التقاريرتقارير الكهرباءسلايدر الرئيسيةكهرباء

ارتفاع تعرفة الكهرباء في إثيوبيا.. هل يكون سد النهضة كلمة السر؟

دينا قدري

تمثل تعرفة الكهرباء في إثيوبيا واحدة من أكبر المشكلات التي تواجه البلاد في مسيرتها نحو النمو، وهو ما تحاول التغلب عليه من خلال استثمارات كبيرة، وفي مقدمتها مشروع سد النهضة الذي تعوّل عليه الكثير لحل الأزمة.

إذ تسعى البلاد إلى تحسين إمكان الوصول إلى الكهرباء، وإصلاح تعرفة الكهرباء لزيادة استرداد التكلفة، وتحسين جودة خدمات الكهرباء، بحسب ما نقلته منصة "إي إس آي أفريكا".

وفي هذا السياق، استعرض رئيس قسم الأبحاث والمشاركة في برنامج الطاقة والنمو الاقتصادي -الذي تموله وزارة الخارجية البريطانية-، بنجامين كلوس، دراسة بحثت في إستراتيجيات التكيف المختلفة التي تستخدمها الأسر عند مواجهة ارتفاع أسعار الكهرباء.

النمو الاقتصادي

شهدت إثيوبيا نموًا اقتصاديًا سريعًا منذ منتصف العقد الأول من القرن الـ21؛ إذ كانت ثالث أسرع دولة نموًا مع عدد سكان يبلغ 10 ملايين شخص أو أكثر في العالم خلال العقدين الماضيين (2000-2008)، وفقًا للبنك الدولي.

وتُعد إثيوبيا ثاني دولة من حيث عدد السكان في أفريقيا، ولديها أحد أكثر اقتصاداتها استقرارًا وتنوعًا؛ إلا أنها تواجه العديد من تحديات التنمية والفقر، التي تفاقمت بلا شك بسبب الأحداث الأخيرة، بما في ذلك الصراع الداخلي والجفاف وأسوأ غزو للجراد منذ عقود، وبالطبع جائحة فيروس كورونا.

كان أحد أهداف التنمية الشاملة لإثيوبيا هو الحد من الفقر من خلال النمو الاقتصادي المستدام، وتهدف إلى الوصول إلى وضع الدول ذات الدخل المتوسط المنخفض بحلول عام 2025.

كما تهدف خطة النمو والتحول لحكومة إثيوبيا إلى تحويل البلاد إلى مركز تصنيع رئيس ودفع نمو صناعي زراعي قوي.

سيكون توسيع الوصول إلى الكهرباء في إثيوبيا وتأمين خدمات طاقة موثوقة أمرًا أساسيًا لضمان تلبية البلاد لطموحاتها في النمو والحد من الفقر.

موثوقية الكهرباء.. وزيادة الطلب

من المتوقع أن يزداد الطلب المستقبلي على الكهرباء في إثيوبيا بشكل كبير، بسبب النمو السريع في عدد السكان والاقتصاد والتوسع الحضري، إلا أن العديد من المنازل والشركات في البلاد لا تزال تفتقر إلى إمدادات الكهرباء الكافية، حتى للخدمات الأساسية، مثل الإضاءة.

ووفقًا لـ"تتبع الهدف السابع من أهداف التنمية المستدامة: تقرير تقدم الطاقة"، حصل 48% فقط من المواطنين على الكهرباء في إثيوبيا في عام 2019، وكان هناك تفاوت صارخ بين الحضر والريف: 93% مقابل 36% على التوالي.

تمثل موثوقية الكهرباء في إثيوبيا تحديًا إضافيًا؛ إذ تعاني المنازل والشركات المتصلة بالشبكة انقطاعات متكررة مجدولة وغير مجدولة. وبالنسبة للشركات، تؤدي الكهرباء غير الموثوقة إلى اضطرابات في الإنتاج وتقليل الربحية وزيادة التكاليف.

ما يقرب من 50% من الشركات تمتلك أو تشترك في مولد كهربائي، الذي استخدمته لتزويد ما يقرب من نصف الكهرباء، ونظرًا لأن الكهرباء المنتجة من المولدات تكون أغلى بكثير من كهرباء الشبكة؛ فإن هذا يعد حلًا مكلفًا.

فقر الطاقة ومزيج توليد الكهرباء في أفريقيا

الكهرباء والطاقة المتجددة

بدأت الحكومة ضخ استثمارات كبيرة بقطاع الكهرباء في إثيوبيا، مع وجود برنامجين لسياسة الطاقة: البرنامج الوطني للكهرباء ومشروع قانون إصلاح قطاع الكهرباء.

يهدف البرنامج الوطني للكهرباء إلى تحقيق كهربة بنسبة 100% بحلول عام 2025، من خلال حلول متصلة بالشبكة وخارجها؛ إذ سيكون هناك 65% من السكان موصولين بالشبكة، بينما تعتمد الـ35% المتبقية على الكهرباء خارج الشبكة.

وهناك أيضًا هدف لزيادة قدرة توليد الكهرباء في إثيوبيا بمقدار 25 ألف ميغاواط بحلول عام 2030، بما في ذلك 22 ألف ميغاواط من الطاقة الكهرومائية، وألف ميغاواط من الطاقة الحرارية الأرضية، و2000 ميغاواط من الرياح.

إثيوبيا لديها إمدادات وفيرة من الطاقة المتجددة، ومجموعة واسعة من الموارد غير المستغلة؛ إذ تشير أرقام برنامج المساعدة في إدارة قطاع الطاقة إلى أن ما يقرب من 100% من الكهرباء في إثيوبيا تأتي بالفعل من مصادر متجددة (نحو 90% من الطاقة الكهرومائية، و8% من الرياح، و2% من المصادر الحرارية).

ويمكن أن تؤدي إثيوبيا دورًا إقليميًا رئيسًا بوصفها مركزًا للطاقة؛ إذ تستورد الكهرباء وتصدرها إلى الدول المجاورة.

سد النهضة
سد النهضة - أرشيفية

سد النهضة.. وتحديات متعددة

انخرطت إثيوبيا مع العديد من شركاء التنمية بهدف تعظيم قدرتها المركبة، وتسعى الحكومة إلى إقامة شراكات بين القطاعين العام والخاص وتشجيع مشاركة القطاع الخاص في قطاع الكهرباء.

تشمل البنية التحتية الجديدة سد النهضة الإثيوبي الكبير -رغم أنه مثير للجدل- وهو مشروع للطاقة الكهرومائية تبلغ مساحته 6450 ميغاواط يقع في نهر النيل الأزرق.

إذ أعلنت وزيرة الدولة للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والاقتصاد الرقمي، حورية علي مهدي، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أنه من المتوقع أن يبدأ سد النهضة إنتاج 700 ميغاواط العام المقبل؛ لتصل طاقة توليد الكهرباء في البلاد إلى 14%.

ومع ذلك، هناك تحديات رئيسة أخرى تجب معالجتها جنبًا إلى جنب مع الحاجة إلى زيادة السعة المركبة، وقد حُدِّدَت في مشروع قانون إصلاح قطاع الكهرباء؛ إذ تشمل ضعف القدرات المؤسسية وعدم كفاية القدرات البشرية والديون الكبيرة.

كما يحدد مشروع قانون إصلاح قطاع الكهرباء الحلول؛ بما في ذلك تعزيز المؤسسات والأطر التنظيمية وإعادة هيكلة القطاع، وكذلك تطوير إطار تعاقدي لإصلاح تعرفة الكهرباء.

إصلاح تعرفة الكهرباء في إثيوبيا

في الواقع، أظهر هيكل تعرفة الكهرباء في إثيوبيا -حتى وقت قريب- أن التعرفات كانت من بين أدنى المعدلات في الدول الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى؛ إذ حُدِّدَت تاريخيًا بأقل بكثير من تكلفة توليد الكهرباء ومستويات استرداد التكلفة، كما هو الحال في العديد من الدول النامية في المنطقة.

كانت تكاليف توليد الطاقة الكهربائية ونقلها وتوزيعها في إثيوبيا -في المتوسط- نحو 0.09 دولارًا لكل كيلو واط/ساعة، ولكن حُدِّدَت تعرفة الكهرباء بين 0.04 و0.06 دولارًا لكل كيلو واط/ساعة.

لتحسين جودة خدمات الكهرباء في إثيوبيا، شرعت الحكومة مؤخرًا في إصلاح التعرفة؛ إذ إن شركة الكهرباء الإثيوبية المملوكة للحكومة راجعت أسعار الكهرباء في ديسمبر/كانون الأول 2018، مع زيادة طفيفة في الأسعار للأشهر الـ12 الأولى، تليها زيادة أكبر خلال الأشهر الـ36 التالية.

الاستثمار في كفاءة الطاقة والتقنيات الموفرة للطاقة في القطاع السكني لديه القدرة على خفض استهلاك الكهرباء على مستوى الأسر؛ إذ يساعد في تخفيف الضغط على البنية التحتية للكهرباء المثقلة بالأعباء.

