ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي يسرِّع تحول الطاقة إلى المصادر المتجددة
لمعالجة أزمة الطاقة العالمية الحالية
نوار صبح
- • أدى تصاعد التوتر مع روسيا إلى اضطراب في الطلب العالمي على الغاز الطبيعي.
- • أثّر الارتفاع غير المسبوق في أسعار الغاز الطبيعي في أسعار الكهرباء والخدمات.
- • قارة أوروبا أكثر مناطق العالم تأثُّرًا بارتفاع أسعار الغاز الطبيعي.
- • تسريع تحول الطاقة نحو المصادر المتجددة يمثل أحد الطرق لمعالجة أزمة الطاقة الراهنة.
- • انخفاض استخدام الفحم يتباطأ بسبب قِلّة مصادر الطاقة المتجددة الكافية لاستبداله.
شهدت أسعار الغاز الطبيعي زيادة كبيرة، ناجمة عن ارتفاع الطلب في الدول الآسيوية -وخصوصًا في الصين- من ناحية، وتصاعد التوتر مع روسيا من ناحية أخرى؛ الأمر الذي تسبب في اضطراب الطلب العالمي على الغاز في مرحلة التعافي من تداعيات أكبر أزمة صحية منذ قرن.
وأثّر الارتفاع غير المسبوق في أسعار الغاز الطبيعي في أسعار الكهرباء والخدمات؛ الأمر الذي شجَّع على تسريع التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الغاز، بهدف تخفيف التعرض لتقلبات الأسواق الدولية واستنزاف الموارد المخصصة لتسهيل التحول، حسبما نشر موقع شبكة "يوراكتيف" الأوروبية.
وتُعَد قارة أوروبا -التي تعتمد بشكل كبير على واردات الغاز للتدفئة وتوليد الكهرباء- أكثر مناطق العالم تأثُّرًا بارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، وفقًا لتقرير نشره موقع "إنرجي مونيتور".
تكلفة الغاز في أوروبا
تبلغ أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا الآن ما يصل إلى 150 يورو (170 دولارًا) لكل ميغاواط/ساعة، مقارنة بمتوسط 49 يورو لكل ميغاواط/ساعة في العام الماضي.
وقال المستشار الألماني، أولاف شولتس، خلال زيارة إلى واشنطن في وقت سابق من هذا الشهر، إن تسريع تحول الطاقة نحو المصادر المتجددة يمثل أحد الطرق لمعالجة أزمة الطاقة الراهنة.
تجدر الإشارة إلى أن الالتزام العالمي بمعالجة تغير المناخ، والدور الذي تؤديه إزالة الكربون من قطاع الطاقة لتحقيق الحياد الكربوني، تعزَّز بعد قمة المناخ كوب 26 في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بحسب منصة "إنرجي بوست" الأوروبية.
استبدال الغاز الطبيعي
أشار تقرير صدر مؤخرًا عن مركز أبحاث المناخ "إمبر" إلى أن استبدال الطاقة المتجددة بدلًا من الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء أصبح خيارًا مناسبًا؛ لأن مصادر الطاقة المتجددة أصبحت أرخص أشكال الكهرباء حتى الآن، في ظل ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي.
وشهد العام الماضي انخفاضًا في حصة الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء في الاتحاد الأوروبي، من 39% في عام 2019 إلى 37% في عام 2021.
وبلغ متوسط النمو السنوي للكهرباء المتجددة 44 تيراواط/ساعة، على مدار العامين الماضيين، وحل أكثر من نصف تلك الطاقة الجديدة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية محل محطات توليد الكهرباء بالغاز.
تجدر الإشارة إلى أن مصادر الطاقة المتجددة تلك كانت ستحل محل الفحم بدلًا من الغاز؛ حيث جاء أكثر من 80% من مصادر الطاقة المتجددة الجديدة على حساب الفحم منذ عام 2011 إلى عام 2019، وفقًا لتقرير مركز أبحاث المناخ "إمبر".
ونظرًا لعدم وجود مصادر طاقة متجددة كافية قيد التشغيل لتحل محل الغاز الطبيعي والفحم؛ فإن انخفاض استخدام الفحم يتباطأ بسبب قِلَة مصادر الطاقة المتجددة الكافية لاستبداله، ولأن الاهتمام يتركّز على استبدال الغاز، على الرغم من أن انبعاثات الفحم أكثر كثافة من انبعاثات الغاز.
وقال مشرف البرنامج الأوروبي لدى مركز الأبحاث "إمبر"، تشارلز مور، إن أزمة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي أظهرت أن أوروبا بحاجة إلى اتخاذ خطوات ملموسة لنشر مصادر الطاقة المتجددة، مشيرًا إلى أن أوروبا ركزت على الاستغناء عن الفحم، وليس الغاز.
وأضاف أن أزمة ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي تمثل جرس إنذار كبيرًا في ظل الحاجة إلى التخلص من الفحم والغاز بحلول عام 2035، ودعا إلى سَنّ تشريع يضمن خروج محطات توليد الكهرباء بالفحم من الشبكة بحلول عام 2030.
وفيما يتعلق بالتدفئة، لم يدفع ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي إلى التحول على نطاق واسع إلى التدفئة المتجددة مثل مضخات الحرارة، على الرغم من أن حصتها آخذة في التزايد.
وبيّن تشارلز مور أنه نظرًا لتعذُّر تغيير مصدر التدفئة لدى معظم مالكي المنازل؛ فإن مؤشرات الأسعار لا تكفي لتحفيز التبديل والتحول إلى المصادر المتجددة.
مشكلات سوق الطاقة في أوروبا
وصلت أوروبا إلى وضع مضطرب، بلغت فيه أسعار الغاز الطبيعي مستويات قياسية، بينما وصلت أسعار الطاقة المتجددة إلى مستويات منخفضة قياسية، وقد لا يؤدي هذا إلى زيادة كبيرة في مصادر الطاقة المتجددة؛ لأن أوروبا تتحول من استبدال الفحم إلى استبدال الغاز.
علاوة على ذلك، يتفاوت السعر في تبادل الكهرباء بناءً على مقدار الكهرباء المتاحة من أنواع مختلفة من المصادر وبأي تكلفة؛ ما يعني أن تراجع التوليد من مصادر الطاقة المتجددة منخفضة السعر (في الأيام غير المشمسة أو العاصفة)، يجعل الاستغناء عن الفحم والغاز باهظ التكلفة.
من ناحية ثانية، تنقسم الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشأن طريقة معالجة مشكلة أسعار الطاقة.
وشهد اجتماع وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، توترًا نتيجة رفض اقتراح من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا لإنهاء نظام التشغيل الاقتصادي الأمثل من جانب الدول المعارضة للتدخل في السوق، مثل ألمانيا والنمسا والدنمارك وهولندا.
والتزمت المفوضية الأوروبية بتوفير مزيد من الدعم للاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وزيادة تخزين الطاقة.
وخفّضت ألمانيا ضريبة الطاقة المتجددة على المستهلكين إلى 0.65 يورو/كيلو واط ساعة، العام الماضي، وانخفضت الشهر الماضي إلى 0.37 يورو لكل كيلو واط/ساعة؛ وهو سعر من شأنه أن يخفض فاتورة الكهرباء السنوية لأسرة ألمانية متوسطة الدخل بمقدار 100 يورو.
وتخطط الحكومة الألمانية لاستخدام الدخل الناتج من بيع مخصصات الانبعاثات في نظام تداول الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي؛ حيث وصل سعر الكربون إلى مستويات قياسية تقترب من 100 يورو للطن الواحد من ثاني أكسيد الكربون، لدعم منشآت الطاقة المتجددة بدلًا من الضريبة.
دور نظام تجارة الانبعاثات
كانت الدرجة التي يتحمل بها ارتفاع سعر "نظام تجارة الانبعاثات" المسؤولية عن ارتفاع أسعار الطاقة للمستهلكين موضع نقاش.
وفي اجتماع وزراء الطاقة في الاتحاد الأوروبي المثير للجدل في ديسمبر/كانون الأول الماضي، أشارت بولندا والمجر وجمهورية التشيك صراحةً إلى مسؤولية "نظام تجارة الانبعاثات" عن ارتفاع أسعار الطاقة، وقالت إنه بحاجة إلى ضوابط عقلانية.
ودعا عضو البرلمان الأوروبي من يمين الوسط، بيتر لايز، إلى أن يمنح الاتحاد الأوروبي الدول الأعضاء اختيارًا جزئيًا -خارج نطاق نظام تجارة الانبعاثات المخطط له- لقطاعيْ النقل والتدفئة، بحسب موقع "إنرجي مونيتور".
وطالب بإعفاء قطاع السكن الخاص والمواصلات من تطبيق نظام تجارة الانبعاثات لمدة عامين، بعد أن كان من المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في عام 2026.
وفي الشهر الماضي، اعتبر المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، أن المزاعم بأن التقلبات في أسواق الغاز والكهرباء ناتجة عن تحول الطاقة النظيفة، هي مزاعم مضللة، مشيرًا إلى أن الأزمة تكمن في سوق الغاز الطبيعي.
اقرأ أيضًا..
- أذربيجان تعلن خطتها لضخ الغاز إلى تركيا خلال 2022
- اكتشاف نفطي في الهند على يد أكبر شركة خاصة للطاقة
- أرامكو السعودية تعلن إتمام صفقة بقيمة 15.5 مليار دولار