توقعات بتراجع إنتاج الكهرباء من الفحم قياسيًا في أميركا بحلول 2028
مع تسارع إغلاق المحطات
مي مجدي
عندما يتعلق الأمر بالانبعاثات، يبقى الفحم المسبب الأكبر، رغم أنه فقد عرشه بصفته المصدر الأول للكهرباء في الولايات المتحدة منذ أكثر من 10 سنوات.
وتمهيدًا لتطبيق قواعد بيئية جديدة، تتوقع الولايات المتحدة انخفاضًا قياسيًا في توليد الكهرباء من الفحم بحلول عام 2028، وستستغني عن أكثر من 23 غيغاواط.
وتحت ضغط من أسعار الطاقة المتجددة والابتعاد عن الوقود عالي الانبعاثات، تخطط المرافق لإغلاق 51 غيغاواط من كهرباء الفحم بين عامي 2022 و2027، لكن عام 2028 سيشهد وحده إغلاق نحو 23 غيغاواط، حسب موقع إس آند بي غلوبال بلاتس.
ولا يشمل ذلك تقاعد محطات كونيمو التي تعمل بطاقة إنتاجية 1700 ميغاواط، ومحطة كيستون العاملة بالفحم في ولاية بنسلفانيا بقدرة 1700 ميغاوط.
وعلى غرار ما حدث في عام 2015، عندما دخلت قوانين الحد من انبعاثات الزئبق حيز التنفيذ، ستُغلق المحطات لتجنب الامتثال للقواعد البيئية الصارمة.
تقاعد المحطات
يرى مدير أبحاث الطاقة في ماركت إنتليجينس، ستيف بايبر، أن الوضع سيزداد سوءًا قبل أن يشهد انفراجة، متوقعًا تقاعد المزيد من المحطات.
وأدى الانخفاض في تكلفة طاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى جانب أسعار الغاز الطبيعي المنخفضة لسنوات، لجعل الفحم مصدرًا مكلفًا وعالي الانبعاثات لتوليد الكهرباء.
ومع توقف عمل محطات الكهرباء العاملة بالفحم، تلجأ الشركات إلى بناء محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
ومنذ عام 2015، نجحت البلاد في الاستغناء عن 71.4 غيغاواط من سعة محطات الكهرباء العاملة بالفحم.
وخلال السنوات المقبلة، سيقود وسط غرب البلاد موجة الإغلاق التالية مع تقادم المحطات.
كما تخطط شركة جورجيا باور الأميركية الاستغناء عن أكثر من 3 آلاف و500 ميغاواط من الكهرباء العاملة بالفحم بحلول نهاية عام 2028.
وفي هذا الصدد، قال المحلل في مونينغستار، ترافيس ميللر، إن المرافق ترفض الاستثمار في محطات الفحم -حاليًا-، لا سيما أنها تحتاج إلى تشغيلها لمدة تتراوح بين 30 و40 عامًا حتى تحقق الأرباح.
وبدءًا من يونيو/حزيران 2021، كان متوسط عمر قدرة محطات الكهرباء الأميركية العاملة بالفحم نحو 42 عامًا.
ووفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأميركية، يقدر متوسط مدة التقاعد لقدرة محطات الفحم في الولايات المتحدة منذ عام 2002 بقرابة 50 عامًا.
موجة الإغلاق
تعرّضت صناعة الفحم الأميركية لضغوطات فيدرالية في محاولة لخفض الانبعاثات، لكنها تمكنت من الصمود بعدما جذبت انتباه الرئيس السابق دونالد ترمب، وعليها الآن مواجهة سياسة الرئيس جو بايدن، إذ تعهد بتحقيق الحياد الكربوني في قطاع الكهرباء بحلول عام 2035.
وبدأت إدارة بايدن في تنفيذ عدة إجراءات ليصبح ذلك حقيقة واقعة، ففي مطلع عام 2021، رفضت وكالة حماية البيئة تمديد استخدام مواقع رماد الفحم، إلى جانب العودة إلى لوائح وضعتها إدارة باراك أوباما للحد من انبعاثات الزئبق، التي استبعدتها إدارة ترمب، وكلاهما أسهم في رفع تكاليف محطات توليد الكهرباء بالفحم، التي تحاول مسبقًا البقاء من الناحية المالية.
ومن بين العوامل المساهمة في موجة الإغلاق بحلول عام 2028 مثول محطات الكهرباء العاملة بالفحم لمبادئ الحد من النفايات السائلة ومعاييرها الصادرة عن وكالة حماية البيئة، أو قانون "إي إل جي"، للحد من إطلاق المعادن السامة ورماد الفحم في مياه الصرف الصحي خلال موعد أقصاه 31 ديسمبر/كانون الأول 2028، وتهدف إلى منع تلوث مياه الشرب.
ووفقًا للوائح إدراة أوباما، يجب على هذه المحطات تطوير شبكة مياه الصرف الصحي لمعالجة الزرنيخ والزئبق والمعادن الثقيلة الأخرى.
لكن في عهد ترمب، حصلت على بعض المرونة من خلال إعفاء خاص لصرف النفايات والتخزين السطحي لها حال توقف هذه المحطات أو التحول إلى استخدام الغاز الطبيعي بحلول عام 2028.
وقال نائب الرئيس التنفيذي لقسم الإنتاج في شركة أميركان إلكتريك باور، بول تشوداك، إن اللوائح الفيدرالية المتعلقة برماد الفحم شكلت عاملًا قويًا في قرار المرافق بتقاعد محطة بيركي للفحم في تكساس بحلول 2023، التي تبلغ قدرتها 675 ميغاواط، ومحطة روكبورت التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 2600 ميغاواط في ولاية إنديانا، والتوقف عن حرق الفحم في محطة ويلش التي تبلغ طاقتها الإنتاجية 1056 بولاية تكساس في عام 2028.
وتماشيًا مع اتجاهات السوق، تحول مزيج موارد شركة أميركان إلكتريك باور بعيدًا عن أقذر أنواع الوقود الأحفوري في السنوات الأخيرة، إذ اعتمدت على توليد قرابة 24 ألفًا و800 ميغاواط من كهرباء الفحم في عام 2010.
وفي عام 2020، انخفضت إلى 12 ألفًا و100 ميغاواط، وتتوقع الشركة إنتاج 6 آلاف و500 ميغاواط فقط بحلول عام 2030.
مستقبل الكهرباء
في أواخر عام 2021 ومطلع العام الجاري، استفادت محطات الكهرباء العاملة بالفحم من ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، ويبدو أن الوضع سيستمر على المدى القريب.
وقال المحلل في مورنينجستار، ترافيس ميللر، إن الربط البيني "بي جي إم" يُعد سوقًا جذابة، وتجب مراقبته، لأنه يضم العديد من محطات الغاز الجديدة التي تعتمد على الغاز الرخيص، لكنه أصبح مكلفًا الآن.
وتُعد "بي جي إن" منظمة نقل إقليمية في الولايات المتحدة وجزءًا من شبكة الربط البيني الشرقية، وهي أكبر سوق للكهرباء في الولايات المتحدة، إذ تغطي 13 ولاية.
وأوضح ميللر أن البلاد تمتلك أسطولًا ضخمًا من محطات الفحم، التي تبدو الآن أرخص بكثير مما كانت قبل 3 سنوات، ويعتقد أن وضع السياسات سيكون عاملًا حاسمًا في مدة بقاء هذه المحطات بالمنطقة.
لكن القطاع يعاني كسادًا شديدًا حتى إن بعض المحطات عاجزة عن إمداد السوق، بهدف الحفاظ على المخزون.
ويرى مدير أبحاث أسواق الفحم في وود ماكنزي، مات بريستون، أن الإنتاج كان متواضعًا مع صعوبة الحصول على المعدات أو الموظفين، لكن المحطات تبذل قصارى جهدها للحفاظ على الإنتاج وزيادته على المدى القريب.
وأضاف أن الشتاء البارد سيكون له تأثير كبير في خفض المخزون، ومع استمرار الطقس السيئ في فبراير/شباط، ستتوقف بعض المحطات عن العمل، نظرًا إلى عدم توافر ما يكفي من الفحم.
ومع ذلك، أعرب مشغلو محطات الفحم عن أملهم لسنوات في خفض تكلفة تقنية احتجاز الكربون حتى يمكنهم تقليل الانبعاثات عند عمليات الحرق، لكن التقنية لم تُطبق على نحو كافٍ.
وقالت المديرة التنفيذية لشركة "سمارت إلكتريك باور ألايانس"، جوليا هام: "من المتوقع استمرار اختفاء محطات توليد الكهرباء من الفحم".
أما نائب الرئيس التنفيذي لقسم الإنتاج في شركة أميركان إلكتريك باور، بول تشوداك، فيرى أن بعض محطات الوقود الأحفوري ستصمد، لكن سيقل الاعتماد عليها وستنخفض مدة تشغيلها إلى أقل من 5 أيام سنويًا، لمواجهة أوقات الذروة خلال العواصف الشتوية أو الموجات الحارة.
وقال: "هدفنا هو الانتقال إلى الطاقة النظيفة، ونحاول تقليل الاعتماد على الكهرباء من محطات الوقود الأحفوري، لا سيما الفحم".
اقرأ أيضًا..
- الغاز الطبيعي.. بلغاريا تتطلع إلى إنشاء سوق موحدة مع دول جنوب شرق أوروبا
- وكالة الطاقة الدولية تحذر من تقلبات بأسواق النفط بسبب سياسة أوبك+
- روسنفط الروسية تحقق 11.7 مليار دولار أرباحًا في 2021