عاجلالتغير المناخيتقارير التغير المناخيتقارير الطاقة المتجددةرئيسيةطاقة متجددة

الاقتصاد الدائري للكربون ومتطلّبات نظام الطاقة الأوروبي للحياد المناخي

سيناريوهان لتخفيض استخدام الغاز

محمد زقدان

تبنّت مجموعة العشرين مؤخّرًا منصّة الاقتصاد الدائري للكربون، لإدارة انبعاثاته في جميع قطاعات الاقتصاد، وضمان الوصول إلى طاقة أنظف وأكثر استدامة وأقلّ تكلفة.

ووفق البيان الختامي لقمّة الدورة الـ15، التي عُقدت يومي 21 و22 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، برئاسة السعودية، أيّدت القمة منصّة الاقتصاد الدائري للكربون بعناصرها الـ4 (خفض الانبعاثات، وإعادة استخدامها، وإعادة تدويرها، وإزالتها).

تضمّ مجموعة العشرين، 19 دولة منفردة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي، وتمثّل اقتصادات المجموعة 90% من إجمالي الناتج العالمي، و80% من التجارة العالمية.

خطوة عملاقة

رأى خبراء في مجال الطاقة أنّ تبنّي المجموعة لمشروع منصّة الاقتصاد الدائري "بمثابة خطوة عملاقة على الطريق"، لاسيّما في ظلّ توفّر التكنولوجيا اللازمة لكل عنصر من العناصر الـ 4 المذكورة، لكن تظل التكلفة هي الإشكالية والرقم الصعب في تلك المعادلة.

في هذا الإطار، تناولت دراسة صادرة عن شركة نافيجانت (Navigant Consulting) الأميركية للاستشارات، تقييم الطريقة المثلى من حيث التكلفة، لوصول نظام الطاقة في الاتحاد الأوروبي إلى الحياد الكربوني، بحلول عام 2050.

الدراسة التي جاءت بعنوان "الدور الأمثل للغاز في نظام طاقة محايد للانبعاثات" حاولت استكشاف دور وقيمة الغاز المتجدّد ومنخفض الكربون المستخدم في البُنية التحتية الحالية للغاز.

وقبل الخوض في الدراسة ونتائجها، ينبغي توضيح المقصود من مصطلح الاقتصاد الدائري للكربون المذكور آنفًا.

والاقتصاد الدائري للكربون، هو الاقتصاد الذي يُصدر أقلّ قدر من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويقوم على 4 ركائز:

الأولى هي التخفيف أو التقليل من انبعاثات غازات الكربون وغيرها عن الطريق إعادة هيكلة مصادر الطاقة، بحيث يجري الاعتماد بشكل أكبر على المصادر قليلة الانبعاثات، مثل الطاقة الشمسية والرياح والطاقة النووية.

والثانية إعادة استخدام هذه الانبعاثات وتحويلها من شيء مضرّ إلى شيء مفيد، حيث يمكن استخدامها مدخلاتٍ في بعض الصناعات، أو إعادة حقنها في آبار النفط لزيادة إنتاجيتها.

والثالثة إعادة التدوير، الذي يعني جزء منها استخدام مواد يمكن ان تتحلّل طبيعيًا مع مرور الزمن، وهذا يتضمّن استخدام مواد مثل الأمونيا والميثانول والهيدروجين.

والرابعة الإزالة عن طريق التقاط أو حجز الكربون وتخزينه.

سيناريوهان

بالعودة للدارسة، فقد قارنت بين سيناريوهين اثنين، الأول يتضمن تخفيض استخدام الغاز إلى أقلّ حدّ ممكن، والثاني يتم فيه تخفيض استخدام الغاز إلى الحدّ الأمثل (بكمية أعلى من الأولى).

وكانت الدراسة المذكورة نسخة محدّثة من دراسة نُشرت عام 2018 عن الغاز والمناخ، لكن بنطاق تحليلي موسّع.

