أصبح سهم بتروبراس من بين خيارات الاستثمار المهمة خلال أونة الأخيرة في قطاع الطاقة بصفة عامة، والنفط بصفة خاصة.
وتُعد بتروبراس -التي تأسست عام 1953- من ضمن أكبر 20 شركة في العالم، وواحدة من أعمدة الاقتصاد البرازيلي، وقد بدأت إنشاء علاقات مع شركات عالمية، وكان من سبب نجاحها في السنوات الأخيرة إنتاج النفط الثقيل.
لم يكن سهم بتروبراس استثمارًا جيدًا على مدار السنوات الـ 10 الماضية، ولكن يمكن أن يصبح هذا السهم مدرًا للأرباح مستقبلًا، بفضل التغييرات الداخلية والظروف الخارجية الجيدة، وتحتل الشركة المرتبة الـ16 بين أكبر شركات النفط في العالم من ناحية القيمة السوقية.
وفي هذا التقرير، نشرح سبب تمتُّع بتروبراس بموقع ممتاز، ولماذا نرى في سهمها فرصة مهمة طويلة الأجل للمستثمرين، مع أرباح لعقود مقبلة؟
صناعة النفط.. الوضع الراهن
صناعة النفط سلاح ذو حدين، فهي مكروهة لانبعاثاتها الكربونية وما ينتج عنها من كوارث؛ لذلك تسعى معظم دول العالم لتوفير بديل آخر نظيف للطاقة، لكن من ناحية أخرى، ما تزال هذه الصناعة شريان الحياة للاقتصاد العالمي، نظرًا إلى كثافة استخدام الطاقة الناتجة عنها.
ولذلك، ستستمر الحاجة إلى النفط واستهلاكه في المستقبل -على الأقل- خلال العقود الـ3 المقبلة.
هناك 3 أمور مهمة يجب أن نأخذها في الحسبان:
- على الرغم من أن الولايات المتحدة هي أكبر منتج، فإنها ما تزال مستوردًا.
- ثاني أكبر المستهلكين وثالثهم -الصين والهند- يحتاجان معًا إلى نفط يقارب استهلاك الولايات المتحدة، لكنهما بعيدان عن القدرة على تغطية استهلاكهما.
- البرازيل، موطن بتروبراس، تنتج فقط أقل مما تستخدمه.
استهلاك النفط الخام الحالي و"التنبؤات"
تقدّر هيئة أبحاث الطاقة في شركة ماكنزي للاستثمار أن الاستهلاك العالمي في أكتوبر/تشرين الأول 2021 كان نحو 98.8 مليون برميل يوميًا، أي أقل بنحو مليونيْ برميل يوميًا عن عام 2019، ولكن أكثر بنحو 7 ملايين من متوسط عام 2020.
وعلاوة على ذلك، تتوقع أوبك استهلاكًا إضافيًا قدره 4.2 مليون برميل يوميًا في عام 2022، الذي سيكون عندئذٍ مستوى مرتفعًا جديدًا.
ولكن ماذا عن الطلب على المدى الطويل؟ هناك مجموعة واسعة من التقديرات للنقطة التي من المرجّح أن يبلغ الطلب على النفط عندها ذروته، وتشير بعض التوقعات إلى أن الطلب العالمي على النفط قد يبلغ ذروته بعد عام 2025، ويتوقع البعض الآخر أن يستمر الطلب في النمو حتى عام 2040 وما بعده.
ويشير سيناريو التنمية المستدامة لوكالة الطاقة الدولية، الذي يستند إلى تشديد حاد في سياسات المناخ، إلى أن الطلب على النفط قد بلغ ذروته في منتصف عام 2020، في حين يشير سيناريو "السياسات الجديدة"، الذي يتصور حدوث انقطاع أقل حدة في السياسات البيئية، للمطالبة بالاستمرار في النمو في عام 2040.
التوقيت الدقيق لذروة الطلب على النفط ليس بهذه الأهمية؛ لأن من الطبيعي أنه حتى بعد بلوغ الطلب ذروته فإنه لن ينخفض بشكل مفاجئ، وإنما ببطء، سواء تم الوصول إلى الذروة في عام 2025 أو 2030 أو 2035، فهي ذات أهمية محدودة، وستستمر البشرية في استهلاك النفط حتى عام 2050 على الأقل، ومن منظور المستثمر اليوم، فإن هذا يعني تدفقًا نقديًا محتملًا لعقود مقبلة.
ووفقًا للتقديرات المتاحة، هناك حاجة إلى استثمارات في قطاع النفط والغاز العالمي بنحو 17 تريليون دولار لدعم مستوى الإنتاج الحالي بحلول عام 2040، الذي سيساوي نحو ثلث إجمالي الاستثمار العالمي في الطاقة.
تحول بتروبراس
بتروبراس شركة مملوكة جزئيًا للدولة في البرازيل، البلد الذي يمتلك ثاني أكبر احتياطيات نفطية في أمريكا الجنوبية (بعد فنزويلا).
في الماضي، كانت بتروبراس جزءًا من العديد من الفضائح، وكان عليها ديون ضخمة، وخفضت أرباحها إلى الصفر، وكانت النتيجة أن المستثمرين تركوا الاستثمار في سهم بتروبراس.
مؤخرًا، مرّت الشركة بتحوّل في السنوات الـ7 الماضية، تمكنت خلالها من تقليل عبء ديونها بشكل كبير.
وتحدد الشركة هدف إجمالي الدين طويل الأجل بقيمة 60 مليار دولار، وقد تم الوصول إلى هذا الهدف، وهو ما أدى إلى وجود أموال أكثر بكثير متاحة للاستثمار، وجرى التخطيط لمعظم الاستثمارات من عام 2022 إلى عام 2026 للتنقيب والإنتاج وحتى للطاقة النظيفة.
وستُنفق معظم نفقات الاستكشاف والإنتاج على ما يسمى "حقول ما قبل الملح"، وهي حقول نفط بحرية تقع في أعماق بعيدة جدًا تحت طبقة ملح إضافية بسماكة 200 إلى 2000 متر، وبالتالي فإن عمق البئر بالكامل يتراوح من 4 آلاف متر إلى 8 آلاف متر في حد أقصى، ومع ذلك، فإن تكلفة هذه الآبار لكل برميل أقل من متوسط تكلفة "بتروبراس" التي وضعتها للبرميل.
ومن المتوقع أن يرتفع إجمالي إنتاج النفط من 2.1 مليون برميل في اليوم في عام 2022 إلى 2.6 مليون برميل في اليوم في عام 2026، بزيادة قدرها 24%، أيضًا يجب توزيع النسبة المئوية بشكل متزايد على حقول ما قبل الملح منخفضة التكلفة.
الأرباح الموزعة على سهم بتروبراس
نما التدفق النقدي التشغيلي من 26 مليار دولار في عام 2018 إلى نحو 35 مليار دولار في عام 2021، وتُقدم الشركة نفسها مجموعة واسعة من التقديرات لعام 2022، إذ يعتمد الربح أولًا على سعر النفط.
وتقدر بتروبراس نحو 32.5 مليار دولار من التدفق النقدي التشغيلي للعام الحالي أقل بقليل من العام الماضي.
ولكن كما ذكرنا، أن زيادة الإنتاج في المستقبل مع انخفاض تكاليف الإنتاج لكل برميل، ما تزال أكثر من كافية للوفاء بسياسة توزيع الأرباح الجديدة وإجراء أكثر من توزيعات أرباح سخية.
يوجد حاليًا 6.52 مليار سهم قائم، وحتى الحد الأدنى البالغ 4 مليارات دولار من توزيعات الأرباح يعني 0.61 دولارًا لكل سهم سنويًا، وهو ما يترجَم إلى عائد توزيعات أرباح بنسبة 5.5% بسعر سهم بتروبراس اليوم، ولكن من المحتمل أن يكون أكثر من ذلك بكثير، إذ كانت الدفعة ربع السنوية الأخيرة للمستثمرين في سهم بتروبراس وحدها 0.61 دولارًا.
الخلاصة
كما رأينا، سيبقى النفط معنا لمدة عقدين على الأقل، ويقول البعض إن مخزونات الخام هي مخزونات التبغ الجديدة، ما يعني -ببساطة- أنها غير محبوبة من قبل إرشادات السوق والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية، لكنها ما تزال عملاقة منتجة للنقد تكافئ مساهميها عامًا بعد عام.
وكما هو الحال مع أي سهم، لا أحد يعرف على وجه اليقين ما إذا كان كل شيء سينتهي بهذه الطريقة في النهاية، لكن الظروف العامة لشركة بتروبراس جيدة جدًا في الوقت الحالي.
في هذا التقييم وفي بيئة السوق هذه، نعتقد أن بتروبراس هي صفقة ذات قيمة كبيرة لديها القدرة على الاستمرار في دفع الأرباح لعقود مقبلة.
ووفقًا للعائد الحالي، سيكون المستثمرون قد استعادوا الاستثمار الذي وضعوه في سهم بتروبراس بالكامل في شكل أرباح بعد 4-5 سنوات، وهذا لا يشمل حتى التوسعات التجارية المحتملة في المستقبل مثل الطاقات المتجددة.
موضوعات متعلقة..
- سهم شركة بتروبراس.. 6 مخاطر يجب أن تعرفها قبل قرار الشراء
- بتروبراس تُنهي بيع 3 محطات طاقة حرارية تعمل بزيت الوقود
- سهم شينير إنرجي خيار استثماري يجب التفكير فيه.. نظرة تحليلية
اقرأ أيضًا..
- أرخص سيارة كهربائية تقتحم السوق التركية (صور)
- حقل نفط الشيبة.. حكاية كنز سعودي تتعاظم قيمته مع التغير المناخي
- أسعار البنزين في مصر.. هل يشهد الوقود زيادة جديدة؟ (خاص)