آثار حصار صادرات النفط الفنزويلي.. كندا والعراق أبرز المستفيدين (تحليل)
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

- صادرات فنزويلا الحالية لا تتجاوز 900 ألف برميل يوميًا
- واشنطن تفرض حظرًا على ناقلات النفط الداخلة والخارجة من فنزويلا
- الصين أكبر الخاسرين لكنها أوقفت الاستيراد من فنزويلا مبكرًا
- الحصار لا يشمل السفن التي تنقل النفط من عمليات شيفرون في فنزويلا
- فروق أسعار النفط المرتبطة بجودة الخام قد تتأثر وليس الأسعار العامة
- دول أخرى في تحالف أوبك+ قد تعوّض خسارة السوق للنفط الفنزويلي
تواجه صادرات النفط الفنزويلي مأزقًا تاريخيًا بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب فرض حصار شامل على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات التي تدخل فنزويلا أو تغادرها.
وتأتي هذه الإجراءات في إطار حملة واسعة للضغط على حكومة نيكولاس مادورو التي يتهمها ترمب بتمويل الإرهاب وتهريب المخدرات والاتجار بالبشر، فضلًا عن سرقة أصول أميركية مثل النفط والأراضي.
وكان الجيش الأميركي قد أرسل في وقت سابق أكثر من 12 سفينة حربية و15 ألف جندي إلى المياه الإقليمية القريبة من فنزويلا استعدادًا لتنفيذ ضربات داخل البلاد، كما حذّرت هيئة الطيران الفيدرالية الأميركية الطائرات المدنية من التحليق فوق المجال الجوي الفنزويلي.
وجاء إعلان حصار صادرات النفط الفنزويلي في أعقاب احتجاز الولايات المتحدة ناقلة نفط فنزويلية خاضعة للعقوبات خلال الأسبوع الماضي، ما أثار مخاوف في أسواق النفط العالمية من ارتفاع الأسعار، إذا تفاقمت الأوضاع وحُجب نفط فنزويلا عن الأسواق.
ورغم الضجة الإعلامية المثارة حول تطورات الأوضاع في فنزويلا، فإن تأثير الحصار على صادراتها النفطية في الأسواق سيظل محدودًا حتى لو غابت كل الكميات في أسوأ السيناريوهات، بحسب تحليل متصل، اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.
كما توقع التحليل الصادر عن شركة أبحاث الطاقة "إنرجي أوتلوك أدفايزرز" الأميركية أن يصبّ حصار صادرات النفط الفنزويلي في صالح كندا والعراق، بالإضافة إلى سوق النفط الأميركية التي ستستفيد بصورة غير مباشرة.
الصين توقف الاستيراد المباشر من فنزويلا
يستند التحليل إلى أن قرار فرض الحصار على ناقلات النفط المتجهة إلى فنزويلا أو الخارجة منها يقتصر على السفن الخاضعة للعقوبات، ولا يمتد ليشمل الناقلات غير المدرجة ضمن هذه الإجراءات.
واستنادًا إلى ذلك، فمن المتوقع أن تستمر واردات الولايات المتحدة من فنزويلا عبر عمليات شركة شيفرون المرخصة التي تنقل النفط عبر سفن غير محظورة.
أما السفن الخاضعة للعقوبات التي تحاول المغادرة، فقد تُعاد إلى موطنها، أو يجري تفتيشها، أو يُعاد توجيهها عبر مسارات أخرى، وربما تُوجّه إلى موانٍ أميركية مثل هيوستن، ما يعني أن السوق الأميركية قد تشكل الملاذ الآمن لصادرات النفط الفنزويلي.
بينما تبدو الصين الخاسر الأكبر من هذا الحصار، لكونها أكبر مستورد للنفط الفنزويلي بحصة تزيد على 80%، لكن بكين توقّعت التصعيد الأميركي مبكرًا، وأوقفت وارداتها من فنزويلا، مع لجوئها إلى زيادة المشتريات من النفط الثقيل الكندي المجاور.
وانعكس هذا على صادرات النفط الفنزويلي المنقولة بحرًا؛ إذ تُظهر بيانات وحدة أبحاث الطاقة، أن الصين لم تستورد من فنزويلا أي كميات منذ الأسبوع الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2025، وحتى الأسبوع الأول من ديسمبر/كانون الأول، باستثناء 272 ألف برميل يوميًا في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي.
على العكس من ذلك، ظلت تدفقات صادرات النفط الخام الفنزويلي إلى الولايات المتحدة مستمرة خلال هذه المدة، لتسجل على سبيل المثال، 203 آلاف برميل يوميًا في الأسبوع المنتهي 24 نوفمبر/تشرين الثاني، و168 ألفًا خلال الأسبوع المنتهي 8 ديسمبر/كانون الأول.
ورغم ذلك، فإن الصادرات الفنزويلية المُصنّفة ضمن الوجهات غير المعروفة ظلّت مستمرة خلال هذه المدة وبكميات أكبر وصلت إلى 900 ألف برميل يوميًا خلال الأسبوع المنتهي 10 نوفمبر/تشرين الثاني، قبل أن تتراجع إلى 510 آلاف برميل يوميًا خلال الأسبوع المنتهي 8 ديسمبر/كانون الأول.
ويعتقد كثير من المراقبين أن الصادرات الفنزويلية المُصنّفة على أنها مجهولة الوجهة عادة ما تصل إلى الصين بطرق تحايلية احترفتها الناقلات الداخلة والخارجة من كاراكاس منذ زمن.
ويوضح الرسم الآتي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- حركة صادرات النفط الفنزويلي حسب الوجهة المستوردة منذ 2023 إلى 2025، اعتمادًا على بيانات شركة كبلر:

أثر حصار صادرات النفط الفنزويلي في السوق
بحسب أحدث بيانات وحدة أبحاث الطاقة، ارتفع متوسط صادرات النفط الفنزويلي المنقول بحرًا بنسبة 15% إلى 758 ألف برميل يوميًا خلال الشهور الـ11 الأولى من عام 2025، مقارنة بمتوسطها خلال المدة نفسها من 2024 (657 ألف برميل يوميًا).
بينما تُظهر البيانات الشهرية ارتفاع الصادرات الفنزويلية إلى 1.02 مليون برميل يوميًا في سبتمبر/أيلول 2025، وهو أعلى مستوى شهري لها منذ فبراير/شباط 2020، قبل أن تنخفض إلى 771 ألفًا و648 ألف برميل يوميًا في أكتوبر/تشرين الأول ونوفمبر/تشرين الثاني على التوالي.
وتتفاوت تأثيرات حصار صادرات النفط الفنزويلي في الأسواق العالمية والإقليمية حسب الخاسرين والمستفيدين، إذ تبدو الصين الخاسر الأكبر، في حين ستكون كندا المستفيد الأكبر، يليها العراق، لأن الدولتين تُصدّران خامات ثقيلة تشبه الخام الفنزويلي.
ورغم ذلك، فإن الصين لديها استعدادات كبيرة بمخزونات ضخمة عائمة تتجاوز 20 مليون برميل، فضلًا عن قدرتها على استيراد البدائل، ما يجعل تأثير الحصار في أسواق النفط العالمية محدودًا.
أما بالنسبة إلى الحكومة الفنزويلية، فمن المتوقع أن تنخفض إيراداتها من صادرات النفط المنقول بحرًا، لكنها قد تزيد الشحنات البرية أو التهريب إلى الدول المجاورة مثل كوبا بأسعار مخفضة للغاية، وهو نمط ملاحظ في تجارب العقوبات المفروضة على دول أخرى سابقًا.
على الجانب الآخر، يتوقع أن تؤدي خسارة النفط الفنزويلي إلى انخفاض إجمالي إنتاج وصادرات النفط الخام في تحالف أوبك+، لكن زيادات الإنتاج والتصدير من دول أخرى ضمن التحالف قد تُعوّض ذلك.
ورغم ذلك، تستبعد شركة أبحاث الطاقة إنرجي أوتلوك أدفايزرز، لجوء تحالف أوبك+ إلى تغيير سياساته الحالية في الإنتاج، مهما حدث في فنزويلا خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.
أما بالنسبة إلى تأثير الحصار على أسعار النفط العالمية، فمن المرجح أن ينحصر التأثير في فروقات الأسعار الناتجة عن جودة النفط الخام، وليس على أسعار النفط المرجعية الإجمالية.
يُشار إلى أن فنزويلا تمتلك أكبر احتياطيات نفط مؤكدة في العالم بما يتجاوز 303 مليارات برميل، أو ما يمثّل 20% من إجمالي الاحتياطيات العالمية، بحسب تقديرات منظمة أوبك.
ويوضح الرسم الآتي -أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- تطورات احتياطيات النفط المؤكدة في فنزويلا منذ 1980 وحتى عام 2024:

ويروّج الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو إلى أن صراع الولايات المتحدة مع بلاده يستهدف السيطرة على احتياطيات بلاده النفطية الهائلة، في حين تنفي إدارة ترمب ذلك وتتهم حكومته بتمويل الإرهاب، ودعم تجارة المخدرات والهجرة غير الشرعية، فضلًا عن تخلفها عن سداد ديون لشركات النفط الأميركية بمليارات الدولارات.
موضوعات متعلقة..
- فنزويلا.. ماذا تعرف عن الدولة صاحبة أكبر احتياطيات نفطية في العالم؟
- هل يرتفع إنتاج النفط في فنزويلا حال سقوط النظام؟.. مقارنة مع تجربة العراق
- تخفيف عقوبات النفط الفنزويلي.. ماذا يعني وما علاقته بالنفطيْن الكندي والكردستاني؟ (تحليل)
اقرأ أيضًا..
- لماذا انخفضت أسعار النفط تحت 60 دولارًا للبرميل؟ (تحليل)
- الطلب على الفحم عالميًا ينمو لمستوى قياسي في 2025.. وهذا موعد انخفاضه
- حصة الطاقة المتجددة في المغرب ترتفع.. و12 مليار دولار استثمارات كهرباء
المصدر:
تحليل أثر حصار صادرات النفط الفنزويلي في أسواق النفط من إنرجي أوتلوك أدفايزرز.





