التقاريرتقارير الكهرباءتقارير منوعةرئيسيةسلايدر الرئيسيةكهرباءمنوعات

محطات الفحم الأسترالية.. هل تعصف بحكومة موريسون أم تعرقل خطط تحول الطاقة؟

الحكومة أنفقت 31 مليون دولار على الدعاية للطاقة المتجددة رغم استبعادها

هبة مصطفى

رغم تعهداتها السابقة بخفض الانبعاثات، تتمسك الحكومة الفيدرالية في أستراليا بدعم توليد الكهرباء من محطات الفحم، وتروّج قبيل الانتخابات البرلمانية -المقرر لها مايو/أيار المقبل- لخفض الإمدادات في الولايات التي تعتمد على مصادر الطاقة المتجددة.

وتأتي تلك التناقضات الحكومية المثيرة للجدل عقب تخصيصها 31 مليون دولار للإنفاق على دعاية انتخابية تؤكد تبنيها خطط تحول الطاقة وخفض الانبعاثات والمشروعات المتجددة، إلا أن مقاومتها لمحاولات إغلاق محطات الفحم جاءت لتؤكد عدم واقعية تلك الدعاية، وتثير الجدل قبل الانتخابات.

واستشهدت الحكومة الفيدرالية، بقيادة رئيس الوزراء سكوت موريسون، بتعرض ولاية كوينزلاند التي تقع شمال شرق أستراليا، وتشتهر بتوافر إمدادات الكهرباء عبر المصادر المتجددة، لانقطاع كهربائي الشهر الماضي، وأرجعت حكومة موريسون انقطاع التيار إلى "نقص الإمدادات المتجددة"، في حين أن التقارير الصحفية تشير إلى أن من ضمن أسبابه اصطدام سيارة بخط كهربائي تابع للشبكة.

رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون
رئيس وزراء أستراليا سكوت موريسون - أرشيفية

عصر ما بعد الانتخابات

يهدّد تمسُّك الحكومة الفيدرالية باستمرار توليد الكهرباء عبر محطات الفحم، حال استمرارها في السلطة عقب انتخابات مايو/أيار المقبل، الأهداف المناخية الأسترالية وخطط تحول الطاقة.

وبإعلان نتيجة الانتخابات، تدخل محطات الفحم في أستراليا عهدًا جديدًا، إما أن تعصف بحكومة موريسون وينحاز المصوتون إلى الخطط المناخية والطاقة النظيفة، وإما أن تصبح أمرًا واقعًا حال نجاح الحكومة وتُصبح لها الغلبة مقابل الطاقة المتجددة.

ويحاول تحالف الحكومة الفيدرالية قبيل الانتخابات إيصال رسالة مفادها بأن إغلاق محطات الفحم بصورة مُبكرة يدفع نحو انخفاض الموثوقية وارتفاع أسعار الإمدادات.

ويحقق انتقال الطاقة انخفاضًا في أسعار الكهرباء، كما يفتح الآفاق لمزيد من فرص العمل والصناعات، لكنه في الوقت ذاته يحتاج إلى تبنٍّ حكومي داعم وليس مقاومًا.

إذ أكد عضو البرلمان عن حزب العمل، كريس بوين، أن انتقال الطاقة يحتاج إلى الاستعداد الحكومي بالتوازي مع طرح خطط بديلة للتحول تجاه الطاقة المتجددة وتخزين الكهرباء.

محاولات إغلاق محطات الفحم

منجم فحم في أستراليا
أحد مناجم الفحم في أستراليا

خاض مستثمرون أستراليون، وكذلك مؤسسات، محاولات للتخلي عن عمليات توليد الكهرباء عبر محطات الفحم رغم أن بعضهم من مُنتجي الفحم وأصحاب المصالح في الصناعة، وذلك دعمًا لخطوات تحول الطاقة وانتقالها.

وأعلنت شركة أوريغين إنرجي، الأسبوع الماضي، أنها تُخطط لإغلاق محطة إيرارينغ التي تديرها الشركة في ولاية نيو ساوث ويلز، بحلول عام 2025 بعدما كان مقرر إغلاقها عام 2032.

وتُعد إيرارينغ أكبر محطات الفحم في أستراليا، وتبلغ طاقتها الإنتاجية 2 غيغاواط و280 ميغاواط، وأرجعت إغلاقها إلى مواكبة متطلبات السوق الذي ينحاز إلى الكهرباء النظيفة بالولاية.

وبالإضافة إلى تلك الخطوة المهمة، يحاول الملياردير الأسترالي مايك كانون بروكس، إغلاق محطات الفحم، وعرض على شركة إيه جي إل أكبر مُنتج للكهرباء الملوثة بالبلاد صفقة استحواذ بقيمة ضخمة، لكنها قُوبلت بالرفض.

ورغم رفض الشركة عرض الاستحواذ، فإن بروكس أكد أنه سيواصل السعي عبر أدواته الاستثمارية لغلق المزيد من محطات الفحم عبر صفقات الاستحواذ.

