نورد ستريم 2.. ألمانيا تجمد مشروع خط أنابيب الغاز الروسي
أول رد فعل من برلين على تطورات الأزمة الأوكرانية
في أول رد فعل على اعتراف روسيا رسميًا بمنطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا، جمّدت ألمانيا مشروع نورد ستريم 2، الذي يهدف إلى مضاعفة تدفق الغاز الروسي إلى برلين عبر بحر البلطيق.
وكانت روسيا قد انتهت في سبتمبر/أيلول الماضي من تنفيذ المشروع الأكثر إثارة للخلاف في أوروبا، الذي تصل تكلفته إلى 11 مليار دولار، لكنه ظل خاملًا في انتظار الحصول على شهادة من ألمانيا والاتحاد الأوروبي.
التحرك الألماني
قال المستشار الألماني أولاف شولتس إن خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 من روسيا لا يمكن اعتماده الآن بعد أن اعترف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين علنًا بمنطقتي دونيتسك ولوهانسك بشرق أوكرانيا دولتين انفصاليتين.
وكتب شولتس على تويتر -ردًا على التطورات الأخيرة في أوكرانيا-: "علينا الآن إعادة تقييم هذا الوضع المتغير بشكل كبير، وهذا ينطبق أيضًا على نورد ستريم 2".
وقال إنه طلب من وزارة الاقتصاد التأكد من عدم إمكان إصدار الشهادات الآن، مضيفًا أن الإدارات المختصة ستجري تقييمًا جديدًا لأمن إمداداتنا في ضوء ما تغيّر في الأيام القليلة الماضية".
ويعني وقف عملية الاعتماد أن خط الأنابيب البالغ طاقته 55 مليار متر مكعب سنويًا لن يكون قادرًا على بدء العمليات التجارية.
وجرى إعداد خط الأنابيب لتخفيف الضغط عن المستهلكين الأوروبيين الذين يواجهون أسعار طاقة قياسية، وسط أزمة معيشية أوسع بعد انتشار الوباء، وعلى الحكومات التي صرفت المليارات لمحاولة التخفيف من التأثير في المستهلكين.
أسعار الغاز
بالتزامن مع تطورات أزمة أوكرانيا، ارتفع سعر الغاز في مؤشر تي تي إف الهولندي لشهر مارس/آذار، بنسبة 10% إلى 79.28 يورو (89.89 دولارًا أميركيًا) لكل ميغاواط بحلول الساعة 02:16 مساءً بتوقيت غرينتش (05:16 مساءً بتوقيت مكة المكرمة)، وهو يشبه إلى حد كبير سعر الربع الرابع، عندما كان من المتوقع أن يبدأ نورد ستريم 2.
وعادةً ما تستخدم روسيا، خاصة شركة الغاز الحكومية "غازبروم"، وحدات القياس غيغاواط وتيراواط في تعاملاتها الأوروبية (غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة غاز)، و(تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة غاز).
ومن جانبه، حاول الرئيس الروسي السابق نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، التلميح إلى الموضوع وكتب مغردًا: "مرحبًا بكم في العالم الجديد، إذ سيضطر الأوروبيون قريبًا إلى دفع 2000 يورو (2267.62 دولارًا) لكل ألف متر مكعب!"، ما يشير إلى أن الأسعار ستتضاعف.
إمدادات الغاز الروسي
مع ذلك، تعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، بمواصلة إمدادات الغاز الطبيعي دون انقطاع للأسواق العالمية، بعد أن أوقفت ألمانيا التصديق على خط أنابيب غاز رئيس بعد نشر موسكو قوات في منطقتين انفصاليتين في شرق أوكرانيا.
وقال بوتين -في تصريحات مكتوبة لقمة الدول المصدرة للغاز، في قطر-: "تهدف روسيا إلى مواصلة إمدادات الغاز غير المنقطعة، بما في ذلك الغاز الطبيعي المسال للأسواق العالمية، وتحسين البنية التحتية ذات الصلة، وزيادة الاستثمارات في قطاع الغاز".
وتحصل ألمانيا على نصف غازها من روسيا، مشيرة إلى أن نورد ستريم 2 كان في الأساس مشروعًا تجاريًا لتنويع إمدادات الطاقة إلى أوروبا.
وتؤمّن أوروبا نحو 40% من احتياجاتها من الغاز من روسيا، وتتطلع إلى الموافقة على خط أنابيب الغاز البحري نورد ستريم 2 الذي بُني حديثًا والذي يربط روسيا بألمانيا.
معوقات في طريق المشروع
على الرغم من الفوائد المحتملة، واجه خط الأنابيب معارضة داخل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة على أساس أنه سيزيد من اعتماد أوروبا في مجال الطاقة على روسيا، بالإضافة إلى حرمان أوكرانيا، التي تستضيف خط أنابيب غاز روسي آخر، أكثر عرضة للغزو الروسي.
وقال الزميل غير المقيم في معهد السياسة الأمنية بجامعة كيل، مارسيل ديرسوس: "هذا تغيير هائل في السياسة الخارجية الألمانية مع تداعيات هائلة على أمن الطاقة وموقف برلين الأوسع تجاه موسكو".
ومن جانبها، رحّبت واشنطن بإعلان المستشار شولتس، قائلة إنها أجرت مشاورات وثيقة مع الحكومة الألمانية خلال الليل.
وغرّد وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، قائلًا: "هذه خطوة صحيحة أخلاقيًا وسياسيًا وعمليًا في ظل الظروف الحالية.. القيادة الحقيقية تعني اتخاذ قرارات صعبة في الأوقات الصعبة.. خطوة ألمانيا تثبت ذلك بالضبط".
إمدادات الغاز الألمانية
قال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك إن إمدادات الغاز الألمانية مؤمنة حتى دون نورد ستريم 2، إلا أنه رجح أن الأسعار قد ترتفع أكثر على المدى القصير.
وأضاف هابيك: "دعمنا لأوكرانيا لا يمكن أن يكون موضع تساؤل.. "لذلك قمنا بسحب طلبنا إلى المنظم الألماني بشأن مراجعة أمن متطلبات التوريد لنورد ستريم 2".
وتمتلك شركة الغاز الروسية العملاقة غازبروم نصف خط الأنابيب، والباقي مقسم بين شركة شل، وشركة أوه إم في النمساوية، وإنجي الفرنسية وأونيبر الألمانية.
وعُلّقت عملية التصديق على مشغل نورد ستريم 3 في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أن طلب المنظم الألماني من الشركة التي تتخذ من سويسرا مقرًا لها إنشاء شركة فرعية ألمانية ونقل الأصول إلى الوحدة الجديدة من أجل الامتثال للقانون الألماني.
وقالت شركة نورد ستريم 2 في 26 يناير/كانون الثاني الماضي إنها أسست شركة فرعية ألمانية جديدة التي كان من المقرر أن تصبح المالك والمشغل لقسم 54 كم من خط الأنابيب الواقع في المياه الإقليمية الألمانية.
وبموجب توجيهات الاتحاد الأوروبي المعدلة للغاز، التي دخلت حيز التنفيذ في مايو/أيار 2019، يجب أن تمتثل خطوط أنابيب الغاز الجديدة من خارج الاتحاد الأوروبي للمتطلبات التنظيمية بشأن فك تجميع الملكية، ووصول الأطراف الثالثة وشفافية التعرفات.
رد الشركة الروسية
من جانبه، أوضح المتحدث باسم شركة نورد ستريم 2، إيه جي، أن الشركة قد أحاطت علما بالتقارير التي استشهدت بشولتس بشأن تعليق إجراءات التصديق، قائلًا: "لا يمكننا التعليق على هذه التقارير الإخبارية، وعلينا انتظار المعلومات المناسبة من السلطات".
وقال الكرملين -مرارًا وتكرارًا- إن الموافقة على نورد ستريم 2 وتدفق الغاز عبر خط الأنابيب الجديد سيساعد في تخفيف الطلب في سوق الغاز الأوروبية.
وأشار مراقبو السوق -أيضًا- إلى أن روسيا تحجب الغاز عن أوروبا، في محاولة للحصول على موافقة من المشروع.
ونفت روسيا وغازبروم التي تسيطر عليها الدولة -مرارًا وتكرارًا- التسبب في نقص في الغاز بالسوق الأوروبية على الرغم من انخفاض التدفقات بشكل كبير في السنوات الأخيرة، ومستويات التخزين في مواقع غازبروم الخاصة في أوروبا منخفضة للغاية، وعدم وجود مبيعات فورية منذ أكتوبر/تشرين الأول على منصة المبيعات الإلكترونية الخاصة بها.
موضوعات متعلقة..
- إمدادات الغاز الروسية إلى أوروبا تنجو من تفجير خط الأنابيب الأوكراني
- إذا وقعت الحرب وانقطع الغاز الروسي.. ما الخيارات المتاحة أمام أوروبا؟
اقرأ أيضًا..
- هل تواصل أسعار النفط الارتفاع؟ وما تأثير عودة الخام الإيراني؟.. أنس الحجي يجيب
- السيارات الكهربائية.. أكثر 5 علامات تجارية مبيعًا في 2021 (إنفوغرافيك)