وكالة الطاقة الدولية تحدد 5 إجراءات فورية لتجنب أزمة كبرى للغاز في أوروبا
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
- أوروبا عرضة لمواجهة شتاء قاسٍ وطويل مع نقص إمدادات الغاز
- يجب على أوروبا ملء مواقع التخزين بنسبة 90% من سعتها
- على أوروبا خفض الطلب على الغاز الطبيعي بشكل كبير
- فاتح بيرول يحدد 5 إجراءات فورية قبل الشتاء المقبل في أوروبا
- روسيا قد تقطع إمدادات الغاز بشكل كامل عن أوروبا
أطلق مدير وكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، تحذيرًا شديد اللهجة إلى أوروبا بشأن ما وصفه بشتاء طويل وقاسٍ؛ بسبب نقص إمدادات الغاز الطبيعي، مع تداعيات الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفي تعليق نشره الموقع الإلكتروني لوكالة الطاقة، اليوم الإثنين (18 يوليو/تموز)، أكد بيرول أنه في ظل أزمة الطاقة العالمية، فإن الوضع محفوف بالمخاطر، بصفة خاصة في أوروبا، التي تقع في بؤرة اضطرابات سوق الطاقة، خاصة مع دخول فصل الشتاء خلال الأشهر المقبلة.
وأشار فاتح بيرول إلى أنه حتى إذا تمكنت أوروبا من ملء مواقع تخزين الغاز بنسبة 90% بالكامل، فلا يزال هناك خطر متزايد من تعطّل الإمدادات إذا أوقفت روسيا جميع صادراتها، حسبما نقلت وحدة أبحاث الطاقة.
وحدّد بيرول 5 إجراءات فورية يجب اعتمادها، لمنع حدوث أزمة غاز كبرى في أوروبا، لكن في البداية يجب معرفة كيف ساقت روسيا القارّة العجوز إلى هذا المأزق.
أزمة الغاز في أوروبا
قال فاتح بيرول، إن دور روسيا واضح منذ البداية في أزمة الغاز الأوروبية؛ ففي سبتمبر/أيلول 2021 -قبل 5 أشهر من الغزو الروسي لأوكرانيا- أشارت وكالة الطاقة الدولية إلى أن موسكو تمنع وصول كمية كبيرة من الغاز إلى أوروبا.
وفي يناير/كانون الثاني 2022، حذّرت الوكالة الدولية من التخفيضات الكبيرة وغير المبررة من جانب روسيا في الإمدادات إلى أوروبا، التي أدّت إلى تشديد مصطنع في الأسواق، ورفعت الأسعار، تزامنًا مع تصاعد التوترات بشأن أوكرانيا.
يقول بيرول: "بعد غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط، لا أحد في أوروبا أو في العالم يمكن أن يكون لديه أيّ أوهام حول المخاطر المتعلقة بإمدادات الطاقة الروسية".
وهذا ما دفع وكالة الطاقة إلى إصدار خطة مكونة من 10 نقاط لتقليل اعتماد الاتحاد الأوروبي على الغاز الطبيعي الروسي، بعد أسبوع واحد فقط من بدء الغزو.
وشددت هذه الخطة على الحاجة إلى تعظيم إمدادات الغاز من مصادر أخرى، وتعزيز دور مصادر الطاقة المتجددة ومنخفضة الانبعاثات، إلى جانب اتخاذ تدابير كفاءة الطاقة في المنازل والشركات وغيرها من الإجراءات.
ورغم بدء تحرك أوروبا في هذا الصدد، فإن التحركات الروسية الأخيرة، بمثابة إنذار للاتحاد الأوروبي؛ إذ توقفت التدفقات عبر نورد ستريم 1 بسبب إجراءات الصيانة المخطط لها، والتي من المقرر أن تنتهي في 21 يوليو/تموز 2022 -بحسب روسيا- فضلًا عن خفض إمدادات الغاز خلال يونيو/حزيران الماضي.
ومع اقتراب من الشتاء المقبل، فإن الأشهر القليلة المقبلة حاسمة بالنسبة إلى أوروبا، خاصة مع عدم استبعاد القطع الكامل لإمدادات الغاز الطبيعي من روسيا، بحسب فاتح بيرول.
5 إجراءات فورية
يرى فاتح بيرول أنه حال وقف تدفّق الغاز الروسي تمامًا بداية موسم التدفئة الشتوي في 1 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بعد عودتها بشكل طبيعي في 21 يوليو/تموز عقب انتهاء الصيانة، فإن أوروبا ستحتاج إلى ملء مواقع التخزين بما يزيد عن 90% من سعتها، لتوفير إمدادات الشتاء المقبل.