مقاومة حكومية واقتراح "مثير للجدل"

جاء رد الحكومة الفيدرالية وممثليها على محاولات إغلاق محطات الفحم بعدة ولايات مثيرًا للجدل، خاصة أن الحكومة تُشير في دعايتها الانتخابية إلى تبني المشروعات المتجددة وخطط خفض الانبعاثات، لكن المسؤولين يقاومون تلك المحاولات، متمسكين ببقاء محطات الفحم لأطول مدة ممكنة.

ورفض رئيس الوزراء سكوت موريسون أي محاولات لإغلاق محطات الفحم بصورة مبكرة، داعيًا إلى "إنهاك" تلك المحطات حتى تتداعى، ما يعني السماح بعمل محطات الفحم لما يقرب من 25 عامًا إضافية وإطلاق انبعاثاتها.

وقلل موريسون من دور بطاريات تخزين الكهرباء كبيرة الحجم واستهزأ بالسيارات الكهربائية، ولم يهتم بالتغيرات التقنية، ورجح مقال نُشر في صحيفة رينيو إيكونومي للكاتب غيليس باركنسون، بأن موريسون ربما يكون استخدم سلطته لعرقلة صفقة الاستحواذ على أكبر محطات الفحم في أستراليا "إيرارينغ".

أما الوزير المختص بالطاقة و"خفض الانبعاثات"، أنغوس تايلور، فتعهّد بإضافة قدرة للأسواق خلال العقد المقبل عبر دعم توليد الكهرباء من محطات الفحم.

وبجانب الوزراء، لم يكتفِ عضو مجلس الشيوخ الأسترالي، مات كانافان، بالاتفاق مع وجهتي النظر السابقتين للوزيرين بالاحتفاظ بالمحطات القائمة بالفعل، بل أخذ على عاتقه الدعوة لبناء مزيد من محطات الفحم الجديدة، في اقتراح مثير للجدل في توقيت طرحه.

الكهرباء المنتجة من مصادر الوقود المختلفة في أستراليا

اضطرار للغلق المُبكر

رغم أن محطات الفحم في أستراليا تُسهم في توليد ما يقرب من 60% من كهرباء البلاد، فإن نمو حصة الطاقة المتجددة -مقابل حصة الفحم التي تدعم إنتاج أعلى نصيب للفرد من الانبعاثات- يجعل تمسُّك الحكومة الفيدرالية بتلك المحطات غير مُبرر.

وأسهمت مصادر الطاقة المتجددة في أستراليا بثلث مزيج الكهرباء، خلال العام الماضي، وسط توقعات بارتفاع تلك الحصة إلى 70% بحلول نهاية العقد الجاري، في حين على النقيض تراجع الاعتماد على محطات الفحم مؤخرا دون إعلان تخلٍ كامل عنه.

وانخفضت أرباح بعض شركات محطات الفحم خلال السنوات الأخيرة، بعدما تلقت أسعار الكهرباء دعمًا من توافر مصادر الطاقة المتجددة زهيدة التكلفة، وفق بي بي سي.

وإثر انخفاض الأرباح، اضطرت بعض شركات الكهرباء إعلان إغلاقها محطات الفحم التابعة لها، مثل إعلان شركة إيه جي إل غلق أكبر محطات الفحم في أستراليا "إيرارينغ" عام 2025 وقبل الموعد المخطط لها من قبل.

واتفق هذا الإعلان، مع تصريح شركة إنرجي أستراليا، العام الماضي بغلق محطة كهرباء يالورن العاملة بالفحم والواقعة بولاية فيكتوريا، قبل موعدها المُخطط له بـ4 سنوات.

هل ترتفع أسعار الكهرباء؟

حول ما تثيره الحكومة الفيدرالية من مخاوف ارتفاع أسعار الكهرباء حال إغلاق محطات الفحم بصورة مبكرة والتحول للطاقة المتجددة، نفى رئيس معهد موناش للطاقة، أرييل ليبمان، هذا الاتجاه تمامًا.

وأكد ليبمان أنه على العكس، قد تشهد أسعار الكهرباء انخفاضًا عقب التحول للطاقة المتجددة، إذا أدار مشترو الكهرباء تحويلًا ناجحًا من محفظة الفحم الكبيرة إلى طاقة متجددة موثوقة وذات أسعار ملائمة قابلة للتخزين.

وأوضح أن المستهلكين سيكونون في مأمن من تأثر الأسعار، في حالة امتلاك الحكومة خطط وسياسات متسقة.

ولضمان ضبط أسعار الإمدادات وتوافرها، يبرز في تلك المرحلة دور المستثمرين الأستراليين الموالين لتحول الطاقة، مثل مايك كانون بروكس الذي حاول الاستحواذ على محطة "إيرارينغ" وشركة بروكفيلد لإدارة الأصول ومُشغل سوق الطاقة الأسترالي "إيه إي إم أو".

وأكد بروكس أن أستراليا تملك جميع المقومات التي تؤهلها للحصول على أقل أسعار الطاقة والكهرباء في العالم، وقال: "لا توجد أسباب منطقية أو اقتصادية تمنعنا من الحصول على أقل سعر للكهرباء في العالم".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق