التغير المناخيأخبار التغير المناخيرئيسيةعاجل

أزمة المناخ تهدد مستقبل أشجع قبيلة أفريقية في كينيا (صور)

بعد ارتفاع منسوب المياه وصعوبة الوصول للطعام

مي مجدي

تعدّ بحيرة توركانا، أكبر البحيرات الصحراوية في العالم، نقمة على قبيلة المولو الكينية، بعدما أدت أزمة المناخ وتقلبات الطقس بسبب أزمة المناخ إلى ارتفاع منسوب المياه وتحويل القرية إلى جزيرة معزولة.

فمنذ آلاف السنين، كانت البحيرة مأوى لسكان المولو، إذ اعتادوا على ممارسة الصيد لكسب العيش، واعتمد نظامهم الغذائي على الأسماك بدرجة كبيرة، لكن التغيرات الطارئة على البحيرة أثّرت في مصدر رزقهم الرئيس.

وتعيش القبيلة الآن تحت تهديد مستمر بسبب أزمة المناخ، إذ ارتفعت مستويات المياه، وباتت الحياه بالنسبة لهم معركة للحصول على الطعام والمياه والتعليم والعلاج.

أزمة المناخ

بحيرة توركانا هي أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، وتحيط بها المناظر الطبيعية القاحلة، لكن ازدادت مساحتها بأكثر من 10% خلال العقد الماضي، وغمرت قرابة 800 كيلومتر مربع من الأرض.

وخلص تقرير أقرّته الحكومة الكينية في العام الماضي إلى أن ارتفاع منسوب المياه في بحيرة توركانا وبحيرات وادي ريفت (الوادي المتصدع) الأخرى يرجع إلى زيادة هطول الأمطار في مناطق المستجمعات المائية بالبحيرات على مدار السنوات القليلة الماضية، إلى جانب ممارسات الاستخدام غير المستدام للأراضي، بحسب صحيفة الغارديان البريطانية.

قبيلة المولو
فتاة صغيرة تشرب مياه بحيرة توركانا المالحة- الصورة من صحيفة الغارديان

وكشف تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة لعام 2021 أن أزمة المناخ ستؤدي إلى هطول أمطار غزيرة، ومن ثم، ستتغير معدلات تدفّق الأنهار الرئيسة التي تصل إلى البحيرة، وسيتسبّب ذلك في زيادة أخرى في مستويات المياه على مدار الـ20 عامًا المقبلة، وسيكون لذلك آثار اجتماعية وثقافية واقتصادية في المجتمعات المجاورة، مثل المولو.

ومن المرجح أن تشهد المنطقة فيضانات في المستقبل مثل التي حدثت في عام 2020.

ويتوقف مصير استمرار ارتفاع منسوب مياه البحيرة على سيناريوهات أزمة المناخ والتغيرات المتوقعة في أنماط هطول الأمطار، حسب التقرير.

وكانت الخسارة الأكبر للقبيلة عندما غمرت البحيرة محطة توفر المياه العذبة للسكان، وأجبرتهم على الاعتماد على مياه البحيرة، التي تعدّ أكثر البحيرات ملوحة في أفريقيا.

ومن شأن المستويات العالية للفلورايد أن تغيّر لون الأسنان وتؤثر في صحة السكان والأطفال -تحديدًا-، وتعرّضهم للإصابة بالإسهال والكوليرا والتيفوئيد.

مستقبل مبهم

رغم أن عدد سكان المولو لا يتجاوز الـ1000 نسمة، فإنهم يشتهرون بأنهم أشجع القبائل الأفريقية، بسبب قدرتهم على محاربة التماسيح وأفراس النهر.

لكن أدت التغيرات الطارئة -بسبب أزمة المناخ- على البحيرة إلى تدمير مواقع الصيد، والبنية التحتية للمياه العذبة واجتياح المقابر، وتركت المجتمع عرضه لهجمات تماسيح النيل الشرسة وأفراس النهر والثعابين.

وعلّق أحد سكان القبيلة، مومباسا لينابير، على ذلك بأنه اضطر قبل عامين إلى مغادرة منزله عندما غمرت المياه قريته، كوموتي، وحوّلتها إلى جزيرة.

أزمة المناخ
أزمة المناخ تهدد قبيلة المولو- الصورة من صحيفة الغارديان

وخوفًا من أن تتقطع به السبل في جزيرة نائية، بنى لينابير مع عائلات أخرى، منازل جديدة على البر الرئيس، بينما اختار بعضهم البقاء على الحزيرة الجديدة واستخدام الزوارق للسفر.

وقال لينابير: "لم أر الماء يرتفع إلى هذا المستوى من قبل، فقد اعتاد الأطفال المشي إلى المدرسة واللعب في أحد الحقول، الذي أصبح الآن تحت الماء".

وتابع: "في الماضي، كان يمكن الوصول إلى هذه المنازل، لكن يتعين على الآباء الآن الدفع لأصحاب القوارب مقابل ذهاب أطفالهم إلى المدارس، وأصبح يصعب على المرضى الحصول على المساعدات الطبية، خاصة في المساء".

كما أدت مستويات المياه المرتفعة إلى وجود الأسماك في عمق البحيرة، وأصبح من الصعب الوصول إليها، لا سيما أن القبيلة اعتادت على صيد الأسماك بالرماح والحراب والشباك التقليدية.

ويرى المرشد السياحي، جوليوس لويرك، أنه من دون الإمدادات اليومية من الأسماك، ستكون حياة القبيلة في خطر، وبما أن الموقع صخري لا تستطيع الاعتماد على الزراعة.

تحديات صعبة

نظرًا لأن المولو تعدّ أصغر قبيلة في كينيا، تتعرض الثقافة واللغة إلى الانقراض، إذ أعلنت اليونسكو إدراج لغتها ضمن قائمة اللغات المهددة بالخطر.

فالمولو ينتمون إلى الشعوب الكوشية، لكن التزاوج بين أفراد القبيلة والمجتمعات النيلية القريبة مثل توركانا وسامبورو، أسهم في اختفاء اللغة.

بحيرة توركانا
بحيرة توركانا - الصورة من صحيفة الغارديان

علاوة على ذلك، بدأت المخاوف تتزايد بعدما غمرت المياه أضرحة الموتى، وتعذّر الوصول إليها.

بالنسبة إلى المولو، يعدُّ تبجيل الموتى من الشعائر الأساسية، لذا فإن رؤية القبور تحت الماء أمر مؤلم.

وأوضح أحد سكان القبيلة، مومباسا لينابير، أنه الآن يتعين على القبيلة ركوب الزوارق للوصول إلى القبور المغمورة، قائلاً: "لقد دُفن الموتى، والآن دُفنت قبورهم أيضًا".

ويرى المشرف على متحف "ديسرت"، الذي يقع على بعد أميال قليلة من قرى المولو، نتالان أوغوم، أن المتحف ربما يكون المكان الوحيد الذي ستتعرف من خلاله الأجيال القادمة عن القبيلة ولغتها المنقرضة وثقافتها المندثرة، قائلًا: "كنا نعتمد على البحيرة في لقمة العيش، لكنها الآن سبب في قتل شعبنا".

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق