التقاريررئيسيةسلايدر الرئيسية

"مصيدة طلب النفط" تطيل المعاناة من الأسعار المنخفضة

خاص-الطاقة

تمرّ أسواق النفط حاليًا بمرحلة تاريخية نادرة الحدوث: أكبر انخفاض في الطلب العالمي على النفط في التاريخ بسبب قرارات الحجر الحكومية والتباعد الاجتماعي الاختياري خوفًا من انتشار فيروس كورونا أو الإصابة به، وانخفاض كبير في أسعار النفط، وسط حرب أسعار ضروس. وأهمّ ما يميّز المرحلة الحالية مقارنةً بأي فترة انخفضت فيها أسعار النفط في السابق، هو "مصيدة، أو فخ، الطلب على النفط"!
سواء انخفض سعر تذكرة الطائرة من 1000 دولار إلى 500 أو إلى 20 دولارًا، فمن سيسافر، والناس خائفة من الإصابة بفيروس كورونا؟ ومن لايخاف منه، سيجد المطارلت مغلقة، وكثير من الدول تمنع دخول الأجانب إليها.
سواء انخفض سعر البنزين من ثلاثة دولارات إلى دولارين أو إلى خمسين سنتًا، من سيقوم برحلة عائلية ويقود سيارته في رحلات طويلة، إذا كانت الأسواق والمطاعم مغلقة، في ظلّ الخوف من النوم في فنادق قد تكون بؤرة للفيروس؟
سواء انخفض سعر السيّارة من 40 ألف دولار إلى 30 الف دولار أو إلى 20 ألف دولار، من سيشتري سيّارة جديدة أو اضافية في ظلّ انخفاض مبيعات الشركات المختلفة، وتسريحها لعشرات الألوف من العمال والموظفين؟
سواء انخفضت أسعار الفائدة إلى الصفر أو إلى ماتحت الصفر، من سيستدين من المصارف إذا كانت الأنشطة الاقتصادية مغلقة، والشركات تخفض إنفاقها الاستثماري؟ وهل ستقوم المصارف بتقديم القروض في ظلّ هذه الظروف؟
مفهوم "مصيدة الطلب على النفط"
يُقصد به أنه رغم كلّ المحفّزات المتمثّلة بالانخفاض الشديد في أسعار النفط، وانخفاض أسعار الفائدة، وحزم التحفيز المالية والنقدية من الحكومات والمصارف المركزية، فإن الطلب على النفط لن يزيد، وهذا ماجعل هذه الفترة التي نعيشها الآن فريدة في التاريخ. والمحزن في الأمر، أنه لو فهمت القيادة الروسية هذا المفهوم، وأن انخفاض أسعار النفط في زمن كورونا لن يزيد الطلب على النفط، لأدركت أن عليها التعاون مع أوبك. فحجّتها بأن أسعار النفط يجب أن تبقى منخفضة بسبب ضعف النموّ الاقتصادي تصطدم بواقع "مصيدة الطلب على النفط". ففي زمن كورونا، مستوى سعر النفط غير مهمّ سواء كان 25 دولارًا للبرميل أو 50 دولارًا للبرميل، فالناس لن يستخدموا المنتجات النفطية في كلّ الحالات. ولكن سيختلف الأمر كثيرًا من وجهة نظر المنتجين إذا قاموا بتخفيض الإنتاج والحفاظ على الأسعار في مستويات ما قبل اجتماع أوبك وأوبك بلس: تجنّب خسائر ضخمة والمحافظة على الموارد النفطية لبيعها مستقبلًا.
واستُلهِم مفهوم "مصيدة الطلب على النفط" من جون مينارد كينز، الذي تكلّم عن مفهوم "مصيدة السيولة" والتي ذكر فيها أن زيادة عرض النقود لن تخفض أسعار الفائدة، ولن يتفاعل التجّار والناس مع جهود زيادة عرض النقود، ويصبح الطلب على النقود أفقياً.

وضع أسواق النفط في ظلّ "مصيدة الطلب على النفط"
في ظلّ عدم استجابة الطلب على النفط، لانخفاض أسعار النفط وانخفاض أسعار الفائدة وبرامج التخفيز النقدية والمالية، فإن انخفاض أسعار النفط يؤثّر في المعروض فقط: انخفاض الاستثمار في صناعة النفط، خاصّة في الاستكشاف والتنقيب والإنتاج، الأمر الذي يؤدّي إلى انخفاض إنتاج النفط. ونظرًا لأن معدّلات الهبوط في إنتاج آبار الصخري عالية، فإن وقف الإنفاق الاستثماري للتعويض عن الهبوط يعني انخفاضًا سريعًا في إنتاج الولايات المتّحدة من النفط. ولكن لن نرى زيادة في الطلب على النفط. كما سينخفض إنتاج عدد كبير من الدول، بما في ذلك روسيا، لأن الأسعار الحالية -لو بقيت لفترة طويلة- لاتسوّغ أي إنفاق استثماري.
ولكن ستنتهي أزمة فيروس كورونا، وستنتهي معها "مصيدة الطلب على النفط"، ويبدأ الطلب على النفط بالزيادة بسرعة، في وقت بلغ فيه الانخفاض في المعروض مستويات ملحوظة، الأمر الذي سيرفع أسعار النفط، حتّى لو يكن هناك أي اتّفاق لتخفيض الإنتاج.

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق