الهيدروجين الأخضر في ناميبيا يترقب صفقة أوروبية مهمة
توقعات بتوقيع مذكرة تفاهم خلال كوب 27
مي مجدي
- أنظار الاتحاد الأوروبي تتجه إلى ناميبيا لدعم قطاع الهيدروجين الأخضر وتعزيز الواردات
- أغلب استهلاك الاتحاد الأوروبي من الهيدروجين الرمادي أو الأزرق، لذا يحظى الهيدروجين الأخضر باهتمام كبير
- تطمح الدولة الأفريقية لتصبح أول مراكز تصدير الهيدروجين الأخضر في القارّة
- سعر الهيدروجين الناميبي تنافسي، وسيكون الأقلّ تكلفة في العالم
- ستواجه البلاد العديد من التحديات، وعلى رأسها المياه اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر
مع سطوع أشعة الشمس 300 يومًا في السنة والرياح القوية، تهدف ناميبيا إلى تطوير صناعة الهيدروجين الأخضر وتغذية العالم بالوقود النظيف.
فبعد الشراكة القوية بين ألمانيا والدولة الواقعة بجنوب غرب أفريقيا، استطاع قطاع الهيدروجين في ناميبيا لفت أنظار الاتحاد الأوروبي، الذي ينوي دعم الصناعة وتعزيز وارداته، ضمن مساعيه لخفض اعتماده على مصادر الطاقة الروسية، حسب وكالة رويترز.
وفي هذا الصدد، أوضح مسؤول بالاتحاد الأوروبي أن الكتلة تخطط لتوقيع مذكرة تفاهم بشأن الهيدروجين والمعادن مع ناميبيا خلال مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ (كوب 27) في مصر، خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ويتماشى ذلك مع إستراتيجية الطاقة في الاتحاد الأوروبي لاستيراد ما لا يقلّ عن 10 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، وإنتاج 10 ملايين طن أخرى داخل الكتلة، وفق ما رصدته الطاقة المتخصصة.
استهلاك الهيدروجين في أوروبا
يروَّج للهيدروجين على أنه بديل يصدر أقلّ مستوى من الانبعاثات مقارنة بالوقود الأحفوري، ورغم أنه شهد إقبالًا في الاتحاد الأوروبي، خاصة في الصناعات الثقيلة والنقل، ما تزال التكلفة المرتفعة ونقص البنية التحتية تحدّ من استهلاكه، ويلبي 2% فقط من احتياجات الكتلة من الطاقة.
كما إن أغلب استهلاك الاتحاد الأوروبي من الهيدروجين الرمادي أو الأزرق، إذ يدخل الغاز في إنتاجهما، ويسهم ذلك في زيادة التكلفة والانبعاثات، لذا بات الهيدروجين الأخضر -المنتج من الطاقة المتجددة- يحظى بالأولوية.
وقال المدير العامّ للّجنة الوطنية للتخطيط في ناميبيا، أوبيث كانجوز، إن العمل جارٍ للتوصل إلى اتفاق بشأن الهيدروجين الأخضر في ناميبيا، ولم يكشف أيّ تفاصيل متعلقة باتفاقيات تخصّ المعادن.
واكتفت المفوضية الأوروبية بتصريحات تفيد أنها تعمل في مشروعات الهيدروجين الأخضر بالدولة الأفريقية، دون توضيح تفاصيل عن التكاليف المرتبطة بنقل الوقود أو حجم الواردات والاستثمارات ومواعيد التسليم، لكنها عبارة عن تعهدات سياسية مهمة تمهّد الطريق لشراكات طويلة الأمد.
وأوضح المسؤول الأوروبي أن التمويل المباشر من الاتحاد الأوروبي لناميبيا سيكون محدودًا، لكن الصفقة قد تجذب مستثمرين آخرين، والتمويل اللازم عبر السندات الخضراء.
وأشار إلى أن الاتحاد الأوروبي يهدف إلى تيسير فرص الوصول إلى المعادن في ناميبيا، والتخطيط لمشروعات جيولوجية لاستكشاف موارد الدولة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويسعى الاتحاد الأوروبي لخفض الاعتماد على النفط والغاز والفحم الروسي، لذا يكافح لتعزيز التعاون مع مختلف الدول لتوفير بدائل، كان آخرها توقيع مذكرة تفاهم مع إسرائيل ومصر لاستيراد الغاز.
قطاع الهيدروجين
رغم أن قطاع الهيدروجين الأخضر يمثّل -حاليًا- أقلّ من 1% من الإنتاج العالمي للهيدروجين، باتت مشروعات الهيدروجين تجذب البلدان الأفريقية، مثل مصر والمغرب وجنوب أفريقيا وناميبيا.
ويقدّر مجلس الاستثمار العالمي للبلاتين أن استثمارات القطاع ستبلغ 2.5 تريليون دولار بحلول عام 2050، وسيدعم 30 مليون وظيفة، وتخطط اليابان وحدها استيراد قرابة 800 ألف طن سنويًا، بدءًا من 2030.
وفي الوقت الحاضر، يعتمد إنتاج الهيدروجين العالمي على استخلاص الهيدروجين من الوقود الأحفوري، في حين يُنتج الهيدروجين الأخضر باستخدام التحليل الكهربائي، وتعتمد عملية الفصل على توربينات الرياح أو الطاقة الشمسية.
