تحلية المياه بالطاقة المتجددة.. دراسة سعودية تكشف حلولًا أقل تكلفة
مي مجدي
تشير الأبحاث والتطورات التكنولوجية إلى أن مشروعات تحلية المياه بالطاقة المتجددة ستغيّر مستقبل أنظمة المياه العالمية.
وفي هذا الإطار، بدأت الحكومات تتبنّى سياسات وحلولًا مبتكرة لاستغلال إمكاناتها الهائلة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، التي تخطط لتطوير مشروع "نيوم" الطموح، أو "المستقبل الجديد"، بتكلفة تصل إلى 500 مليار دولار أميركي.
وستعتمد مدينة نيوم على الطاقة المتجددة بالكامل، وسيكون تحقيق الاستخدام الأمثل لقطاع المياه عنصرًا حاسمًا لتحلية المياه وتوفير إمدادات مياه مستدامة.
ومن هذا المنطلق، قيّمت مجموعة من العلماء السعوديين أشكالًا مختلفة من الأنظمة، وخلصوا إلى أن الطاقة الشمسية -بالإضافة إلى التخزين- ستوفر أدنى تكلفة مستوية للطاقة، حسبما نشر موقع بي في ماغازين (PV Magazine).
يأتي ذلك بعدما أعلنت شركة إينوا للطاقة والمياه والهيدروجين توقيعَ مذكرة تفاهم مع شركتي إتوتشو اليابانية، وفيوليا الفرنسية، لتطوير أول محطة لتحلية المياه بالطاقة المتجددة في مدينة نيوم، ومن المقرر أن تبدأ الإنتاج في عام 2024، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
تقنية تحلية المياه بالطاقة المتجددة
وفقًا لدراسة جديدة أجرتها جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كيه إيه يو إس تي)، ستؤدي تحلية المياه بالطاقة المتجددة دورًا رئيسًا في مدينة نيوم.
وسيكون من الأمور الحاسمة لتوفير إمدادات مياه مستدامة من خلال ترشيد الطاقة أو إدارة الطلب على الطاقة (دي إس إم).
وقال العلماء: "يقترح هذا العمل نموذج التحسين المشترك للتوليد والانتشار متعدد المدد (2020-2029) لنظام يأخذ في الحسبان قرارات الاستثمار والتشغيل لقطاعي الكهرباء والمياه في ظل عدم اليقين".
ويلائم النموذج معدلات الانتشار العالية لمصادر الطاقة المتجددة، ويتّسم بالمرونة من خلال تخزين المياه، والبطاريات، وترشيد الطاقة، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويرتكز النموذج على ربط خط نقل بقدرة 4 غيغاواط بشبكة الكهرباء السعودية الحالية لدراسة التكاليف وإضفاء مرونة للنظام المقترن بالكهرباء والمياه.
كما قسّم العلماء مدينة نيوم إلى 9 نقاط تقاطع، إلى جانب تقييم 4 تقنيات محتملة لتوليد الكهرباء: توربينات الغاز ذات الدورة المركبة (سي سي جي تي)، والخلايا الكهروضوئية (بي في)، والطاقة الشمسية المركزة (سي إس بي)، وتوربينات الرياح البرية، بالإضافة إلى تخزين البطاريات والتخزين بالضخ المائي (الهيدروليكي).
وأوضح العلماء أنهم يدرسون إنشاء 14 خط نقل محتملًا مع توازن عقدي لضمان تلبية العرض للطلب، ويفترضون أن تحلية المياه بالتناضج العكسي وخزانات المياه هما التقنيتان الرئيستان لمرافق التحلية.
الطاقة المتجددة والتخزين
بالنظر إلى أن تحلية المياه يمكن أن تمثّل نسبة كبيرة من استهلاك الكهرباء في الشرق الأوسط، تتوقع الدراسة أن تمثّل تحلية المياه بالطاقة المتجددة قرابة 20% من إجمالي استهلاك الكهرباء في نيوم.
وقدّم الباحثون نتائج لـ4 حالات عمل، إذ يعتقدون أن تشغيل نظام تحلية المياه سيقتصر على الطاقة الشمسية (الكهروضوئية فقط) بالإضافة إلى التخزين، إلى جانب نظام يعتمد على طاقة الرياح بالإضافة إلى التخزين.
وتناول الباحثون -أيضًا- نظامًا يعتمد على مصادر مختلفة للطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الشمسية المركزة، مع عدم أخذ توربينات الغاز ذات الدورة المركبة (سي سي جي تي) في الحسبان، فضلًا عن نظام يمكنه الاعتماد على الاتصال الحالي بالشبكة السعودية.
وفي كل حالة، قارن العلماء بين إستراتيجيتين، إذ استخدموا نهجًا مستقلًا يستهدف التخطيط لاستثمارات قطاعي الكهرباء والمياه بشكل منفصل، ونهج التحسين المشترك، إذ يكون كلا القطاعين على دراية بقراراتهما، ويقومان بتعديلها وفقًا لذلك.
توفير في التكلفة
أظهر النهج الثاني انخفاضًا في إجمالي القدرة الاستثمارية لقطاع الكهرباء.
وبموجب الدراسة، يسمح التحسين المشترك بخفض ذروة الطلب، عن طريق تحويل استهلاك الكهرباء المطلوب من قبل قطاع المياه إلى أوقات أخرى خلال العام.
وقال الباحثون: "تحقق أنظمة الرياح والخلايا الكهروضوئية وفورات أكبر، ففي هذه الحالات، تكون سعة التوليد أكبر بكثير من الطلب على الكهرباء في أيّ ساعة محددة؛ لأن هذه الأنظمة تعمل على توليد ما يكفي من الكهرباء لتلبية الطلب والتخزين للاستخدام في المستقبل".
وأوضح الباحثون أنه في حالة الطاقة الكهروضوئية فقط أدت إلى زيادة كبيرة بإجمالي سعة تحلية المياه، ويتطلب نموذج الطاقة الكهروضوئية المحسّن المشترك قرابة 41% من قدرة تحلية المياه بالتناضح العكسي أكثر من النهج المستقل، كما شهدت زيادة بنسبة 4% في سعة تخزين المياه.
وأشاروا إلى أنه على الرغم من الزيادة في تكاليف قطاع المياه، فإن التكلفة الإجمالية للنظام بأكمله انخفضت لجميع الحالات.
وتوصلت الدراسة إلى أن التكلفة المستوية للكهرباء من الخلايا الكهروضوئية فقط كانت 47.90 دولارً أميركيًا/ميغاواط/ساعة، بينما تكلفة الرياح فقط وصلت إلى 134.07 دولارًا أميركيًا/ميغاواط/ساعة.
ووفقًا للباحثين: "أدى التحسين المشترك للقطاعين إلى انخفاض بنسبة 4% و7% في التكلفة المستوية للطاقة لكل منهما".
ويرون أن النتائج توفر نظرة ثاقبة للأنظمة الأخرى ذات الظروف الجوية المماثلة، أو مدى توافر المواد المتجددة، أو الحاجة إلى تحلية المياه.
وتشمل هذه المناطق، المنطقة الجنوبية الغربية من الولايات المتحدة، وأجزاء من أستراليا، وتشيلي، وجنوب أفريقيا، ومنطقة الشرق الأوسط، وشمال أفريقيا.
اقرأ أيضًا..
- مستحقات الغاز الإيراني وأزمة التدفقات إلى العراق وتركيا (مقال)
- لأول مرة في تاريخه.. المغرب على أبواب دخول سوق الغاز المسال العالمية
- طاقة التكرير في السعودية و4 دول عربية تحل أزمة الديزل العالمية (تقرير)