كيف أصبح التعدين صناعة حاسمة في تحول الطاقة؟.. تقرير سعودي يُجيب
دينا قدري
أصبحت صناعة التعدين عنصرًا حاسمًا في تحول الطاقة العالمي، بعد أن كانت بطيئة في تحقيق أهداف خفض الكربون حتى وقت قريب.
وتمثل الانبعاثات المباشرة (النطاق 1) وغير المباشرة (النطاق 2) من قطاع التعدين 4-7% من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية، ويأتي معظمها من انبعاثات غاز الميثان المتسربة في تعدين الفحم.
وتُعدّ انبعاثات المصب (انبعاثات النطاق 3) أكبر بكثير، إذ تمثل 95% من انبعاثات قطاع التعدين، وما يصل إلى 28% من غازات الدفيئة العالمية، بحسب تقرير صادر عن وزارة الصناعة والثروة المعدنية السعودية.
أهداف الحياد الكربوني
اليوم، هناك 23% من أكبر شركات التعدين في العالم لم تحدد بعد أي أهداف للحياد الكربوني، وفي حين أن أكبر 28 شركة حددت أهدافها، فإن القليل منها قد أدرج انبعاثات النطاق 3 في خططها للحياد الكربوني.
وسيكون تحويل تلك التعهدات إلى خطط مدعومة بنفقات رأسمالية أمرًا بالغ الأهمية، وقد بدأ البعض هذا الاتجاه من خلال تخصيص الإنفاق لجهود تحول الطاقة.
وتهدف شركة جلينكور البريطانية السويسرية -على سبيل المثال- إلى تخصيص 75% من إجمالي النفقات الرأسمالية للمعادن الانتقالية.
بينما ستقوم شركة ريو تينتو البريطانية الإسترالية بمضاعفة النفقات الرأسمالية لتلك المعادن، مع تخصيص 7.5 مليار دولار أميركي لإزالة الكربون من أصولها بحلول عام 2030.
مصادر الطاقة المتجددة
التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة غير متكافئ في الصناعة، بحسب تقرير "الاستدامة" الذي أصدرته الوزارة، فقد كانت شركة تعدين واحدة فقط من بين أكبر 10 مشترين للطاقة النظيفة في العام الماضي.
كما لا يزال أداء هذه الصناعة أقل مما هو متوقع، إذ يمثل عمال المناجم 22% من الانبعاثات الصناعية العالمية، ولكن 16% فقط من مشتري الطاقة النظيفة العالميين في عام 2019.
وسيلعب سحب دعم الوقود الأحفوري لعمليات المناجم -لا سيما الديزل- دورًا مهمًا في تسريع هذا التحول، إذ مثّلت ائتمانات ضريبة الوقود لصناعة التعدين 3.5 مليار دولار في عام 2021 في أستراليا وحدها.
ويمكن للحكومات -أيضًا- تسريع استيعاب إمدادات الطاقة المتجددة من خلال تحديث اتفاقيات تطوير التعدين الخاصة بها لتتطلب عمليات تعدين حيادية للكربون.
دور الهيدروجين الأخضر
بالإضافة إلى مصادر الطاقة المتجددة، تبحث شركات التعدين أيضًا في الهيدروجين الأخضر بوصفه مصدرًا محتملًا خاليًا من الكربون للكهرباء والحرارة.
ويهدف اتحاد الهيدروجين الأخضر -الذي شكلته العام الماضي شركات هاتش وأنغلو أميركان وبي إتش بي وفورتيسكو- خصوصًا إلى تجربة طرق استخدام الهيدروجين الأخضر في التعدين والصناعات الثقيلة الأخرى.
وتُعد فورتيسكو -أيضًا- عضوًا في مجلس إدارة منظمة الهيدروجين الأخضر المنشأة حديثًا، التي تهدف إلى تعزيز استخدام الهيدروجين بوصفه مصدرًا للطاقة المتجددة.
معالجة انبعاثات الميثان
رغم أن ثاني أكسيد الكربون هو محور رئيس للتحول الأخضر، يجب ألا ينسى قطاع التعدين الميثان، حسبما أكد التقرير.
لا تمثل انبعاثات الميثان المتسربة من تعدين الفحم الحصة الأكبر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من هذا القطاع فحسب، ولكنها تمثل أيضًا ما يصل إلى 15% من انبعاثات غاز الميثان العالمية.
وترتبط هذه الانبعاثات جزئيًا فقط بإنتاج الفحم، إذ إن المناجم المهجورة ينبعث منها غاز الميثان. نتيجةً لذلك، حتى في ظل انخفاض الطلب على الفحم، من المتوقع أن تزداد انبعاثات الميثان الإجمالية من تعدين الفحم.
لذلك، تُعد معالجة الانبعاثات المتسربة من تعدين الفحم أمرًا بالغ الأهمية، ويمكن القيام بذلك بتكاليف منخفضة (أقل من 21 دولارًا لكل طن مكافئ) لكامل انبعاثات غاز الميثان في مناجم الفحم تقريبًا. وهذا يعني أيضًا أن سعر الكربون القوي سيجعل هذه الأنشطة مربحة.
وفي حالة المناجم الكبيرة، قد تكون التطبيقات التجارية موجودة أيضًا بغض النظر عن سعر الكربون، مثل التقاط الغاز لتوليد الكهرباء أو الحرارة للتطبيقات الصناعية القريبة.
التحول إلى الكهرباء
ستكون كهربة المنجم وسيلة مهمة لتحقيق أهداف الحد من الانبعاثات، إذ يمثل الديزل نحو 50% من الانبعاثات المباشرة (النطاق 1). كما أنها تخفف من مخاطر تسرب الوقود، مثلما حدث في روسيا في عام 2020.
وسيؤدي استبدال الكهرباء بالديزل إلى تقليل الانبعاثات المباشرة (النطاق 1)، ولكن ما لم يكن مصدر هذه الطاقة الكهربائية أخضر، فإنها ستزيد من الانبعاثات غير المباشرة (النطاق 2).
لحسن الحظ، تساعد التخفيضات السريعة في التكاليف -لكل من مصادر الطاقة المتجددة والبطاريات- الصناعة على تسريع عملية انتقالها.
ويُمكن أن توفر المناجم ما يصل إلى 25% من تكلفة الكهرباء عن طريق التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة.
دور السيارات الكهربائية
ستكون للعديد من إستراتيجيات الكهربة عوائد اقتصادية إيجابية. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي التحول إلى مركبة كهربائية على عربة إلى تقليل استهلاك الوقود بما يصل إلى 350 لترًا/ساعة لكل شاحنة سحب.
كما خفضت السيارات الكهربائية تكاليف الصيانة والاستهلاك، بحسب التقرير.
وهناك فائدة اقتصادية أخرى للكهرباء تتعلق بالتهوية، إذ تنتج المركبات التي تعمل بالديزل كميات كبيرة من الحرارة، والتي يمكن أن تكون مشكلة في المجمعات تحت الأرض.
نتيجةً لذلك، هناك حاجة إلى أنظمة تهوية واسعة النطاق، إذ تتطلب أكبر المناجم ما يصل إلى 1.2 مليون قدم مكعّبة من التهوية كل دقيقة.
ويمثّل ذلك بنية تحتية ضخمة وبصمة تكلفة تشغيلية؛ ما يصل إلى نصف تكلفة طاقة المنجم، وما يصل إلى 15% من التكلفة الإجمالية للمنجم.
يُمكن للسيارات الكهربائية أن تساعد كثيرًا في خفض هذه التكاليف، خاصةً عندما تقترن بأنظمة التهوية الذكية.
موضوعات متعلقة..
- السعودية تطلق مشروعات جديدة في مجالات الكهرباء والتعدين
- السعودية.. 1.3 تريليون دولار احتياطات قطاع التعدين (صور)
- قمة معادن المستقبل.. السعودية تتطلع إلى استثمارات ضخمة (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- وزارة النفط الإيرانية تعرض على دول الخليج توفير الغاز
- أوبك+ تقرر استمرار الزيادة التدريجية للإنتاج.. وهذه حصص فبراير (تحديث)
- صناعة خلايا الطاقة الشمسية على سطح القمر.. هل تتحقق المعجزة؟