الطاقة المتجددة في 2021.. نمو قياسي ومخاطر بارزة وتحذيرات مقلقة
وحدة أبحاث الطاقة - أحمد شوقي
مع سياسات الحياد الكربوني، أصبحت الطاقة المتجددة تشهد زخمًا كبيرًا بل ودعمًا سياسيًا واضحًا من قبل حكومات العالم، في مسعى لخفض انبعاثات الكربون.
وشهد عام 2021 استمرارًا للنمو القياسي في سعة الطاقة المتجددة حول العالم، بعد أن أصبحت أهمية تحوّل الطاقة أكثر بروزًا، مع ظهور تداعيات تغير المناخ.
ورغم ذلك، لا تزال الدول في حاجة إلى تعزيز أكثر لدور الطاقة النظيفة، حتى تتمكن من تحقيق الحياد الكربوني، ومعالجة المخاطر التي قد تفرضها، وظهرت معالمها هذا العام تحديدًا.
ولقراءة حصاد 2021 بشأن النفط والغاز والطاقة المتجددة والسيارات الكهربائية، والذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة، يرجى الضغط هنا.
وفيما يلي ترصد وحدة أبحاث الطاقة ملامح الطاقة المتجددة في 2021، من حيث الوضع الحالي والتوقعات والمخاطر والتحذيرات.
إضافات قياسية
في 2020، تحدّت إضافات سعة توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة فيروس كورونا، بقيادة طاقة الرياح والطاقة الكهرومائية، لتسجّل أعلى مستوى على الإطلاق عند 200 غيغاواط، بعد زيادة على أساس سنوي، تقارب 4%، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
ورغم ظروف الوباء، كان النمو القياسي في 2020 بداية عقد الطاقة المتجددة، بعد أن أصبحت فوائد تحوّل الطاقة واضحة عن الماضي، كما أشار المدير العامّ للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (آيرينا) فرانشيسكو لاكاميرا، بعدما أظهرت تقديرات آيرينا أن العالم أضاف 260 غيغاواط.
ومع استمرار النمو القياسي، فإن سعة الطاقة المتجددة المضافة تتجه إلى قمة جديدة عند ما يقرب من 290 غيغاواط في 2021، بزيادة 3% عن العام الماضي، حسب التقرير السنوي وكالة الطاقة، الصادر في ديسمبر/كانون الأول 2021.
ولا تزال الطاقة الشمسية هي القوة الدافعة للنمو في سعة الكهرباء المتجددة، مع توقّع زيادة قدراتها المضافة بنسبة 17% في 2021 إلى رقم قياسي جديد يقارب 160غيغاواط.
وبحسب شركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، فإن السعة الجديدة للطاقة المتجددة المُركبة على مستوى العالم بلغت 227 غيغاواط في 2021، بزيادة 4.7% عن مستويات 2020.
بينما تشير بيانات شركة ديلويت لارتفاع إضافات قدرة طاقة الرياح والطاقة الشمسية بنسبة 28% على أساس سنوي، لتصل إلى 13.8 غيغاواط في الأشهر الـ8 الأولى من عام 2021.
توقعات متفائلة
بالنسبة إلى العام المقبل، من المتوقع أن ترتفع إضافات الطاقة المتجددة إلى أكثر من 270 غيغاواط من السعة المركبة، بقيادة الطاقة الشمسية، حسب ريستاد إنرجي.
ليس هذا فحسب، بل مع الدعم السياسي لتحوّل الطاقة، من المتوقع أن تتوسع السعة المتجددة بأكثر من 1800 غيغاواط، ما يعادل 60% حتى عام 2026، لتصل إلى 4800 غيغاواط، ما يجعلها تمثّل نحو 95% من الزيادة في إجمالي قدرة الكهرباء في جميع أنحاء العالم، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية.
وترى الوكالة التي تتخذ من باريس مقرًا لها، أن الصين ستهيمن على نحو 43% من نمو سعة الطاقة النظيفة عالميًا حتى عام 2026، لتمثّل مع أوروبا والولايات المتحدة والهند 80% من الإجمالي.
ورغم توقعات استمرار هيمنة الوقود الأحفوري، ترى منظمة أوبك -في تقرير آفاق النفط الصادر هذا العام- أن الطاقة المتجددة ستكون الأسرع نموًا في مزيج الطاقة العالمي بحلول عام 2045، مع ارتفاع حصتها إلى 10.4%، من 2.5% العام الماضي، بدعم من التطورات التكنولوجية ووفورات الحجم وتحسين الكفاءة.
ويشير التقرير السنوي لآفاق الطاقة، الذي يصدر عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية، إلى أنه من المرجح أن تصبح الطاقة المتجددة المصدر الرئيس لتوليد الكهرباء عالميًا بحلول 2050، مع تقديرات بارتفاع الطلب على مصادر الطاقة النظيفة من 15% العام الماضي، إلى 27% من إجمالي استهلاك الطاقة عالميًا بحلول العام نفسه، الذي يُعدّ هدف العالم لتحقيق الحياد الكربوني.
تحذيرات بشأن الطاقة المتجددة
رغم النمو القياسي بالنسبة للسعة الحالية والمتوقعة للطاقة المتجددة، فإن هناك إجماعًا على أن العالم لا يزال بعيدًا عن نمو القدرة المتجددة الذي يجعله يحقق هدف الحياد الكربوني بحلول 2050.
وتحذّر وكالة الطاقة الدولية أن وتيرة النمو القياسية الحالية ليست كافية، مؤكدةً أن صنّاع السياسة في حاجة إلى زيادة طموحهم بشأن المصادر المتجددة، مع معالجة السياسة الحالية وسط صعوبات التنفيذ.
ويأتي ذلك مع ضعف استثمارات توليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، فرغم توقعات وكالة الطاقة ارتفاعها هذا العام إلى 370 مليار دولار، لكن ستظل جزءًا صغيرًا، مقارنة بإجمالي الاستثمارات في قطاع الطاقة المتوقعة عند 1.9 تريليون دولار.
ويقول مدير وكالة الطاقة، فاتح بيرول: "إن تعهدات المناخ الحالية ستؤدي إلى 20% فقط من تخفيضات الانبعاثات بحلول عام 2030، مشيرًا إلى أن تحقيق هذا الهدف يتطلب زيادة الاستثمار في مشروعات الطاقة النظيفة والبنية التحتية 3 أمثال خلال العقد المقبل".
وفقًا للوكالة الدولية، فإن سيناريو الحياد الكربوني يتطلب أن يكون النمو السنوي في سعة الطاقة المتجددة أسرع 80%، مقارنة مع سيناريو التوسع الأسرع، الذي يتوقع إضافة ما يقرب من 400 غيغاواط خلال المدة من 2021 إلى 2026.
بينما ترى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة -في تقرير آفاق تحولات الطاقة- أن الطاقة المتجددة بحاجة كي ترتفع 4 مرات عن المستوى الحالي، لتصل إلى 10.700 ألف غيغاواط بحلول عام 2030، من أجل تحقيق سيناريو خفض الاحترار العالمي إلى 1.5 درجة مئوية.
كما أطلقت وكالة الطاقة جرس إنذار حيال تعافي استهلاك الفحم والنفط هذا العام، قائلة، إنه رغم كل الزخم الذي تشهده المصادر المتجددة، فإن انبعاثات الكربون تتجه في 2021 لتسجيل ثاني أكبر زيادة سنوية على الإطلاق.
وترى وكالة الطاقة الدولية أن مصادر الطاقة النظيفة ستمثّل فقط نصف النمو المتوقع في الطلب العالمي على الكهرباء خلال عامي 2021 و2022.
مخاطر بارزة
برزت هذا العام مخاطرات عدّة، متعلقة بمشروعات الطاقة المتجددة من جهة، أو باستخدامها من جهة أخرى، وفق تحليل وحدة أبحاث "الطاقة".
وبحسب التقرير السنوي 2021 لوكالة الطاقة، فإن ارتفاع أسعار السلع والطاقة والشحن يمثّل مخاطر على مشروعات الطاقة المتجددة، فمنذ بداية عام 2020، ارتفعت أسعار البولي سيليكون 4 أمثال، وزادت أسعار الصلب والألومنيوم والنحاس بنحو 50% و80% و60% على التوالي، مقارنة بعام 2019.
وأوضح التقرير أن 100 غيغاواط من السعة المتعاقد عليها للطاقة المتجددة معرّضة للتأخير بسبب صدمات الأسعار.
أمّا المخاطر المتعلقة بالاعتماد على الطاقة المتجددة، ففي 2021، ومع أزمة الطاقة التي ضربت أوروبا بصفة خاصة والعالم، اهتزت الثقة في الاعتماد على الطاقة النظيفة بنسبة 100%، في ظل نقص إمدادات الغاز الطبيعي والفحم.
وأدّت الظروف الجوية من جفاف وانخفاض في معدل الرياح إلى عدم قدرة الطاقة النظيفة على سدّ هذا العجز، إذ تراجع توليد الكهرباء من طاقة الرياح في أوروبا بنحو 30% في آخر 6 أشهر حتى بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبصفة عامة، هناك مخاطر أخرى تبرز أكثر مع التوسع الكبير في الطاقة المتجددة، وهي تتعلق بنفايات المصادر النظيفة بعد انتهاء عمرها التشغيلي أو خلال دورة الحياة، واحتمال أن تكون عقبة أمام تحقيق الحياد الكربوني، بحسب وحدة أبحاث "الطاقة".
وتُظهر بيانات منظمة بيلونا أن الانبعاثات الناتجة عن طاقة الرياح تبلغ 10 غرامات من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلو واط/ساعة، بينما يبلغ ذلك الأثر في الطاقة الشمسية 30 غرامًا من ثاني أكسيد الكربون لكل كيلو واط/ساعة.
ويرى خبير الاقتصاد الدائري في مركز أبحاث "تشاثام هاوس" البريطاني، باتريك شرودر، أن الانتشار السريع لمصادر الطاقة المتجددة في العالم لم يأخذ في الحسبان إلى حدّ كبير مشكلات نهاية العمر التشغيلي حتى الآن.
موضوعات متعلقة..
- الحياد الكربوني والطاقة المتجددة.. 3 تحذيرات من وكالة الطاقة الدولية
- دراسة أميركية: الطاقة المتجددة "كارثة" وخطر على الاقتصاد
اقرأ أيضًا..
- تغيّر المناخ.. 3 عجائب طبيعية مهددة بالاختفاء (تقرير)
- سهم دايموند باك إنرجي.. هل هو الأفضل للاستثمار طويل الأمد؟.. نظرة تحليلية
- تسعير الطرق.. إستراتيجية جديدة للحياد الكربوني في الاتحاد الأوروبي