أهم المقالاتالمقالاتسياراتمقالات السيارات

هل يتراجع حلم السيارات الكهربائية مع ارتفاع أسعار الليثيوم؟ - مقال

أحمد الطالب محمد*

الليثيوم معدن فاتح أبيض/فضي، يُستخدم أساسًا في بطاريات السيارات الكهربائية والبطاريات القابلة لإعادة الشحن التي تدخل في الهواتف وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، ويُستخدم المعدن من خلال معادل كربونات الليثيوم (LCE) لتصنيع بطاريات الليثيوم-أيون التي تشغل المركبات الكهربائية.

ولإنتاج 30 مليون سيارة سنويًا، التي تحتاجها الصناعة العالمية، يتطلب إنتاج نحو 1.8 مليون طن من كربونات الليثيوم LCE، أي ما يعادل 5 أضعاف إنتاج الليثيوم لسنة 2019.

أسعار الليثيوم والتوقعات المستقبلية

شهدت الأسابيع الأخيرة ارتفاعًا في أسعار الليثيوم، إذ تجاوزت أسعار البطاريات في الصين 31 ألف دولار أميركي للطن، وهو ما يمثّل زيادة أكبر من 400% مقارنة بالمدة نفسها من السنة الماضية، ونسبة تقارب الـ350% منذ بداية هذا العام.

وترجع الزيادة الصاروخية إلى تضاعف مبيعات السيارات الكهربائية في الصين مقارنة بالعام السابق وكذلك نقص المعروض من المعدن لمواكبة وتيرة الطلب.

وتواصل أسعار المواد المستخدمة في صناعة السيارات الكهربائية (EV) الصعود منذ أن أخذت كبريات الدول على عاتقها التزامًا بالتحول إلى الطاقات الخضراء.

وزادت الأسعار بشكل متواصل تزامنًا مع تفشّي الوباء العالمي الذي سبّب إرباكًا في سلسلة التوريد لهذه المواد الخام الأساسية.

ويتوقع المحللون أنه بحلول عام 2030 سنحتاج إلى إنتاج 2.700 غيغاواط/ساعة من بطاريات الليثيوم-أيون سنويًا لتزويد صناعة السيارات الكهربائية.

ومع ارتفاع الطلب على مواد بطاريات السيارات الكهربائية (EV) بشكل حادّ مقابل الإمدادات القليلة، فمن المقرر أن تواصل أسعار الليثيوم الزيادة.

الرقائق الإلكترونية
تصنيع السيارات الكهربائية - أرشيفية

تحديات صناعة المركبات الكهربائية

تتسابق الشركات المصنّعة للسيارات في الإعلان عن عزمها إنفاق مليارات الدولارات على المركبات الكهربائية، ومن بين الشركات التي تعهدت مؤخرًا بتخصيص ميزانيات ضخمة لصناعة السيارات الكهربائية، نجد كلًا من فيات وفوكسهال ونيسان، وستحتاج جميع شركات صناعة السيارات هذه إلى آلاف الأطنان من الليثيوم لإزالة الكربون بحلول الآجال المحددة للتحول الطاقوي، ولكن لن يحصل ذلك دون تحدّيات جسام.

قد يكون الزخم الكبير وراء إزالة الكربون، ما سيؤدي إلى ازدهار قطاع السيارات الكهربائية وزيادة الطلب على المعدن، لكن يواجه ذلك تحديات لاعتماد المركبات الكهربائية، من بينها، الحفاظ على تكلفة الليثيوم-أيون بأسعار منخفضة قدر الإمكان.

وتمثّل الزيادة المستمرة لسعر المعدن تحديًا كبيرًا قد يكبح التقدم في مجال صناعة المركبات الكهربائية.
كما يوجد تحدٍّ ثانٍ يتعلق بزيادة الإنتاج وفتح مناجم جديدة، ومعروف أن فتح منجم جديد يتطلب من 5 إلى 7 سنوات قبل أن يبدأ الإنتاج.

الهيمنة الصينية على الليثيوم

تعدّ أستراليا أكبر منتج للّيثيوم، إذ تقوم بتعدين ما يقرب من نصف الليثيوم في العالم عام 2020، وفقًا للمكتب الجيولوجي الأميركي (USGS)، وتتبعها جمهورية شيلي، التي تمتلك أكبر احتياطيات العالم، ثم الأرجنتين والصين، بينما تشكّل الصين واليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة الأميركية أكبر الدول المستوردة له.

وتهيمن الصين على سلسلة توريد بطاريات الليثيوم أيون من حيث خلايا البطاريات وإنتاج الكاثود والأنود والتكرير الكيميائي، ومن المتوقع أن تواصل هيمنتها، على الأقلّ للسنوات الـ5 القادمة، بالرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى لكسر هيمنتها.

وتستحوذ الصين على قرابة 80% من قدرة التصنيع العالمية، ولكن من المرجح أن تسجل منافسة متزايدة من الشركات المصنّعة التابعة للعديد من الدول مثل اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة وألمانيا وبولندا والسويد والمجر وإندونيسيا.

الاستثمارات الصينية في الليثيوم

ومن اللافت للانتباه تسارع وتيرة الاستثمارات الصينية في مجال الليثيوم، سواء في الداخل أو على الصعيد الخارجي، لمواجهة الخطط المنافسة.

ومن أبرز الأحداث، تعهّد كبريات شركات بطاريات الليثيوم الصينية باستثمارات إجمالية تبلغ نحو 100 مليار يوان (ما يزيد علي 15 مليار دولار) لتوسيع الطاقة الإنتاجية، خصوصًا عملاقي الصناعات الصينية في المجال: شركة CATL التي استثمرت 15 مليار يوان لبناء قاعدة تصنيع جديدة في مقاطعة غيزهو، وشركة EVE Energy التي استثمرت 31 مليار يوان ب،مصنع إنتاج الليثيوم في مقاطعة هوبي.

وفي غضون ذلك شرعت الشركات الصينية في شراء الأسهم والاستحواذ على شركات التعدين لليثيوم، مثل استحواذ شركات صينية لمشاريع مهمة في الأرجنتين ومن ذلك Zijin Mining لشركة Neo Lithium المدرجة في سوق الأسهم بكندا ، و شراء CATL لشركة ميلينيوم لليثيوم، وشراء Ganfeng Lithium لشركة أخرى تمتلك مشروعًا لليثيوم في الأرجنتين.

وتعدّ الخطوات، وكذلك شراء إنتاج بعض المشروعات من الليثيوم، جزءًا من سباق البلاد لتأمين إمدادات معادن البطاريات وتوسيع الطاقة الإنتاجية لبطاريات الليثيوم أيون التي من المتوقع أن يرتفع الطلب عليها خلال العقد المقبل.

وفي الخلاصة، يتبين أن الهوّة التي ما فتئت تتّسع بين العرض المتناقص والطلب المتزايد على الليثيوم ستؤدي في آخر المطاف إلى زيادة في سعر المركبات الكهربائية، الشيء الذي سينجم عنه تحمّل المستهلك للتكلفة، وهو ما قد يترجَم عمليًا إلى بطء في تبنّي الجمهور للمركبات الكهربائية.

ووردت تقارير عديدة، منها التقرير الذي أعدّه "بنك أوف أميركا" مؤخرًا عن صناعة السيارات الكهربائية العالمية، إذ أشار إلى أنها تواجه تهديدًا وشيكًا يتعلق بإمدادات البطاريات التي قد تتلاشى أو تنخفض بشكل كبير سنة 2025.

*أحمد الطالب محمد - خبير الموارد المعدنية في موريتانيا

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق