بعد تهديد أميركا بحظر النفط الروسي.. هل تواصل الأسعار الارتفاع؟
هبة مصطفى
تتجه الأنظار في الآونة الحالية إلى إمدادات النفط الروسي الذي يواجه تهديدات أميركية بحظره في الدول الغربية، على خلفية العقوبات الإضافية المتوقع أن تواجهها موسكو إثر غزوها أوكرانيا قبل نحو أسبوع.
وفيما يعزز محللون بقوة من سيناريو امتداد العقوبات الدولية إلى حظر النفط الخام الروسي، تبرز المخاوف من تأثر الطلب على النفط بالعوامل التي تواجهها السوق حاليًا من (ارتفاع الأسعار، ونقص المعروض والاحتياطيات، واحتمال غياب النفط الروسي).
كانت أسعار النفط قد سجلت قفزات متتالية خلال الأسابيع القليلة الماضية، بلغت ذروتها عقب الغزو الروسي لأوكرانيا، ووصل خام برنت لأعلى مستوياته منذ 9 سنوات، مسجلًا 120.33 دولارًا للبرميل في 4 مارس/آذار الجاري.
وفيما يلي نستعرض سيناريوهات مصير النفط الروسي إذا قررت أميركا حظره، ومدى تأثر السوق العالمية والطلب على النفط بالأوضاع الراهنة، خاصة أن الأنظار تتجه إلى السعودية وتحالف أوبك+ بعدما قرر الأخير الإبقاء على زيادة إنتاج الخام المقدرة بـ400 ألف برميل يوميًا الشهر المقبل.
غياب النفط الروسي
حذر رئيس مجموعة فيتول الهولندية في آسيا، مايك مولر، من اتساع دائرة العقوبات على موسكو لتشمل حظر إمدادات النفط للدول الغربية، مشيرًا إلى أن غيابه عن السوق في ظل قفزة أسعار النفط وانخفاض الاحتياطيات العالمية ونقص المعروض قد يؤدي إلى تدمير الطلب.
وأكد مولر أن توقف إمدادات النفط الروسي للدول الغربية وأميركا -طبقًا لتصريحات مسؤولة أميركية في 4 مارس/آذار الجاري- قد يلقي بظلال عميقة على السوق في ظل عوامل تأثر الطلب.
وأشار إلى أن منظومة التكرير في الدول الغربية تفتقر لبراميل النفط الحلو "منخفض الكبريت" الذي تشتهر روسيا بإنتاجه، مضيفًا أن أسواق الخام ستتأثر بصورة كبيرة بغياب الملايين من البراميل اليومية للنفط الروسي.
كانت رئيس مجلس المستشارين الاقتصاديين في الولايات المتحدة الأميركية، سيسيليا روس، قد قللت، قبل أيام، من حاجة السوق الأميركية للنفط الروسي، مشيرة إلى أن حظر النفط الخام الروسي من بين خيارات العقوبات على موسكو التي تضعها أميركا في عين الاعتبار.
لكن "روس" دعت في الوقت ذاته إلى التركيز حاليًا على ثبات إمدادات الطاقة العالمية بصورة منظمة، وفق تصريحاتها خلال مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض.
- إنتاج النفط الروسي يرتفع 60 ألف برميل يوميًا في فبراير
- هل ترتفع أسعار النفط إلى 150 دولارًا بعد أزمة روسيا وأوكرانيا؟
شهية الصين
رجّح مايك مولر أن العزوف الأميركي والغربي عن إمدادات النفط من موسكو قد يؤدي إلى فتح شهية الصين للخام الروسي، بما فيها نفط أورال (أشهر درجات الخام الروسي) الذي لا تفضله الدول الأخرى.
وأكد أن سيناريو الإقبال الصيني على النفط الخام الروسي -خاصة الأورال الذي يُحَمَّل من البلطيق- وارد بقوة، وأن شحنات الأورال ستجد طريقها إلى الشرق والدول الآسيوية إذا أوصد الغرب أبوابه أمامها.
جاء ذلك ضمن رؤية مولر لسيناريوهات سوق النفط العالمية، في ظل ارتفاع أسعار الخام ونقص المعروض والاحتياطيات واحتمال غياب النفط الروسي عن المشهد، وفق تصريحاته لصحيفة غولف إنتيليغنس.
وبخلاف نفط أورال، يمثل مزيج خام إسبو الروسي خيار الشراء الأفضل أمام الصين؛ إذ إنه منخفض السعر ويلائم الحساسية السعرية لمصافي التكرير الصينية، وفق ما أكدت مصادر لستاندرد آند بورز غلوبال بلاتس.
ويُعَد سيناريو الشراء الصيني للنفط الروسي بارقة الأمل الوحيدة أمام روسيا لتعويض خسائرها المحتملة؛ إذ حُظِرَ النفط الخام الروسي في الأسواق الأميركية والغربية.
السعودية وأوبك+
استفادت السعودية من سباق ارتفاع أسعار النفط العالمية الذي دعم أسعار البيع الرسمية لشهر أبريل/نيسان المقبل لشركة أرامكو، وجاءت أقصى زيادة من نصيب الإمدادات المتجهة إلى آسيا، والتي تراوحت بين 2.15 و2.79 دولارًا/للبرميل فوق متوسط عمان/دبي، حسب وثيقة تسعير أرامكو.
ووفقًا لرؤية مايك مولر، كان من الممكن زيادة أسعار البيع الرسمية في آسيا إلى مستويات أعلى مما حددته أرامكو؛ إذ اعتمدت الشركة أسعارها الجديدة عقب يومين من قرار تحالف أوبك+ -الذي تعد روسيا عضوًا به- الإبقاء على زيادة الإنتاج في مستويات 400 ألف برميل يوميًا الشهر المقبل.
وأكد مولر أن الأسواق العالمية تفتقر لإمدادات طاقة فائضة أو إمدادات من النفط الخام كافية لتلبية الطلب، مرجعًا ذلك إلى أن نظام السوق يقضي باستبعاد الطلب الضعيف في حالة الأسعار المرتفعة.
ورغم التهديدات التي تواجه سوق النفط العالمية، إثر ارتفاع الأسعار ونقص الاحتياطيات واحتمال غياب النفط الروسي عن الصورة وعزوف المتعاملين عن شراء نفط موسكو، تفعيلًا للعقوبات المفروضة عليها؛ فقد أكد تحالف أوبك+، الذي اجتمع مطلع الشهر الجاري، أن سوق النفط تشهد توازنًا.
ويقول مولر إن حالة السوق الحالية تُمكنه من استيعاب المزيد من النفط السعودي وأوبك+ عن المستويات التي حُدِّدَت للشهر المقبل، متوقعًا مواجهة التحالف لتحديات المطالبة بزيادة الإنتاج بصورة شهرية.
اقرأ أيضًا..
- إيران لا تستطيع تصدير الغاز الطبيعي إلى أوروبا على المدى القصير (مقال)
- من هو محمد البشير القرج المتهم بإغلاق أكبر حقول النفط الليبية؟
- عاجل.. النفط الليبي يفقد 330 ألف برميل.. وإغلاق حقلي الشرارة والفيل