الطاقة المتجددة في الصين.. ريادة عالمية في التصنيع والسعة المضافة (تقرير)
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
بدافع من الطلب المتزايد على الكهرباء وأهداف خفض الانبعاثات، تشهد الطاقة المتجددة في الصين زخمًا أكثر من أيّ دولة أخرى حول العالم، سواءً من حيث التركيب أو التصنيع.
وباتت الصين أكبر مُصنع ومنتج للطاقة الشمسية عالميًا، وأيضًا تأتي في الصدارة من حيث طاقة الرياح، لكن التأثير الكبير في مزيج الكهرباء لم يتضح بعد.
وتوفر الطاقة المتجددة في الصين نحو 15% من إجمالي الطلب على الكهرباء في البلاد، بما في ذلك الطاقة النووية والطاقة الكهرومائية وطاقة الرياح والطاقة الشمسية وغيرها.
ويدفع النمو الاقتصادي والسكاني الصين إلى الاستمرار في استيراد الوقود الأحفوري وإنتاجه، لتلبية الطلب المحلي، رغم أنها تنوي الوصول إلى ذروة الانبعاثات بحلول 2030.
الطلب على الكهرباء
كان الطلب المتزايد على الكهرباء في عام 2021 محركًا رئيسًا لتوسع الطاقة المتجددة في الصين، مع تعافي الاقتصاد، في أعقاب وباء كورونا.
ونما اقتصاد الصين بنحو 8.1% العام الماضي، بعد أن تباطأ إلى 2.2% خلال عام الوباء، بحسب بيانات المكتب الوطني الصيني للإحصاء.
ونتيجة لذلك، سجلت الصين في العام الماضي أكبر زيادة سنوية على الإطلاق في الطلب على الكهرباء من قبل أي دولة على مدار التاريخ، بلغت 10% تقريبًا، وهذا يعادل ضعف متوسط الزيادة مقارنة بالعقد السابق، وفق شركة الأبحاث وود ماكنزي.
وبحسب البيانات الحكومية، ارتفع استهلاك الكهرباء في الصين العام الماضي بنسبة 10.3% على أساس سنوي، ليصل إلى 8.31 تريليون كيلوواط/ساعة.
ولمواجهة هذا الطلب الجامح على الكهرباء، لا يزال الوقود الأحفوري يمثل الحصة الأكبر في تلبية احتياجات البلاد، إذ وصل إنتاج الفحم لمستوى قياسي بلغ 4.07 مليار طن عام 2021، بزيادة 4.7% على أساس سنوي، مع ارتفاع الاستهلاك لأعلى مستوياته على الإطلاق العام الماضي.
كما تفوقت الصين على اليابان لتصبح أكبر مستورد للغاز المسال في العالم، بإجمالي 79 مليون طن العام الماضي، فضلًا عن أنها ثاني أكبر مستهلك للخام عالميًا بعد الولايات المتحدة.
وارتفع إنتاج الصين من النفط الخام بنسبة 2.7% في 2021، ليصل إلى 4 ملايين برميل يوميًا، مسجلًا الزيادة السنوية الثالثة على التوالي، وفق بيانات مكتب الإحصاء الوطني.
ورغم ذلك، ترى وود ماكنزي أن الطلب على الكهرباء في البلاد لن يستمر بهذه الوتيرة المرتفعة للغاية، مع توقعات تباطؤ النمو الاقتصادي إلى أقل من 5% في المتوسط على مدى السنوات الـ5 المقبلة، مقارنة مع متوسط 6.7% في (2015-2019).
الصين تهيمن على إضافات الطاقة المتجددة
رغم استمرار الطلب على الوقود الأحفوري وتعزيز إمداداته، وتصدرها قائمة أكثر الدول إطلاقًا للانبعاثات في العالم، لم تقترب أي دولة أخرى من الصين في زيادة سعة الطاقة المتجددة حتى الآن.
ومن حيث إجمالي سعة الطاقة المتجددة المركبة عالميًا، تمثل الصين 43%، منذ عام 1991، وهذا يشمل توقعات الحالة الأساسية حتى عام 2026، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
وبحسب شركة أبحاث الطاقة، ريستاد إنرجي، فإن سعة الطاقة المتجددة في الصين قد تمثل 29% من إجمالي القدرة المضافة عالميًا هذا العام، مع تركيب 64 غيغاواط.
وبصورة منفردة، أضافت الصين ما يقرب من 17 غيغاواط من طاقة الرياح البحرية العام الماضي من الإجمالي البالغ 26 غيغاواط، أيّ أكثر مما أضافته بقية دول العالم مجتمعة في السنوات الـ5 الماضية، بالإضافة إلى ذلك لدى بكين 21 غيغاواط من طاقة الرياح البرية، وفقًا لبيانات كربون برايف.
وبالمثل، استمرت إضافات الطاقة الشمسية لدى الصين في الارتفاع، بعد صعود إجمالي السعة المركبة العام الماضي إلى 306 غيغاواط العام الماضي، لتمثل 30% من الإجمالي، وهو ما يأتي مع إضافة قدرة قياسية بلغت 54.88 غيغاواط.
وتتوقع رابطة صناعات الطاقة الشمسية في الصين، إضافة البلاد ما بين 75 و90 غيغاواط من سعة الطاقة الشمسية هذا العام.
وبدعم السياسات الحكومية للطاقة المتجددة في الصين، تتوقع وود ماكنزي زيادة سعة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى أكثر من 500 غيغاواط بحلول عام 2025
لماذا تبذل الصين قصارى جهدها نحو الطاقة المتجددة؟
فضلًا عن الطلب المتزايد على الكهرباء في الدولة التي يتجاوز عدد سكانها 1.4 مليار نسمة، فإن الصين تدرك أهمية الريادة العالمية في عالم ما بعد الوقود الأحفوري، وهو ما تهدف الدول الوصول إليه تجنبًا لكوارث تغيّر المناخ.
الأمر ليس فقط في أن الطاقة المتجددة في الصين تقود نموًا قياسيًا للسعة عالميًا، لكن في هيمنتها على تصنيع الألواح الشمسية وتوربينات الرياح حول العالم أيضًا، ما يجعل البلاد مصدّرًا رئيسًا للتقنيات المتجددة في عالم الطاقة النظيفة، عكس كونها مستوردًا صافيًا للوقود الأحفوري حاليًا.
وتدفع الصين منذ سنوات نحو الهيمنة على سلسلة إمداد الطاقة النظيفة، إذ تمثل بكين أكثر من 70% من الإنتاج العالمي للوحدات الشمسية و50% من مكونات توربينات الرياح، بحسب وود ماكنزي.
وبحسب شركة الأبحاث، تزداد قدرة إنتاج وحدات الطاقة الشمسية في الصين بوتيرة أسرع من الطلب العالمي، كما سترتفع قدرتها على تصنيع مكونات طاقة الرياح بنحو 40% خلال العامين المقبلين؛ لتكون قادرة على تلبية الطلب العالمي الآخذ في الارتفاع.
وبعد سنوات من التراجع، ارتفعت أسعار الوحدات الشمسية العالمية 25% في العام الماضي، في حين ارتفعت أسعار توربينات الرياح بنسبة تصل إلى 15%، لكن الحجم الهائل لإنتاجها يعطي الصين ميزة تنافسية كبيرة، وفق وود ماكنزي.
وحتى مع ارتفاع أسعار المواد الخام، أدى التوسع الهائل لتقنيات الطاقة المتجددة في الصين إلى انخفاض تكاليف التصنيع مقارنة بمنافسيها.
موضوعات متعلقة..
- النفط والغاز في الصين.. نمو متزايد رغم زخم الطاقة المتجددة
- سياسة بايدن تملأ جيوب شركات صناعة الطاقة المتجددة في الصين (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- هل يصمد قطاع الغاز في أوكرانيا أمام الغزو الروسي؟ (تقرير)
- آثار الغزو الروسي لأوكرانيا في أسواق الطاقة العالمية - مقال