالمية تدعم جميع الدول من كل الأبعاد.

ولذلك، قالت غرينسبان: "يجب علينا تسخير نقاط القوة في ذلك النظام اليوم لوضع أساس لمزيد من الإصلاح غدًا.. إصلاح يُعاد فيه التقدم نحو أهداف التنمية المستدامة إلى مساره الصحيح".

وشددت على أنه يتعين على جميع الدول العمل معًا للحدّ من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والطاقة التي حفّزتها الحرب الروسية الأوكرانية، والتأكد من تسليم البضائع الأساسية إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها أولًا، وليس أولئك الأكثر استعدادًا لدفع السعر الأعلى.

وتابعت أن الدول يجب أن تتعهد بمواصلة حركة التجارة وتجنّب حظر الصادرات على السلع الأساسية، فضلًا عن العمل -بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني- على تقديم الدعم الذي تشتد الحاجة إليه للفئات السكانية الأكثر ضعفًا.

وهذا يعني استخدام جميع التسهيلات المتاحة في صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، بما في ذلك صندوق الصمود والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولي، ومرفق المؤسسة الدولية للتنمية الحالي للدول الجزرية الصغيرة النامية، وكذلك إجراء محادثة متعددة الأطراف بجدّية حول القدرة على تحمّل الديون قبل فوات الأوان.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق