تقارير النفطالتقاريرتقارير الغازرئيسيةغازنفط

الصين لا تستغني عن نفط الشرق الأوسط رغم التوجه للطاقة النظيفة (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - أحمد عمار

اقرأ في هذا المقال

  • منذ عام 1993 تعدّ الصين مستوردًا صافيًا للنفط
  • الصين تستورد ما يقرب من نصف احتياجاتها النفطية من الشرق الأوسط
  • السعودية تعدّ مؤخرًا أكبر مورد للنفط الخام إلى الصين
  • هناك شكوك حول نوايا الصين لحماية ناقلات النفط المتجهة إليها بالمحيط الهندي

رغم التوجه الصيني نحو الاعتماد على الطاقة المتجددة وضخّ استثمارات ضخمة في ذاك القطاع بهدف تقليل استهلاك الوقود الأحفوري، ما زال نفط الشرق الأوسط والغاز الطبيعي المستورد من المنطقة هو الخيار الأبرز لبكين التي تبحث عن استقلالية أكبر في قطاع الطاقة.

ويسعى صنّاع السياسة في الصين -والتي تعدّ أكبر مستورد للنفط في العالم- إلى التوجه نحو الاقتصاد الأخضر، في محاولة للاعتماد بشكل أكبر على الطاقة المتجددة وتقليل استخدام الوقود الأحفوري.

ورغم ما تضخّه البلاد من استثمارات ضخمة وهيمنتها على العديد من سلاسل إمداد الطاقة المتجددة عالميًا، فهي أكبر منتج للبطاريات والسيارات الكهربائية والأولواح الشمسية، إلّا أن تقريرًا نشرته صحيفة آسيا تايمز ونقلته وحدة أبحاث الطاقة، يرى أن التوجه الصيني نحو تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري لن يكون سهلًا.

أرقام النفط في الصين

نفط الشرق الأوسط
منصة حفر لاستكشاف وإنتاج النفط

منذ عام 1993، تعدّ الصين مستوردًا صافيًا للنفط، والذي جاء مع بروز الشرق الأوسط مصدرًا مهمًا للوقود الأحفوري على المستوى العالمي.

وبحسب تقرير صحيفة آسيا تايمز، أصبحت الصين تستورد ما يقرب من نصف احتياجاتها من نفط الشرق الأوسط منذ عام 2017، بعدما تجاوزت الولايات المتحدة بصفة أكبر مستورد للخام في العام ذاته.

ورغم مساعي بكين منذ سنوات نحو زيادة الإنتاج المحلي من الوقود الأحفوري، فإن اعتمادها على الشرق الأوسط في تلبية احتياجاتها من تلك السلعة المهمة ما زال رئيسًا.

فعلى سبيل المثال، استوردت الصين خلال عام 2020 نحو 47% من إجمالي احتياجاتها النفطية -والتي بلغت قيمتها 176 مليار دولار- من دول الشرق الأوسط.

وبرزت السعودية مؤخرًا أكبر مورد للنفط الخام إلى الصين، إذ بلغت قيمة صادرات المملكة إلى بكين من النفط خلال 2020 نحو 28.1 مليار دولار، لتستحوذ على نسبة 15.9% من إجمالي ورادات بكين من النفط الخام.

بيتما جاءت العراق بالمرتبة الثالثة خلال 2020، إذ قدّرت قيمة صادراتها بنحو 19.2 مليار دولار بنسبة استحواذ وصلت إلى 10.9% من وراردات الصين النفطية خلال 2020.

وجاءت أيضًا كل من عمان والإمارات والكويت من بين الـ10 الكبار المورّدين للنفط إلى الصين خلال 2020.

إيران مثال قوي

الغاز الطبيعي في إيران- حقل بارس
حقل بارس لإنتاج الغاز الطبيعي في إيران

رأى التقرير أن النفط الإيراني أفضل مثال على تعطّش الصين إلى نفط الشرق الأوسط.

ورصد التقرير تصدير إيران نحو 306 آلاف برميل يوميًا من النفط الخام إلى الصين خلال 2020 وحتى أوائل العام الماضي 2021، رغم العقويات المفروضة على إيران.

ولا تعتمد بكين على نفط الشرق الأوسط الخام فقط، بل يشمل كذلك الغاز الطبيعي، لكون المنطقة مصدرًا حيويًا له أيضًا.

وفي 2020، صدّرت قطر، والتي توصف بأنها أكبر مصدّر للغاز المسال في العالم، ما يمثّل 20% من إجمالي واردات بكين من الغاز المسال.

المنطقة تمثّل أهمية إستراتيجية للصين

بسبب اعتمادها على نفط الشرق الأوسط في توفير جزء كبير من احتياجاتها المحلية، أصبح للمنطقة أهمية إستراتيجية للصين.

وبناءً على ذلك، اتجهت الصين إلى توسيع استثماراتها في منطقة الشرق الأوسط، لتشمل مشروعات في البنية التحتية والسكك الحديدية والتقنيات المتقدمة والطاقة النووية، والتي جاء بعضها في إطار مبادرة الحزام والطريق.

ونقل التقرير عن معهد "أمريكان إنتربرايز إنستيتيوت" رصده لتدفّق نحو 123 مليار دولار من الصين إلى منطقة الشرق الأوسط تحت مسمى الحزام والطريق، خلال المدة من 2013 حتى 2019.

ويشير التقرير إلى أن تدفّق تلك الاستثمارات جعل من الصين لاعبًا رئيسًا في منطقة الشرق الأوسط.

ورغم ذلك، ما زالت الصين قلقة من حالة عدم الاستقرار الجيوسياسي التي تعاني منها بعض دول منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يمثّل خطرًا يهدد أمن الطاقة لبكين.

فعلى سبيل المثال، هناك قلق صيني من هجوم جماعة الحوثيين على منشآت أرامكو السعودية، والذي يتسبّب أحيانًا -بحسب التقرير- في ارتفاع أسعار النفط، مثلما كانت الحال في سبتمبر/أيلول 2019.

ولكي يصل نفط الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى الصي، لا بدّ أن يمرّ عبر مضيق هرمز وباب المندب، وهما ممرّان يمتدّان عبر مناطق محفوفة بالصراعات.

ولذلك، قامت الصين عام 2008 بنشر أولى سفنها الحربية في المنطقة لحراسة ناقلات النفط في خليج عدن الذي ينتشر به القراصنة.

نوايا الصين

الصين
منصة لانتاج النفط والغاز في الصين - أرشيفية

أثار التحرك الصيني نحو حماية ناقلات النفط المتجهة إليها في المحيط الهندي بعض الشكوك حول نواياها، إذ يرى بعضهم أن الهدف أكبر من تأمين إمداداتها من الطاقة.

وفي عام 2016، افترض تقرير صادر عن المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية أن التحركات الصينية نحو مكافحة القراصنة تطوّر إلى انتشار إستراتيجي هدفه صعود القوة الصينية في المحيط الهندي.

وبحسب التقرير، جاءت تكهنات المعهد الفرنسي متوافقة مع الإستراتيجية العسكرية الصادرة في 2015، إذ سعت الصين إلى التوسع في الوجود العسكري عبر إنشاء قواعد عسكرية، وهو ما برز بإنشاء أول قاعدة بحرية صينية في الخارج بجيبوتي عام 2017.

وفي السياق نفسه، يرى مسؤولون أميركيون أنّ توجّه بكين نحو تطوير الموانئ التجارية في بعض الدول يقف وراءها السعي نحو الوجود العسكري بها، وفقًا للتقرير.

ولا يمثّل تهديد عدم الاستقرار السياسي في المنطقة والقراصنة القلق الوحيد للصين، بل هناك معضلة أخرى لبكين تتمثّل في قدرة البحرية الأميركية وحلفائها الموجودة في تلك المنطقة اعتراض أيّ من ناقلات النفط للصين.

واستعرض تقرير آسيا تايمز تنفيذ الصين أنابيب لنقل النفط والغاز مع ميانمار، وخط أنابيب آخر بين الصين وآسيا الوسطى، بالإضافة إلى خطط لبناء أنابيب بين الصين وباكستان وإيران وتركيا لنقل النفط والغاز الطبيعي.

وأرجع التقرير تنفيذ هذه المشروعات إلى محاولة بكين لتقليل اعتماد البلاد على أماكن التوترات البحرية لنقل الوقود الذي تحتاجه.

كما سعت بكين إلى تطوير الاحتياطي الإستراتيجي الخاص بها من النفط، وهو ما يكفي -بحسب تقديرات معهد أكسفورد للطاقة- لتوفير إمدادات لمدة 40 عامًا، نقلاً عن التقرير.

وفي الوقت نفسه، تخطط أيضًا شركات النفط الحكومية في الصين إلى إنفاق نحو 123 مليار دولار لحفر 118 ألف بئر خلال 5 سنوات، إلّا أن البلاد تمتلك نحو 2.4% من احتياطيات النفط العالمية المؤكدة، ما يعني أن إمكان زيادة الإنتاج المحلي تظل محدودة، وفقًا للتقرير.

التحول للطاقة النظيفة مكلفًا

طاقة الرياح
مزارع رياح في الصين- أرشيفية

تهيمن الصين في الوقت الراهن على العديد من سلاسل إمدادات الطاقة المتجددة العالمية، فهي أكبر منتج للبطاريات والمركبات الكهربائية والألواح الشمسية وأنظمة التحكم في الكهرباء، بالإضافة إلى توربينات الرياح.

ووفقًا للتقرير، تستحوذ بكين على ما يقرب من 60% من سوق الطاقة الشمسية في العالم، وتبرز بصفة أفضل مستثمر في الطاقة المتجددة لـ10 سنوات متتالية، إذ استثمرت نحو 83.4 مليار دولار بقطاع الطاقة النظيفة في عام 2019 وحده.

وفي عام 2020، نجحت الصين وحدها في إضافة 36% من إجمالي قدرة توليد الطاقة المتجددة عالميًا.

وتهدف الصين إلى رفع نسبة الطاقة المتجددة إلى 90% من قدرة توليد الكهرباء بحلول عام 2060.

ورغم كل ما سبق من جهود البلاد نحو الطاقة النظيفة، فعلى الطرف الآخر، يرى عميد الاقتصاد في جامعة تسينغهوا الصينية، زانغ شياو هوي، أن الصين ستحتاج إلى استثمار 46.6 تريليون دولار بحلول 2060 لتحقيق هدف الطاقة المتجددة، وهو ما عدّه التقرير بأنه سيكون مكلفًا وسيستغرق وقتًا.

ويرى الأمين العامّ للّجنة الوطنية للتنمية والإصلاح، سو وي، أن الصين ليس لديها خيار سوى الاعتماد على النفط والغاز والفحم خلال التحول للطاقة المتجددة.

وتابع: "فانقطاع التيار الكهربائي الذي تعرضت له الصين مؤخرًا، وما تسبّب في إغلاق بعض المصانع وتراجع الإنتاج، دليل على مدى اعتماد الدولة مصادر غير متجددة للحفاظ على النمو الاقتصادي".

ورغم جهود بكين الملحوظة نحو الطاقة النظيفة، توقّع تقرير آسيا تايمز أن يرتفع اعتماد الصين على واردات النفط والغاز إلى 80% بحلول 2030.

كما توقّع الرئيس الفخري لمركز الدراسات الإستراتجية والدولية بواشنطن، أنتوني إتش كوردسمان، ارتفاع اعتماد الصين وآسيا بشكل حادّ على نفط الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج العربي، ربما حتى حلول عام 2050.

ويرى التقرير أن زيادة اعتماد الصين على نفط الشرق الأوسط تعطي مزيدًا من الزخم لها لتوسيع نفوذها في المنطقة لتأمين مصالحها.

ويأتي ذلك بالتزامن مع اتجاه منطقة الشرق الأوسط نحو التحول إلى الطاقة النظيفة، وتطلّعها إلى الصين لمساعدتها في بناء هذه الأنظمة الخاصة بالطاقة الصديقة للبيئة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق