انتقال الطاقة في الهند.. "التمويل" سلاح تعزيز المصادر المتجددة والتخلي عن الفحم
ودور حيوي للطاقة الشمسية رغم تحديات الرسوم
هبة مصطفى
- التمويل.. الأداة الأكثر أهمية خلال رحلة انتقال الطاقة في الهند
- الهند تحتاج لإصدار سندات خضراء بالروبية لتعزيز التمويل المحلي
- رسوم الواردات الشمسية الصينية دعمت الصناعة المحلية
- مشروعات الطاقة المتجددة جذبت الاستثمارات بخلاف الفحم
- سعة الطاقة المتجددة بالهند تبلغ 110 غيغاواط
- إلغاء 607 غيغاواط من كهرباء الفحم خلال السنوات الـ12 الماضية
تتطلب خطط انتقال الطاقة في الهند، سواء قصيرة أو طويلة المدى، توفير التمويل اللازم لدعم الخطوات التمهيدية لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2070.
وكان رئيس الوزراء الهندي، ناريندرا مودي، قد تعهّد في قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي كوب 26، في نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، بدعم الخطط الطموحة طويلة الأجل لتحقيق الحياد الكربوني، عبر خطط مرحلية من ضمنها مستهدفات كبرى لعام 2030.
ومن المتوقع زيادة حاجة الدولة الواقعة جنوب آسيا لتوفير التمويل اللازم لخطط انتقال الطاقة في الهند، خاصة أنها حققت خطوات مهمة في مجال الطاقة المتجددة والتخلص التدريجي من الفحم.
وتصطدم عقبة تمويل انتقال الطاقة بواقع آخر يبرز من حين لآخر، يتمثّل في احتمال توجيه مخصصات التمويل لتلبية الاحتياجات الأساسية في ظل انقطاعات متواصلة للكهرباء، نتيجة الفجوة بين التركيز على إنتاج مستقبلي للطاقة المتجددة، بالتزامن مع إغلاق محطات الفحم.
تمويل انتقال الطاقة في الهند
طرحت الهند خلال قمة المناخ كوب 26 التزامات مناخية طويلة الأجل بحلول عام 2070، غير أنها دعمتها بأهداف مرحلية قصيرة الأجل بحلول عام 2030، خاصة فيما يتعلق بالطاقة المتجددة التي حققت إنجازات مهمة.
ولأن خطط انتقال الطاقة في الهند لا يمكن تنفيذها على المستوى الحكومي فقط، يُتوقع زيادة الطلب على اتفاقيات شراء الكهرباء المتجددة لتزويد الشركات والصناعات بالإمدادات النظيفة التي تسمح بخفض البصمة الكربونية.
في غضون ذلك، تتطلب خطط التخلص من الكربون -خاصة من القطاعات ذات الإسهام الكثيف للابنعاثات- حجم تمويل ضخمًا في ظل إقبال متوقع على الطاقة المتجددة ذات الأصول الضخمة.
وتوسّعت مشروعات الطاقة المتجددة بمحاولات توفير الاستثمار الأجنبي والقروض لتمويل خطط انتقال الطاقة في الهند، غير أن خطط الحياد الكربوني الطموحة تتطلب التوسع في المزيد من مصادر التمويل.
وفي ظل مخاطر العملة في حالة الاعتماد على السندات الخضراء الدولارية، يتعين على الهند إفساح المجال بصورة أكبر أمام التمويل المحلي القائم على تعزيز "الروبية".
(1 روبية هندية = 0.013 دولارًا أميركيًا)
- الفحم يكسب الجولة.. الهند تهرب من الظلام بالخروج عن خططها المناخية
- توقعات بزيادة انقطاعات الكهرباء في الهند مع تراجع مخزونات الفحم
خطوات مزدوجة
للسير في خطوات انتقال الطاقة في الهند عقب سنوات من الانخراط في صناعات الوقود الأحفوري، سلكت الحكومة مسارين متوازيين، التوسع في الطاقة المتجددة -خاصة الطاقة الشمسية- وخفض الاعتماد على الفحم.
ودعمت الهند كلا المسارين بإجراءات ومشروعات قد لا تؤتي ثمارها بالوقت الحالي، أو تسمح بتجاوز أزمة انقطاعات الكهرباء وغرق ولايات في الظلام، لكنها تشكّل حجرًا يمكن البناء عليه وقياس مردوده بحلول عام 2030.
وتسبّبت جائحة كورونا في تعطيل تلك المسارات، بعدما أثّرت الإغلاقات في سلاسل التوريد ونقص المواد الخام وضعف الإنتاج.
وشهد العام المالي الماضي (يبدأ في الهند من أبريل/نيسان، وينتهي في مارس/آذار) إضافات قياسية للطاقة المتجددة، مقابل انخفاض إسهام الفحم مقارنة بالسنوات السابقة.
وبخلاف الإضافات الجديدة في الطاقة المتجددة، تخارجت عدد من محطات الكهرباء العاملة بالفحم من الخدمة، خلال العام المالي 2021-2022، وتقاعدت عقب تجاوز عمرها التشغيلي الحدّ المسموح.
وفيما يلي نسرد كشفًا لأداء مساري انتقال الطاقة في الهند (التوسع في الطاقة المتجددة والطاقة الشمسية، وخفض أعمال الفحم) حسبما أوردها الاقتصادي والمصرفي الهندي ومحلل تمويل الطاقة بمعهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي، كاشيش شاه، في مقال له نُشر في ذي إيكونوميك تايمز.
إضافات الطاقة المتجددة
عقب التعافي من جائحة كورونا، واصلت رحلة انتقال الطاقة في الهند تحقيق إنجازات مهمة في قطاع الطاقة النظيفة، وشهد العام المالي المنتهي الشهر الماضي إضافة 15.5 غيغاواط من المصادر المتجددة، بجانب تركيب قدرات قاربت 13.9 غيغاواط.
وتُسجل سعة الطاقة المتجددة الإجمالية في الآونة الحالية بالهند 110 غيغاواط، في حين بلغت استثمارات القطاع خلال العام المالي ذاته 15 مليار دولار، من ضمنها سندات خضراء بقيمة 4.7 مليار دولار، وقروض بقيمة 1.8 مليار.
وتتضمن خطط انتقال الطاقة في الهند مواصلة تطوير إضافات الطاقة المتجددة عبر مشروعات قيد التطوير، طُرحت من خلال مناقصات ومزادات علنية، بسعة تصل إلى 50 غيغاواط.
بينما توقعت وكالة التصنيف الائتماني والاستثمار الهندية "آي سي آر إيه" وصول السعة إلى 16 غيغاواط خلال العام المالي الجاري، الذي ينتهي مارس/آذار 2023.
وخصصت الهند أهدافًا مرحلية لتحقيق أهداف الحياد الكربوني، من ضمنها إضافة 450 غيغاواط من مصادر الطاقة المتجددة، بحلول عام 2030، بمعدلات تشغيل تتراوح بين 35 و40 غيغاوط سنويًا.
الطاقة الشمسية والتصنيع المحلي
ركّزت الحكومة الهندية على تعزيز التوجه نحو التصنيع المحلي، وطرحت برامج حوافز الإنتاج قبل شهرين، وأبدت شركات هندية كبرى -من ضمنها ريلاينس وأداني وشردي ساي إليكتريكالز- استعدادها للعمل على تصنيع وحدة متكاملة بسعة 12 غيغاواط.
ووفق بيانات معهد اقتصاديات الطاقة والتحليل المالي، تشير التوقعات إلى تسجيل سعة تصنيع الخلايا محليًا 33 غيغاواط وسعة الوحدات 51 غيغاواط بحلول 2025، ما يمهّد للاستغناء عن واردات التصنيع.
وتعتمد الهند في الآونة الحالية، وحتى نمو قدرات التصنيع المحلية، على الواردات الصينية (سواء بصورة مباشرة، أو عبر شركات صينية بالدول الآسيوية) لوحدات الطاقة الشمسية.
ولمحاولة حماية السوق المحلية مما يُطلق عليه "الإغراق التجاري"، فرضت الحكومة على الواردات الصينية رسومًا بلغت 40% على الوحدات الشمسية و25% على الخلايا، وأثّرت بصورة نسبية في تباطؤ نمو السعة.
واستفاد مُطوّرو الصناعة والمورّدون من الفجوة الوجيزة لمدة توقّف الرسوم، منذ يوليو/تموز العام الماضي، حتى استئنافها مجددًا الشهر الجاري، لدعم القدرات التنافسية.
كما سنحت الفجوة بين مدّتَي فرض الرسوم على المُطوّرين المحليين، بين أغسطس/آب العام الماضي ومارس/آذار من العام الجاري، بدعم الصناعة وتطويرها.
التخلي التدريجي عن الفحم
لا يمكن أن تكتمل رحلة انتقال الطاقة في الهند بنجاح في ظل نمو استهلاك الفحم وفق المعدلات السابقة، وبدأت نيودلهي في التخلي التدريجي عن الفحم، خاصة عقب قمة المناخ كوب 26.
ومنذ عام 2010 وحتى الآن، ألغت الهند مشروعات لمحطات الكهرباء العاملة بالفحم بسعة تقارب 607 غيغاواط، وتوقّف تشغيل 2.5 غيغاواط من سعة كهرباء الفحم خلال السنوات الـ5 الماضية، وفق بيانات غلوبال إنرجي مونيتور.
ويشير المشهد الحالي إلى التخلي عن المشروعات المطروحة كافة، في حين تكتفي الدولة الواقعة جنوب آسيا بالسعة المتاحة من توليد الكهرباء باستخدام الفحم الموجودة بالشبكة، والمقدَّرة بـ 55 غيغاواط وفق بيانات مونيتور في يناير/كانون الثاني الماضي.
وتتضمن سعة الشبكة من كهرباء الفحم (31 غيغاواط لمشروعات قيد الإنشاء، بالإضافة إلى 24 غيغاواط أخرى).
من جانب آخر، يتوقع محللون تقاعد سعة قدرها 65 غيغاواط خلال السنوات الـ10 المقبلة، مقسّمة بين 42 غيغاواط لمحطات عمرها 25 عامًا أو يزيد، بجانب محطات تبلغ عمرها الافتراضي عام 2032، بسعة 23 غيغاواط.
ونجحت مشروعات الطاقة المتجددة في جذب انتباه المستثمرين؛ لانخفاض تكلفتها وكونها مصدرًا آمنًا ودائمًا ونظيفًا للكهرباء، بخلاف مشروعات الفحم.
اقرأ أيضًا..
- حقل غاز أنشوا المغربي.. شاريوت تعلن تطورًا مهمًا لتمويل المشروع
- تباطؤ سعة الطاقة الشمسية خارج الشبكة في العالم مع وباء كورونا (تقرير)
- الطاقة الشمسية في مصر تضيء زوارق بخارية ويخوتًا سياحية (فيديو - صور)
- تغير المناخ والاحتباس الحراري يغيران ملامح جنوب أفريقيا (صور)