ويمكن استخدام الهيدروجين الأخضر لإزالة الكربون من القطاعات التي يصعب كهربتها، مثل إنتاج الصلب والأسمنت وقطاع النقل، ما يساعد في الحدّ من الأزمة المناخية.
وأمام ذلك، تتطلب التقنيات استثمارات ضخمة، وسيزيد ذلك من صعوبة المهمة على ناميبيا وشركائها.
الهيدروجين الأخضر في ناميبيا
في الوقت نفسه، تعرضت ناميبيا لجفاف شديد بسبب تغير المناخ، وتعهدت بخفض الانبعاثات بنسبة 91% على مدار الـ5 سنوات المقبلة، وتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وتخطط البلاد لاستغلال جميع إمكاناتها في قطاع الطاقة المتجددة، لتقليل اعتمادها على الوقود القائم على الكربون، محاولةً الاستفادة من مواردها في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
وتطمح الدولة الأفريقية لتصبح أول مراكز تصدير الهيدروجين الأخضر في القارّة الأفريقية، وتتسابق لتوفير أقلّ الأنواع سعرًا في العالم.
وقدرت وزيرة البحوث الفيدرالية في ألمانيا، أنيا كارليشيك، سعر الهيدروجين الناميبي بنحو 1.50 إلى 2.00 يورو/كيلوغرام، وهو سعر تنافسي من شأنه أن يضع ناميبيا بين أهم منتجي ومصدري الهيدروجين الأخضر، وسيساعدها في ذلك احتياطياتها الوفيرة من البلاتين والإيريديوم، وهما معدنان يُستخدمان لفصل الهيدروجين عن الماء.
وردًا على المزاعم التي تفيد بأن هذه الخطط الطموحة ضخمة في بلد لم يسبق له تطوير مشروع بهذا الحجم والتعقيد، وغير قادر على تلبية احتياجات شعبه من الكهرباء، قال الرئيس التنفيذي لشركة هايفن هيدروجين إنرجي، ماركو رافينيتي، إن ناميبيا لديها إمكانات تؤهلها لتصبح مركز نفوذ للطاقة المتجددة.
وأضاف أن الدولة الأفريقية تتمتع بمصادر متعددة من الطاقة المتجددة ومساحات شاسعة من الأراضي المملوكة للحكومة، والتي تدعم قطاع الهيدروجين الأخضر بدرجة كبيرة، حسبما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
إنتاج الهيدروجين
وقع الاختيار على شركة هايفن هيدروجين إنرجي، لتطوير أول مشروع للهيدروجين في ناميبيا، بالتعاون مع الحكومة.
وقالت الشركة، إنها تتطلع لإنتاج نحو 125 ألف طن من الهيدروجين الأخضر بحلول نهاية عام 2026، وتخطط لإنتاج 300 ألف طن سنويًا بحلول عام 2030.
ويعدّ هذا المشروع واحدًا من بين 10 مشروعات تتطلع الحكومة لتطويرها في مساحة قدرها 26 ألف كيلومتر مربع، من خلال مبادرة تطوير الممر الجنوبي.
كما وافقت الحكومة الألمانية على استثمار قرابة 47 مليون دولار في قطاع الهيدروجين الأخضر بناميبيا.
وتوقّع مجلس الهيدروجين الوطني الألماني وصول الطلب على الوقود إلى 1.7 مليار طن سنويًا، ويعني ذلك أن ألمانيا بحاجة إلى كميات هائلة وبتكلفة منخفضة، ويمكن للدولة الأفريقية تحقيق ذلك.
ويدرس البلَدان مدى إمكان إنتاج الهيدروجين الأخضر من مياه البحر دون تحلية، إذ تعاني ناميبيا من ندرة المياه.
كما تتعاون شركات بلجيكية وهولندية في ناميبيا لدعم القطاع.
تحديات صعبة
رغم تفاؤل الحكومة في ناميبيا، فإن البلاد تواجه العديد من التحديات في سعيها لأن تصبح منتجًا رئيسًا للهيدروجين الأخضر.
وتشكّل كمية المياه اللازمة لإنتاج الهيدروجين تحديًا في بلد يعاني من ندرة المياه، وتكلفة تحلية المياه باهظة، كما إن تكلفة التحليل الكهربائي المستخدم في عملية تصنيع الهيدروجين مرتفعة.
ودون ميزة السعر المنخفضة، قد تواجه الدولة الأفريقية صعوبة في التنافس مع منتجين أكثر خبرة، مثل أستراليا والمغرب، الذي يتمتع بعلاقات قوية بأوروبا.
ولا تهدف مبادرات دعم الهيدروجين الأخضر لترسيخ البلاد مكانتها في سوق الطاقة العالمية فحسب، بل تهدف لإزالة الكربون من جميع قطاعات البلاد وتعزيز سوق العمل.
وتعدّ الدولة الأفريقية من بين الدول التي تحظى بالأولوية في إستراتيجية "البوابة العالمية" للاتحاد الأوروبي؛ لتعزيز الاستثمار في البنية التحتية والعلاقات الدبلوماسية في البلدان النامية.
اقرأ أيضًا..
- أمين عام جيبكا يتحدث عن تاريخ صناعة الكيماويات والبتروكيماويات في الخليج (تقرير)
- مشروع ورزازات للطاقة الشمسية.. حلم المغرب في الطاقة المتجددة (فيديو وصور)
- 5 تحديات تواجه الطاقة المتجددة في جنوب أفريقيا.. هل تتغلب عليها؟