بن عتو زيان يكشف تطورات مشروع الطاقة الشمسية في الجزائر
ويؤكد: نتفهم نفاد صبر المستثمرين
دينا قدري
أكد وزير الانتقال الطاقوي والطاقات المتجددة، بن عتو زيان، أن هناك اهتمامًا غير مسبوق من قبل المستثمرين الأجانب بمشروع الطاقة الشمسية في الجزائر المعروف باسم "سولار 1000".
إذ صرّح -في مقابلة مع صحيفة "لكسبرسيون" الجزائرية الناطقة باللغة الفرنسية- بأن "هناك حماسة مثيرة للإعجاب وغير مسبوقة لمشروع سولار 1000.. لاحظنا ذلك في أعقاب نشر الدعوة لتقديم العطاءات لهذا المشروع".
وأضاف الوزير الجزائري: "من ثم، فإننا نتفهم نفاد صبر المستثمرين الذين أرسلنا إليهم رسائل بريد إلكتروني، من أجل طمأنتهم على العملية وإبلاغهم بتوافر دفتر الشروط".
وقال بن عتو زيان -عن أهمية "سولار 1000"-: "أودّ أن أشير إلى أننا من خلال هذا المشروع نريد إنشاء تقنية عالية الأداء، والتي هي في طليعة التطورات في مجال الخلايا الكهروضوئية ومحطات الكهرباء".
تطورات مشروع الطاقة الشمسية
فيما يتعلق بتطورات مشروع الطاقة الشمسية، قال بن عتو زيان: "لقد أنهينا جميع الجوانب المتعلقة بالأمور الفنية والمالية الخاصة بمشروع 1000 ميغاواط.. إنه مشروع على عدّة دفعات في محطات توليد الطاقة الكهروضوئية".
وتابع: "لقد عقدنا اجتماعًا مشتركًا مع وزارة الطاقة والمعادن لحلّ جميع القضايا الفنية العالقة، يجب أن نتذكر أن شمس مملوكة لشركتين في قطاع الطاقة، سوناطراك وسونلغاز".
وشدد على أن الشاغل الوحيد هو تسوية النقاط المتعلقة بالبنود الخاصة بالجوانب البيئية، التي يجب أخذها في الحسبان بجدّية شديدة؛ إذ تُعدّ هذه المتطلبات أساسية في إعداد دفتر الشروط.
وهناك أيضًا جوانب للتعويض فيما يتعلق بتكلفة التعرفة، بالإضافة إلى الأسئلة المتعلقة بسندات الكربون، والتي تناولها دفتر الشروط.
وأوضح أنه منذ طرح دفتر الشروط يوم الخميس الماضي، شرع في سحبه ما يزيد عن 80 متعاملًا صناعيًا وطنيًا وأجنبيًا يرغبون في الاستثمار في هذا القطاع، مؤكدًا أن هذا المشروع الذي يشكل "تجربة أولى يخوضها البلد"، قد كان له "صدىً مقبول جدًا" لدى المستثمرين.
وتجدر الإشارة إلى أن "شمس" تعمل بشكل مستقل، ويجب أن تستدعي -إذا لزم الأمر- المتخصصين في تجميع "تمويل المشروع" بشكل اتفاقية شراء الكهرباء، بحسب الوزير.
وكلّفت وزارة الانتقال الطاقوي شمس بوضع دفتر الشروط؛ ويُعدّ من الضروري تحديد المشتري/المستثمر في سياق هذا المشروع، لاتخاذ قرار بشأن الجوانب المتعلقة ببعض الأمور، ولا سيما تلك المتعلقة بسندات الكربون، والتفاصيل المتعلقة أيضًا بتعزيز معدل التكامل، والبنود المتعلقة بالاستهلاك المحلي للمنتجات الوطنية في مشروعات بناء هذه المحطات الكهروضوئية.
وقال الوزير: "لقد أوكل إلى شركة شمس تسيير هذا المشروع لأجل إنجاز محطات للطاقة الشمسية الكهروضوئية بسعة 1000 ميغاواط في شكل حصص تتراوح سعتها بين 50 و300 ميغاواط لكل واحدة. فهي شركة مستقلة بشكل تام".
وأضاف: "بفضل هذه المشروعات سنتمكن من تحقيق انتاج سنوي يفوق 2000 غيغاواط من الطاقة الكهربائية وتوفير 549 مليون متر مكعب من الغاز، كما يمكنننا تجنب انبعاث مليون طن من الكربون".
وأوضح أن مشروع إنجاز محطات الطاقة الشمسية (سولار 1000 ميغاواط) يخص خمس ولايات جزائرية هي: بشار، وورقلة، والوادي، وتقرت، والأغواط، مؤكدًا أن هذا من شأنه ان يسهم في توفير أكثر من 5 آلاف وظيفة مباشرة.
واستطرد قائلًا إن الطاقة الكهربائية التي سيتم انتاجها من تلك المحطات، يتم ضخها في الشبكة الوطنية.
وأشار إلى أن المستثمر ستكون له علاقة تجارية مع سونلغاز عبر فرعها الشركة الجزائرية لتوزيع الكهرباء والغاز أو مع المتعامل النظام.
مشروعات أخرى للطاقة الشمسية
تحدّث بن عتو زيان عن المشروعات الجارية التي أطلقها القطاع، بعيدًا عن المشروع الرائد في الجزائر العاصمة.
وقال -في هذه المقابلة-: "لقد بدأنا مشروعًا تجريبيًا في قرية إفري بولاية إليزي، إذ تُعدّ الطاقة الكهربائية هناك الطاقة الشمسية بالكامل.. إنها طاقة شمسية بنسبة 100% في قلب حديقة طاسيلي، على بعد 176 كيلومترًا من مدينة إليزي".
وأضاف: "لقد قمنا أيضًا بتحديث منشآت الطاقة الشمسية الصغيرة الموجودة، يهدف هذا المشروع -الذي بدأناه بالفعل- إلى إنشاء كهربة شمسية واسعة النطاق للمنازل، والمساجد، والمدارس، والري، وما إلى ذلك. وسيكون هذا مشروعنا الرائد بالاشتراك مع سلطات الولاية".
وتابع: "نحن موجودون أيضًا في 3 مشروعات إنارة أخرى تعمل بالطاقة الشمسية في ولايات باتنة وتيسمسيلت والبويرة.. هذه هي الإنارة الذكية، أي الإنارة عالية الأداء وباستهلاك منخفض، وموفرة للطاقة".
وستمتد العملية لتشمل قطاعات الصحة والتعليم والشؤون الدينية، التي ستُجَهَّز هياكلها بنظام الإنارة ذاته. ومع ذلك، لن تُرَكَّب هذه المنشآت الكهروضوئية إلّا بعد تدقيق الطاقة الذي سيبدأ قريبًا.
الوعي بكفاءة الطاقة والطاقات المتجددة
شدّد بن عتو زيان على أن الجزائر اتخذت خيارات حكيمة بتكريس وزارة في حدّ ذاتها للطاقات المتجددة.
وقال: "إننا نواجه اليوم -مثل الدول الكبرى في هذا العالم- اضطرابات هيكلية تعيد تشكيل مشهد الطاقة العالمي، وتضع المجتمع الدولي -بما في ذلك الجزائر- بمواجهة تحديات وقضايا مهمة".
وأشار إلى أن الوعي يتزايد في الجزائر، ويبدأ الناس في التفكير فيه، خاصةً أنه ينشأ من حيث البدائل للوقود الأحفوري ومن حيث الامتثال للمعايير البيئية، وهناك العديد من المشروعات الطموحة التي جرى إطلاقها، وأخرى في طور الانطلاق، حسبما أفاد بن عتو زيان.
وأكد أنه "يُمكن للجزائر أن تفتخر برسمها وتنفيذها لخريطة طريق تدور حول عدّة محاور، تتمتع الدولة بقاعدة صلبة وكاملة من حيث تسريع انتقال الطاقة".
تهدف خريطة الطريق الجزائرية -من بين أمور أخرى- إلى برنامج وطني لتنمية الطاقات المتجددة بحلول عام 2035، بطاقة إجمالية تبلغ 15 ألف ميغاواط من الكهرباء من مصادر متجددة، ناهيك عن الخطة الوطنية الطموحة لإنتاج الهيدروجين الأخضر.
برامج شراكة في الطاقات المتجددة
أكد بن عتو زيان أن الجزائر تحظى اليوم باهتمام كبير من العديد من الدول والمستثمرين، الذين يميلون بشكل واضح للانخراط في برامج التعاون أو الشراكة في مجال الطاقات المتجددة.
وعلّق قائلًا: "نظل منتبهين للردّ قدر الإمكان على هذه الطلبات العديدة، ومع ذلك، فإن الأولوية اليوم هي بدء مشروع محطة الطاقة الكهروضوئية، في إطار مشروع "سولار 1000"، وهذا بالطبع لا يستبعد التوقيع على عدّة مشروعات شراكة في مجال البحث والتطوير والتدريب".
وتابع: "في الواقع، لدينا الكثير من الآفاق لإقامة شراكات مع عدد كبير من الدول.. لا يمرّ يوم لا أستقبل فيه سفراء ورؤساء منظمات عالمية مختلفة وممثلين آخرين عن المستثمرين الأجانب حول آفاق الاستثمار في قطاع الطاقة المتجدد".
وأشار إلى أن الجزائر تمتلك مشروعات في مجال الطاقة الحرارية الأرضية، والطاقة الكهرومائية، والتنقل الكهربائي، وفي التدريب والخبرة.
كما قال: "ستكون لدينا زيارة من وزيرين ألمانيين في 28-29 مارس/آذار، لتحقيق شراكات إستراتيجية.. ولدينا مشروعات تعاون تتعلق بـ"البحث والتطوير" في قطاع الطاقة الشمسية والطاقة الكهروضوئية مع مستثمرين أميركيين وألمان وإنجليز وسويسريين وغيرهم".
وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن الجزائر أصبحت الآن عضوًا في الهيئات الرئيسة بالوكالة الدولية للطاقة المتجددة "آيرينا"، بحسب الوزير.
عمل وزارة الانتقال الطاقوي
أشار بن عتو زيان إلى أن الوزارة تولي اهتمامًا كبيرًا لثلاثة أمور "التدريب والتطوير والبحث"، وهو محور إستراتيجي لا يقلّ أهمية عن الإجراءات الوزارية التقليدية.
وقال: "من هنا، جاءت هذه المذكرات الموضوعية الثابتة، والتي نديرها بالاشتراك مع مختلف القطاعات، بما في ذلك التدريب المهني والتعليم العالي.. بدأنا بملفات التعريف الخاصة بفنّيي ومركبي الطاقة الكهروضوئية، مهنة رائجة ويمكن أن تزود السوق بعمالة متخصصة".
وفيما يتعلق بالتعاون الخارجي، قامت الوزارة بالاشتراك مع السفارة التركية بإنشاء مركز تدريب حديث، للتدريب في مجال الطاقات المتجددة، ومقرّه في شرشال بولاية تيبازة، والمركز مجهز بأحدث المعدّات التعليمية، بما في ذلك جهاز محاكاة عالي الأداء، حسبما ذكر بن عتو زيان.
تعيينات جديدة.. ومنشآت مرتقبة
أوضح بن عتو زيان أن التعيينات والتغييرات الجديدة في بعض المناصب الإستراتيجية في القطاع تأتي ضمن إطار إعادة تنشيط وإعادة نشر الهياكل والموظفين في القطاع، لمواجهة التحديات بشكل صحيح، من حيث التحديات المتعلقة بخطة عمل قطاع الطاقة المتجددة، خلال السنوات المقبلة.
وتابع: "كما إننا نهدف إلى إنشاء منظمة جديدة تدريجيًا، وذلك لضمان بعض التآزر بين مختلف أصحاب المصلحة والأدوات المتاحة للقطاع، من المفيد تحديد أن الوقت قد حان لعودة جميع المؤسسات إلى القطاع، من أجل توفير جميع الموارد والطاقات".
وهناك هدف آخر لإنشاء وكالة لتنمية الطاقات المتجددة، والتي يمكن أن تسهم في تطوير الخطوط الرئيسة للسياسة الوطنية للطاقات المتجددة وكفاءة الطاقة في القطاع.
اقرأ أيضًا..
- هل تواصل أسعار النفط الارتفاع؟ وما تأثير عودة الخام الإيراني؟.. أنس الحجي يجيب
- الغاز المسال.. تحول الطاقة وارتفاع الأسعار يعطلان ازدهار السوق
- هل سيارات الهيدروجين أقل كفاءة من السيارات الكهربائية؟.. دراسة تحسم السباق