أسواق النفط العالمية تشهد تقلبات قوية وسط ارتفاع الإمدادات من أفريقيا
بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا
مي مجدي
- الحرب الروسية في أوكرانيا تغيّر المشهد في تجارة النفط العالمية منذ ثورة النفط الصخري بأميركا
- بيانات وكالة الطاقة الدولية تشير إلى عودة صادرات النفط الروسي إلى مستويات ما قبل الغزو
- ارتفاع الصادرات الروسية إلى آسيا إلى 2.3 مليون برميل يوميًا
- أسعار بعض درجات الخام النيجيري تبلغ ذروتها في ظل ارتفاع الطلب من أوروبا
يشكّل الغزو الروسي لأوكرانيا تهديدًا مزدوجًا على أسواق النفط العالمية ومعدلات التضخم، وباتت التداعيات الاقتصادية محسوسة في جميع أنحاء العالم.
وكانت من نتائج الحرب أن يتصدر مستقبل أمن الطاقة جدول أعمال الحكومات، وتحديدًا بعدما بلغ تأثيرها ذروته حين تجاوزت أسعار النفط مستويات قياسية، وبدأت أوروبا في البحث عن مصادر بديلة لتقليل اعتمادها على النفط الروسي.
كما أعاد الغزو الروسي لأوكرانيا تشكيل أسواق النفط العالمية، وقفز المورّدون الأفارقة على الساحة لتلبية الطلب الأوروبي، في حين تأثرت موسكو بالعقوبات الغربية، وتتطلع لاستغلال الفرص كافة لنقل الخام إلى آسيا، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
هل روسيا قادرة على تجاوز العقوبات؟
تعدّ هذه التقلبات أكبر تغيير شهدته تجارة النفط العالمية على مستوى العرض، منذ أن غيّرت ثورة النفط الصخري في الولايات المتحدة شكل أسواق النفط قبل عقد من الزمان.
كما تشير إلى أن بمقدرة روسيا تجاوز عقوبات الاتحاد الأوروبي المتعلقة بحظر النفط، شرط أن تواصل آسيا والصين شراء النفط الخام، حسب وكالة رويترز.
بالإضافة إلى ذلك، دفعت حزمة العقوبات ضد موسكو والحظر الأميركي على واردات النفط الروسي لابتعاد الكرملين عن أوروبا، وتوجيه إنتاجه من الخام الرخيص إلى عملائه في الهند والصين.
ووفقًا لبيانات وكالة الطاقة الدولية، عادت الصادرات الروسية إلى مستوياتها قبل الغزو في أبريل/نيسان، واستقرت أسعار النفط عند 110 دولارات، بعدما سجلت أعلى مستوى لها في 14 عامًا، متجاوزةً الـ139 دولارًا للبرميل في مارس/آذار الماضي.
ويرى محللون في الصناعة أن الطلب من آسيا قد يخفف من تأثير العقوبات ضد روسيا، حتى في حال موافقة الاتحاد الأوروبي على حظر النفط في حزمة العقوبات المقبلة.
وفي هذا الشأن، قال رئيس قسم الاقتصاد في بنك جوليوس باير السويسري، نوربرت روكر، إن على الغرب ممارسة ضغوطات دبلوماسية على المشترين الآسيويين حتى نلمس ذلك بوضوح على الفجوة في العرض وأسعار النفط.
النقل من سفينة لأخرى
في غضون ذلك، منعت حزمة العقوبات الأميركية والأوروبية والبريطانية السفن المملوكة لروسيا أو الحاملة للعلم الروسي من الوقوف في المواني، ويعني ذلك أن التجارة مع آسيا تتميز ببعض المرونة، عن طريق النقل من سفينة إلى أخرى في البحر، وهي عملية مكلفة ومحفوفة بالمخاطر.
وتغيّر مسار عمليات النقل بين السفن بعيدًا عن الساحل الدنماركي إلى البحر الأبيض المتوسط؛ لتجنّب العقوبات والاعتراضات.
وأوضح رئيس شركة بترو-لوجيستيكس، مارك غيربر، أن عمليات النقل من سفينة لأخرى كانت شائعة في المياه الدنماركية، وتوقَّف ذلك الآن، لكن تزايد النقل من السفن الخاضعة للعقوبات لناقلات غير خاضعة لها في مياه البحر الأبيض المتوسط الأكثر ملاءمة لهذه العملية.
ووفقًا لبيانات تتبّع الناقلات من شركة بترو-لوجيستيكس، اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة، قفز تدفُّق النفط الروسي إلى آسيا عبر البحر بنسبة 50% على الأقلّ، منذ بداية العام.
وقدّر غيربر حجم الخام والمشتقات الروسية التي تُنقل في البحر المتوسط بنحو 400 ألف برميل يوميًا، ويذهب أغلبها إلى آسيا، فضلًا عن 2.3 مليون برميل يوميًا تُنقل مباشرة.
وقبل الغزو، أرسلت روسيا قرابة 1.5 مليون برميل يوميًا مباشرة إلى آسيا في يناير/كانون الثاني الماضي.
ويُنقل النفط الروسي بوساطة ناقلات أفراماكس أو سويس ماكس، وهي ناقلات تحمل أقلّ من مليون برميل، إلى ناقلات أكبر يمكنها استيعاب مليوني برميل، ويجعل ذلك عملية النقل البحري أكثر فاعلية من حيث التكلفة.
وهذه الكميات المنقولة بحرًا ليست سوى جزء من إجمالي الصادرات الروسية، التي تُنقل -أيضًا- بوساطة خطوط الأنابيب، إذ تجاوز إجمالي صادرات الخام والمشتقات الروسية 8 ملايين برميل يوميًا خلال أبريل/نيسان، وبذلك عاد إلى مستويات ما قبل الغزو.
الخام من أفريقيا
على الجانب الآخر، تحولت مصافي التكرير الأوروبية إلى استيراد الخام من غرب أفريقيا؛ لتعويض النفط الروسي.
وارتفعت واردات الخام من غرب أفريقيا بنسبة 17% في أبريل/نيسان، مقارنة بالمتوسط خلال عامي 2018-2021، وفقًا لبيانات شركة بترو-لوجيستيكس.
ووفقًا لبيانات منصة أيكون التابعة لشركة "ريفينيتيف" لتحليل بيانات السوق، بلغت الواردات إلى شمال غرب أوروبا خلال مايو/أيار 660 ألف برميل يوميًا، أغلبها من نيجيريا، وأنغولا، والكاميرون.
ووصلت 3 شحنات من حقل أمينام النيجيري، مقارنة بشحنة واحدة في شهر فبراير/شباط.
في غضون ذلك، انخفضت واردات الخام من غرب أفريقيا إلى الهند قرابة النصف، وتسلّمت الأخيرة 280 ألف برميل يوميًا في أبريل/نيسان، مقارنة بـ510 آلاف برميل يوميًا في مارس/آذار، بعدما اتجهت نيودلهي إلى الإمدادات الروسية.
ومع تزايد الطلب الأوروبي، بلغت أسعار الخام النيجيري الخفيف والحلو مستويات قياسية، وقفزت علاوة خام فوركادوس فوق الـ7 دولارات مقارنة بخام برنت المؤرخ، وهو أعلى مستوى له على الإطلاق.
وقالت شركة بترو-لوجيستيكس، إن الإمدادات من شمال أفريقيا إلى أوروبا ارتفعت بنسبة 30% منذ مارس/آذار.
في حين تتوقع بيانات أيكون ارتفاع الشحنات -من المحتمل أن تكون خامًا سعوديًا- من ميناء سيدي كرير المصري إلى شمال غرب أوروبا إلى الضعف تقريبًا عند 400 ألف برميل يوميًا في مايو/أيار، مقارنة بشهر مارس/آذار.
في الوقت نفسه، عززت الولايات المتحدة الإمدادات إلى القارّة الأوروبية.
وفي مايو/أيار، ارتفعت واردات الخام الأوروبية من الولايات المتحدة على أساس التسليم بنحو 15%، مقارنة بشهر مارس/آذار، وفقًا لبيانات من شركة كبلر لتتبّع السفن.
وبلغت تدفقات النفط الخام من الولايات المتحدة إلى أوروبا نحو 1.45 مليون برميل يوميًا.
اقرأ أيضًا..
- 5 أسباب تدفع أسعار الوقود والنفط إلى الارتفاع
- الغاز الطبيعي في غرب أفريقيا.. 6 مشروعات لتعويض الإمدادات الروسية
- تقنية جديدة لإنتاج الهيدروجين من الغاز الحيوي.. والتكلفة مفاجأة