ما مصير أسعار الوقود في باكستان بعد الموافقة على شروط صندوق النقد الدولي؟
وزير المالية يوافق على خفض الدعم وتخصيصه للفئات المستحقة
هبة مصطفى
خسر دعم أسعار الوقود في باكستان معركته مع صندوق النقد الدولي، بعدما تخلّت الحكومة الجديدة برئاسة شهباز شريف عن دعم المنتجات النفطية بمستوياتها الحالية تلبية لشروط الصندوق.
وشهد ملف دعم الوقود في باكستان جدلًا واسعًا خلال الأشهر الأخيرة، وبلغ ذروته قبل أسبوعين، حينما أعلن رئيس الوزراء الذي تمت الإطاحة به، عمران خان، زيادة مخصصات دعمه بما زاد من الأعباء المالية للحكومة.
وكان صندوق النقد قد وافق عام 2019 على منح باكستان قرضًا قيمته 6 مليارات دولار، لكنه علّق صرفه على تنفيذ إسلام آباد حزمة إجراءات من ضمنها التخلي عن دعم أسعار الوقود والبنزين والكهرباء، ما أخّر عملية الصرف حتى الآن خوفًا من ردة الفعل الشعبية على تلك الزيادات.
شروط صندوق النقد
حاول وزير المالية بالحكومة الجديدة الخروج من المأزق الحالي في باكستان بحمل العصا من منتصفها، إذ استأنف المفاوضات مع صندوق النقد الأربعاء 20 أبريل/نيسان الجاري، وتوصل الجانبان إلى اتفاق يقضي بـ"خفض" الدعم المقدم إلى أسعار الوقود.
وتأتي محاولة "خفض" الدعم الناجحة من قبل وزير المالية، مفتاح إسماعيل، بدلًا من مواصلة تقديمه بالتكلفة الحالية الباهظة التي أقرها رئيس الوزراء المُطاح به مؤخرًا عمران خان، أو إلغائه تمامًا طبقًا لشروط الصندوق السابقة.
وأكد إسماعيل أن صندوق النقد كان متمسكًا بإلغاء دعم الوقود في باكستان بصورة كلية، وهي خطوة مهمة لدعم اقتصاد البلاد الذي لا يمكنه تحمل تكلفة فاتورة الدعم، لكن من جانب آخر لا يمكن اتخاذ تلك الخطوة في الوقت الحالي.
وأضاف أن دعم أسعار الوقود في باكستان بحاجة إلى إعادة النظر، وتخصيصه إلى المستحقين من الطبقات الفقيرة فقط.
واشترط صندوق النقد تنفيذ باكستان 5 خطوات حاسمة حتى تتمكن من صرف القرض المقدر بـ6 مليارات دولار، أبرزها إلغاء دعم الوقود والإعفاءات الضريبية، وزيادة رسوم الكهرباء وفرض ضرائب جديدة على استهلاكها.
وتهدف شروط الصندوق إلى دعم قدرة إسلام آباد على خفض عجز الميزانية المتوقع في مستويات 1.3 تريليون روبية، إلى تحقيقها فائضًا يبلغ 25 مليار روبية، وفق صحيفة ذي إكبريس تريبون المحلية.
- أسعار الوقود تضع باكستان أمام خيارات محدودة لتخطي الأزمة (تقرير)
- مطالب رسمية بإلغاء دعم الوقود في باكستان بعد ارتفاع تكاليفه
الأسعار و"فخ" الوقود في باكستان
بموافقة وزير المالية الباكستاني على الحلول المطروحة من قبل صندوق النقد الدولي و"خفض" الدعم، تدخل أسعار الوقود في باكستان مرحلة جديدة، إذ يُنتظر إعلان رفع أسعار البنزين والمشتقات النفطية بما يخفض الأعباء المالية على الحكومة ويزيدها على طبقات محدودي الدخل.
وارتبط ملف الوقود في باكستان بالأبعاد السياسية خاصة المدة الأخيرة، وبخلاف المتوقع لم يكتفِ رئيس الوزراء السابق عمران خان بالإبقاء على الدعم الحكومي المقدم إلى الوقود، لكنه أعلن زيادة الدعم وخفض الأسعار، ما أثار حفيظة صندوق النقد.
وسبب قرار عمران حرجًا للحكومة التي خلفته، وفق ما نقلته صحيفة ذي نيوز عن وكالة الأنباء الفرنسية.
ووقعت حكومة شهباز شريف بين فكي رحى بمواجهتها سيناريوهين متقابلين؛ إما بالإبقاء على الدعم والاستغناء عن قرض صندوق النقد والدخول في "متاهة" اقتصادية وإما بإلغاء الدعم وقرارات عمران والظهور بمظهر الحكومة التي لم تنحَز إلى احتياجات المواطنين.
وقال مفتاح إسماعيل إن حكومة عمران خان لم تفرض ضرائب على البنزين والديزل، ما أسهم في انخفاض أسعاره، وهو الأمر الذي سيسبب حرجًا لحكومة شهباز شريف الحالية إذا ما أقدمت على رفع أسعار الوقود في باكستان استجابة إلى اتفاق صندوق النقد الدولي.
تكلفة الدعم
أشار وزير المالية إلى أن دعم أسعار الوقود في باكستان كلّف الحكومة، خلال شهر أبريل/نيسان الجاري وحده، ما يقرب من 68 مليار روبية من ميزانية الدولة، موضحًا أن الحكومة تدعم الديزل لما يصل إلى 52 روبية والبنزين بـ21 روبية للتر الواحد.
وفي 28 فبراير/شباط الماضي، أعلن رئيس الوزراء السابق عمران خان، خفض أسعار البنزين والديزل بمقدار 10 روبيات لكل لتر، وتثبيت تلك الأسعار في ميزانية العام المالي الجاري (2022-2023).
ورأى مفتاح إسماعيل أن قرار خفض أسعار البنزين والديزل الذي اتخذه عمران خان كان بمثابة "فخ" لحكومته، خاصة أن ميزانية الدولة لم تكن لتتحمل تكلفة الدعم السابقة قبيل إجراء خفض جديد، وفق صحيفة ديلي باكستان.
وشدد إسماعيل في الوقت ذاته على أن الاستجابة -جزئيًا- إلى شروط صندوق النقد لا تعني إلغاء الدعم كليًا، وإنما تخصيصه لدعم الخدمات النفطية المقدمة إلى طبقات المجتمع الفقيرة.
وكان إسماعيل قد أعلن عقب تقلده منصبه أن فاتورة دعم البنزين لشهري مايو/أيار ويونيو/حزيران سوف تكلف الحكومة 96 مليار روبية، وهي الميزانية التي يصعب على الحكومة تحملها.
(روبية باكستانية = 0.0054 دولارًا أميركيًا)
تراجع حكومة شهباز.. ومراحل القرض
تُثير موافقة الحكومة الجديدة على شروط صندوق النقد الدولي وخفض دعم أسعار الوقود في باكستان -قبل أيام- الجدل، لكونها تُشكل تراجعًا عن موقف الحكومة الذي أعلنته منتصف الشهر الجاري الإبقاء على قرار الحكومة السابق في هذا الشأن.
وخشيت حكومة شهباز شريف من التراجع عن قرار حكومة عمران خان المُطاح بها مؤخرًا وإلغاء الدعم والتخفيضات المقررة على أسعار البنزين والديزل، إذ كانت الاحتمالات تشير إلى إمكان الاحتجاج الشعبي على أي تراجع محتمل من قبل الحكومة الجديدة.
لكن قرار حكومة عمران خان كلّف الميزانية 373 مليار روبية باكستانية وزيادة العجز المالي بنسبة 10%، إلى جانب تهديد مصير سيناريوهات باكستان مع قرض صندوق النقد، وفق ما نشرته "رويترز" حينها.
وقُسم قرض الصندوق على مراحل وشرائح تتطلب كل منها شروطًا يجب على حكومة باكستان تنفيذها محليًا، وتطلب جولة المفاوضات الأخيرة خفض دعم أسعار الوقود في باكستان وإجراء تعديلات على أسعار الكهرباء والحوافز الضريبية، للحصول على شريحة تبلغ 960 مليون دولار ضمن القرض.
ولم تواجه باكستان بعد جولة الشروط المتبقية من الصندوق للمراحل الـ3 المقبلة، حتى تحصل إسلام آباد على قيمة القرض كاملة (3 مليارات دولار) في سبتمبر/أيلول المقبل.
اقرأ أيضًا..
- الفحم يكسب الجولة.. الهند تهرب من الظلام بالخروج عن خططها المناخية
- تغير المناخ في أوروبا.. درجة حرارة بعض المناطق تلامس أعلى مستوى خلال 3 عقود
- أيهما تُفضل أوروبا عقب حظر الفحم الروسي.. إعادة إنتاجه أم تعزيز الرياح البحرية؟