الغابون تنتج أكبر أرصدة الكربون في العالم قبل كوب 27
أمل نبيل
- الغابون تعتزم إصدار 187 مليون رصيد كربون
- تطرح الغابون 90 مليون من أرصدة الكربون قبل قمة المناخ كوب 27
- الغابون أول دولة في أفريقيا تتلقى تمويلًا لحماية قدرة غاباتها على امتصاص الكربون
- أرصدة الكربون هي عبارة عن رموز مميزة تمثل طنًا من ثاني أكسيد الكربون المسّبب للاحتباس الحراري
- الغابون تخفض انبعاثاتها من إزالة الغابات وتدهورها بمقدار 90 مليون طن سنويًا
تخطّط الغابون، للتوسع في إصدار أرصدة الكربون، لتوفير عوائد بديلة لاقتصادها القائم على النفط، وسط توقعات بتراجع الطلب على الوقود الأحفوري مع توجه الدول والشركات للحصول على الطاقة من مصادر متجددة، لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وتعَد الدولة الواقعة على الشواطئ الغربية لوسط أفريقيا، واحدة من بين أكبر 5 منتجين للنفط في دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بحسب بيانات رصدتها منصّة الطاقة المتخصصة.
وتهدف الغابون، ثاني أكثر دولة امتلاكًا للغابات بعد سورينام -دولة في أميركا الجنوبية-، إلى إصدار 187 مليون رصيد كربون، يمكن بيع نصفها تقريبًا في سوق التعويضات، فيما سيكون أكبر إصدار منفرد في التاريخ، بحسب منصة إنرجي كونيكتس (energyconnects).
أرصدة الكربون في الغابون
قال وزير البيئة في الغابون، لي وايت، على هامش اجتماع مجموعة دول الكومنولث في رواندا الأسبوع الماضي، إن حكومة بلاده تعمل مع آلية "آر إي دي دي" (REDD) -خفض الانبعاثات الناتجة عن إزالة الغابة وتدهورها في البلدان النامية- التابعة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، لإنشاء أرصدة الكربون.
وأضاف الوزير: "في الوقت ذاته، تريد الغابون حصاد غاباتها بشكل مستدام لمضاعفة الدخل".
وقال وايت -في إشارة إلى مؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ المقرر عقده في مصر في نوفمبر/تشرين الثاني 2022- إن أرصدة الكربون "ستُطرح على الأرجح في السوق قبل قمة المناخ كوب 27".
وأضاف: "سيتم بيع 90 مليون رصيد كربون، وسيتم استخدام الآليات "غير السوقية" لتحقيق التوازن".
وتسعى الغابون التي تغطيها الغابات الاستوائية المطيرة بنسبة 88%، لإيجاد طريقة للحفاظ على أراضيها البرية الممتصة للكربون، مع تنويع اقتصادها بعيدًا عن النفط، والذي من المتوقع أن ينخفض الطلب عليه في العقود المقبلة.
وانخفضت أنشطة التنقيب والتطوير بقطاع النفط في الغابون، خلال السنوات الـ5 الماضية؛ ما أثّر بصورة كبيرة في الإنتاج النفطي للبلاد الذي تُشكّل عائداته 60% من ميزانية الدولة.
وسجل إنتاج النفط في الغابون 182 ألفًا و500 برميل، خلال العام الماضي، منخفضًا عن مستويات عام 2016 التي بلغت 250 ألف برميل يوميًا، بينما أُنتِجت 200 ألف برميل يوميًا في شهر ديسمبر/كانون الأول 2021.
وتعد الغابون أول دولة في أفريقيا، تتلقى تمويلًا لحماية قدرة غاباتها على امتصاص الكربون للحد من إزالة الغابات، إذ حصلت على تمويل بقيمة 17 مليون دولار، العام الماضي، من مبادرة غابات وسط أفريقيا، التي يدعمها عدد من الحكومات الأوروبية.
وتخطّط المبادرة التي تم إطلاقها في عام 2019، لإنفاق نحو 150 مليون دولار على مدار عقد من الزمن.
وقد تصل قيمة أرصدة الكربون التي تهدف الغابون إلى بيعها في السوق لنحو 291 مليون دولار، بناءً على متوسط السعر لمشروعات مماثلة تم حسابها بواسطة شركة آلايد أوفسيتس -مزود بيانات تعويضات الكربون-.
ويشير تقرير توقعات تعويضات الكربون طويلة الأجل لعام 2022" الصادر عن "بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس"، في 10 يناير/كانون الثاني 2022، إلى أن نماذج العرض والطلب والتسعير لتعويضات الكربون تندرج في 3 سيناريوهات مختلفة.
وتتراوح الأسعار وفق السيناريوهات الثلاثة، من 11 دولارًا إلى 215 دولارًا للطن في عام 2030 (ارتفاعًا من 2.50 دولارًا في المتوسط للطن في عام 2020)، قبل أن تتقلص إلى 47 دولارًا إلى 120 دولارًا للطن بحلول عام 2050.
ما أرصدة الكربون؟
تُشكّل غابات الغابون جزءًا من حوض الكونغو، ثاني أكبر غابة استوائية في العالم بعد الأمازون.
وقال وزير البيئة، إن الحفاظ على الغابات هو -في الغالب- مسؤولية أخلاقية، كما يتعلق الأمر بالأمن القومي.
وأضاف أن غابات حوض الكونغو تسهم في هطول الأمطار في الساحل وأثيوبيا وما وراءهما، ويمكن أن يؤدي انخفاض هطول الأمطار إلى زعزعة استقرار بعض الأجزاء في أفريقيا.
وأرصدة الكربون هي عبارة عن رموز مميزة تمثل طنًا من ثاني أكسيد الكربون المسّبب للاحتباس الحراري، والذي يتم تقليله أو إزالته أو عدم إضافته إلى الغلاف الجوي، وتستخدمه الشركات لتعويض الانبعاثات الناجمة عنها.
ويمكن تداولها في السوق الدولية للأدوات أو يمكن للشركات الاستثمار في المشروعات لإنتاجها بأنفسها.
وأثار سوء جودة العديد من التعويضات المتاحة، شكوك العلماء والنشطاء والشركات.
وقال مسؤول السياسات في كربون ماركتس واتش، غيلليز دوفراسن: "إن العديد من مبادرات إزالة الكربون تبالغ في تقدير آثارها بشكل كبير، مشيرًا إلى مبادرة آر إي دي دي".
وأضاف: "يمكن أن تكون فوائد أرصدة الكربون، قصيرة الأجل بالنظر إلى خطر إزالة الغابات في المستقبل".
وأشار إلى أن إصدار بمثل هذا الحجم من هذه الأرصدة يمكن أن يضر بمصداقية السوق.
وفي مارس/آذار الماضي، قامت بابوا غينيا الجديد -وهي دولة أخرى كثيفة الغابات- بتعليق برامج إصدار الكربون لمنح الحكومة الوقت لإنشاء إطار تنظيمي بعد مخاوف بشأن البرامج الحالية.
الخلاف مع توتال إنرجي
يدحض وزير البيئة في الغابون لي وايت، هذه المخاوف، قائلًا إن بلاده خفضّت انبعاثاتها من إزالة الغابات وتدهورها بمقدار 90 مليون طن سنويًا مقارنة بسنة الأساس 2000-2009.
وأضاف أن عدد أفيال الغابات، وهو أحد أقارب أفيال السافانا الأكثر شيوعًا، ارتفع بأكثر من النصف إلى 95 ألف فيل، كما تم إنشاء 13 حديقة وطنية، و6 مواقع محمية للأراضي الرطبة وموقعين للتراث العالمي.
وفي الوقت ذاته، أعرب عن تحفظه بشأن مخططّات شركة توتال إنرجي لإصدار التعويضات.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، استحوذت شركة توتال إنرجي على 49% من أسهم شركة "ديس بويس دو غابون"،و قالت إنها ستطّور نموذجًا لإدارة الغابات يجمع بين حصاد الأخشاب ومعالجتها وإنتاج أرصدة تعويض الكربون من خلال إعادة تشجير الغابات والحفاظ عليها.
وتسيطر الشركة المُستحَوذ على أسهمها على أكثر من 600 ألف هكتار (1.48 مليون فدان) من الغابات، وهو ما يمثل نحو 2.6% من مساحة أراضي الغابون.
وقال الوزير: "لست مقتنعًا تمامًا بنظام عمل أرصدة الكربون الخاصة بهم".
وأضاف: "ليس لديهم الحق في الكربون الموجود في أراضينا، ونحن نعتمد على منح امتيازات لإنتاج الأشجار لتغذية صناعة تحويل الأخشاب لدينا".
وتابع: "إذا كان لدي فجأة الكثير من المستثمرين في الكربون يريدون التقاعد من جميع امتيازات الغابات الخاصة بي، فلدي مشكلة".
قطع الأشجار
تمتص الغابات الاستوائية كثيفة الغطاء النباتي -مثل الموجودة في حوض الكونغو- كمية من ثاني أكسيد الكربون أكثر مما تُصدر؛ ما آهلها للحصول على لقب "مصارف الكربون".
ويقول وزير البيئة الغابوني، إن الاختيار الانتقائي لقطع الأشجار يمكن أن يشجع على مزيد من التقاط الكربون على المدى الطويل، أكثر من عدم قطعها على الإطلاق؛ لأنه يسمح للضوء بالوصول إلى أرضية الغابة؛ ما يحفّز بدوره المزيد من نمو الأشجار.
وأضاف: "إذا قلّلت شركة توتال إنرجي كمية الأشجار التي تقطعها على مدار 25 عامًا، فقد ينتهي بنا الأمر إلى وجود كمية من الكربون المخّزن أقل مما كنا سنخزّنه في حال اتبعنا طريقة القطع الانتقائي".
وحظرت الغابون تصدير الحطب غير المعالج لتعزيز صناعة تحويل الأخشاب لديها، وفقًا لما رصدته منصّة الطاقة المتخصصة.
وقال وزير البيئة في الغابون لي وايت: "نحن بحاجة إلى تطوير اقتصاد مستدام وتوفير وظائف جديدة؛ لأننا سنفقد 60% من اقتصادنا، وهو النفط".
وتابع: "لدينا 400 ألف وظيفة في الغابون، و800 ألف طفل في المدرسة اليوم".
من جهتها، قالت شركة توتال إترجي، إنها تعمل مع الحكومة والشريك المحلي من القطاع الخاص لتنفيذ المشروع.
وكانت الغابون أصدرت تشريعًا في سبتمبر/أيلول 2021، يمهّد الطريق لبدء التجارة في أرصدة الكربون؛ إذ تمتص مناطقها البرية كمية من الكربون أكثر من الانبعاثات الناتجة عن الدولة.
موضوعات متعلقة..
- الغابون تسن تشريعًا يتيح التجارة في أرصدة الكربون
- ما الفرق بين أسواق الكربون الإلزامية والطوعية؟.. أداة لخفض الانبعاثات
- الغابون.. أول محطة للطاقة الكهرومائية يملكها القطاع الخاص تشهد تطورات جديدة
اقرأ أيضًا..
- أسعار البنزين في الأردن لشهر يوليو 2022.. زيادة ثالثة على التوالي
- تحالف أوبك+ يثبت زيادة الإنتاج 648 ألف برميل يوميًا في أغسطس
- حصص إنتاج النفط لدول أوبك+ في أغسطس 2022