وحتى في هذه الحالة، لا يزال من الممكن أن تواجه أوروبا انقطاعات في الإمدادات في الجزء الأخير من موسم التدفئة.
وتتمثل الخطوة الأولى الفورية نحو ملء مخزون الغاز الأوروبي بمستويات كافية قبل الشتاء، في تقليل استهلاك الغاز الحالي في أوروبا.
وبحسب وكالة الطاقة الدولية، فإن الغاز الإضافي الذي يجب توفيره خلال الأشهر الـ3 المقبلة سيكون في حدود 12 مليار متر مكعب - هو ما يكفي لملء 130 ناقلة غاز طبيعي مسال.
وأشار فاتح بيرول إلى أن خفض الطلب أمر ضروري، لأن الاعتماد على مصادر بديلة للغاز من النرويح وأذربيجان وشمال أفريقيا ليس كافيًا، لتعويض الإمدادات الروسية، وفق ما نقلته وحدة أبحاث الطاقة.
وفي ظل هذه الأزمة، هناك 5 إجراءات فورية يتعين على القادة الأوروبيين اتخاذها من أجل نهج أكثر تنسيقًا على مستوى الكتلة للاستعداد لفصل الشتاء المقبل، بحسب فاتح بيرول.
- أولًا، إطلاق منصة مزادات لتحفيز مستخدمي الغاز في القطاع الصناعي بالاتحاد الأوروبي على تقليل الطلب.
- ثانيًا، تقليل استخدام الغاز في قطاع الكهرباء، عن طريق زيادة التوليد بالفحم والنفط مؤقتًا، مع الإسراع بنشر المصادر منخفضة الكربون، بما في ذلك الطاقة النووية.
- ثالثًا، تعزيز التنسيق بين مشغّلي الغاز والكهرباء في جميع أنحاء أوروبا، بما في ذلك آليات الحدّ الأقصى للاستهلاك، فضلًا عن التعاون في تشغيل محطات الطاقة الحرارية على المستويين الوطني والأوروبي.
- رابعًا، خفض الطلب على الكهرباء المنزلية من خلال وضع معايير التبريد والعمل على تغيير سلوك المستهلكين.
- خامسًا، التخطيط المنسّق لحالات الطوارئ على المستويين الوطني والأوروبي.
ماذا لو قطعت روسيا إمدادات الغاز تمامًا؟
يرى فاتح بيرول أنه من غير الحكمة استبعاد احتمال أن تقرر روسيا التخلي عن الإيرادات التي تحصل عليها من تصدير الغاز إلى أوروبا من أجل كسب النفوذ السياسي، خاصة أنها استفادت من أزمة الطاقة الحالي.
ومنذ غزو أوكرانيا، تضاعف حجم إيرادات روسيا من تصدير النفط والغاز إلى أوروبا، مقارنة بمتوسط السنوات الأخيرة، لتصل إلى 95 مليار دولار، وفق ما ذكره فاتح بيرول.
وبمعنى أوضح، فإن الزيادة في عائدات روسيا من صادرات النفط والغاز خلال الأشهر الـ5 الماضية فقط، تقترب من 3 أمثال ما تحققه عادةً من تصدير الغاز إلى أوروبا خلال شتاء كامل.
وفي المقابل، ترى شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي، أن إيرادات روسيا من النفط والغاز قد تتراجع بنحو 85 مليار دولار لتبلغ في المتوسط قرابة 295 مليار دولار في 2022؛ بسبب العقوبات الغربية، حسبما نقلت وحدة أبحاث الطاقة.
وإذا قررت روسيا قطع إمدادات الغاز بشكل كامل قبل أن تتمكن أوروبا من رفع مستويات التخزين إلى 90%، فسيكون الوضع أكثر خطورة وتحديًا للقارّة، ويتطلب قيادة هادئة وتنسيقًا دقيقًا، على حدّ قول فاتح بيرول.
وتحتاج أوروبا -وفق ما ذكره مدير وكالة الطاقة الدولية- إلى الاستعداد لهذا الاحتمال الآن، لتجنُّب الضرر المحتمل الذي قد ينجم عن استجابة مفككة لدول القارّة.
ويتعين على أوروبا أن تفعل كل ما في وسعها لتقليل مخاطر النقص الكبير في الغاز، خاصة خلال فصل الشتاء المقبل، في الوقت نفسه، تحتاج إلى الاستمرار في التحول إلى الطاقة النظيفة.
موضوعات متعلقة..
- فاتح بيرول: العالم ليس بحاجة للاختيار بين حل أزمتَي الطاقة أو المناخ
- نقص الغاز الروسي يعرقل خطة أوروبا لملء المخزونات ويدفعها إلى ترشيد الاستهلاك
اقرأ أيضًا..