حقول النفط الرقمية.. حلول لزيادة الإيرادات وتحقيق الاستدامة في أفريقيا
نقلة نوعية في قطاع النفط والغاز واقتصادات البلدان النامية
نوار صبح
تدعم حلول حقول النفط الرقمية، وخصوصًا في أفريقيا، ارتقاء قطاع النفط والغاز الذي يتطلب تجديدًا للحفاظ على الاستدامة ومواكبة التحولات الحالية في السوق؛ ويمكن لهذه الحلول إحداث تغييرات نوعية في قطاع النفط والغاز واقتصادات البلدان النامية.
ونظرًا لأن صناعة النفط والغاز تُعَد معقلًا للطرق التقليدية، ولأن الأسواق الحالية تجذب المنافسة والاستثمارات الجديدة، يمكن لحلول حقول النفط الرقمية تحديد ملامح مستقبل شركات النفط والغاز في وقت يتجه فيه العالم نحو الاستغناء عن مصادر الوقود التقليدية والتحول للمصادر المتجددة.
ووجهت الأسواق المزيد من الاستثمارات نحو ابتكارات تركز على الطاقة المستدامة، على مدار العقد الماضي؛ ما دفع قطاع النفط والغاز لاستكشاف تقنيات تحسين التشغيل وزيادة الكفاءة الإنتاجية، أملًا في مستقبل مزدهر، وفقًا لما نشرته مجلة "إي إس آي أفريكا" الجنوب أفريقية.
وبعد عامين من تعطيل جائحة كورونا لقطاع النفط والغاز، لا تزال البلدان الأفريقية تكافح من أجل التعافي من تداعياتها؛ حيث تسعى شركات النفط والغاز إلى تحسين تقنيتها للحفاظ على مصادر إيراداتها وتوسيعها.
وأشارت التقديرات الرسمية لشركة أبحاث السوق "فيوتشر ماركت إنسايت" إلى أن قيمة سوق حقول النفط الرقمية العالمية ستبلغ 37 مليار دولار بحلول عام 2022 وستصل إلى نحو 54 مليار دولار في عام 2028؛ ويمثل هذا معدل نمو سنويًا مركبًا بنسبة 6.5% خلال المدة نفسها.
الحاجة إلى حلول حقول النفط الرقمية
تعرَّض منتجو النفط في البلدان الأفريقية إلى خسائر فادحة نتيجة تراجع أسعار النفط بسبب انخفاض الطلب، في النصف الأول من عام 2020؛ لذلك أدرك منتجو النفط أهمية تغيير أساليب العمل للتغلب على نقاط ضعف السوق.
كما أدت أعمال التخريب المتعمد وسرقة المنتجات البترولية إلى زعزعة ثقة المستثمرين؛ ما جعل من الصعب العثور على استثمارات لمشروعات النفط والغاز الجارية في المنطقة الأفريقية.
تجدر الإشارة إلى أن حقول النفط التقليدية تتسم بأوجه القصور التي تعمل على توسيع فجوة العرض والطلب وتعوق الاستخدام الأمثل للمخزونات.
بدورها، تندمج مؤسسات التقنيات الحديثة لمواجهة هذه التحديات، وتمثل حلول حقول النفط الرقمية الخطوة الأولى نحو الربحية والاستدامة، وتتبنى شركات النفط حلول وأنظمة حقول النفط الرقمية لأنشطة إنتاج واستكشاف المياه العميقة؛ ما يقلل من وقت الإنتاج.
وتُعَد تدابير الأمان والسلامة الشاغل الأكبر لدى منتجي النفط والغاز؛ حيث يمارس عمال حقول النفط مهامّهم في ظروف عمل خطرة وقاسية.
ودفع هذا الخطر الشركات الرائدة إلى زيادة الاستثمار في حلول حقول النفط الرقمية مثل حلول المراقبة عن بُعد ومراكز التحكم التي تلغي الحاجة إلى زيارة حقول النفط وتمكين الجيولوجيين والمهندسين ومتخصصي العمليات من العمل من أي مكان.
وقد ثبّتت شركة شل نيجيريا مؤخرًا وحدات الوصول العشوائي متعدد الطور (آر بي إم إيه)، التي صنعتها شركة الطاقة الكرواتية "كونكار"، للأجهزة الطرفية المتكاملة في محطات التدفق والمشعبات "الأنابيب المتفرعة" ورؤوس الآبار والمرافق الأخرى.
وتوفر هذه الأجهزة اتصالًا متبادَلًا بين الحقل والمكتب؛ ما يوفر تدفقات بيانات موثوقة من المنطقة، بما في ذلك ضغط خط الأنابيب ومعدل التدفق ودرجة الحرارة.
ويمكن لوحدات الوصول العشوائي متعدد الطور تشفير البيانات المرسلة والتحكم في الاستهلاك الكلي للكهرباء، وبوسع هذه الوحدات تشفير البيانات المرسلة والتحكم في استهلاك الكهرباء وإجراء التكوينات والتحديثات اللاسلكية وتنفيذ تقارير الإنذار المجدولة.
وتستطيع هذه الأجهزة تنفيذ تقارير الإنذار المجدولة اعتمادًا على أجهزة الإنذار الذكية وأجهزة الاستشعار وأجهزة التشغيل وأنظمة التحكم في مراقبة المخزون.
استثمار الحلول الرقمية في نيجيريا
بسبب ما تتمتع به نيجيريا من مكانة مرموقة في التنقيب عن النفط والغاز وأسواق الإنتاج، ولأنها واحدة من المنتجين الرئيسين للنفط الخام منخفض الكبريت، مع أعلى طلب عالميًا؛ فقد جذب ارتفاع نشاط النفط والغاز في جميع أنحاء البلاد انتباه مزودي حلول حقول النفط الرقمية.
واتخذت الحكومة النيجيرية خطوات استباقية لمعالجة قضايا السيولة وعدم كفاية الدخل وقابلية التحويل، وامتناع شركات النفط والغاز عن الاستثمار في البلاد.
يضاف إلى ذلك أن الحكومة النيجيرية تتخذ إجراءات ملموسة للتغلب على الركود، والبحث عن مصادر بديلة متنوعة للدخل من خلال تسويق الغاز وتطوير البنية التحتية، في المقام الأول.
ونتيجة استئناف أنشطة الاستكشاف والإنتاج وزيادة العديد من مشروعات التنقيب والإنتاج في الدولة، سيزداد الطلب على حلول حقول النفط الرقمية بشكل كبير.
ونظرًا لأن منتجي النفط يتطلعون إلى تعزيز الأداء التشغيلي وتحسين عائد الاستثمار؛ فإنهم يتعاونون مع مزوّدي الحلول الرقمية لإحياء الآبار القديمة وتقليل التكلفة الإجمالية للملكية ووقت تعطُّل الإنتاج.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حصلت شركة إدارة خدمات تقنية المعلومات "أفانوسيون"، بالشراكة مع شركة "بي إي إي إل" (بيل) النيجيرية، على عقد لتوفير حلول حقول النفط الرقمية لإحياء حقل نفط "كالايكول" في نيجيريا، حسبما أوردت مجلة "إي إس آي أفريكا".
وستوظف شركتا "أفانسيون" و"بيل" خبراتهما ومواردهما لتقديم لوحات التحكم الكهرو-هيدروليكية في رأس البئر لتنشيط حقول النفط المهمة.
الاعتبارات البيئية والأمنية
يقدم عمالقة التكنولوجيا حلولًا رقمية لحقول النفط للتعرف على القضايا الصحية والأمنية والبيئية ومنع التخريب، وكشفت شركة "هواوي" الصينية النقاب عن حل "آي أو تي" الرقمي لحقول النفط في مؤتمر نيجيريا الدولي للنفط 2020.
وستستخدم الشركة تقنية الجيل الرابع للنطاق العريض والذكاء الاصطناعي لتعزيز الشفافية التشغيلية والأمن في قطاع النفط والغاز؛ ومن المتوقع أن يوفر هذا الحل الجديد مجموعة واسعة من خيارات تغطية الشبكة اللاسلكية لحقول النفط النيجيرية والمستودعات وخطوط الأنابيب.
تقنية التوأم الرقمي
تبنت الشركات التكنولوجية الرائدة نماذج ومحاكاة للبرمجيات الديناميكية التي تعمل بالطاقة الصناعية 4.0 التي يمكن استخدامها في صناعة النفط والغاز لضمان التشغيل الفعال والآمن والمستمر وتصميم تقنيات وأنظمة جديدة.
وتمثل تقنية التوأم الرقمي قفزة كبيرة في صناعة النفط والغاز؛ لأنها تنشئ نسخة افتراضية كاملة طبق الأصل لكل جانب من منصة النفط، بما في ذلك التوربينات والضواغط والمبادِلات الحرارية.
جدير بالذكر أن تقنية التوأم الرقمي تحدث ثورة في العمليات وتتحكم في تحديد أنماط التشغيل في بيئة افتراضية وتراقب سلامة وكفاءة المعدات؛ ما سهّل على شركات النفط تجاوز المنهجيات التقليدية وتمهيد الطريق للتحول الرقمي.
وقد أصبحت تقنيات حقول النفط الرقمية جزءًا لا يتجزأ من صناعة النفط والغاز وتحقق ثورة في عمليات التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما.
- أكبر مصفاة نفط في أفريقيا.. نيجيريا تترقب تشغيل دانغوتي
- غينيا الاستوائية.. بيكر هيوز توظف تقنياتها لدعم قطاع النفط والغاز
وتشمل الجهات البارزة في السوق شركات النفط الكبرى مثل شل وإكوينور، اللتين اكتسبتا خبرة كبيرة في تطوير التقنيات لجعل حقول النفط الرقمية حقيقة واقعة.
وتتطلع الشركات إلى استخدام حلول حقول النفط الرقمية لإدارة الأصول والحصول على أفضل عائد على الاستثمار؛ ومن المرجح أن تستخدم الشركات تقنية التوائم الرقمية وغيرها من التقنيات للتحكم في جميع جوانب دورة حياة الأصول، لضمان الاستدامة.
اقرأ أيضًا..
- إيرادات صادرات النفط والغاز الإيرانية تقترب من حاجز الـ48 مليار دولار
- الطاقة المتجددة تشكل 100% من توليد الكهرباء في النرويج خلال 2020
- شحن السيارات الكهربائية بالطاقة الشمسية.. كينيا تنشئ أول مركز