وهو ما يقلل بدوره من احتمالية انقطاع التيار الكهربائي والتكاليف المرتبطة به، ومن ثم تحسين رضا العملاء بشكل عام، كما يعمل على التخفيف من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

الطاقة الكهرومائية - أفريقيا

التكيف مع أسعار الكهرباء في إثيوبيا

حُقِّقَ في إستراتيجيات التكيف المختلفة التي اتخذتها الأسر الإثيوبية استجابة لارتفاع التعرفة، في إطار مشروع ممول من برنامج الطاقة والنمو الاقتصادي حول مسارات تطوير نظام الطاقة لإثيوبيا، بقيادة معهد الطاقة في كلية لندن الجامعية.

وأُجري المسح عبر الهاتف مع عينة عشوائية من 1400 أسرة في المناطق الحضرية الرئيسة لـ9 مناطق في إثيوبيا؛ إذ وصفت نحو 74% من الأسر -التي اشتملها المسح- التعرفة المنقحة بأنها باهظة الثمن أو باهظة الثمن للغاية.

وشاركت الغالبية (61%) في واحد أو أكثر من أنشطة كفاءة الطاقة أو الحفاظ على الطاقة. ومعظمهم (نحو 86%) كانوا يفعلون ذلك بشكل أساسي لتقليل نفقات الطاقة، مع 12% فقط قالوا إن ذلك كان بسبب القلق على المناخ والأجيال المقبلة.

أكثر من 50% من الأسر كانت تستخدم إستراتيجيات التكيف التي لا تتطلب شراء عنصر أو مصاريف مالية إضافية، مثل تقليل تكرار الطهي والخبز (نحو 31%)، وإيقاف تشغيل الأجهزة عندما لا تكون قيد الاستخدام (27%) وتقليل عدد المصابيح الكهربائية (أقل بقليل من 3%).

وأفاد نحو 11% بالتحول إلى أنواع أخرى من الوقود، مثل الكتلة الحيوية -للطهي والخبز-؛ ما له آثار صحية وبيئية سلبية.

واشترت نسبة صغيرة فقط من الأسر (3.9%) أجهزة موفرة للطاقة استجابة لزيادة تعرفة الكهرباء في إثيوبيا. ومع ذلك، كان 34% يستخدمون الأجهزة الإلكترونية الموفرة للطاقة، وقد اشتراها البعض قبل تطبيق التعرفة الجديدة.

علاوةً على ذلك، كانت جميع الأسر تقريبًا (نحو 92%) تستخدم مصابيح موفرة للطاقة؛ إذ حظرت الحكومة الاستيراد والإنتاج المحلي للمصابيح المتوهجة.

وبين عامي 2009 و2012، كان هناك توزيع مجاني ومدعوم للمصابيح الموفرة للطاقة من قبل شركة الكهرباء الإثيوبية، والتي ربما تكون قد خلقت الوعي وشجعت على استخدامها.

معوقات اعتماد التقنيات الموفرة للطاقة

عُثِّر على اللغة لتكون عائقًا أمام شراء الأجهزة الموفرة للطاقة؛ إذ كان لدى نحو 76% من الأسر مستوى تعليمي منخفض؛ ما أثر في قدرتهم على قراءة وفهم أوصاف ومواصفات المنتج، والتي تُكتَب باللغة الإنجليزية.

أفاد أكثر من نصف من شملهم المسح بأنهم يجدون صعوبة في تحديد الأجهزة الفعّالة في السوق؛ لأن وصف مواصفات المنتج ليس بلغتهم المحلية.

بالإضافة إلى ذلك، قالت 30% من الأسر إن الحصول على الائتمان كان عائقًا أمام اعتماد التقنيات الموفرة للطاقة.

علاوةً على ذلك؛ فإن متوسط الإنفاق الإجمالي للأسر على الطاقة يشكل نحو 4% فقط من دخلها؛ ما قد يحد من الدافع لاعتماد تقنيات موفرة للطاقة.

فيما يتعلق بسلطة اتخاذ القرار داخل الأسرة، لم يكن الجنس محددًا مهمًا في هذه الدراسة؛ إذ يتخذ الرجال والنساء قرارات بشأن شراء الأجهزة الموفرة للطاقة معًا، في معظم المنازل (65.9%).

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. نشكر لجهودكم في بيان تفاصيل و مشاريع الطاقة و خصوصًا الطاقة النظيفة و الكهرومائية خصوصا في قارة السمراء و برئينا من واجب الحكومات دعم قطاعي التربية و التعليم و الصحة و انما بخصوص قطاع فلا داعي لدعم المفرط لانها قطاع الطاقة هي الملوث الاكبر للبيئة خصوصا محطات توليد الكهرباء التي. تعمل بالوقود الاحفوري

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق