الغاز الطبيعي المسال والمناخ.. معركة رابحة أم ضغوط لصالح الهيدروجين؟
وودسايد الأسترالية تستبعد الاستغناء عنه قريبًا
هبة مصطفى
معركة تعلو فيها أسهم الغاز الطبيعي المسال.. أم ينتصر فيها الهيدروجين الأخضر؟ تساؤلات متعددة طرحها مسؤولون وخبراء من دول شرق آسيا، حول سُبل توافر مصادر الطاقة اللازمة لإنتاج الكهرباء، عقب أيام من صدور القرارات الختامية لقمة المناخ كوب 26.
ورغم مرور أيام قليلة -فقط- على إعلان نتائج قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي التي انعقدت في غلاسكو الإسكتلندية مؤخرًا، فإن التساؤلات حول كيفية خفض الاعتماد على الوقود الأحفوري واستبدال مصادر طاقة نظيفة به مازالت حديث الساعة، وفق صحيفة سيدني مورنينغ هيرالد الأسترالية.
وما بين اعتماد اليابان وكوريا على واردات الغاز الطبيعي المسال من أستراليا، وبين رغبتهما في التحول للهيدروجين الأخضر، تدور تساؤلات حول الإمكانات والتكلفة واستعدادات البنية التحتية، وما تستغرقه مرحلة الانتقال نحو الطاقة النظيفة من مُدد زمنية.
الغاز في الميزان
يرى مؤيدو استخدام الغاز أنه وقود انتقالي مهم لمرحلة التحول العالمي نحو "الكهرباء الخضراء"، إذ يُعدّ بديلًا للفحم يُنتج انبعاثات أقلّ بشكل نسبي، ويمكنه الحفاظ على موثوقية الطاقة بأسعار ملائمة.
ويستندون في ذلك إلى الاعتبارات المناخية غير المواتية لإنتاج الكهرباء عبر طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
في المقابل، أصبح مستقبل الغاز الطبيعي المسال موضع تساؤل بشكل متنامٍ، إذ يسعى علماء ومدافعون عن مكافحة تغيّر المناخ وبعض قادة العالم وبعض المستثمرين لخفض دوره ومكافحة التوسع في استخدامه؛ كونه مصدرًا ثقيلًا للانبعاثات.
وكان السكرتير العامّ للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، قد أعلن أن التحذيرات العلمية حول تأثّر تغيّر المناخ بعوامل إنسانية تُمثّل إنذارًا بالموت بسبب جميع أنواع الوقود الأحفوري التي يمكنها تدمير الكوكب.
وأكدت وكالة الطاقة الدولية أهمية عدم تطوير حقول نفط وغاز جديدة لتحقيق هدف الحياد الكربوني بحلول 2050، وخفض درجات الحرارة أقلّ من 1.5 درجة.
- قمة المناخ كوب 26.. أستراليا تتحفظ على تحديث أهدافها المناخية
- قمة المناخ كوب 26.. استطلاع يفضح التزام الحكومات بإنقاذ الأرض من الانبعاثات
وودسايد تُدافع
استبعدت شركة وودسايد بيتروليوم الأسترالية إمكان الاستغناء عن الغاز الطبيعي المسال، رغم التعهدات المناخية الصادرة مؤخرًا، ورجّحت الشركة لعب شحناته دورًا مستقبليًا أكبر في إزاحة الفحم من شمال آسيا.
ورأى نائب رئيس الشركة لشؤون المناخ، توم ريدسديل سميث، أن الاستغناء عن الغاز الطبيعي المسال واستبدال الهيدروجين الأخضر به لإنتاج كهرباء نظيفة أمر يحتاج لإمكانات مالية ضخمة، بالإضافة إلى وقت طويل.
وأضاف سميث أن تصنيع الهيدروجين الأخضر بشكل واسع النطاق –بديلًا للغاز في توليد الكهرباء- يتطلب التوسع في بناء محطات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لدعم إنتاجه بطرق نظيفة خالية من الكربون.
وأشار –خلال المؤتمر الذي عقده مصرف "يو بي إس" السويسري في أسترالاسيا، عبر تقنية التواصل المرئي، واستمر يومين حتى أمس الثلاثاء- إلى أن إنتاج الهيدروجين الأخضر بصورة نظيفة لتوليد الكهرباء يحتاج للطاقة المتجددة.
وقال سميث، إن استبدال الهيدروجين الأخضر بصادرات الطاقة في مشروع نورث ويست شيلف –أكبر مشروع لتطوير الموارد في أستراليا، ويشمل إنتاج النفط وتصدير الغاز الطبيعي المسال وغيرها- يتطلب توافر 120 غيغاواط من الكهرباء النظيفة الناتجة عن مصادر طاقة متجددة.
ولفت إلى أن متطلبات الكهرباء النظيفة لإنتاج الهيدروجين الأخضر التي تستغرق مزيدًا من الوقت والتكلفة لتغطيتها، هي ما تدعم استمرار وجود الغاز الطبيعي المسال.
- الغاز المسال.. 3 عوامل ترسم مستقبل الصناعة عالميًا
- ارتفاع أسعار الغاز المسال يدفع آسيا للاعتماد على زيت الوقود لتوليد الكهرباء
الحياد الكربوني
تزامن إعلان موقف وودسايد الأسترالية مع بدء إعلان شركات المنطقة التزاماتها بخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري، بما يتناسب مع القرارات النهائية الصادرة عن قمة المناخ كوب 26.
وكانت اليابان وكوريا قد تعهّدتا ببدء إزاحة الغاز من مزيج توليد الكهرباء تدريجيًا خلال العقد الجاري، ضمن خططهما للوصول للحياد الكربوني، وتطبيق تعهدات قمة المناخ كوب 26، رغم أن الدولتين حصلتا على واردات غاز طبيعي مسال من أستراليا العام الماضي بما يقارب 19 مليار دولار.
اليابان تُفضّل الهيدروجين
صرّح أحد ممثلي وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة اليابانية، شينيتشي كينارا، أن بلاده تسعى للاعتماد المستقبلي كليًّا على الهيدروجين الأخضر في توليد الكهرباء بمرحلة متقدمة.
وأضاف أن اليابان تخطط للبدء تدريجيًّا باعتماد الهيدروجين الأخضر وقودًا يُمزج بالغاز الطبيعي المسال في عملية توليد الكهرباء، بعد إنتاجه بالاعتماد على الطاقة المتجددة في انشطار جزيئات الماء.
وأوضح كينارا أن اليابان تملك تقنيات إنتاج الهيدروجين الأخضر، غير أنه ينقصها تطوير سلسلة التوريد، والعمل على خفض التكلفة.
وتوقعت اليابان –خلال تقرير صدر العام الجاري- أن تصل نسبة مصادر الوقود غير الأحفوري اللازمة لإنتاج إمدادات الكهرباء إلى 60% خلال السنوات الـ9 المقبلة.
كما توقعت انخفاض الاعتماد على توليد الكهرباء عبر الفحم بنسبة 40%، وخفض الاعتماد على الغاز الطبيعي المسال إلى ما يقارب النصف.
وودسايد وشرق آسيا
حول إعلان اليابان رغبتها في التحول نحو الهيدروجين الأخضر، توقّع نائب رئيس وودسايد أن حجم الانخفاض في حصص الغاز الطبيعي المسال ضمن مزيج الطاقة اللازم لإنتاج الكهرباء باليابان، سوف تعوّضه زيادة في استخدامه في قطاعات صناعية أخرى.
واستند سميث إلى ذلك لأن اليابان تخطط لخفض استهلاك الوقود الأحفوري مُنتج الانبعاثات الكثيفة مثل الفحم والنفط.
وفيما يخصّ توقعات وود سايد لمصير الغاز الطبيعي المسال في كوريا الجنوبية، قال سميث، إن الحكومة الكورية وقطاع الصناعة ركّزا على تحويل عمل مولدات الكهرباء إلى وقود نظيف، بما يشمل مزيج مصادر الطاقة المتجددة والغاز الطبيعي المسال.
وأضاف أن وودسايد توقّعت نموًا ثابتًا ومتوسطًا للغاز الطبيعي المسال في كوريا الجنوبية.
أزمة سكاربورو
يأتي طرح التساؤلات حول مستقبل الغاز الطبيعي المسال أمام الهيدروجين الأخضر ومصادر الطاقة في الوقت الذي تواجه فيه وودسايد أزمة حول مشروع حقل سكاربورو الضخم لإنتاج الغاز قبالة السواحل الغربية لأستراليا، ويتكلف 16 مليار دولار.
ويستعدّ نشطاء بيئيون لملاحقة وودسايد قضائيًّا منتصف الشهر المقبل؛ بهدف إغلاق المشروع، لما يسبّبه سكاربورو من حجم انبعاثات ضخم يؤثّر في الاحتباس الحراري، قدّرته الحكومة الأسترالية بشكل خاطئ، حسب النشطاء.
اقرأ أيضًا..
- توقعات بتعافي كفاءة استخدام الطاقة لمستويات ما قبل كورونا (تقرير)
- متفوقة على فورد.. قيمة لوسيد السوقية تقفز إلى 90 مليار دولار
- قطر للطاقة تطلق معيارًا لحساب انبعاثات الغاز الطبيعي المسال