وأضافت الدراسة المحدّثة، تحليلًا للطلب على الطاقة في الاتحاد الأوروبي بقطاعي الصناعة والنقل، وتحليل التكلفة للميثان الحيوي والهيدروجين الأخضر، بما في ذلك إنتاج الكهرباء المتجددة المخصصة لإنتاج الهيدروجين.

كما تضمّنت الدراسة تقييمًا للدور المحتمل للهيدروجين الأزرق والغاز الطبيعي، جنبًا إلى جنب مع احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) أو التقاط الكربون واستخدامه (CCU).

ووفق الدراسة، يمكن الوصول -عبر تبنّي أيّ من السيناريوهين السابقين- إلى نظام طاقة في الاتحاد الأوروبي محايد للكربون بحلول عام 2050.

وافترض السيناريوهان زيادة ملموسة في الكهرباء المولّدة من المصادر المتجددة (الرياح والألواح الشمسية وجزء آخر من الطاقة الكهرومائية).

ويتمثل الاختلاف الرئيس بينهما في دور الغاز المتجدد والمنخفض الكربون وطاقة الكتلة الحيوية.

يُساعد سيناريو الحد الأدنى لتخفيض استخدام الغاز، في وصول نظام الطاقة بالاتحاد الأوروبي للحياد الكربوني، مفترضًا دورًا ملموسًا للاستخدام المباشر للكهرباء في المنازل والصناعة والنقل، مع استخدام بعض الميثان الحيوي لتوليد الحرارة الصناعية.

ويجري خلال هذا السيناريو إنتاج الكهرباء المتجددة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية والطاقة المائية، جنبًا إلى جنب مع الطاقة الحيوية الصلبة.

ووفقًا لسيناريو خفض استخدام الغاز للحدّ الأمثل، يلعب الغاز دورًا متزايدًا أيضًا في الكهرباء المباشرة في قطاعات المباني والصناعة والنقل.

ومع ذلك، خلصت الدراسة إلى استخدام الغاز المتجدد والمنخفض الكربون لتوفير توليد مرن للكهرباء، وتوفير الحرارة للمباني في أوقات ذروة الطلب، وأيضًا لإنتاج حرارة صناعية ومواد أوّلية وتزويد النقل البرّي الثقيل والشحن الدولي بالوقود.

نتائج الدراسة

وفقًا للاستنتاجات الرئيسة للدراسة، فإن إزالة الكربون بشكل كامل -الحياد الكربوني- من نظام الطاقة، يتطلّب كميات كبيرة من الكهرباء المتجددة في كل من السيناريوهين، وسوف يزيد إنتاج الكهرباء بأكثر من الضعف، فيما يزيد إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة عشرة أضعاف مقارنة بالأرقام الموجودة حاليًا.

وبحسب نتائج الدراسة، يتطلّب النمو القوي في طاقة الرياح والطاقة الشمسية إنتاج كهرباء قابلة للنشر، إمّا عن طريق الكتلة الحيوية الصلبة أو الغاز، في حين سيكون التخزين الموسمي عبر البطاريات غير واقعي، حتى في ظل حدوث انخفاض كبير في التكاليف.

وأوضحت الدراسة أنّه يتطلّب الوصول للحياد الكربوني بشكل كامل في حالة الحرارة الصناعية الاعتماد على الغاز في كل من السيناريوهين المذكورين.

وبحسب الاستنتاجات، تضمن شبكات الغاز الحاليّة موثوقية ومرونة (للاعتماد عليها) لنظام الطاقة في الاتحاد الأوربي، ويمكن استخدامها لنقل وتوزيع غاز الميثان والهيدروجين المتجدد.

ومن الممكن التوسّع بشكل مستدام في الغاز المتجدد بتكاليف إنتاج مخفّضة للغاية.

كما يمكن أن يكون الهيدروجين الأزرق المنتج من الغاز الطبيعي -مع احتجاز الكربون وتخزينه- خيارًا قابلًا للتطوير وفعّالًا من حيث التكلفة.

ونظرًا لأن الهيدروجين الأخضر لا يزال مكلفًا، اليوم، وتكثيفه مرتبط بسرعة نمو طاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى المستويات الضرورية، فيمكن أن يؤدّي التوسّع المبكر في استخدام الهيدروجين الأزرق إلى تسريع التخلص من الكربون.

وأشارت الدارسة إلى سيناريو تخفيض الغاز للحدّ الأمثل، حيث يخصّص 1.170 تيراواط/ساعة من الميثان المتجدد، و1.710 تيراواط/ساعة من الهيدروجين، لقطاعات المباني والصناعة والنقل والطاقة، وهذا يعادل نحو 270 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي (محتوي الطاقة)، بالمقارنة مع سيناريو الحدّ الأدنى من تخفيض الغاز، فإن استخدام الغاز عبر البُنية التحتية يوفّر للمجتمع 217 مليار يورو (258.10 مليار دولار أميركي) سنويًا عبر نظام الطاقة، بحلول عام 2050.

يتطلّب سيناريو الحدّ الأدنى من الغاز، 809 تيراواط/ساعة -ربّما تكون مستوردة جزئيًا- من طاقة الكتلة الحيوية الصلبة، أي تسع مرّات أكثر من 89 تيراواط في ساعة من سيناريو الحدّ الأمثل.

ويمكن أن يصبح نظام الطاقة المستقبلي متجدّدًا بالكامل، حيث يُستبدل الهيدروجين الأخضر المتجدّد بالهيدروجين الأزرق، بحلول 2050-2060، بعد زيادة كبيرة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية.

وبحسب الدراسة، يؤدّي استخدام الغاز المتجدّد في إنتاج الكهرباء إلي توفير كبير في نظام الطاقة، لأنّه يتجنّب الاستثمارات المكلفة في طاقة الكتلة الحيوية الصلبة، أو حتى التخزين الموسمي للبطاريات (الأكثر تكلفة).

وأوضحت الدراسة أن التكاليف السنوية تبلغ أكثر من تريليوني يورو في كل من السيناريوهين، مضيفة أن معظم هذه التكاليف ليست تكاليف إضافية تتعلق بإزالة الكربون، ولكنها تكاليف نظام الطاقة العادية وتكاليف مركبات النقل الموجودة اليوم.

الغاز منخفض الكربون

يتضمن سيناريو الخفض الأمثل لاستخدام الغاز، فقط الغاز المتجدد للوصول إلى الحياد الكربوني، بحلول 2050، مع عدم وجود دور متبقٍّ للغاز منخفض الكربون.

وفي المقابل، ونظرًا لأن تكاليف الهيدروجين الأخضر والازرق يمكن تكون مشابهة، عام 2050، فلا يزال من الممكن أن يكون هناك دور للهيدروجين الأزرق.

ويمكن للهيدروجين الأزرق أن ينمّي استخدام الهيدروجين منخفض الكربون، في السنوات القادمة، مما يسمح بإزالة الكربون بشكل أسرع.

وبحلول عام 2050، سيجري التخلّص بشكل تدريجي من الغاز الطبيعي، واستبدال الهيدروجين الأزرق على نحو متزايد بالهيدروجين الأخضر والميثان المتجدد.

وسوف تعتمد سرعة إحلال الهيدروجين الأخضر محلّ الهيدروجين الأزرق على مدة إنتاج كل الطلب المباشر على الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة، ومدى سرعة بناء قدرات توليد كهرباء متجددة إضافية بعد ذلك، وأيضًا بمدى حدّ (تقييد) صانعي السيارات من استخدام الهيدروجين الأزرق، بحلول 2050.

وعند تطوير نظام الطاقة لحالة 2050 المطلوبة، يمكن أن يكون النظام فعّالًا لنقل الميثان والهيدروجين الممزوجين عبر شبكات الغاز في السنوات المقبلة، بحصص هيدروجين تصل إلى 10% في الغاز المنقول، مع إنشاء شبكات مخصصة لنقل الهيدروجين تدريجيًا عن طريق تعديل جزء من شبكات الغاز الموجودة حاليًا.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق