انقطاع الكهرباء في الهند.. ارتفاع الطلب يهدد بتفاقم الأزمة في الصيف (تقرير)
دينا قدري
من المرجح أن تمتد عمليات انقطاع الكهرباء في الهند على نطاق واسع خلال فصل الصيف، إذ يتزايد الطلب بصورة متسارعة وسط نقص مخزونات الفحم في البلاد.
وأشار المحلل لدى وكالة رويترز، جون كيمب، إلى أن المشكلة الحالية هي نتيجة الطلب القوي، بالإضافة إلى مشكلات العرض، على عكس الانقطاعات الواسعة للتيار الكهربائي التي حدثت في أكتوبر/تشرين الأول.
كما أن درجات الحرارة ستستمر في الارتفاع لتصل إلى ذروتها في نهاية يونيو/حزيران أو بداية يوليو/تموز، ما يدفع الطلب على الكهرباء إلى أعلى خلال الشهرين إلى الأشهر الـ4 المقبلة.
ونظرًا إلى أن الشبكة تكافح حاليًا، فمن غير المرجح أن تكون قادرة على خدمة أحمال أعلى بين مايو/أيار وأغسطس/آب، ما يجعل فصل الأحمال وعمليات انقطاع الكهرباء الأخرى أمرًا لا مفر منه.
أحمال قياسية في وقت مبكر
أوضح كيمب -في عموده الأسبوعي الأخير- أن شبكة الكهرباء في الهند أبلغت عن أحمال قياسية قدرها 200.57 ألف ميغاواط في 7 يوليو/تموز 2021، في ذروة الصيف الماضي، وفقًا لمركز توزيع الأحمال الوطني التابع لمؤسسة تشغيل نظام الكهرباء.
ومنذ منتصف مارس/آذار، أبلغت الشبكة بصورة رويتنية عن أحمال قصوى تزيد على 195 ألف ميغاواط، بما في ذلك ذروة بلغت 199.58 ألف ميغاواط في 8 أبريل/نيسان، أقل بنسبة 0.5% من الرقم القياسي.
وخلال ذروة المساء، عندما لا يتوافر توليد للطاقة الشمسية وتكون الإمدادات أكثر استنفادًا، وصلت الأحمال إلى مستويات قياسية في الأسابيع الأخيرة.
وشدد كيمب على أن الأحمال العالية بصفة استثنائية حدثت في وقت مبكر هذا العام، قبل مدة طويلة من حرارة الصيف الشديدة، ما يشير إلى أن شبكة الكهرباء في مأزق.
نقص الفحم في الهند
أكد كيمب أن مخزونات الفحم لمنتجي الكهرباء ما تزال منخفضة للغاية، ما يحد من قدرتهم على تشغيل وحدات تعمل بالفحم بكامل طاقتها لتلبية الطلب.
إذ تحتوي المولدات المتصلة بالشبكة على مخزون من الفحم يعادل أقل من 9 أيام من الاستهلاك، مقارنةً بـ12 يومًا في نهاية أبريل/نيسان 2021، و18 يومًا في عام 2019.
ولم تنتعش المخزونات حقًا منذ انخفاضها إلى أدنى مستوى لها البالغ 4 أيام فقط في نهاية سبتمبر/أيلول 2021، عندما أدى نقص الوقود إلى انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع.
وأدى النمو السريع في الطلب على الكهرباء إلى ضمان بقاء استهلاك الوقود قويًا خلال مدة بناء المخزونات الشتوية التقليدية، في حين أدى ارتفاع أسعار الفحم أيضًا إلى تثبيط إعادة التخزين.
وأعلنت وزارة السكك الحديدية الهندية في 12 أبريل/نيسان أن الفحم من المناجم المحلية ومحطات الاستيراد سيُمنح الأولوية على شبكة السكك الحديدية حتى نهاية يونيو/حزيران، في محاولة لزيادة المخزونات.
إلا أن المستوى المنخفض جدًا لمخزون الفحم في محطات الكهرباء في بداية مدّة الطلب السنوية القصوى يشير إلى أن نقص الكهرباء أمر حتمي إلى حد ما خلال الأشهر القليلة المقبلة.
ارتفاع الحرارة ومكيفات الهواء
تتعرض شبكة الكهرباء في الهند لضغط متزايد من النمو السريع في الأحمال من مكيفات الهواء التجارية والسكنية والتبريد والأحمال الأخرى، ما يعزز استهلاك الكهرباء على جميع مستويات تخزين الفحم.
وبلغت درجات الحرارة في شمال الهند مستويات مرتفعة بشكل غير عادي في هذا الوقت من العام منذ منتصف مارس/آذار، ما أدى إلى ارتفاع سريع في الطلب على الكهرباء.
وكانت الأحمال اليومية القصوى في الأيام الـ7 التي تركزت في 8 أبريل/نيسان أعلى بنسبة 9% من المدّة نفسها من العام السابق.
وفي محاولة للحد من الطلب المتزايد على الكهرباء في الهند، فرض مكتب كفاءة الطاقة التابع للحكومة إعدادًا افتراضيًا قدره 24 درجة مئوية لمكيفات الهواء المبيعة في الهند منذ عام 2020.
والوصول المبكر للطقس الحار يعني أنه كان هناك 182 يومًا درجة تبريد حتى الآن هذا العام، مقارنةً بمتوسط موسمي طويل الأجل يبلغ 99 يومًا.
انقطاع الكهرباء في الهند يؤثر في الصناعات
في هذا السياق، أثر انقطاع الكهرباء في الهند بصفة سلبية في الإنتاج بالنسبة إلى أكثر من 100 شركة متناهية الصغر وصغيرة ومتوسطة في منطقة بوكارو الصناعية، حسبما أفادت منصة "ذي إيكونوميك تايمز".
وادعى الصناعيون أنهم يواجهون انقطاع التيار الكهربائي لأكثر من 6 ساعات خلال ساعات العمل كل يوم. وأدى استخدام المولد إلى زيادة تكلفة الإنتاج، إذ وصل سعر الديزل إلى 102 روبية للتر (1.34 دولارًا أميركيًا).
وقال بيناي سينغ، صاحب 3 صناعات في المنطقة: "إن انقطاع التيار الكهربائي المتكرر خاصةً في أثناء ساعات العمل أثر بشدة في الإنتاج. لا يمكننا استخدام المولدات؛ لأن ذلك يؤدي إلى زيادة التكاليف، وسيكون من الصعب على منتجاتنا المنافسة في السوق".
وأضاف: "يجب على الحكومة إنهاء أزمة الكهرباء، على الأقل بالنسبة إلى الصناعات التي توّفر فرص عمل".
تسوية مستحقات الكهرباء في الهند
في محاولة لإنقاذ الموقف، وافقت 5 ولايات هندية رئيسة -تمثل الجزء الأكبر من مستحقات الكهرباء- على تصفية نحو 90 ألف كرور روبية (11.8 مليار دولار) من المدفوعات المستحقة والتزامات الدعم، لشركات توزيع الكهرباء التي تعاني ضائقة مالية.
كما أنهم سيفترضون أيضًا خسائر بقيمة 45 ألف كرور روبية تقريبًا (5.9 مليار دولار) لمرافق التوزيع هذه في إطار مخطط مركزي لمعالجة ضغوط قطاع الكهرباء، وفقًا لـ "ذي إيكونوميك تايمز".
وتشكل هذه الولايات -أوتار براديش وراجستان وأندرا براديش وتيلانغانا وتاميل نادو- ما يقرب من 65% من المدفوعات المتأخرة لمشروعات الكهرباء، وهو ما يمثل الجزء الأكبر من الضغط في هذا القطاع.
وقدمت هذه الولايات الـ5 إجراءات الإحياء، التي وافق عليها مجلس الوزراء، والتي تشمل مراجعات التعرفات وغيرها. سيكون هذا هو أول تعديل للتعرفة منذ ما يقرب من 6 سنوات في بعض هذه الولايات.
وستضمن الإجراءات المدفوعات لشركات التوزيع وسط الطلب المتزايد على الكهرباء الذي أجبر ولايات -مثل ماهاراشترا وأندرا براديش- على إصدار أوامر رسمية بشأن فصل الأحمال وقطع الكهرباء لمدّة محددة (عطلة الكهرباء).
اقرأ أيضًا..
- النفط الروسي يتعرض لأكبر نكسة عقب الحرب الأوكرانية (تقرير)
- بوتاش التركية تتجه إلى رفع أسعار الغاز لمواجهة نزيف الخسائر
- أفضل أنواع الألواح الشمسية للاستخدام المنزلي.. الشركات والأسعار
- بطاريات السيارات الكهربائية.. الليثيوم يثير قلق الصين أكثر من النيكل